أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - هكتور شحادة - بعد أحداث الاسكندرية















المزيد.....

بعد أحداث الاسكندرية


هكتور شحادة

الحوار المتمدن-العدد: 1524 - 2006 / 4 / 18 - 12:05
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


ما الذي يستطيع المرء أن يلاحظه بعد أحداث الاسكندرية الأخيرة؟
أعتقد أن هناك أكثر من عبرة يمكن للمرء أن يخرج بها ومن المؤسف انها جميعا سيئة ولا تعطي اشارة ايجابية, بل تدلل على مدى الانحطاط والانحلال الذي وصلنا اليه.
1- ثقافة الاستبداد: وهي ثقافة استشرت في مجتمعاتنا لدرجة انه من المشكوك به أن يكون هناك حلا لها. الكواكبي قال أن الاستبداد سيخلق اخلاقا خاصة به لدى أفراد الشعب الذي يعانيه, اخلاق مزدوجة. المرء سيكون ذليلا وجبانا أمام القوي ومتجبر أمام الضعيف. هذا الشخص ذليل وتافه ومتجبر, شخصا يحيا فصاما , مريض, لايملك قيما أو أخلاقا. انسان يمثل كل مساوئ الاستبداد.
هذه الصورة يراها المرء تماما في واقعنا وبكل أسف, في الأحداث الطائفية المتكررة في مصر بل وفي فلسطين المحتلة كما في أحداث الناصرة والعراق ولبنان وغيرها. مسلم (أو مسلمون) شعروا بقوتهم فاعتدوا على الضعفاء (الأقباط) الآن وسابقا من أجل مسرحية قيل انها اساءت للرسول. الاعتداء على الأقباط في مصر والمسيحيين - أو الشيعة في أماكن السنة والسنة في أماكن الشيعة والاكراد عند العرب وهلم جرا- أمر شديد السهولة. هم ضعفاء لا يستطيعون الرد وضعفهم يبرر الاعتداء عليهم.
هؤلاء المعتدون أنفسهم لم يجرؤ على رد اعتداء يومي عليهم من قبل أنظمتهم الحاكمة. المصري الفقير و الممنوع عن أجزاء من أرضه كرمى للاسرائيليين والمستباح في عيشه وعرضه لا يجرؤ على نظامه أو اسرائيل أو الامريكيين, بل على من يقطنون بالقرب منه (الاقباط) فقط لكونهم أضعف منه. هناك مثل شعبي يعبر تماما عن هذه الحالة " علي أسد وعلى غيري أرنب"
على الرغم من كون المؤسسة الدينية القبطية مثلا تملك مواقفا وطنية راديكالية بالمقارنة مع الأحزاب القومية ولن تكون مواقف المؤسسة الدينية الاسلامية بالمقارنة معها الا مواقف استسلامية.
2- نهاية الشعب: لا أقصد اضافة نهاية الى النهايات المتكاثرة منذ انهيار الاتحاد السوفياتي لكن الواقع الحالي يظهر اننا لم نعد شعبا ولا نستحق هذا الاسم الا على سبيل المجاز. اليوم نحن طوائف, اثنيات الخ. انتماءات افترض يوما انها في طور الاحتضار ولكنها اليوم تعود بقوة ولتصبح الهوية الاساسية, وحتى الوحيدة لنا.
اليوم نحن مسلمون سنة|شيعة او مسيحيون, أو اشوريين أو أكراد ...الخ. نحن مجتمعات تتعايش مع بعض بحكم الجغرافيا وليس أكثر بل لم يعد هناك من معنى للوطن أو المصلحة الوطنية بل المصلحة هي المصلحة الطائفية. الوطن الذي نفهمه هو استمرار ما للطائفة, لا معنى أن تكون مصريا بل المعنى أن تكون قبطيا أو مسلما. انتماءان مختلفان لا يشكلان, مهما حاول المتحذلقون, شعبا بل عنصري الأمة, عنصران منفصلان عن بعضهما البعض. في العراق نرى المسألة بشكل واضح (شيعة| سنة| أكراد..) في العراق يرى المرء جميع الانتماءات الا العراقي. العراقي هو الشخص الوحيد غير الموجود.
هذا الواقع يظهر مدى هشاشة الذاكرة الوطنية التي بنيت اعتمادا على تراث محاربة الاستعمار وبناء الدولة. هشاشة لم تستطع أن تصمد وخاصة أن الذاكرة الوطنية مرتبطة دوما بالنفاق عن الوحدة الوطنية, والتي تم استدعائها دائما على أرضية طائفية حصرا. الوحدة الوطنية لم يعبر عنها بلقاء رؤساء الأحزاب بل لقاء رجال الدين. الوحدة الوطنية هي فقط لقاء رؤساء الطوائف ,وليس الشعب. وحدتنا ليست وحدة انما تجميع وطني. التجميع الوطني المصري او اللبناني أو العراقي....
