|
قراءتي للآخر
نادية خلوف
(Nadia Khaloof)
الحوار المتمدن-العدد: 6111 - 2019 / 1 / 11 - 16:12
المحور:
المجتمع المدني
لا أعرف أحياناً كيف أقرأ الآخر سواء عرفته، أم لم أعرفه. قد أكون غير منصفة في قراءتي، ولكن أحياناً يتسرّب لي رائحة تبعدني عن موضوع ما كنت قد اخترته، وأحذفه بعد أن أكون صرفت جهداً ووقتاً فيه. منذ يومين ترجمت مقالاً عن السويدية حول شرعية عبودية الجنس للأطفال في أفغانستان ، وأقصد بالأطفال الأولاد الذكور، وتم تصوير مقابلة مع شخص وعشيقه الذي هو في الثالثة عشرمن عمره ، وقد التقطه بينما كان مشرّداً ، وأعطاه كل شيء مقابل الجنس، وتقول الكاتبة بأن حوالي عشرين بالمئة من الرجال في تلك المنطقة لديهم طفل كعبد جنس، وبينهم جنود كانوا يعملون مع الأمريكان . عندما قرأت المقال شعرت بأنّ فيه شيء من المبالغة في الوصف، وكان اسم الكاتبة يشبه الأسماء العربية، ذهبت إلى فيس بوط الكاتبة فإذ هي سويدية من خلفية أفغانية، وبعد قراءتي لبعض المقاطع على الفيس بوك الخاص بها حذفت المقال. كأن رائحة طبخة لم تعجبني، وكان بإمكاني أن أكتب عن أولئك الأطفال الذكور من حلب عندما كانوا يقدمون الشيشة للزبائن، ويرقصون وهم في كامل زينتهم، فأخجل من الأمر، ومع هذا لا أربطه بالجنس مع أنّه وثيق الصّلة به. وربما أغلبنا يعرف أن الجنس مع الأولاد منتشر كثيراً، لكنّ الكتابة عنه بغير عين متخصصة تقدم الحل لا قيمة له. أرى أن خلفية الإنسان تؤثر في آرائه مهما حاول الابتعاد، ولذا لم أبتعد إلا بقدر ما يلزمني الابتعاد، وكتبت قصصاً بالسويدية تحمل معاناة السوريين بشكل أدبي ونشرتها، ومع أنها منشورة على المواقع لم أعتبرها قصة نجاح. نعم أسعى إلى النّجاح، وليس الأمر سهلاً بنظري. من قصصي المنشورة مثلاً حول الفرات، والشميميش ، وشرمولا ، والهجرة، وكلها تدور حول سورية دون تبجح بل بلغة أدبية رقيقة، وقصتي القادمة سوف تكون عن حوران، وقد أنهيتها فقط أدقّقها. أتحدّث عمّا كتبت لأقول أنني مرتبطة بشكل عميق بقضية الظلم في سورية، وهذا لا يمنعني من الابتعاد عن أغلب السوريين المهاجرين ، فأنا أقل معرفة، وغنى ، ونجاحاً، وأعمالي لا تستحق أن تذهب إلى دار نشر من قبل سوري مبدع في التّزلف لمن هم يلزمونه . لي رأيي الخاص بهم. لا أهتم إن كانت-الامبريالية- موجودة، أو خارج التغطية، ولا إن كان في الشيوعية الخلاص، فقد كان فيها الهلاك. أهتم للإنسان، ومن أهتم بهم هم أصدقائي، وكما رأيت في مقال الكاتبة الأفغانية. أرى المبالغة في كتابات أصدقائي، والتعليقات المزّيفة. البعض امتهن قصة الدّين ، وأصبحت تعليقاته صلوا على النبي، والبعض امتهن العلمانية ويشتم الطوائف، وفي الحالتين كأننا نعيش في دولة قانون، ونقلع في خيالنا جهة التبجح. بالنسبة لي أحترم الأديان بقدر ما يحترمني أفرادها، ولا أعتبرها قيداً على حرّيتي لأنها لا تعنيني إلا إذا كانت تستعمل السّلاح وتقتل، لكن لا يمكنني استبعاد احترام قناعة أمي وأبي. وقد قلتها مراراً بأن الكنيسة السريانية في الخارج تجمع المعارض والموالي، العلماني والمتديّن . تسوّق الإنتاج الأدبي والفكري. هي مجتمع كامل، لكنه لا يخلو من الفساد الاقتصادي ، ومن الموالاة لفكر الدكتاتور مؤقتاً ، فرجال الدين يوالون أولياء الأمر .قد يقول أحدكم: لماذا لا تصبحين منهم؟ هل تصدّقون أن الذين يغيرون عقائدهم يندمجون مع الجهة التي غيّروا لها؟ لا. فلا هم قادرون على الاندماج، ولا البيئة تقبلهم. منذ الآن وحتى عشرة أجيال سوف أكون اسماعيليّة. آمنت أم لم أؤمن، ولكن رغم اعتقادي أن الإسماعيلية. هي انتماء اجتماعي وليس ديني، وهي تشمل الاسماعيليين، وغيرهم ممن يشاركهم المكان . لكن المؤسسة الإسماعيلية تهمّش الآخر مالم يكن ذي سلطة أو مال. لا أتحدث عن الأشخاص ، فكريم خان يعتبر نفسه زعيم الإسلام المعتدل في العالم، وهذا لا يعنيني طبعاً. ما يعنيني الدّعم بشكل عام. المؤسسة فاسدة كفساد النّظام ، الجوائز تذهب للسني والمسيحي، وهذه ليست ديموقراطية طبعاً. السّني، والمسيحي يجب أن يكونوا أصحاب شأن وسلطة في أمكنتهم ، وهنا لا بد ان أذكر أن الكنيسة لم تنس من حمى السريان في مذابح تركيا، وأسماءهم موجودة في الفاتيكان، ومنهم جد زوجي محمود أوغلو الويل الذي فدى الكاردنال تبوني بليرات ذهبية، وطوال فترة إقامتي في عامودة كان القسّان يأتون للمباركة بأعياد المسلمين، وهذا اعتراف، وهناك أبناء عمومة بالرضاع، فآل دباغ، وآل قس الياس أولاد عمّ بالرّضاع ويتعاملون كذلك مع أن أغلب أفراد الطرفين غير مؤمنين. لا أتحدّث عن الدّين هنا كعقيدة بل كنظام اجتماعي، وقد لا حظت أن الإسماعيلي الهندي على سبيل المثال يدعم الإسماعيلي الهندي في وجه السلموني إن كان هناك منصب يتم التنافس عليه، وأغلب الذين وصلوا إلى مناصب هم من الشّبيحة. هو مقال عابر. أثرثر فيه عنّي، وعن نظرتي الشّخصية. وخلال مسيرتي الصعبة تلقيت الدعم من أناس كثر بعضهم سوري مثل أيمن عبد النور، معروف العبيد، ومروان دباغ، والدكتور محمد محمود وبعضهم غير سوري أيضاً. أتمنى لو أصبح لدينا دولة قانون بعد مئة عام أن تترك الناس يعبدون ما يشاؤون ، وأن يقوموا بإحياء أديانهم القديمة والحديثة شريطة الحصول على ترخيص، وأن لا يكون للدين أثر في القانون، فقد نشأت في أمريكا أديان جديدة. يمارسون طقوسهم ، ويرفعون من شأن أعضائهم ، لكنهم عندما يتولون سلطة يعملون وفق توجه الدولة والدستور.
#نادية_خلوف (هاشتاغ)
Nadia_Khaloof#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
أكرّر نفسي
-
كوني أنت وإلا لن تكوني أبداً
-
أساليب التّرهيب عبر الحضارات
-
ملكة الفطائر
-
تهرب الأشياء منّي
-
اعترافات
-
تداعيات أفكار مقلقة
-
حول التّعصب-مقال مترجم-
-
مقارنة بين فرويد وماركس-ترجمة-
-
قبل الرّحيل ببرهة
-
مارح إنحني
-
ابنة الأيّام
-
أزرعني بين أشجار الورد
-
فلتقرع أجراس الميلاد إذن
-
صدى حديث النّساء
-
الجهاديّة الإسلاميّة في السّويد
-
زنا
-
البحث عن الخلود
-
السياسة الخارجية السويدية ومحمد بن سلمان
-
حكايات
المزيد.....
-
اللجان الشعبية للاجئين في غزة تنظم وقفة رفضا لاستهداف الأونر
...
-
ليندسي غراهام يهدد حلفاء الولايات المتحدة في حال ساعدوا في ا
...
-
بوليفيا تعرب عن دعمها لمذكرة اعتقال نتنياهو وغالانت
-
مراسلة العالم: بريطانيا تلمح الى التزامها بتطبيق مذكرة اعتقا
...
-
إصابة 16 شخصا جراء حريق في مأوى للاجئين في ألمانيا
-
مظاهرة حاشدة مناهضة للحكومة في تل أبيب تطالب بحل قضية الأسرى
...
-
آلاف الإسرائيليين يتظاهرون ضد نتنياهو
-
مسؤول أميركي يعلق لـ-الحرة- على وقف إسرائيل الاعتقال الإداري
...
-
لماذا تعجز الأمم المتحدة عن حماية نفسها من إسرائيل؟
-
مرشح ترامب لوزارة أمنية ينتمي للواء متورط بجرائم حرب في العر
...
المزيد.....
-
أية رسالة للتنشيط السوسيوثقافي في تكوين شخصية المرء -الأطفال
...
/ موافق محمد
-
بيداغوجيا البُرْهانِ فِي فَضاءِ الثَوْرَةِ الرَقْمِيَّةِ
/ علي أسعد وطفة
-
مأزق الحريات الأكاديمية في الجامعات العربية: مقاربة نقدية
/ علي أسعد وطفة
-
العدوانية الإنسانية في سيكولوجيا فرويد
/ علي أسعد وطفة
-
الاتصالات الخاصة بالراديو البحري باللغتين العربية والانكليزي
...
/ محمد عبد الكريم يوسف
-
التونسيات واستفتاء 25 جويلية :2022 إلى المقاطعة لا مصلحة للن
...
/ حمه الهمامي
-
تحليل الاستغلال بين العمل الشاق والتطفل الضار
/ زهير الخويلدي
-
منظمات المجتمع المدني في سوريا بعد العام 2011 .. سياسة اللاس
...
/ رامي نصرالله
-
من أجل السلام الدائم، عمونيال كانط
/ زهير الخويلدي
-
فراعنة فى الدنمارك
/ محيى الدين غريب
المزيد.....
|