صحيفة الى الامام
الحوار المتمدن-العدد: 6113 - 2019 / 1 / 13 - 22:00
المحور:
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
الصراع على النفوذ والامتيازات في مدينة كركوك الغنية بالنفط والغارقة بفقر وبؤس مواطنيها، يلوح بالأفق من جديد ويهدد امن وسلامة ساكنيها. وتمثل ذلك الصراع حول تبريرات رفع علم كردستان من قبل القوميين الكرد المتمثلة هذه المرة بالاتحاد الوطني الكردستاني على مقراتهم واعلام القوميين التركمان المدعومين من حكومة بغداد او رفع علم العراق، وهو ليس الا مبررات سخيفة وتافه تخفي ورائها اجندات سياسية محتواها اعادة الاستحواذ على الامتيازات والنفوذ واعادة للتموضع السياسي والعسكري من قبل الاتحاد الوطني الكردستاني، الذي سلم مدينة كركوك في 16 تشرين الاول من عام 2017 الى حكومة العبادي عقب الاستفتاء الذي اجري حول استقلال كردستان في ايلول من نفس العام.
بعد الانتخابات التشريعية الاخيرة التي اجريت في ايار من العام الماضي، اعيد رسم المعادلة السياسية من اجل اعادة انتاج سلطة الاسلام السياسي الشيعي. وعاد الحزب الديمقراطي الكردستاني الى الواجهة السياسية في المعادلة العراقية بعد عقد صفقات مع الاطراف الشيعية لتمرير تشكيل الحكومة وتسوية الخلافات العالقة بين بغداد واربيل.
ان قضية كركوك واحدة من اهم قضايا الصراع بين الاطراف القومية بكرديها وعروبيها وتركمانيها، الى جانب الصراع بين الاجنحة من نفس العائلة القومية. وان هذا الصراع الذي يجد نفسه اليوم حول العلم ليس وليد اليوم ولا وليد تداعيات الاستفتاء، بل هو امتداد للمحاصصة القومية والطائفية والتوافقات بين احزاب وقوى العملية السياسية منذ الاحتلال الامريكي للعراق، وتثبيت ذلك الصراع في الدستور العراقي المعروف بالمادة ١٤٠.
ان الحزب الديمقراطي الكردستاني وفي صراعه المكشوف مع الاتحاد الوطني الكردستاني يحاول عن طريق عقد الصفقات مع احزاب الاسلام السياسي الشيعي الحاكم في بغداد والتقارب مع الحكومة المركزية، سحب بساط كركوك من تحت اقدام غريمه الاتحاد، في الوقت الذي يحاول الاخير عن طريق استعراض القوة بأعادة انتاج سلطته وامتيازاته في المدينة، والاظهار بأنه رقم صعب في المعادلة السياسية في كركوك.
ان جماهير كركوك، سكانها، اهاليها من الشباب والنساء والاطفال والشيوخ لم تحصد خلال اكثر من عقد ونصف من حكم القوميين للمدينة غير العوز والبطالة والفقر اسوة ببقية جماهير المدن العراقية. وعلاوة على ذلك يحاول القوميين من كل حدب وصوب اغراق اهاليها بدمائها من اجل ادامة فسادهم وسرقتهم ونهبهم لثروات المدينة.
ان جماهير كركوك ليس لها ناقة ولا جمل في هذا الصراع، وان كركوك مدينة لساكنيها واهاليها، وان العلم الوحيد الذي يستحق ان يرفرف فوق المدينة هي علم الانسانية، علم المساواة، علم الحرية. اننا في هذه الجريدة ندين كل الاعمال الاستفزازية التي تعكر صفو المدينة ونرفض كل اشكال الترهات والتبريرات التي تحاول الاحزاب القومية من خلالها جر المدينة الى اتون حرب اهلية. ان حياة الانسان، امنه وعيشه الكريم، استقراره ورفاهه اثمن واغلى من جميع الاعلام القومية.
#صحيفة_الى_الامام (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