أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - فاخر السلطان - الفهم الديني غير المقدس.. ضرورة اجتماعية














المزيد.....


الفهم الديني غير المقدس.. ضرورة اجتماعية


فاخر السلطان

الحوار المتمدن-العدد: 1523 - 2006 / 4 / 17 - 10:22
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


للتفسير الديني هوية جمعية، بمعنى انه لا يمكن ان ينحصر أو ينتهي عند حدٍ معين تحدث عنه مفسر من المفسرين أو عبرت عنه مدرسة تفسيرية معينة تتبع مذهبا من المذاهب أو طائفة من الطوائف. فلكي يكون التفسير عضوا في نادي المعرفة الدينية عليه ان يقبل جميع شروط العضوية في هذا النادي، التي من ضمنها ان تكون هوية التفسير "هوية جمعية"، أي عليه ان يقر بأن العضوية فيه ليست فردية، ولا تخص فقط اصحاب التفاسير الصحيحة، كما انها تعبّر عن رؤى بشرية نسبية وغير مطلقة. وعليه فإن أي تفسير للدين والشريعة الإسلامية منتم للمعرفة الدينية ما هو إلا تفسير واحد ضمن مجموعة كلية من التفاسير التي ظهرت في الماضي والحاضر وسوف تظهر في المستقبل. وبالتالي لا يمكن الإقرار بوجود عضو واحد فقط أو عدة أعضاء محددين في نادي المعرفة الدينية، وإنما هناك مفسرون مختلفون من البشر الخطّائين وتجمعهم في هذا النادي الهوية الجمعية. والهوية الجمعية لأي معرفة لا تخص فقط المعرفة الدينية وإنما تخص جميع المعارف التي اكتشفها الإنسان.

وحسب المفكر الإيراني الدكتور عبدالكريم سروش فإن المعرفة الدينية هي "جهد إنساني جمعي لفهم الشريعة الإسلامية". اي ان دين كل شخص ينبع من فهم الشريعة، وهو فهم مرتبط بمدرسة تفسيرية بشرية خاصة ضمن مجموعة جمعية من التفاسير تشكل – كما قلنا - المعرفة الدينية. أي ان "إدراك الناس للشريعة هو غير الشريعة". والإدراك هنا - حسب سروش - مرتبط بمطابقته مع الواقع. وبالتالي كل تفسير ديني، وفق صاحبه ومفسره، قريب من إدراك الواقع، وذلك ليستطيع ان يصف تفسيره بانه صحيح او قريب من الصحة.

لكن، ماذا لو عارضت المذاهب والطوائف الإسلامية بمدارسها التفسيرية المختلفة وجود تلك المعرفة الدينية الجمعية، وفي المقابل وصفت ما تعرضه من كلام ديني وما تفسره وتشرحه وتتفقّه فيه بأنه عين الدين وحقيقته المطلقة، ورفضت أي حديث عن فهم بشري نسبي متنوّع وجمعي حول الدين. وكيف، وفق ذلك، يستطيع البشر ان يتصرفوا ازاء موضوع تعددية الطوائف الإسلامية والمذاهب الدينية واختلاف عقائد الناس وتنوع طقوسهم الإيمانية؟ وكيف يمكنها ان تهضم قضية تنوّع المدارس الدينية المذهبية والطائفية واختلاف تفاسيرها حول الفقه وعلم الكلام وعلم التفسير وعلم الاخلاق وغيرها؟ إذن، لابد من ايجاد حلول لهذه القضية (المعضلة) التي تقوم على رفض تعددية الفهم الديني وتفسير الشريعة والعقائد والأصول واختلاف الطقوس، وما ينشأ جراء ذلك من خلافات مذهبية وطائفية وسياسية واجتماعية، وصلت الأمور خلالها إلى رفض مبدأ التعايش بين ابناء المجتمع الواحد والبلد الواحد وظهور مشاكل تتعلق بعدم قبول عقيدة الآخرين وتكفير المختلفين وتحقير طقوسهم، ورفض التزاوج والتعايش بين ابناء الديانات والمذاهب والطوائف المختلفة، بل وصل الأمر في الخلافات السياسية الدينية حدا أدى الى اندلاع ما يشبه الحرب الاهلية بسبب هيمنة مفهوم الحقيقة الدينية المطلقة مقابل الكفر الديني المطلق، وباتت تلك الحرب تفتك بالمجتمع، وهو ما نراه يحدث راهنا في العراق.

