الحلقه الثالثه والعشرون من مذكرات طفل عراقي تكون في فترة احتلال الطاغيه للجاره الشقيقه الكويت

ناديه كاظم شبيل

الحوار المتمدن-العدد: 1524 - 2006 / 4 / 18 - 08:31
المحور: حقوق الانسان
    

ان التعب والانهيار النفسي الذي عانى منه المواطنين قد تسبب في موت بعضهم وتسبب ايضا في انهيار قوى البعض الاخر فلم يكن باستطاعتهم العودة الى بلدانهم جريا على الاقدام كما هو الحال عندما فروا من جحيم نيران الحرب ولكن فجاة توقفت شاحنات نقل مكشوفة و باحجام مختلفة وابتدا كل سائق منهم يردد اسم احدى مدن الانتفاضه داعيا الشباب فقط للصعود اليها مجانا وادعوا بانهم يريدون حمايتهم من السلطة الغاشمه ولكن ما ان تحركت هذه الشاحنات حتى قام رجال الامن باطلاق الرصاص على الجميع ثم رميهم بعد ذلك في حفر ليست بالعميقه لانه سرعان ما افتضح امرهم عندما اخذت الكلاب الجائعة تنبش هذه الحفر وتاكل جثث الشهداء اما الحفر العميقة فكانت من نصيب الاحياء حيث اخذ سواق الشفلات يقومون بقلب الحمولة داخل الحفر ثم يقومون بردمها بالتراب بينما استغاثة الشباب تصل الى عنان السماء . امتلات صحارى العراق باجساد الاحبه فلم يخل بيت عراقي من العويل والصراخ اما اصحاب السيارات الخاصه فقد امروا بالتوجه الى طرق خاصة حددها لهم رجال المخابرات ثم قاموا باطلاق النار على الصغير والكبير دون ان تهتز لهم ادنى شعرة من ضمير . تتحدث احدى الناجيات بانها وجميع افراد العائله كانوا يستقلون سيارتهم الخاصه وكانت سيارة الخالة تسبقهم فاحس الوالد بان امرا خطيرا معدا لهم فانسحب بهدوءشديد ثم انطلق بسرعة فائقة فحاول رجال الامن التصدي له ولكنهم لم يفلحوا فاثروا تركه ومتابعة الاخرين وعندما حاول زوج خالتها تقليده قتل في الحال مع عدد من اطفاله وتركوا الزوجة وطفلها الحديث الولاده احياء لسبب لا يعلمه الا الله وجلاوزة صدام . ان معظم سواق الشاحنات لم يكن لهم علم بالجريمة المنكره التي بيتها رجال المخابرات للضحايا فاصيب معظمهم بامراض نفسية حاده كانت سبب في اقدام بعضهم على الانتحار . تحدث احد الاباء بانه لاحظ ان ولده العائد توا من المهمة السرية التي لم يشا ان يخبرهم عنها قد اصيب بحالة من الذهول والحزن العميقتين فكان يمسك برزمة النقود الكبيرة التي استلمها من رجال السلطه ويطلقها في الهواء واحدة بعد الاخرى ودموعه تنساب على خديه ثم توفي بعدها بايام . ولقد اصيب احد سواق الشاحنات الاكراد بنفس حالة الاكتاب والشرود هذه وانتهت حياته بنفس الطريقة التي انتهت به حياة زميله العربي تماما . اما في بغداد فلقد قام ازلام البعث بتفتيش البيوت بيتا بيتا وطلبوا من الاهالي تسليم اسلحتهم فاخذ الناس بالقاء الاسلحة في الحفر والمستنقعات ليلا . لاحظت والدتي ان همسا يجري بين اخي الكبير ووالدي فاخذت تستفسر عم هناك ولكن لم تتلق اي جواب منهم وعندما عم ظلام الليل على بغداد وبعدما استسلمت والدتي للنوم العميق خرج والدي واحضر سلاحا من النوع الجيد كان قد القاه احد المواطنين . لقد اخفى والدي هذا السلاح عن عيون والدتي ولكن عندما زارنا عمي انكشف السر فاخذ عمي يلقي باللوم على والدي ثم دفن السلاح في حفرة عميقة دون علم اخوتي الصغار وطلب من الجميع كتمان السر والا ذهبوا وذهب معهم في خبر كان . بدا حجمي يكبر بسرعه وضاق علي بطن امي بعد ان كان اوسع من السماء والارض واخذت احاول تركه في كل يوم فكانت والدتي تؤكد بانها ستلدتي بعد لحظات ثم تختفي الالام فجاة لقد تكررت الحاله واستمرت اسابيع عديده مما جعل والدي لاينظر اليها نظرة جديه الى ان احست والدتي بانه يجب عليها ان تزور الطبيبة النسائيه . ما ان قامت الدكتوره بفحص والدتي حتى نصحتها بزيارة المستشفى على الفور لانها ستلد بين لحظة واخرى لقد قرر والداي بقاء اخوتي عند عائلة طيبة تسكن بالقرب منا ثم ذهبا الى مستشفى العلويه للولاده . خاطب الطبيب المشرف على عملية الولاده والدتي متهكما بانها وجميع النساء اللواتي سيلدن في هذا الشهرقد تفائلن بالخير باحتلالنا الكويت فقررن ان يحملن كي يرتعن واطفالهن بخيرات الكويت . غضبت ,ضغبت والدتي منه ولكنها اثرت السكوت فلعله يكون من ازلام السلطه ويريد استفزازها وهي تعاني من الام الطلق الحاده فاخذ يستفزها اكثر كلما ازدادت الامها فكانت الممرضه الخفر تترجاه بابتسامة رقيقه بان يترك والدتي تلد بسلام ولكنه لم يعبا لها مما جعل والدتي تتيقن بانه كان يهدف الى اغاضة النساء اللواتي على وشك الولاده كي يضطرهن الى سب صدام وسب اللحظة التي فكر فيها بغزو الكويت وهذا ما حصل فعلا فكان هذا الطبيب تصيبه نوبة من الضحك الهستيري بينما تتوسل اليه الممرضه ان يرحمها ويكف عن ذلك . بدات احس بوضوح بنقرات خفيفة متتالية على بطن امي واخذت اسمع صوت الممرضة وهي تترجى العذراء مريم ان تحضر ولادة امي . كانت والدتي موهنة القوىتماما فقالت للممرضه بانها لا تملك القوة الكافيه للضغط كي يطرد الجنين الى الخارج ولكن الممرضه استطاعت ان تهدئ من روعها وان تدخل الطمانينة الى نفسها بان الولادة ستتم بعد ثوان . كانت والدتي مشفقة من هذه الثواني لانها ستحدد ان كنت سليمة ام مشوهة كحال العديد من الاطفال الذين ولدوا في تلك الفتره . لقد بدات اشعر بضغط هائل يدفعني الى الخارج وشعرت بالام قوية تعتصرني وسمعت صرخة مدوية واحدة تطلقها والدتي ثم ايد رحيمة تتلقفني . صمتت والدتي فصرخت صراخا عنيفا محتجة على شدة البرودة التي شعرت بها وسمعت صوت الممرضة تزف البشرى لوالدتي بانها ولدت طفلة جميلة كانها القمرفي ليلة تمامه . نظرت الي والدتي وانسابت دموعها بغزارة وقبلت يدها مرات عديدة وهي تشكر الله على سلامتنا معا

#ناديه_كاظم_شبيل (هاشتاغ)      

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات