|
النظام التربوي الجزائري الراهن و تدريس الأدب و اللغة العربية
حمزة بلحاج صالح
الحوار المتمدن-العدد: 6123 - 2019 / 1 / 23 - 23:32
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
المدرسة الجزائرية في السياق العربي الإسلامي من جهاد النكاح العربي إلى زمن الحرية الجنسية و مكافحة التمييز تشهد ردة كبرى..
مشروع المجتمع المؤجل في قبضة الخارج الهيمني الذي تتلاعب به الأوليغارشية الدولية التي تعبث بنا و الداخل الذي يتشكل من طائفتين كلاهما بلا مشروع .. في زمن نظام حاكم بلا مشروع أيضا يتلاعب بمصير أجيال و وطن و أمة..
كانت نصوص الشاعر بشار بن برد تدرس للتلاميذ و هي نصوص غالبا جميلة و حساسة و موقظة و منبهة للحس الجمالي و الوعي العقلي و الخيال ..
و فيها فلسفة و حكمة و منها أظن هذه القصيدة التي مطلعها " أبا جعفر ما طول عيش بدائم "..
و هي قصيدة جميلة تحمل رسائل مهمة للحاكم و السلطة و الرعية و المجتمع و غيرها كثير..
سكت كثير من " المثقفين " و " الكتاب " المنتسبين لعالم الأدب و الرواية و الشعر فلا هم مدحوا وزيرة التربية و لا انتقدوها في زخم الصراع غير البعيد كأنهم ينتظرون " صرة الذل من الدريهمات " و بعض الريع كما كان يفعل الشعراء العرب قديما في الجاهلية و بعدها..
حتى وقف و تأكد بعضهم من أن نصوصه تدرس و ظهرت في الكتب المدرسية في إطار ما سمي " المختارات الأدبية " " Anthologie littéraire "
و بعد أن كان السجال في الساحة حول إصلاحات " الجيل الثاني " و لم يتكلم منهم أحد إلا بعد أن ظهرت بعض النصوص إليه عند ظهور الكتاب المدرسي..
ثاربعضهم يؤيد و يساند وزيرة التربية نورية بن غبريط و يكتب في الصحف و يهلل و يرحب و يتهم الظلامية و ينافح عن التنوير و الحداثة العربية و غيرها من الشعارات الجوفاء غالبا ..
و لم يبق عليهم إلا التوجه إلى وزارة التربية بالمرادية مرددين أغنية " طلع البدر علينا " ليقابلوا بها نبية الإصلاحات و المبشرة بنهاية الفشل و رسولة النجاح و مخلصة المدرسة الجزائرية..
الوزيرة بن غبريط بدر ساطع على المدرسة لكنها إلى اليوم تنتج الإفلاس و الفشل و ترتيب مدرستنا عالميا دليل على ما أقول..
رئاسة الجمهورية التي أتت بها تعلم ذلك جيدا وهذا يقين أدركته و لم يعد يحتمل ترددي السابق و حسن نيتي و عدم توجسي ..
كتب الصديق الروائي أمين الزاوي الذي إنقطعت أخباره عندي منذ موقفي من وزيرة التربية و معارضتي لمشروعها المشكل من نواظم و توجيهات " اليونسكو" و مرافقة فرنسية ..
قلت كتب أمين الزاوي مقالا في جريدة الخبر لا علاقة له بالتربية كعلم و كاختصاص و بالنظام التربوي كخبرة بل كتب كلاما عاما لا صلة له بالمحترف و الخبير التربوي..
فطبل أمين الزاوي للأسف و معه سرب من المؤدلجين الفرنكفيليين و المعربين الناكصين و هللوا و مدحوا وزيرة التربية..
و تهجم أمين على الظلاميين و أثنى فوق الحدود المعقولة على وزيرة التربية مقابل ما خصصته من نصوص في برامج الأدب و اللغة..
أعرف عتمة التعصب وظلماته و إنغلاق العقل و بلادته و غفلته و محدوديته عند بعض من يسمون أنفسهم حداثيين و تنويريين عرب مالا نجده عند البغدادي و المدخلي و داعش أحيانا أو لا فرق بينهم ...
مشروع داعش و جماعات التطرف هو من نوع " جهاد النكاح " و " الزواج بالنساء دون الرشد " من جهة..
و مشروع التنويريين و الحداثيين العرب في أوطانهم هومن نوع " الكوكيبيناج " و الجعة و المثلية و الحرية الجنسية ..
