أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - كوردة أمين - الحصانة الدستورية هل تعفي الحكام من المسؤولية عن جرائمهم ؟















المزيد.....

الحصانة الدستورية هل تعفي الحكام من المسؤولية عن جرائمهم ؟


كوردة أمين

الحوار المتمدن-العدد: 1524 - 2006 / 4 / 18 - 12:07
المحور: حقوق الانسان
    


أثناء إنعقاد الجلسة الثامنة عشر لمحاكمة الدكتاتور صدام وعدد من أعوانه المتهمين بجريمة الدجيل ارتفع صراخ محامي الدفاع المصري عن الدكتاتور وهو يردد بأن موكله صدام كان رئيسا للدولة حينذاك , ويقصد وقت وقوع محاولة الاغتيال ضد الرئيس السابق وما تبعها من اجراءات قاسية بحق أهالي منطقة الدجيل من إعدام ( 148 ) شخصا , إضافة الى تشريد مئات العوائل ونفيهم الى الصحراء وتجريف بساتينهم ومصادرة أموالهم المنقولة وغير المنقولة.
يتضح من ذلك إن محامي الدفاع المصري حاول تبرئة ساحة المتهم صدام مستندا الى أنه كان رئيسا للعراق وبالتالي فأنه كان يتمتع بحصانة دستورية عند ارتكابه مثل هذه الجريمة البشعة والتي تندرج تحت تسمية جرائم الابادة الجماعية وفق (( اتفاقية منع جريمة ابادة الاجناس والمعاقبة عليها لسنة 1948 )) الصادرة عن الجمعية العامة للأمم المتحدة والتي صادقت عليها , ولغاية الاول من كانون الثاني 1991 , أكثر من 101 دولة وبضمنها العراق .

والغريب أن يصدر عن محامي الدفاع مثل هذا القول وهو الذي يفترض فيه أن يكون مطلعا على أبسط قواعد القانون الدولي والاتفاقيات الدولية ! والأغرب من ذلك صمت هيئة المحكمة وعدم الرد على مغالطات هذا المحامي ! علما ان هذا المحامي المصري الجنسية لا يحق له أصلا الترافع والدفاع عن المتهم إلا عن طريق المحامي العراقي وفقا لقانون المحاماة العراقي , وكان على المحكمة ان لا تمنحه مثل هذه الفرصة , وهذه احدى الاخطاء التي وقعت فيها المحكمة الجنائية العراقية المختصة بالنظر في قضية الدجيل وتضاف الى سلسلة أخطائها الكثيرة السابقة منذ أول يوم من بدء المحاكمة .

فهل يحق لأي حاكم ( رئيس دولة ) أن يقترف ما يشاء من جرائم بحق شعبه من إعتقال وقتل وتشريد وانتهاك للحرمات واغتصاب للأعراض والاموال وادخال البلاد في حروب مدمرة متذرعا بالحصانة الدستورية التي يتمتع بها وبالتالي يعفى من أية مسؤولية أو عقاب ؟

بعد نهاية الحرب الكونية الثانية أفاق العالم على حجم المأساة الانسانية التي نتجت عنها , كما ظهرت بشاعة وفضاعة الجرائم التي ارتكبتها ألمانيا النازية بقيامها بإبادة ملايين البشر بسبب إنتمائهم الديني وأصلهم العرقي , فأقرت دول الحلفاء ميثاق محكمة نورمبرغ عام 1945 الذي إعتبر بأن مجرمي الحرب هم الذين يرتكبون جرائم ضد السلم , أو الذين ينتهكون قوانين الحرب , وكذلك الذين يرتكبون جرائم ضد الانسانية حتى وان كانت هذه الجرائم مما لاتتعارض مع قوانين ذلك البلد التي ترتكب فيه .

وقد أصدرت الجمعية العامة للامم المتحدة عام 1946 قرارين بهذا الخصوص أكدت في أولهما مبادئ ميثاق محكمة نورمبرغ , وأكدت في ثانيهما قرارا يتعلق بمنع إبادة الاجناس واعتبرت هذا العمل جريمة تدخل في نطاق القانون الدولي , ومن هنا نشأت (( اتفاقية منع ابادة الاجناس والمعاقبة عليها )) التي صادقت عليها الجمعية العامة للأمم المتحدة بتاريخ 9 ديسمبرمن عام 1948 , ووقعت عليها العديد من الدول , واعتبرت بموجبها ابادة الاجناس جريمة طبقا للقانون الدولي وتتعهد الدول الموقعة على الاتفاقية بمنعها والمعاقبة عليها .