فهناك استنتاج يستند إلى أساس يقول إن الصراعات السياسية والاجتماعية بين الفرقاء الدينيين (وغير الدينيين ايضا) واستخدام العنف وممارسة الإلغاء المستند إلى التفسير الديني ضد الآخر بوصفها صراعات تنتشر في المجتمعات العربية والإسلامية، يرجع أصلها إلى سلوك وممارسات التشكيلات السياسية الحزبية في الواقع على الأرض حيث لم تستطع قبول الآخر المختلف سياسيا وبالتالي فشلت في جعل التعايش السياسي جزءا من ثقافتها. غير ان المشكلة لا تكمن في هذا الأساس، فهو نتيجة لأساس آخر ولمشكلة اكبر، متمثلة في ان كل طرف ديني يعتقد بأن رؤاه السياسية والاقتصادية والاجتماعية، المرتبطة ارتباطا وثيقا بالتفسير الديني العقائدي، هي رؤى مطلقة فوق بشرية وغير قابلة للتراجع إلا وفق شروط ضيقة جدا. فإذا لم تعالج قضية التفسير الديني المطلق وفوق البشري معالجة كلامية جذرية تتفق مع قيم الحداثة ورؤى الحياة الجديدة، ويتم تحويله إلى تفسير نسبي بشري شأنه شأن جميع التفاسير غير الدينية المنضوية في إطار المعارف البشرية بحيث يتعايش بصورة جمعية مع التفاسير الدينية الأخرى، فإننا لا نستطيع معالجة المشكلة المزمنة في الخطاب الديني المتمثلة في رفض التعددية الدينية وغير الدينية وعدم قبول التعايش مع الرأي الآخر ورفض احترام حقوق الإنسان الفرد. فحل معضلة تعددية التفسير الديني من شأنه ان يساهم بشكل كبير في حل معضلة التعددية السياسية والثقافية والاجتماعية بين جميع الفرقاء الدينيين وكذلك مع غير الدينيين، ذلك ان التعددية القائمة على بشرية الفهم ونسبيته تختلف كليا عما يعتقده طرف ديني ما بأن تفسيره للدين ونظرته العقائدية للحياة هو تفسير فوق بشري ومطلق.

ويطرح سروش خمس نقاط لجعل تفسير ديني ما قابلا للتعايش مع التفاسير الأخرى ضمن أجندة الهوية الدينية الجمعية التي تتكون منها المعرفة الدينية: 1- انه يعتبر أن الدين لا تناقض فيه ولا اختلاف، اما المعرفة الدينية فتتضمن تناقضا واختلافا. 2- انه يعتبر أن الدين حق كله، اما المعرفة الدينية فهي مزيج من الحق والباطل. 3- انه يعتبر أن الدين كامل، اما المعرفة الدينية فليست كاملة ولن تكتمل ما دام الإنسان يعيش في هذه الدنيا ويفكر ويفسر. 4- انه يعتبر أن الدين خال من الثقافات البشرية التي تدخل إليه عبر عقول البشر، اما المعرفة الدينية فهي ممزوجة بتلك الثقافات ولا يمكن أن تعيش من دون هذا المزج. 5- انه يعتبر أن الدين ثابت، اما المعرفة الدينية فهي متغيرة.



#فاخر_السلطان (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- تصريحات مبارك.. في أي اتجاه تصب؟
- في حوار واشنطن مع الإسلاميين
- أفغانستان تتغير
- بين تعريف الحقيقة الدينية والتحقيق فيها
- هل الحقيقة الدينية واضحة؟
- هل تكفي النصوص المقدسة لمعالجة مشاكل دولة الولاية؟ 3 – 3
- تحرير حقوق المرأة من أسر الخطاب الديني
- هل يمكن إصلاح سلطة مرتبطة بالسماء؟ 2-3
- مجالات الإصلاح في دولة ولاية الفقيه 1-3
- الكاريكاتور.. بين العلمانية الهجومية والعلمانية المعتدلة
- ذكرى عاشوراء.. مناسبة للنقد والسؤال
- هل خسرت الكويت من أزمتها؟
- سياق التسامح والإنسانية في وفاة جابر
- لا مجتمع مدني.. إذن لا تنمية للديموقراطية
- إقصاء المختلف.. رهان الخطاب الديني
- المحبة والتسامح من وجهة النظر الأصولية
- الحاجة ماسة لتيار الإصلاح الديني في الكويت
- الفوضى سياسة البعث من العراق إلى سوريا
- وقت الدبلوماسية.. بين واشنطن وطهران
- إخوان مصر.. هل يستطيعون التعايش مع الديموقراطية؟


المزيد.....




- حماس: منع الاحتلال اعتكاف المصلين للمرة الثانية في المسجد ال ...
- على أنغام -طلع البدر علينا-.. وفد من رجال الدين السوريين من ...
- شاهد.. الزعيم الروحي للدروز يتهم الإدارة السورية بالتطرف
- قوات الاحتلال تقتحم مناطق بالضفة وتمنع الاعتكاف بالمسجد الأق ...
- بالصلاة والدعاء.. الفلبينيون الكاثوليك يحيون أربعاء الرماد ...
- 100 ألف مصلٍ يؤدون صلاتي العشاء والتراويح في المسجد الأقصى
- مأدبة إفطار بالمسجد الجامع في موسكو
- إدانات لترامب بعد وصفه سيناتورا يهوديا بأنه فلسطيني
- الهدمي: الاحتلال الإسرائيلي يصعّد التهويد بالمسجد الأقصى في ...
- تزامنا مع عيد المساخر.. عشرات المستعمرون يقتحمون المسجد الأق ...


المزيد.....

- السلطة والاستغلال السياسى للدين / سعيد العليمى
- نشأة الديانات الابراهيمية -قراءة عقلانية / د. لبيب سلطان
- شهداء الحرف والكلمة في الإسلام / المستنير الحازمي
- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - فاخر السلطان - الفهم الديني غير المقدس.. ضرورة اجتماعية