أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - قراءات في عالم الكتب و المطبوعات - عبدالله المتقي محمد - - أغاني تساوت- والنبش في الذاكرة المغربية















المزيد.....

- أغاني تساوت- والنبش في الذاكرة المغربية


عبدالله المتقي محمد

الحوار المتمدن-العدد: 6123 - 2019 / 1 / 23 - 15:51
المحور: قراءات في عالم الكتب و المطبوعات
    


" أغاني تساوت"
والنبش في الذاكرة المغربية

عبدالله المتقي

ضمن منشورات " فالية للطباعة والنشر والتوزيع " و في طبعة أنيقة مما لم تألفه مطبوعاتنا ، صدر للروائي والباحث والمترجم المغربي عبدا لكريم جويطي ، ترجمة لكتاب " مريريدة نايت اعتيق" أغاني تساوت" ، لفرنسي " روني أولوج"، يقع في 212 صفحة ، وتزين صفحاته لوحات للفنان " عبدالله لغزار"، ليندرج في إطار التنقيب والبحث في الذاكرة الشعبية ، والتعريف بكنوز التراث المغربي ،وخاصة قصائد الشعر الأمازيغي الشفوي ، على اعتبار أن المترجم يعد من خيرة المولعين بالبحث في الذاكرة المغربية وتواريخها ، ولعل كتابه الصادر مؤخرا حول تاريخ تادلة ، يعضد ولعه بمسارب الذاكرة حتى لا تدخل مسارب النسيان والمحو .
وقبل أن يورطنا "جويطي" في متن " مريريدة "، سعى في المفتتح إلى كتابة تقديم وسمه ب " وادينا صغير والعالم كبير " ، من خلاله تحدث عن أسباب نزول هذه الأغاني وتحولها من الشفوي إلى التدوين ، إنها" الصدفة الرحيمة التي جعلت في سنة 1932 معلما فرنسيا شابا يلتقي في ماخور بمدشر أزيلال بامرأة استثمائية تلقب بمريريدة " ص"3
حيث بساطة الحياة والطبيعة في أبهى مشاهدها من قمم باسقة ، وأشجار مسنة ،وأودية جارية ، كل هذا سيفتن روني اوجار ويتعلم الأمازيغية ، ويكتمل الهيام بقصائد مريريدة وحتى لا تدخل مسارب المحو والنسيان يحولها إلى قصائد مكتوبة .
ولم يفت الأستاذ جويطي الإشارة إلى النزعة الفوقية والاستعلائية الغربية والمتمركزة حول ذاتها حيث التقابل بين ثقافة غربية عالمة عارفة ، وثقافة فطرية بسيطة ، وهذا من خلال إحصاء أوصاف "أولوج " لشعر مريريدة في مقدمته من قبيل :" فن خشن، بسيط ، بربري ، متوحش .. وأن مريريدة ومهما شمخت فهي ليست سوى سافوا أمازيغية أو أمارييليس، أي ظل ونسخة لأصل أقوى وأعظم " ص4
و يجلو لنا التقديم ثانية دحض الباحث لهذه النزعة الاستخفافية والادعاء الفج نقراذأ في ص4:" لا شك أننا ندين ل"أولوج" بمعرفة شعر "مريريدة" ، غير أن شعرها يدحض ادعاءاته حول العزلة والانغلاق التام لوادي تساوت "
فهذا الكنز الشفوي الموسوم ب" مريريدة - أغني تساوت" ، وهذا الاحتفاء كما قدمه " رونيه اولوج " ، يورطنا إيجابيا في ذاكرتنا المغربية من خلال الاقتراب من تجربة شعرية كادت تدخل النسيان المحو " لولا المسعى الرحيم والعطوف لليد الغربية التي أخذت على عاتقها صيانتها ونشرها " ص4
وعليه ، يكون هذا التدوين لهذه الذاكرة الشفوية قصائد لا يعاد إخراجها وتجربة متفردة " حين كان روجيه أولوج يدون قصائد مريريدة كان يلاحظ بأنها لا تكرر القصيدة الواحدة دون أن تغير فيها ، فكل إنشاد جديد للقصيدة هو حالة فريدة لا تتكرر " ص5
من هنا ، تكون "مريريد" ة قد أخذت لبه" أولوج " كما جدتها شهرزاد ، ويكون هو قد استمتع هو بجسدها في الماخور :" في لقائهما الأول أخذ رونيه اولوج جسد مريريدة وأخذت هي روحه ، ومثلما تمكنت شهرزاد في لياليها البيضاء من ترويض شهريار بالحكايات التي يلد بعضها البعض " ص6
ولم يفت عبدا لكريم جويطي في سياق هذه المتعة الجسدية والشعرية النبش أكثر في تفاصيل هذه الذاكرة وبوعي الحرفيين أن يتساءل عن طبيعة هذه الرابطة بين أولوج ومريريدة :" كم من مرة رأى أولوج وسمع لمريريدة طيلة السنوات التي عرفها فيها؟ وماهي شكل العلاقة التي جمعتهما ؟ وكيف تأتى له هو الذي أفرط في الكتابة عن أبناء الظل " وحاول في محكياته الكثيرة جدا بأن يحيط بكل تفاصيل حياتهم ، بأن يقل حد التكتم في الحديث عن علاقته بمريريدة .. فذكر ما هو أساسي فقط؟ " ص7، وليستشف بعدها :" لقد انطوت علاقتهما على جرح أو جراح ما أو على الأقل على ألغاز ، ومثلما هيأها القدر بكرم أنهاها أيضا بعدم اكتراث " ص 7
ويأتينا التقديم بعدها بنهاية كالحداد " في سنة 1942سيصاب أولوج بالعمى وبعيد الحرب العالمية الثانية 1942سيعود للبحث عنها ولم يجد شيئا ، لقد تبخرت مثلما تبخر بصره " ص7،
هذا الاختفاء سيفتح الباب للتشكيك في انوجاد " مريريدة " وأنها من صنع الخيال ، " غير أن قراءة أن قراءة الديوان بتأن لا تسعف هواة إنكار كل شيء " ص8، لأن قصائده حافلة بتقاليد وطقوس وبيئة تساوت وتمثلات ساكنتها
ليخلص إلى طرح مجموعة من الأسئلة حول نقل أولوج وبأمانة أشعار "مريريدة " إلى لغته الأم ؟ أم قام بخيانة مزدوجة ، خيانة الترجمة وترويض هذه " القصائد المتوحشة " لتمسي أطباقا شعرية مستساغة؟
بداءة ، يعترف المترجم بصعوبة الحكم نظرا لغياب النص الأصلي بقصد المقارنة " غير أنه يجب الإقرار ل"أولوج " بأنه حاول جاهدا بأن لا يترجم فقط كلمات بل يترجم على الأخص روح النص الشفوي الأمازيغي" ص8
ومتنيا ، يكشف لنا " جويطي " تصوير قصائد " مريريدة "لواقع حال مغربها الذي يأكل منه المستعمر ودهاقنته ، بتصويرها لعذبات العودة الخائبة للشباب من حروب لا تعنيهم ، ومثلما تؤجر المرأة جسدها يؤجر الشباب عرقهم لنيران الحروب وعرق المعامل ، هذا التصوير فتح شهية البعض باعتبارها شاعرة متمردة وثائرة ، بيد أن " جويطي " يرى انه " ينبغي أن تقرأ – مريريدة- كما هي لا كما يراد لها أن تكون ، فهي لم تسع أبدا إلى مواجهة مجتمعها بقدر ما نددت بقدرها وباللعنة أو السحر الذي سلط عليها وجعل منها امرأة لكل الرجال " ص11
وعليه ، تكون أشعار تساوت كما يراها " جويطي" وكما لو تماهيا مع التشكيلية " فريدا كويلو " فكلاهما حزمة من الألم وامتلاء بالحب واستعادة للجسد الهارب منهما ، وبذلك تكون منتخبات مريريدة الشعرية انغماسا في الحب والرغبات المجنونة ، وغرقا في الأناشيد الملتاعة ، وفي الأحزان والنكسات والتجارب المستفزة .
وفي الختام ، يخلص" جويط " ي إلى أن مريرية صوت متفرد " صوت الأعالي المدوي الذي رضعته من ضفدعة البراري الخضراء الرشيقة رضعته من الطبيعة في قوتها وعنفوانها واندفاعها"
وصفوة القول ، لا نملك سوى إلا أن نحيي عبدالكريم جويطي الدؤوب والمجتهد ، ونستنهض عزيمته ، للبحث أكثر في ذاكرتنا المغربية المؤهل لها ،وهي ذاكرة تحتاج إلى مزيد من النبش لإخراج معادنها وخصوبتها ،وإن رهاننا عليه كبير ، ولا نعتقد أن قراءه سيخسرون الرهان .