3- الغباء: ما يزيد الامر سوءا هو ان تكون السلطة المسؤولة عن هذا الشعب "مجازا" مفرطة بالغباء في ردود فعلها.المسؤولون المصريون أعلنوا أن هذا العمل هو عمل فردي لشخص مريض. رد الفعل هذا ذكرني بردود الفعل الاسرائيلية على مجازر شفا عمرو والحرم الابراهيمي وغيرها. الغباء المفرط لرد الفعل الرسمي أحال دون أن يدري الى واقع اسرائيلي. الجزء المسلم من الشعب المصري يماثل الاسرائيلين والاقباط يماثلون عرب 48. هل يدرك هؤلاء معنى ما يقولونه وما يمكن أن تؤدي اليه هكذا تصريحات؟
بعد هكذا أزمة يتقدمون ويعطون تصريحات لا تذكرك الا بالحكومة الاسرائيلية, ما الذي علينا أن نقوله لهم: شكرا.
الغباء الآخر هو الذي حصل لحظتها بحراسة جامع بالقرب من كنيسة في سيدي بشر لاقامة الصلاة وبمشاركة الضباط. يعني لو قام أحد الاقباط ورمى حجرا على المسجد, فما الذي كان ليحصل عندها؟ الله أعلم.
طبعا الغباء وبكل أسف لا يقتصر على السلطة انما يتجاوزها ولحد معين الى المثقفين والسياسيين "القوميين بشكل خاص" وبكل أسف مرة أخرى. البعض يتحدث عن أخوة ووحدة وطنية, أخوة يضطر المرء بضعة مرات كل عام لتأكيدها بجمع البابا شنودة (أو مثيله في أي بلد آخر) وشيخ الأزهر (أو مثيله في ايبلد آخر) ليتبادلا الادانة والقبل والتاكيد على الوحدة.
أي نفاق هذا, بل الانكى أنهم علمانيون وهكذا وحدة تنفيهم أول ما تنفي. الامر الثاني هو استعادة فكرة المؤامرة والدور الخارجي في الاحداث. وحتى الآن لا أفهم عن أية مؤامرة يتحدثون, بل لماذا سيضطر أحد ما لحبك مؤامرة علينا كعرب أو مسلمين وثرواتنا جميعها عندهم وحكوماتنا موظفة لديهم ونحن لا نملك أي افق لثورة أو مشروع مضاد. المؤامرة تحاك ضد عدو يشكل خطرا والخطر الوحيد الذي يشكله العرب "مجازا" هو انحلالهم. الانحلال الذي لا يؤدي الا الى العنف والاقتتال الداخلي وانعكاساتهما على السادة. المؤامرة الوحيدة حاليا هي ربما مؤامرة منع انحلالنا النهائي( لملمتنا)
4- الكراهية: نحن لسنا وحسب طوائف شاء القدر لها أن تتقاسم ذات الجغرافيا وحسب. انما طوائف تملك حقدا دفينا يحتاج فقط الفرصة لينفجر. حقد لا يميز بين مسلم جيد أو مسلم سيء ( وهما مسلمان حصرا في ثقافة الهوية الطائفية) بل الجميع مسلمون وحكما سيئون والعكس صحيح. وهكذا يمكن لامرأة مسيحية أن تضرب طفلا صغيرا فقط لكونه مسلما والحال على الطرف الآخر كذلك, بل أسوأ بسبب ميزان القوى فالمسلم يمكن أن يقتل كونه يمثل 90% والمسيحي سيفعلها في حال شعوره بالقوة الكافية. الكراهية التي نحملها لبعضنا أصبحت أكبر من أية كراهية مفترضة لأعدائنا. في فلسطين تقاتلوا في الناصرة وهم تحت الاحتلال واليوم يتقاتلون انطلاقا من عصبيات تنظيمية وهم تحت الاحتلال. العراقيون يقدمون دروسا في الكراهية.
هل نملك في قلوبنا كل هذا الكره لبعضنا؟
كره ينتظر فقط أن ينفجر. يبدو أن حرب لبنان وما رافقها من مجازر لم تنهي هذا الحقد بل فقط أظهرت الى أين يمكن أن يصل ولكننا لم نتعلم. نحن نكره بعضنا.
5- أمام السياسة: كيف يمكن للسياسي أو المثقف وهو الوريث للتقاليد السياسية أن يفكربوضع غير تقليدي؟
