|
الأقباط والانتفاضة المصرية في 23 يوليو 2006
محمد عبد المجيد
صحفي/كاتب
(Mohammad Abdelmaguid)
الحوار المتمدن-العدد: 1523 - 2006 / 4 / 17 - 10:17
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
في الوقت الذي يعاني عشرات الآلاف من المعتقلين في سجون مصر من ظلم شديد، وتعذيب تأباه كل القيم والأديان والشرائع والقوانين الوضعية الانسانية، وأكثر هؤلاء المعتقلين من الإسلاميين. وفي الوقت الذي تشهد صدورأقباطنا .. شركاء الوطن غليانا مبررا بسبب قوانين ظالمة، وعدالة مفتقدة، وتمييزا على أعلى المستويات، وتحريضا من قوى التطرف، يكون الطاغية حسني مبارك مستلقيا على ظهره من الضحك وقد أقسم لابنه أنه سيشعل هذا البلد الآمن ويجعله خرابا ينعق فيه البوم، ويتسول أبناؤه في شوارع أم الدنيا حينما لن تبقى في مصر لقمة واحدة يسد بها فقير جوعه ابن الصغير وهو يتضور ويبكي. لا تتعجبوا أيها الاخوة الأقباط فأنتم أيضا مخطئون ومشتركون مع مسلمي الوطن في جريمة الصمت تجاه أكبر طغاة العصر. مخطئون لأنكم طالبتم بحقوقكم من سلطة فاسدة وارهابية تحكم الوطن كله بقوانين لا انسانية، وتسرق وتنهب وتعمم الفساد والجهل والفقر والفشل، وتزور وتزيف وتلقي في غيابات السجن باخوانكم من المسلمين، وكان المفروض أن تلتحموا مع شركائكم مسلمي الوطن في مواجهة الظلم الواقع على الجميع، وأن تقتحموا غمار السياسة، وأن تغادروا عالم السلبية والمشاهدة من بعيد والبكاء على أعتاب السلطة لتسمح لكم في كل حين بجرعات قليلة من حقوقكم المشروع. إنني كمسلم أرى أن حقوقكم واجباتي، وأنني لن أشم ريح الجنة مادام هناك قبطي واحد يتم تمييزه عن أخيه المسلم في أصغر صورة، وأن الله تعالى لن يقبل صلاتي وصيامي إن كنت مؤيدا، ظاهرا أو باطنا، لمضطهديكم أو لأي قانون أو عرف أو عادة أو فتوى تنتقص من حقوقكم ولو قيد شعرة. أنتم شركاؤنا في وطن واحد لا يتجزأ، وهمومنا موحدة، وعدونا وهو الديكتاتور وقوانينه الظالمة يثير الفتنة بيننا، ونحن لا نعرف حقوقكم لجهلنا بها وتقصيركم في تعريف المواطن البسيط بعدالتها. فلتخرجوا من عالم السلبية والانعزالية والمسكنة، فهذا وطنكم كما هو وطن المسلمين، ولتمارسوا السياسة والحزبية، ولتنضموا إلى منظمات المجتمع المدني وحقوق الانسان، ولتكتبوا بدون محرمات عن كل شيء وليس فقط الهموم القبطية في صحيفة ( وطني ) أو مواقع النت. حدثوا المسلمين البسطاء الطيبين عن التسامح في القرآن الكريم، واحفظوا أحاديث نبوية تساعدكم في التأثير على أصدقائكم وجيرانكم وزملاء العمل والدراسة، وانضموا لكل المظاهرات من ( كفاية ) إلى انتفاضة القضاة، ومن الصحفيين إلى المحامين، وكونوا تجمعات ثقافية مستنيرة وذكية تقابل نواب الاخوان المسلمين في مجلس الشعب، وتلتقي مع قياداتهم ومع خطباء المساجد في طول الوطن وعرضه. قولوا للناس بأنها ليست حقوقا قبطية فقط لكنها انسانية واسلامية ومصرية ومواطنية. توقفوا عن البكاء، ولا تستفزوا مشاعر المسلمين فهناك دائما