هائلٌ
هو انتظاري
كما ربية تهفو لنجمةِ صبحٍ في عشيّة الرصاص
كما وقوف الوجه حائراً بين بساتين القتل والهزائم
مرغماً على وجعي.
مكرها على الرقصِ وحيداً تحت القرابين
أنا يا عربات الانتظار,
موزع على بريد المسافة , حجراً...
تعبره الحمائم من هنا,
وأنا أصفّقُ للموت.
أيّها الانتظارُ
ورائيَ أضواءُ المدينةِ تحبو,
والركن الصغير من دجلةَ
يعدُّ للقادمين حكايات آلهةٍ هاربة...
في حواري الحسرات الكبيرة,
هكذا
منذ أن عاتب النهرُ أوجاعنَا
وشربته القوافلُ الغريبة,
هكذا
ما عرفتُ لداءِ المدينةِ اسماً
ما عرفتُ لبغدادَ وجهاً,
وما عرفتُ قافيةً لهذه المراثي
وجعي كان على أرصفةِ الروح
يَعُدُّ مساءات إلهٍ
تخلّى عن بيوتِه
أينَ إذن يا وطني تُقامُ عزاءاتُ الليل؟
أينَ ترقصُ مع صبايا المدارسِ؟
أينَ نكحلُ عروسَ الجنديِّ الملثّم بالصراخ؟
أين...؟
مررتُ ببابلَ, لم تعرفني حَمَاماتُ الدارِ
لم تجهّزْ أمي سطحاً لبرج حمامٍ قادمٍ,
لم تغزلْ فاطمة من ضفائرها أرجوحةً لي
لم يخبِّئ الراحلون تعويذةً للقادمين دون آلهةٍ كبيرة
ماذا يفعل عاشقُ الشرفاتِ البعيدةِ وحيداً
سوى أن يُمجّدَ الطريق إلى الموتِ
أيّها الموتُ,
أين آخرُ قطاراتك الثمينة؟
يا موعدك,
سأعانقه كنجمةِ صبحٍ
وأشمّهُ كامرأةِ ليلٍ مقدّسة
أيّها الموتُ,
إنّي أقدسُكَ
فلا آلهة بعدكَ لي.
أيّها العاشقُ , أخبرّك:
بأن الحزنَ خمرٌ...
لثمالة الطرقاتِ الهاربةِ نحو
شرفاتِ المدنِ السالفةِ
هناكَ, لبقايا امرأةٍ جعلتْ من قامتها مخبأً سرياً
لأغاني الإياب,
في كأس أبي نوّاس
الحزنُ خمرةٌ أيضاً
اشربْ أيّها العاشقُ,
أقسمُ لك بكل كؤوس الأرضِ
ما أتعبني الرحيل
كنتُ سكران
وكان الجلاّدون يعدّون لصمتي
وجبةَ عشاءٍ أخرى
يقسّمون لحمي على عرباتِ الوطن المصدّر للهاويةِ
اشربْ أيّها العاشقُ
اشرب أيّها الموتُ,
الليلةُ
الحزن خمرٌ عراقي
ع
ر
ا
ق
ي
*من ديوان ((تدوين لزمن ضائع)) الصادر عن المؤسسة العربية للدراسات والنشر 2002/ بيروت
[email protected]