أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - سيرة ذاتية - مصطفى مجدي الجمال - رفيقي الملاكم اليساري














المزيد.....

رفيقي الملاكم اليساري


مصطفى مجدي الجمال

الحوار المتمدن-العدد: 6109 - 2019 / 1 / 9 - 17:13
المحور: سيرة ذاتية
    


اسمه بالكامل : محمد عبد الحميد عبد العال سالم.. نعم أتذكر اسمه الرباعي.. فهو من أحب الشخصيات التي دخلت حياتي بنعومة فائقة..
إنسان بسيط المظهر وطيب الحديث ويمتلك الحد الأقصى من شهامة ولطافة وعطاء ونجدة "ولاد البلد".. تعرفت عليه عن طريق جاره وصديقه الأديب الكبير محمد المخزنجي حين كان الأخير طالبًا بكلية طب المنصورة.. كان منزل المخزنجي على بعد خمسين مترًا من بيتنا.. وكنا في بداية السبعينيات نشترك في نشاط عارم وبالغ الرقي في مجالات السياسة الوطنية والثقافة التقدمية والصداقة فائقة النقاء للجيل الذهبي بجامعة المنصورة..
كان من الصدف السعيدة في حياتي أن يكون زميلي بالكلية وصديقي ورفيقي المستقبلي جارًا لي من منشية المصطفى اللصيقة بميدان مشعل حيث بيتنا العتيق.. وفي منشية المصطفى أيضًا كان يقطن أصدقاء أعزاء آخرون مثل مصطفى وهبه وعادل عبد الباقي..
منذ أول لقاء مع محمد حدث بيننا تجاذب كيميائي غريب.. والأغرب أنني لم ألحظ مبكرًا ما نبهني إليه زملاء من التشابه المظهري بيننا .. وإن كان هو ذا طلعة وسيمة ووجه أقل تجهمًا.. وساد انطباع لدي زملاء كثيرين بأن محمد أخي أو ابن عمي مثلاً..
ومن أول الطرائف التي عرفتها مبكرًا عن محمد أن اسم شهرته "كتكوت".. ليس على سبيل التهكم مطلقًا أو "صياعة ولاد البلد".. وإنما أخذ بعض شباب أسرته هذه الكنية نسبةً إلى مقهى "كتكوت" الذي كان يملكه خاله.. وهو كان من أشهر مقاهي المنصورة الشعبية العريقة..
وكجملة اعتراضية أذكر واقعة لمقهى كتكوت معي.. فهو يقع أسفل البيت الملاصق لبيتنا.. وأمامه شجرتان كبيرتان.. وكنا طوال ليلي الصيف نسمع أحاديث وقفشات الرواد وكأنهم معنا في المنزل.. كما كانت عروض "الأراجوز" والحواة أمام المقهى تخلب لبنا ونحن صغار..
وقد كان للشجرتين أمام المقهى ذكرى سيئة معي فيما بعد.. فقد حدث أن اقتحم لوري الرصيف فجرًا وقتل شخصين كانا واقفين في هذا التوقيت تحت الشجرة.. وهمس لي محمد المكوجي بأنهما غالبًا مخبران.. فرفضت الاستماع لأي تفاصيل عن هذه القصة وأخفيتها في نفسي ولم أبح بها إلا الآن..
أعود إلى محمد .. حيث حكى لي مبكرًا عن قصته الأغرب على الإطلاق.. حدث أنه كان قد حصل على شهادة الثانوية العامة ولم يأته بعد خطاب مكتب تنسيق القبول بالجامعات.. وفي هذه الفترة الانتقالية هجمت الشرطة العسكرية على البيت واعتقلته بتهمة التهرب من التجنيد في هذا الوقت الحرج قبل حرب أكتوبر 73 وليس لديه ما يثبت تأجيل تجنيده.. وعرف فيما بعد أن "شيخ الحارة" قد دلهم عليه إما خطأ بسبب تشابه اسمه مع متهرب آخر من التجنيد، وإما فسادًا للتغطية على الشخص الآخر..
ومن سوء حظ محمد أن قامت حرب أكتوبر على الفور، فتوقفت التحقيقات والمحاكمات في فترة العمليات الحربية.. وقبع صديقي الحبيب شهورًا في السجن الحربي دون تحقيق أو معرفة أي خبر عنه.. وحكى لي محمد نتفًا قليلة عن الأهوال التي عاشها في السجن الحربي.. فرغم هذه التجربة القاسية جدًا لم تتأثر وطنيته وحبه لبلده على الإطلاق.. بل كان من أكثرنا وطنية وحماسة.. ومن العجائب اعتبار أن محمدًا لا يستحق تعويضًا عن الفترة التي قضاها ظلمًا في السجن..
لم تنقطع مفاجآت محمد معي.. فقد انضم إلى صفوفنا بسلاسة وسرعة مذهلة، وكان من أشد الرفاق انضباطًا وشجاعة وابتكارًا.. وكل هذا مشفوع دائمًا بابتسامة وروح رفاقية تصل إلى حد بالغ من الرهافة والإنسانية..
أما المفاجأة الأكبر فقد كانت اكتشافي أن هذا الشاب النحيل متفوق في رياضة الملاكمة.. ولم أصدق هذا إلا بعد واقعة مذهلة.. فقد كنت يومًا في مناقشة سياسية بفناء الكلية لأفاجأ بجثة كبيرة لطالب تطير في الهواء ويسقط على ظهره ورائي.. ووجدت محمدًا في حالة من الهياج يريد الإجهاز على الطالب رغم تكاثر الطلاب عليه لمنعه.. وعرفت لما انتهت المشكلة أن الطالب المضروب تفوه بحديث مسيء فعاجله محمد بضربة قاضية معروفة أسفل الذقن.. قمنا بتهدئته وأنا مدهوش من القدرة الفذة عند صاحب الكيان النحيل.. وأدركت أننا أصبح لدينا ملاكم أيضًا.. ولكني نبهته إلى معرفتي بأن لاعبي بعض الفنون القتالية يكتبون تعهدًا بعدم استخدام الفنون التي تعلموها خارج حلبات المنافسة الرياضية..
جدير بالذكر أن محمدًا يعمل الآن كمدرب ملاكمة وأخرج للدقهلية ومصر أبطالاً بعضهم أوليمبيون.
وحدث أن شعرت بأن نصفي حبيس حينما دخل محمد السجن مرة أخرى في منتصف الثمانينيات بتهمة سياسية.. ولكن من حسن حظه ورفاقه أن سجنهم كان في "سجن المنصورة السياحي" كما اعتدنا تسميته..
تمر الأيام ولا تنقطع المودة العجيبة بيننا.. بل إن أبنائي الثلاثة فتنوا به من أول مقابلة.. فهو صاحب روح نقية طاغية تتسرب إليك سريعًا ودون أن تشعر..
عزيزي محمد عبد الحميد أعتبرك حقًا أخًا لي قبل أي شيء آخر.. وسأظل أستمد منك ومن ذكرياتي معك : البراءة والشجاعة.. ومن علائم السعادة القليلة في حياتي أنني عرفتك.



