مهدي سعد
الحوار المتمدن-العدد: 6111 - 2019 / 1 / 11 - 00:25
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
يتساءل البعض وبحق عن سبب التغيير في أحكام الحلال والحرام التي تصدرها المؤسسات الدينية، بالرغم من أن الكتب الدينية تعتبر نصوصا مقدسة لا يجوز التلاعب بها من قبل البشر، وعليه فإنه من المفروض عدم حصول أي نوع من التعديل على تحديد ما هو حلال وحرام حسب العقائد الدينية.
لقد بتنا نسمع هذا الرأي كثيرا في الآونة الأخيرة على ضوء تعدد الأحكام الدينية في نفس المسألة، مما يدفع قطاع واسع من المجتمع إلى التشكيك بمصداقية بعض رجال الدين الذين يتهمون باتخاذ مواقف من قضايا معينة بما يخدم مصالحهم الذاتية، الأمر الذي يخلق حالة من البلبلة والتخبط لدى عامة الناس ويجعلهم غير قادرين على التمييز بين الأصيل والدخيل.
من هذا المنطلق لا بد من التوضيح بأن مفهوم الحلال والحرام خاضع لمصالح المؤسسة الدينية وليس نابعا من تعاليم الأديان، لذلك فهو قابل للتغيير والتعديل وفقا للظروف الزمانية والمكانية التي تتواجد فيها هذه المؤسسة، فما كان حلالا في حقبة معينة قد يصبح حراما في حقبة أخرى والعكس صحيح، كذلك قد نجد اختلافا في التحليل والتحريم بين منطقة وأخرى.
أضف إلى ذلك تأثير السلطة السياسية على السلطة الدينية، حيث تقوم السلطة الأولى في الكثير من الأحيان بالتدخل في قرارات السلطة الثانية وتجيرها لصالحها، كما تقوم المؤسسة الدينية في بعض المجتمعات بإعطاء شرعية دينية لسياسة الحكومات وتبرر أفعالها حتى لو كانت مخالفة لأصول الدين.
مفهوم الحلال والحرام يتعلق كذلك بمدى تطور الشعوب، فكلما كان الشعب متقدما أكثر يقل تأثير السلطة الدينية على نمط حياته، وبالتالي تنتفي الحاجة إلى تدخل رجال الدين في شؤون المجتمع ويقتصر دورهم على رعاية الأمور الدينية، أما باقي مجالات الحياة فيعتني بها أصحاب الإختصاص كل في مجاله.
بناء على ما تقدم نخلص إلى نتيجة مفادها بأن الحقيقة الدينية متواجدة في بطون الكتب فقط، وما عدا ذلك فهو اجتهادات بشرية تتحكم فيها أهواء وميول صاحبها وليست مستقاة بالضرورة من النص الديني، وعليه من غير المقبول إعطاء صفة القداسة لأي قرار صادر عن رجل دين قد يتأرجح رأيه بين الصواب والخطأ.
#مهدي_سعد (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