رشيد عوبدة
الحوار المتمدن-العدد: 6111 - 2019 / 1 / 11 - 17:29
المحور:
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي
إن المتتبع للوضع السياسي بالمغرب منذ نيله للاستقلال، يمكنه أن يتوقف عند المخرجات التاريخية "للديمقراطية المغربية" التي سمحت لمختلف الايديولوجيات ان تصل للحكم وان تنال "حظوة السلطة"، فخلال مرحلة تدبير الشأن العام من قبل "القوى اللبيرالية" عاش الواقع الاجتماعي نوعا من الاغتراب، جسده التماهي مع الرأسمالية الغربية لدرجة تنامي ظاهرة الاستغلال والاحتكار الاقتصادي الذي أسهم الى حد كبير في تنامي "المد الماركسي" كتوجه ايديولوجي لدى فئات واسعة من المغاربة: طلبة الكليات، فلاحو الحقول وعمال...وبوصول " القوى الماركسية" الحالمة بتحقيق عدالة اجتماعية وتوزيعية لمنصب القرار السياسي، عاين المغاربة عمليات الانفصال عن الجماهير والترامي في حضن القوى الكبرى بغرض تأمين بقائها واستمرارها، ومؤخرا مَكَّنَت ديمقراطيتنا ايضا بعض "الحركات الدينية" (الاسلامية) التي كَيَّفَت وَضعها التنظيمي مع دستور المملكة، من أن تعتلي صهوة "جواد السلطة"، ليتحول "الاسلام" معها الى مجرد طقوس وشعائر وعقائد وأخرويات...وبذلك أصبح "الاسلام الشعائري" مجرد ستار يخفي موالاة هذه "الحركات الدينية" للإقطاع العائلي ورأسمالية العشيرة، في حين ظلت "الحركات الدينية" التي لم تُدَجِّن تنظيماتها والتي لم تصل للحكم حبيسة تعصبها وضيق افقها الذي قادها الى تكفير كل الاتجاهات التحديثية، لأنها تنطلق من تصور هرمي للكون يُغَيِّب كل نظرة إنسانية وبالتالي يلغي جدلية التاريخ وحركة المجتمع..
هذا الوضع الذي يعكس طبيعة "الديمقراطية المغربية" التي لم تحقق ما كان مأمولا منها تحقيقه، يقود فعلا الى التساؤل عن الجدوى من الاستمرار في تفريخ تنظيمات حزبية هجينة تبتاع أو تموه القواعد في اللحظات الانتخابية فقط ، علما أن الديمقراطية ليست أصواتا فقط، بل قيم تسمح بالتناوب والتداول والاختلاف أيضا، وهي ليست شعارات وديماغوجيا بل تنمية وعدالة اجتماعية بالدرجة الاولى، بل إنها في واقع المجتمع المغربي لم تعد (اي الديمقراطية) مطلبا اجتماعيا، لأنها افرزت نخبا كرست الولاء "للعشيرة" وأثرت "الريع" على التنمية، فبات الخطاب المضمر هو التنمية أولا والديمقراطية أخيرا .
#رشيد_عوبدة (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