مثيرو العصبية والطائفية والكراهية وحملة الفتاوى الفجة التي تجعلكم مواطنين من الدرجة الثانية، وليس أمامكم إلا ممارسة حقوق المواطنة كاملة رغم أنف السلطة والرئيس والطغاة والجهلة والمتخلفين الذين يظنون أنهم يمنون عليكم بحقوقكم. قاطعوا المواقع والمنتديات والتجمعات التي تدعي الدفاع عن حقوقكم لكنها تنال من الاسلام والمسلمين، وتهين كل المقدسات الاسلامية، وتسخر من تعاليمه ومن نبي الاسلام الكريم، صلوات الله وسلامه عليه. ضموا نبي الإسلام، عليه الصلاة والسلام، في صفوفكم من أجل معركتكم، وسيصبح تأثيركم عظيما في صفوف أبناء وطنكم الجاهلين بحقوقكم. القضية ليست فقط في بناء دور العبادة وهو حق لكم لا يعترض عليه إلا جاهل أو حاقد، لكنها فتنة نصف نائمة، وتوجس وريبة وخوف من الآخر، وسلطة قاسية غليظة متعفنة وفاسدة، وطاغية يلذ له أن يشعل النار في كل مكان وآخرها محاولته الأخيرة لصب مزيد الكراهية بين الشيعة والسنة، وبين إيران والعرب. عندما ينتهي حكم الطاغية مبارك ويتقدم حاكم عادل ومتسامح ومثقف وواع لقضايا الوطن وقائد يعرف كيف يعيد ترتيب البيت الداخلي، فإن الطريق لنيلكم حقوقكم المشروعة سيصبح سالكا وسهلا وميسرا. تظاهروا مرة واحدة من أجل الافراج عن المعتقلين الاسلاميين، بدون رياء وبنفس صادقة محبة ومتسامحة، وستتفتح أمامكم أبواب كثيرة. ما حدث في الكشح والزاوية الحمراء وكنائس الاسكندرية جرائم قذرة وحقيرة وفي أسفل السلم الأخلاقي، وأنتم مطالبون الآن بالتحرك الذكي والمنظم والوطني الخالص والخطوة الأولى التي ينبغي لكم أن تبدأوا بها هي الدعوة للخروج مع القضاة في 25 مايو 2006 فليخرج الأقباط كلهم مع أطفالهم ونسائهم بدون شعارات وينضموا لقضاة مصر في انتفاضة الخامس والعشرين من مايو لاسقاط الطاغية مبارك. وليخرج الأقباط كلهم ويتخلصوا من السلبية والصمت والتراجع، وينضموا إلينا في الانتفاضة الشعبية المصرية في 23 يوليو 2006 أي بعد شهرين من انتفاضة القضاة. الانتفاضة الشعبية المصرية لا تميز بين مسلم وقبطي ويساري وشيوعي واخواني ووفدي ومستقل ولا ديني وعلماني، فكل المصريين سواسية كأسنان المشط، وكل الحقوق قائمة على مبدأ المواطنة فقط. لن تحصلوا على حقوقكم بغضب هنا ومظاهرة هناك ولقاءات كبار رجال الدينين، لكنها ستأتيكم طوعا أو كرها عندما تشتركون بملايينكم، رجالا ونساء وأطفالا وعجائز، في انتفاضة القضاة ثم الانتفاضة الشعبية المصرية. إذا كنتم مترددين وخائفين من المجهول بعد ازالة حكم أسرة مبارك فثقوا بأن هذا الطاغية سيشعل الأرض من تحت أقدامكم وأقدام المسلمين. وأخيرا أقدم خالص عزائي في شهداء الوطن من أقباطنا .. شركاء الوطن ودعائي إلى الله العلي القدير أن يرحمهم ويغفر لهم ويدخلهم في جنته. أيها الأقباط .. أحبابنا شركاء الوطن، حقوقكم واجباتنا، ولن يقبل الله العزيز الجبار عبادة مسلم ينتقص حقا واحدا من حقوقكم الانسانية والمواطنية والمسيحية التي شرعها لكم خالقكم وخالقنا، وهو رب الكون العظيم.