الدولة- الأمة أو -المواطن أو اي شيء من هذا القبيل لن يكون لها معنى في هذا الموقف الذي يقوم على انتماءات عضوية. الدولة هي موضوع مختلف, ليست مؤسسة أمام المجتمع وفوقه وتشرف عليه. الدولة هنا أمام مجتمعات, وهكذا ستصبح نظريا أمام مؤسسة لادارة التعايش بين المجتمعات, شيء يشبه الأمم المتحدة, سلطتها لا تتعلق بالشؤون الداخلية للمجتمعات الخاصة, فهي ستطالب بادارتها الخاصة المنسجمة مع هويتها الخاصة, بل تتعلق بالشؤون الخارجية للتعايش. الدولة العادلة ليست دولة تشرف على المساواة القانونية والاجتماعية بين المواطنين, بل دولة يتم تقاسم سلطاتها بشكل متوافق عليه بين هذه المجتمعات بحيث لا تسمح لأي مجتمع بأن تطغى أو يعتدي على مجتمع آخر.
هذا الوضع من التذرر الاجتماعي هو خارج التفكير التقليدي, بل هو مضاد له ويرفضه وربما هذا هو أحد اسباب الفشل الدائمة للأحزاب والمثقفين "التقليدين". فعلى سبيل المثال اشكالية الداخل|الخارج التي تحاور حولها عدد من المثقفين السوريين وهي على كل حال ليست اشكالية سورية حصرا انما يمكن تعميمها. هذه الاشكالية لن يكون لها معنى في هكذا واقع. الداخل لديهم هو الشعب (ضمن اختلاف التأويلات) ولكن هنا الداخل هو الطائفة. الخارج هو العالم الخارجي ولكنه هنا من هم خارج الطائفة. يتساوى في هذا العربي العراقي والامريكي لدى الكردي العراقي كخارجين.
اشكالية الداخل|الحارج, أو دولة المواطنة هي مسائل ليست ولحد كبير اشكاليات لا معنى لها أمام هذا التذرر الاجتماعي الراهن الذي نحياه.
6- علمنة الطائفية: الطائفية المعاصرة ليست استمرارا للطائفية التقليدية التي تعتمد على المؤسسة الدينية, انما طائفية "علمانية", الهوية الدينية هي هوية تعريف وحسب, المؤسسة الدينية لا تملك صلاحيات ضمن الطائفة الا للاشراف على حياتها الروحية وليس أكثر. الطائفية السياسية الحالية هي علمانية من حيث ربط السياسة بالعلمانيين ( بمعنى من هم خارج المؤسسة الدينية) وهذه الطائفية متمردة على سلطان المؤسسة الدينية.
هذه العلمنة للطائفية السياسية سيئة بقدر ما تدفع باتجاه التطرف والمغالاة, وهما الوسيلتان الانفع للزعامة. ففي حالة حرب الجميع ضد الجميع التي نحياها يصبح الشارع محكوما بقوة غريزة البقاء ( ان كان البقاء حقا مهددا أم لا)وهذا ما يستدعي التطرف والمغالاة كأفضل وأقصر طريق للزعامة. فزعماء الطائفية السياسية (كجعجع أو أبادير) هم أكثر تطرفا من المؤسسة الدينية.
الايجابي ( الصغير جدا والوحيد والمشكوك به) هو دفع عملية العلمنة خطوة الى الامام عبر مكر التاريخ. اضعاف الحضور السياسي للمؤسسة الدينية عبر الزعامة الطائفة السياسية المدنية. المشكلة أن هذه الخطوة مرتبطة جوهريا بالهوية الطائفية وايضا احتمال ارتدادها الى الوراء كبير جدا والجدير بالذكر أن المثاليين للطائفية السياسية العلمانية هما اسرائيل وباكستان ( بن غوريون وعلى جناح) يظهران سهولة الردة.
أحداث الاسكندرية تذكر, ليس أكثر. فالواقع هو واقع يومي وهناك الآن امكانيتان سياسيتان
الاولى سياسة لادارة الواقع, أي تسعى للوصول الى تسويات وتوافقات ضمن هذا الواقع وتعزيز تطوره ضمن هذا السياق وربما يكون خيارها النهائي هو دول على حجم الطوائف, وحاليا نسمع أحيانا على دولة أو مناطق آمنة للمسيحيين.
الثاني سياسة لرفض هذا الواقع وتطوره واستعادة الشعب (وضمنا المواطنة) ولكن هل لدينا ما يكفي من الاساطير التي نستدعيها لتذكيرنا بكوننا شعبا ( أو نخلق انفسنا مرة أخرى كشعب) وخاصة مع الرفض اليومي لسياسة قومية عربية.
لقد توقفنا عن أن نكون شعب يوم نسينا اساطيرنا وشعب بلا أساطير لا يستحق أن يكون شعبا