بل نبالغ عندما نسميها مشاريع عند هؤولاء إن هي إلا شعارات..
إن فرويد في كل الأحوال ساكن و مقيم جهرة عند الطرفين من غير إحتشام و حياء عند المزعومين حداثيين عرب .. لأن الإحتشام عند من يزعمون أنهم حداثيين عرب هو نفاق و هو عند من يستحي شعبة من الإيمان..
ديننا دين الحياء و السترة و إخفاء الإنزلاقات و الإنفلاتات و هذا ليس نفاقا بل إن في الجهر بها عنجهية و عجرفة و قبح و وقاحة و دعوة لها ..
و شتان بين المسلكين فالظلام لا يرقى إلى النور..
و أحسب أن الحرية الجنسية ليست هي المشكل الرئيس بل الجهر بها من غير حياء و إستحياء هو المشكل ..
و لا ملاك معصوم من الإنفلات و الزلل و اللمم في هذا المجال عند الخلائق الذي أودع الله فيها الغرائز لكنه جبلها على الحياء و السترة..
الخلاصة كم نص جميل مثل نصوص بشار بن برد و غيره عوضت بما يسمونه " أدب جزائري " باسم " الجزائرياتية " و هو مصطلح من ابتكار مستشار وزيرة التربية و توظيفها له نحو ما تردده وزيرة التربية الجزائرية.. و التي ابتكرمحيطها هذا المفهوم لتتحايل به على النصوص القانونية التي تحدد الإطار الهوياتي للإصلاحات و لتزحزح به مفهوم الهوية ..
إنها تقول هي و مستشارها المتخصص في اللسانيات و الذي إشتغل على " الجزائريتية " بأن لا الإسلام و لا العربية يجمعنا بل الجزائريتية وحدها هي من تجمعنا..
و هذا على مسمع و مرأى من رئاسة الجمهورية و لا شيء تحرك ما يعني أن خيارها مبارك يخدم خطا أيديولوجيا معينا ..
غريب أن لا يكون للمؤسسات العليا للدولة موقفا أمام ما يحصل و هو نوع من المباركة طبعا و التأييد اللامشروط...
و كثير من النصوص الجزائرية أو غيرها من تلك التي تم اختيارها و اعتمادها باهت و تافه و لا قيمة فنية و أدبية له .. و بعضه محشو بالإيروتيكي الشبقي و الجنساني تلميحا أو إشارة تكاد تكون تصريحا أو من خلال نصوص ملفقة تم اختيارها فقط لأنها لا تحيلنا إلى مرجعيتنا الهوياتية ..
إن المؤامرة كبيرة على اللغة العربية و تتفيه الاداب العربية و نصوصها الرائعة التي حذفت عن قصد أيديولوجي .. و أنا هنا أتحدث عن أدب راق و رفيع بقي كذلك على مر الأزمنة يحمل الخصائص الجمالية و الفنية خالدا إلى اليوم لا عن نص وعظي أو مشحون بالمواعظ من غير قيمة جمالية أو نص نزق شبقي تافه...
و عندها أجدني أفضل و أبجل تائية ابن الفارض على تواضعها كنص إبداعي على ما يدعونه قبل أن يولد و يتطور و يسمونه " أدب إسلامي " أو ما ولد مارقا من الأخلاق و الحياء و يسمونه " أدب حداثي "...
و هو أدب منتشر عند جماعات و أحزاب إسلامية من خلال جمعياتها الأدبية و التاريخية و التراثية و الفنية المخاتلة ..
و التي لا تظهر لونها السياسي و جمعياتها الطوافة الزاعمة الحياد و المخصصة لتسلق الوظائف و السلطة تعلم و هم يعلمون وكذلك إختراق افرادها لفروع اتحادات الكتاب و خيمات الشعر الجزائري ..الخ ...
فهي لا تظهر الإنتماء و تخفيه " حكمة " و " تكتيكا " كما تفعل أيضا من خلال جمعياتها التاريخية و التراثية و هو ما يثير السخرية خاصة و أن السلطة تستخدم هذه الجمعيات لتوظيفها..
المدرسة الجزائرية إنهارت و سقطت و ضاعت للأسف ما بين طائفتين متعصبتين أو ماضويتين نعم بمن فيهم من يسمون أنفسهم حداثيين عرب او جزائريين و هم شعاراتيون و ماضويون ليس إلا ...
أدعياء الحداثة و العلمنة و التغريب و التنوير و الفرنسة من جهة..