#عبدالله_المتقي_محمد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مهدي حلباس وشخوصه المسرحية في - العين والمخرز -


المزيد.....




- دام شهرًا.. قوات مصرية وسعودية تختتم التدريب العسكري المشترك ...
- مستشار خامنئي: إيران تستعد للرد على ضربات إسرائيل
- بينهم سلمان رشدي.. كُتاب عالميون يطالبون الجزائر بالإفراج عن ...
- ما هي النرجسية؟ ولماذا تزداد انتشاراً؟ وهل أنت مصاب بها؟
- بوشيلين: القوات الروسية تواصل تقدمها وسط مدينة توريتسك
- لاريجاني: ايران تستعد للرد على الكيان الصهيوني
- المحكمة العليا الإسرائيلية تماطل بالنظر في التماس حول كارثة ...
- بحجم طابع بريدي.. رقعة مبتكرة لمراقبة ضغط الدم!
- مدخل إلى فهم الذات أو كيف نكتشف الانحيازات المعرفية في أنفسن ...
- إعلام عبري: عاموس هوكستين يهدد المسؤولين الإسرائيليين بترك ا ...


المزيد.....

- -فجر الفلسفة اليونانية قبل سقراط- استعراض نقدي للمقدمة-2 / نايف سلوم
- فلسفة البراكسيس عند أنطونيو غرامشي في مواجهة الاختزالية والا ... / زهير الخويلدي
- الكونية والعدالة وسياسة الهوية / زهير الخويلدي
- فصل من كتاب حرية التعبير... / عبدالرزاق دحنون
- الولايات المتحدة كدولة نامية: قراءة في كتاب -عصور الرأسمالية ... / محمود الصباغ
- تقديم وتلخيص كتاب: العالم المعرفي المتوقد / غازي الصوراني
- قراءات في كتب حديثة مثيرة للجدل / كاظم حبيب
- قراءة في كتاب أزمة المناخ لنعوم چومسكي وروبرت پَولِن / محمد الأزرقي
- آليات توجيه الرأي العام / زهير الخويلدي
- قراءة في كتاب إعادة التكوين لجورج چرچ بالإشتراك مع إدوار ريج ... / محمد الأزرقي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - قراءات في عالم الكتب و المطبوعات - عبدالله المتقي محمد - - أغاني تساوت- والنبش في الذاكرة المغربية