أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - داود السلمان - الثقافة تنشيط ذاكرة الفكر














المزيد.....

الثقافة تنشيط ذاكرة الفكر


داود السلمان

الحوار المتمدن-العدد: 6119 - 2019 / 1 / 19 - 12:14
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


تعد الثقافة تنشيط ذاكرة الفكر، على اعتبار انها ديمومة تغذي حقل المعرفة بمياه التطلع بشتى منابعه؛ فالثقافة لولاها لما استطاع الفكر أن يقوّي نشاط ذاكرته الآيلة للنسيان، خصوصاً اذا أبتعد الانسان عن حقل المعرفة الذي يشع بمختلف العلوم والثقافات المتنوعة. والثقافة هي فن توسيع مدارك العقل بغرض تعزيز هذه المدارك، فبدونها سيصبح العقل كالأرض البوار لا تنتج غير سفاسف القضايا الثانوية التي لا ترتقي ومتطلبات العصر الحاضر الذي يضيء بعلوم ومعرفة تجاوزت حدود الماضي بأميال طويلة، وهي تسابق ريح التقدم والتطور الحضاري والمعرفي بكل ابعاده وقضاياه نحو التطلع. ويبقى الفكر متعطش لشتى الثقافات والاطر المعرفية، طالما كون الفكر يحمل في طياته انف يتطلع لشم عبق ريح المعرفة بكل تجلياته، ويروم أن يسدّ مسامات الفراغ المعرفي الذي يشعر بين آونة واخرى بإفراغ محتواه، نتيجة للتطور الذي يحصل في مديات الحياة التي تسير خلف منابع المعرفة بكل نشاطها، كي لا ينتابها الظمأ المعرفي الدائم التوهج والانبثاق في هذا الزمن، وفي كل زمن، طالما أن الزمن يتحرك كما تتحرك الآلة أو العجلة في الطريق المعبّد الخال من المطبات. ولا تنشط ذاكرة الفكر الا بمضغ خلاصة علوم العصر ومن ثم هضمها لتصل سائغة وهنيئة الى خلايا الذهن كي تمس شغاف الوعي، والذي يعتبر هو المرحلة الاخيرة من الادراك والنضوج، وبه تكتمل أدوات الثقافة الصحيحة في طريق الوصول الى الحقيقية التي ينشدها كل فكر متطلع ويريد أن يمسها من شغافها وعن كثب، وما بعد الحقيقة الا الضلال والتيه في محطات الظلام وطمس الواقع الراهن بكل مغزاه.
ولا يحصل كل هذا الا بطموح وارادة كما يؤكد آرثر شوبنهاور في كتابه (العالم ارادة وتمثلا) وبهذا الكتاب يفسر شوبنهاور العالم بأنه قائم على إرادة ولا تتحقق هذه الارادة الا بإرادة الانسان نفسه، وأن الارادة هي متعددة الوجوه وليست إرادة واحدة تصب في اطار أو مغزى واحد ذي اتجاه محدود قد لا يعي غيرها من الارادات الاخرى، بمعنى آخر أنّ كل انسان (يريد) والذي يريد يشقى والذي لا يريد لا يشقى، فالحياة تريد والوجود يريد والموت يريد، وغريزة الجنس تريد وكل شيء بالوجود وفي العالم يريد، وبالتالي فكل شيء هو عبارة عن إرادة.
وإذن، إنّ ذاكرة الفكر تتنشط طالما تجد من ينشطها ويسعى دوماً الى تنشيطها عبر وسائل وبيانات متعددة ومتنوعة في آن معاً، ولا يحدث ذلك الا برشف معين القراءة العذب، المشبع بصنوف العلوم والمعارف المختلفة الاتجاهات لا اتجاه المحدد ذا الايديولوجية الواحدة، مأخذاً بعين الاعتبار: إن الثقافة المؤدلجة ضيقة الخناق ذات المساحة غير المستوفية لشروط المعرفة المتنوعة، فهذه تضر اكثر مما تنفع، والسبب كونها تجري في منطقة محددة وثابتة، دورانها كدوران الناعور الذي يسير الليل والنهار معتقداً أنه يقطع مسافات شاسعة بحركته هذه، لا يدري أنه يدور حول نفسه. هذه الثقافة يمجها جميع المجتمعات المتحضر ولا تستسيغها، كونها عسيرة الهضم.
فما أحرانا أن نوغل في أرض معرفة تستوعب ثقافات ذات اتجاهات متنوعة، جدية، ننشط بها ذاكرة فكرنا كي نرى الاشياء، جميع الاشياء كما هي، أي على حقيقتها وعلى صورتها من دون رتوش. إن تنشيط ذاكرة الفكر هي بأمس الحاجة الى ذلك، لئلا يغزوها النسيان بعقر دارها، خصوصا إذا مالت الى الشيخوخة، لأن كل شيء قابل للشيخوخة، حتى الفكر؛ بل حتى الثقافة نفسها.