#مصطفى_مجدي_الجمال (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حوار خصب مع سمير أمين
- حقارة أن تتهكم على شعبك ولا ترى عيبك
- الكيماوي الأمريكي الحلال
- آخر أوراق سمير أمين
- أعراض ليبرالية
- اليسار والتغيير الاجتماعي
- حاورت خالد محيى الدين
- من ليالي المشقة والفزع
- خرافة الحديث غير الرسمي للمتحدث الرسمي
- الشفاء من الليبرالية
- حتى لو كانت صفقة أو تمثيلية
- شذرات من حكايتي مع الأدب والفن
- أمريكي ضميره حر
- ومضى رأفت سيف.. الرفيق المنير
- مصطفى وهبه الذي يجب أن تعرفوه
- رومانسية المتحدث باسم -الحركة المدنية الديمقراطية-
- الطائفية ذريعة ووسيلة للإمبريالية
- توءمة ملتصقة بين الحزب الشيوعي والتجمع
- مناظرة قبل العِشاء
- عبد الناصر والسادات وعادل حسين


المزيد.....




- -جزيرة النعيم- في اليمن.. كيف تنقذ سقطرى أشجار دم الأخوين ال ...
- مدير مستشفى كمال عدوان لـCNN: نقل ما لا يقل عن 65 جثة للمستش ...
- ضحايا الهجمات الإسرائيلية على قطاع غزة تتخطى حاجز الـ44 ألف ...
- ميركل.. ترامب -معجب كل الإعجاب- بشخص بوتين وسألني عنه
- حسابات عربية موثقة على منصة إكس تروج لبيع مقاطع تتضمن انتهاك ...
- الجيش الإسرائيلي: اعتراض مسيرة أطلقت من لبنان في الجليل الغر ...
- البنتاغون يقر بإمكانية تبادل الضربات النووية في حالة واحدة
- الجيش الإسرائيلي يعلن مقتل أحد عسكرييه بمعارك جنوب لبنان
- -أغلى موزة في العالم-.. ملياردير صيني يشتري العمل الفني الأك ...
- ملكة و-زير رجال-!


المزيد.....

- سيرة القيد والقلم / نبهان خريشة
- سيرة الضوء... صفحات من حياة الشيخ خطاب صالح الضامن / خطاب عمران الضامن
- على أطلال جيلنا - وأيام كانت معهم / سعيد العليمى
- الجاسوسية بنكهة مغربية / جدو جبريل
- رواية سيدي قنصل بابل / نبيل نوري لگزار موحان
- الناس في صعيد مصر: ذكريات الطفولة / أيمن زهري
- يوميات الحرب والحب والخوف / حسين علي الحمداني
- ادمان السياسة - سيرة من القومية للماركسية للديمقراطية / جورج كتن
- بصراحة.. لا غير.. / وديع العبيدي
- تروبادورالثورة الدائمة بشير السباعى - تشماويون وتروتسكيون / سعيد العليمى


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - سيرة ذاتية - مصطفى مجدي الجمال - رفيقي الملاكم اليساري