محمد عبد المجيد [email protected] الانتفاضة الشعبية المصرية في 23 يوليو 2006
#محمد_عبد_المجيد (هاشتاغ)
Mohammad_Abdelmaguid#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الرئيس السوري يطلق رصاصة الرحمة على قلب دمشق
-
الإخوان المسلمون والانتفاضة المصرية في 23 يوليو 2006 رسالة م
...
-
أيمن نور والانتفاضة المصرية في 23 يوليو2006 رسالة مفتوحة إلى
...
-
المشهد الإماراتي في عهد محمد ين راشد آل مكتوم
-
هيكل والانتفاضة المصرية في 23 يوليو 2006
-
الانتفاضة الشعبية المصرية في 23 يوليو 2006
-
كيف نطيح بالرئيس مبارك عن طريق الإنترنيت؟
-
الفخ الأمريكي للغباء الإيراني .. متى يبكي حراس الثورة؟
-
العد التنازلي للرئيس اللبناني
-
كل المسلمين قضاة .. فمن المتهم؟
-
تصفية الشاهد المتهم صدام حسين
-
رسالة مفتوحة إلى قائد الإنقلاب العسكري المصري
-
لماذا أكره الرئيس حسني مبارك؟
-
الحمد لله، تخلصنا من 900 مصري ! رسالة من الرئيس حسني
...
-
بل لم يزهد عاشقو الوطن في كتاباتي
-
لماذا زهد المصريون في كتاباتي؟
-
دعوة لتحرير مصر من الرئيس مبارك .. تجديد العصيان المدني
-
نعم لقتل السودانيين
-
أيمن نور .. لن نسير في جنازتك
-
جمال مبارك: سوطي ينتظر ظهوركم العارية
المزيد.....
-
ترامب يعتزم إنشاء لجنة للقضاء على التحيز ضد المسيحيين
-
الإعلان عن موعد دفن آغا خان زعيم الطائفة الإسماعيلية في مصر
...
-
ماما جابت بيبي..استقبال تردد قناة طيور الجنة بيبي على القمر
...
-
“ماما جابت بيبي” تردد قناة طيور الجنة الجديد 2025 على النايل
...
-
رئيس بلدية رفح يناشد الدول العربية والاسلامية إغاثة المنكوبي
...
-
وزير الدفاع الأسبق: يكشف العقيدة الدفاعية للجمهورية الاسلامي
...
-
-ترامب سينقذ العالم من الإسلام المتطرف- – جيروزاليم بوست
-
قائد الثورة الاسلامية في تغريدة: كل فلسطين من النهر الى البح
...
-
الآغا خان الرابع زعيم قاد الطائفة الإسماعيلية النزارية 68 عا
...
-
إيهود باراك: خطة ترامب بشأن غزة -خيال-
المزيد.....
-
السلطة والاستغلال السياسى للدين
/ سعيد العليمى
-
نشأة الديانات الابراهيمية -قراءة عقلانية
/ د. لبيب سلطان
-
شهداء الحرف والكلمة في الإسلام
/ المستنير الحازمي
-
مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي
/ حميد زناز
-
العنف والحرية في الإسلام
/ محمد الهلالي وحنان قصبي
-
هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا
/ محمد حسين يونس
-
المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر
...
/ سامي الذيب
-
مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع
...
/ فارس إيغو
-
الكراس كتاب ما بعد القرآن
/ محمد علي صاحبُ الكراس
-
المسيحية بين الرومان والعرب
/ عيسى بن ضيف الله حداد
المزيد.....
|