#داود_السلمان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- خدّام الفلسفة: زكريا ابراهيم(1)
- السياسة أم الثقافة؟
- الحمير تتعرض للإبادة الجماعية
- مشروع تحجيم دور العشائر
- ما نوع تشاؤم شوبنهاور؟
- العالم في خضم الفيس بوك
- توضيح -تشاؤم شوبنهاور-
- شوبنهاور واقعيا لا متشائما
- لا دليل على تشاؤم شوبنهاور
- نعم.. شوبنهاور ليس متشائماً
- سيد قطب.. منظر الارهاب
- شوبنهاور ليس متشائماً
- لماذا تقرأ؟
- يدعى سعدي يوسف
- اسمها أروى- قصة قصيرة
- اقصوصتان
- ابن سينا في فكر نوال السعداوي
- نقد نظرية (وجد الجنس لغرض الحفاظ على النوع)
- عزوف أفلاطون عن الزواج
- حقيبة الزندقة: ابن المقفع(مقدمة)


المزيد.....




- فوضى في كوريا الجنوبية بعد فرض الأحكام العرفية.. ومراسل CNN ...
- فرض الأحكام العرفية في كوريا الجنوبية.. من هو يون سوك يول صا ...
- لقطات مثيرة لاطلاق صاروخ -أونيكس- من ساحل البحر الأبيض المتو ...
- المينا الهندي: الطائر الرومنسي الشرير، يهدد الجزائر ولبنان و ...
- الشرطة تشتبك مع المحتجين عقب الإعلان عن فرض الأحكام العرفية ...
- أمريكا تدعم بحثا يكشف عن ترحيل روسيا للأطفال الأوكرانيين قسر ...
- -هي الدنيا سايبة-؟.. مسلسل تلفزيوني يتناول قصة نيرة أشرف الت ...
- رئيس كوريا الجنوبية يفرض الأحكام العرفية: -سأقضي على القوى ا ...
- يوتيوبر عربي ينهي حياته -شنقا- في الأردن 
- نائب أمين عام الجامعة العربية يلتقي بمسؤولين رفيعي المستوى ف ...


المزيد.....

- كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج / زهير الخويلدي
- معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية / زهير الخويلدي
- الثقافة تحجب المعنى أومعضلة الترجمة في البلاد العربية الإسلا ... / قاسم المحبشي
- الفلسفة القديمة وفلسفة العصور الوسطى ( الاقطاعية )والفلسفة ا ... / غازي الصوراني
- حقوق الإنسان من سقراط إلى ماركس / محمد الهلالي
- حقوق الإنسان من منظور نقدي / محمد الهلالي وخديجة رياضي
- فلسفات تسائل حياتنا / محمد الهلالي
- المُعاناة، المَعنى، العِناية/ مقالة ضد تبرير الشر / ياسين الحاج صالح
- الحلم جنين الواقع -الجزء التاسع / كريمة سلام
- سيغموند فرويد ، يهودية الأنوار : وفاء - مبهم - و - جوهري - / الحسن علاج


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - داود السلمان - الثقافة تنشيط ذاكرة الفكر