و أدعياء الأسلمة الفجة و الفارغة و الشعارتية و الأصالة الباهتة و المزعومة من جهة أخرى..
و جميعهم عربيا و جزائريا تخصيصا يصطاد في ماء عكر لا تهمه النكبة المعرفية و البيداغوجية الخطيرة و المعقدة و العميقة و التي تخدم أنظمة الجهل العربية و الأوليغارشية الدولية..
لا تهمهم جميعا ما الت إليه المدرسة اليوم و كل يتهم بانهيارها خصمه و هو صراع يوظفه النظام الحاكم فيرخي الحبال مرة لصالح جهة و يشدها حينا اخر و يرخيها للطرف الاخر..
على المدرسة الجزائرية السلام..
و على رئاسة الجمهورية الجزائرية و هي المسؤول الأول على ما يحدث مليون ألف سلام للأسف ..
دثروني لأنكس رأسي أمام هذه الردة الكبرى..
#حمزة_بلحاج_صالح (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
الكاتب-ة لايسمح
بالتعليق على هذا
الموضوع
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
هل تستحق أن تحمل كل فكرة و كلام صفة الرأي
-
نزعة الوصاية باسم المرجعية عند ذوي تخصصات الشريعة الإسلامية
-
الخوف من الله في غير موضعه ..
-
في السرب و القطيع و الطير محلقا في السماء
-
رسالة من خبير جزائري في التربية إلى وزيرة التربية الجزائرية
-
أبو يعرب المرزوقي فيلسوف تونس و تحامله على الشيعة
-
في التراث و التجديد بين الداخل المستعجل و الخارج التأسيسي :
...
-
في المذهبفوبيا ..
-
هذا دينكم لا دين الله أيها الأعراب ..
-
في الموادة و الولاء و البراء و تهنئة المسيحيين بعيدهم .. (1)
-
تهنئة الى إخواننا المسيحيين العرب و غير العرب
-
الأصوات النشاز تغلق على نفسها لتستبعد النخب القديرة خوفا من
...
-
حول تقي الدين ابن تيمية .. (1)
-
أركون ..السنة ..و الشيعة بين الرفض و التقبل
-
على خطى هابرماس و مدرسة فرانكفورت النقدية..
-
بذور الإنقسام المذهبي و سبل التقارب السني - الشيعي خاصة
-
من سؤال - الروافض- إلى أدوات تلهية العقل الجزائري و صرفه عن
...
-
شكشوكة الوهابية السلفية و مقولة الخلاف بيننا و بين الشيعة في
...
-
في وجوب الخروج السلمي عن الحكام الفاسدين العرب
-
عظم الله أجر العقل العربي الإسلامي..
المزيد.....
-
وزير خارجية كيان الاحتلال: غوتيريش يقود أجندة معادية لاسرائي
...
-
وزير خارجية كيان الاحتلال: غوتيريش يقود أجندة معادية لاسرائي
...
-
كاتس يهاجم غوتيريش مجددا: يقود سياسة معادية لإسرائيل ولليهود
...
-
ماما جابت بيبي يا أطفال..تردد قناة طيور الجنة بيبي على نايل
...
-
بلينكن: السنوار كان مسؤولا عن أكبر مذبحة ضد اليهود منذ المحر
...
-
استعلم عن تردد قناة طيور الجنة للاطفال بجودة عالية جدا مع اب
...
-
المقاومة الإسلامية تقصف مستعمرة زفلون بصلية صاروخية كبيرة
...
-
المقاومة الإسلامية في لبنان تعلن رصد تحركات جنود العدو الإسر
...
-
خاص| ماذا قال مساعد القائد العام للجيش السوداني عن الإسلاميي
...
-
غرفة عمليات المقاومة الإسلامية تصدر البيان التالي
المزيد.....
-
مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي
/ حميد زناز
-
العنف والحرية في الإسلام
/ محمد الهلالي وحنان قصبي
-
هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا
/ محمد حسين يونس
-
المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر
...
/ سامي الذيب
-
مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع
...
/ فارس إيغو
-
الكراس كتاب ما بعد القرآن
/ محمد علي صاحبُ الكراس
-
المسيحية بين الرومان والعرب
/ عيسى بن ضيف الله حداد
-
( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا
/ أحمد صبحى منصور
-
كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد
/ جدو دبريل
-
الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5
/ جدو جبريل
المزيد.....
|