وقد عرفت المادة الثانية من الاتفاقية الابادة الجماعية بانها (( ارتكاب أفعال معينة بقصد التدمير الكلي أو الجزئي لجماعة أو قومية أو أثنية أو عنصرية أو دينية بصفتها هذه )) وتشمل الافعال التالية :

أ- قتل أعضاء من الجماعة .
ب- إلحاق أذى جسدي أو روحي خطير بأعضاء من الجماعة .
ج – اخضاع الجماعة عمدا لظروف معيشية يراد بها تدميرها المادي كليا أو جزئيا .
د – فرض تدابير تستهدف الحؤول دون انجاب الأطفال داخل الجماعة .
ه- نقل الاطفال من الجماعة عنوة الى جماعة أخرى .

من هذا التعريف يتجلى لنا بوضوح بأن واقعة الدجيل تدخل ضمن جريمة الابادة الجماعية حيث كان النظام يقصد من ارتكابها التدمير الكلي او الجزئي ( لجماعة دينية وهم الشيعة ) سواء كان بالقتل أو الاعدام أوالابعاد الى الصحارى أوفصل الصغار عن ذويهم , اضافة الى الجرائم الأخرى بحق الشيعة مثل المقابر الجماعية وتجفيف الاهوار والجرائم البشعة التي رافقت قمع انتفاضتهم عام 1991 .
وكذلك فأن الجرائم التي ارتكبها صدام ونظامه ضد الكورد ينطبق عليها وصف جريمة الابادة الجماعية المرتكبة بقصد ( التدمير لجماعة قومية ) , كجرائم الانفال وحلبجة والجرائم ضد الكورد الفيليين والبارزانيين وجرائم التعريب في كركوك وخانقين وبقية مدن كوردستان , حيث تتوفر فيها كل الشروط الواردة في الاتفاقية المذكورة اعلاه .

كما نصت المادة الثالثة من الاتفاقية على المعاقبة في الحالات التالية : ارتكاب الابادة الجماعية أو التآمر على ارتكابها أو التحريض المباشر والعلني على ارتكابها .

وأكدت المادة السابعة من الاتفاقية على أن : لا تعتبر الابادة الجماعية والافعال الاخرى المذكورة في المادة الثالثة جرائم سياسية على صعيد تسليم المجرمين .

وبما إن جريمة الابادة الجماعية هي جريمة ضد الانسانية فهي لذلك تعتبر جريمة محكومة بقواعد القانون الدولي وليس القانون الوطني , وهي غير مشمولة بنظام التقادم الزمني الذي تطبقه الدول على الجرائم المرتكبة من قبل مواطنيها والتي تخضع لقواعد القانون الجنائي داخل تلك الدول , أي إن المتورطين بهذا النوع من الجرائم لا تسقط عنهم جرائمهم مهما طال الزمن .

إن نظام صدام الدموي سمح لنفسه القيام بالعديد من جرائم الابادة الجماعية كما في الدجيل وكوردستان وضد العرب الشيعة والكورد الفيليين والبارزانيين وكل معارضيه عن طريق سن قوانين خاصة تجيز له ذلك , واصدار قرارات لما يسمى بمجلس قيادة الثورة تبيح ارتكاب هذه الجرائم , بينما هي في الحقيقة جرائم معاقب عليها بموجب القانون الدولي واتفاقية منع إبادة الاجناس , وتحصن الطاغية بمباديء دستور مؤقت هو دستور عام 1970 لحماية نفسه واعوانه من أية مساءلة قانونية , حيث نصت المادة الأربعون من هذا الدستورعلى ما يلي :
(( يتمتع رئيس مجلس قيادة الثورة ونائبه والأعضاء بحصانة تامة ولا يجوز اتخاذ أي إجراء بحق أي منهم إلا باذن مسبق من المجلس )) .

ولكن المادة الرابعة من اتفاقية منع جريمة ابادة الاجناس والمعاقبة عليها لسنة 1948 تؤكد بكل وضوح على عدم إعفاء الحكام والموظفين العامين الذين يرتكبون جرائم الابادة الجماعية من العقوبة في حالة التذرع بالحصانة الدستورية أو أية حصانة أخرى مهما كانت , حيث جاء فيها :
يعاقب مرتكبو الابادة الجماعية أو أي من الافعال الاخرى المذكورة في المادة الثالثة سواء كانوا حكاما دستوريين أو موظفين عامين أو افراد ا .

إن الطاغية صدام حسين وأعوانه بارتكابهم هذه الجرائم الشنيعة بحق الكورد والشيعة وكل العراقيين , قد خرقوا وبشكل فاضح اتفاقية دولية تعتبر من أهم الوثائق الدولية التي تخص السلم والأمن العالميين , ضاربين عرض الحائط توقيع العراق على هذه الاتفاقية والتزامه ببنودها , وخارقين نص المادة الخامسة منها , والتي جاء فيها :
يتعهد الاطراف المتعاقدون بأن يتخذوا , كل طبقا لدستوره , التدابير التشريعية اللازمة لضمان تنفيذ أحكام هذه الاتفاقية , وعلى وجه الخصوص النص على عقوبات جنائية ناجعة تنزل بمرتكبي الابادة الجماعية أو أي من الافعال الأخرى المذكورة في المادة الثالثة .