#هكتور_شحادة (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- العراق ولبنان, ملاحظات على الدولة العربية
- السابع من نيسان, عفلق وذاكرتنا الوطنية
- من ملامح اليسار السوري
- الحداثة وسياق الهزيمة
- القراءة مع ياسين الحاج صالح
- المعارضة السورية


المزيد.....




- “فرحة أطفالنا مضمونة” ثبت الآن أحدث تردد لقناة الأطفال طيور ...
- المقاومة الإسلامية تواصل ضرب تجمعات العدو ومستوطناته
- القائد العام لحرس الثورة الاسلامية: قطعا سننتقم من -إسرائيل- ...
- مقتل 42 شخصا في أحد أعنف الاعتداءات الطائفية في باكستان
- ماما جابت بيبي..استقبل الآن تردد قناة طيور الجنة بيبي وتابعو ...
- المقاومة الإسلامية في العراق تعلن مهاجتمها جنوب الأراضي المح ...
- أغاني للأطفال 24 ساعة .. عبر تردد قناة طيور الجنة الجديد 202 ...
- طلع الزين من الحمام… استقبل الآن تردد طيور الجنة اغاني أطفال ...
- آموس هوكشتاين.. قبعة أميركية تُخفي قلنسوة يهودية
- دراسة: السلوك المتقلب للمدير يقوض الروح المعنوية لدى موظفيه ...


المزيد.....

- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - هكتور شحادة - بعد أحداث الاسكندرية