وبعد ... هل سينجح المحامي المصري والقطري والسعودي والاردني والعراقي وغيرهم من محامي الدكتاتور وأعوانه بكل ما أوتوا من قدرة على الصراخ والتهريج واثارة الشغب داخل المحكمة ومحاولة اثارة واستمالة الرأي العام العربي خارجها بخطبهم السياسية البائسة , من إنقاذ رقاب موكليهم من عدالة القضاء والسماء , سواء في قضية الدجيل أو الانفال أو غزو الكويت , أو القضايا الأخرى التي تنتظر دورها بصبر !؟ .



#كوردة_أمين (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مقابلة صحفية مع الكاتبة كوردة أمين حول مشاركة الكورد بالانتخ ...
- تطبيع الأوضاع والانتخابات في كركوك
- شجب واستنكار لافتراءات المسفر
- رسالة تعزية ومواساة الى الأمة الكوردية وشجب واستنكار للجريمة ...
- الشعب الكوردي وحقوقه المؤجلة
- الثوابت الأساسية لحقوق الشعب الكوردي - الفدرالية... والحقوق ...
- لمحة عن الصفات المتميزة في شخصية الانسان الكوردي
- ألف مبروك للعراقيين وأخيراً سُحقت رأس الافعى
- ضرورة الاسراع بتوحيد الادارتين الكورديتين وازالة آثار التعري ...
- هموم الانسان الكوردي ما بعد سقوط النظام الدكتاتوري في العراق
- هل نحن فعلا بحاجة الى هؤلاء الوحوش لحفظ الأمن في العراق وإعم ...
- لا مكان للقوات التركية في كوردستان ولا على أي جزء من أرض الع ...
- هل أنصف الاعلام العربي القضية الكوردية ؟
- رسالة مفتوحة
- اليوم ذكرى أم الجرائم - بمناسبة مرور خمسة عشر عاما على جريمة ...
- حقائق تتحدث
- القضية الكوردية والفيدرالية في قرارات مؤتمر لندن للمعارضة ال ...
- تهنئة بمناسبة مرور عام على اصدار موقع الحوار المتمدن
- كركوك رحلة في ذاكرة التاريخ
- ليست الجبال وحدها اصدقاء للكورد


المزيد.....




- سويسرا وسلوفينيا تعلنان التزامهما بقرار المحكمة الجنائية الد ...
- ألمانيا.. سندرس بعناية مذكرتي الجنائية الدولية حول اعتقال نت ...
- الأمم المتحدة.. 2024 الأكثر دموية للعاملين في مجال الإغاثة
- بيتي هولر أصغر قاضية في تاريخ المحكمة الجنائية الدولية
- بايدن: مذكرات الاعتقال بحث نتانياهو وغالانت مشينة
- مذكرة توقيف بحق نتانياهو وغالانت: ما هي حظوظ تطبيق قرار المح ...
- مؤسسات حقوق الإنسان الفلسطينية ترحب بالقرار التاريخي للمحكمة ...
- الأمم المتحدة: مقتل عدد قياسي من موظفي الإغاثة في 2024 أغلبه ...
- الداخلية العراقية تنفي اعتقال المئات من منتسبيها في كركوك بس ...
- دلالات اصدار المحكمة الجنائية الدولية مذكرة اعتقال بحق نتنيا ...


المزيد.....

- مبدأ حق تقرير المصير والقانون الدولي / عبد الحسين شعبان
- حضور الإعلان العالمي لحقوق الانسان في الدساتير.. انحياز للقي ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- فلسفة حقوق الانسان بين الأصول التاريخية والأهمية المعاصرة / زهير الخويلدي
- المراة في الدساتير .. ثقافات مختلفة وضعيات متنوعة لحالة انسا ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نجل الراحل يسار يروي قصة والده الدكتور محمد سلمان حسن في صرا ... / يسار محمد سلمان حسن
- الإستعراض الدوري الشامل بين مطرقة السياسة وسندان الحقوق .. ع ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نطاق الشامل لحقوق الانسان / أشرف المجدول
- تضمين مفاهيم حقوق الإنسان في المناهج الدراسية / نزيهة التركى
- الكمائن الرمادية / مركز اريج لحقوق الانسان
- على هامش الدورة 38 الاعتيادية لمجلس حقوق الانسان .. قراءة في ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - كوردة أمين - الحصانة الدستورية هل تعفي الحكام من المسؤولية عن جرائمهم ؟