أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اخر الاخبار, المقالات والبيانات - خالد عبدالله - معذرة بغداد














المزيد.....

معذرة بغداد


خالد عبدالله

الحوار المتمدن-العدد: 433 - 2003 / 3 / 23 - 05:37
المحور: اخر الاخبار, المقالات والبيانات
    


 


كاتب عربي يقيم في وارسو

معذرة بغداد. فأنت لم تعلمي بعد الحقيقة. فأنت ما زلت تظنين بنا خيرا. تتساءلين لم اخوتي لا تلبون النداء، ولم تولون يوم يلتقي الجمعان. تظنين خيرا فترينا في جمعك. لكننا بغداد لم يستزلنا الشيطان كي نولي عن جمعك بل استزلنا كي نعمل خناجرنا في ظهرك. جميل منك بغداد أن تظني أنا ضعفنا عن تلبية ندائك وجفلنا حين اشتد أوار الحرب عن نصرتك. لكن بغداد لم تجفلنا الحرب عن قتالك، ولم تقعدنا عن منازلتك. ما أجمل براءتك حينما لا ترين أنا كنا من الجمع الآخر قبل أن يلتقي بجمعك تدبيرا وتخطيطا وتمويها. وما أرهف براءتك حينما لا ترين الحمم التي تدك بنيانك تخرج من أفواهنا، وحينما لا تصدقين أن القذارات التي ترمى عليك من بطوننا. وكم هي محزنة براءتك حينما تظنين أنا فشلنا حينما تنازعنا في الأمر وعصينا.
ألا ترين بغداد أنا أقوياء عليك بقواعد أولياء أمورنا؟
 ألا تشاهدين تفويضنا أمورنا لجنرالاتهم، وتأجيرنا أراضينا لدبابتهم، وحجزنا سمواتنا لقاذفاتهم؟
ألا ترين بغداد جحافلهم تنطلق من غرف نومنا عبر ثغورك؟
أحقا لا ترين ذلك أم أنك تصطنعين البراءة حتى تخجلينا؟
وكم نتمنى لو أنك تصطنعين البراءة فهو ما يريحنا. نحو لا يقلقنا الخجل فقد بعناه بكراسي مهترئة وبدولارات معدودة. لكن تقتلنا البراءة، فهي تأتينا في أحلامنا فتقض علينا مضاجعنا.

معذرة بغداد، كم بريئة محاولاتك كي نحاول أن نلحق بك. تتصورين أنك بصمودك وفيض عطائك وطفح شجاعتك تخدعينا إلى دربك. كم عظيم أملك فينا وأنت ترين ما فعلنا بأخت لك من قبل. ألم ترين ما آل إليه حال القدس حينما وقفت طودا منيعا تتصدى للوجه الأخر لفرعون هذا العصر. لقد أضعفناها صدا، وأثقلناها طعنا، ونكاد نقضي عليها تآمرا. هل تظنين أنا فعلنا ذلك لأن قلوبنا رجفت ساعة المواجهة، أو لأن العقول تخبلت خوف المنازلة. إن ظننت ذلك فأنت لست إلا كأختك القدس تنضحين براءة. وكأنا بك تظنين أن لنا إليك رجعة، وإلى نصرك عودة. كفي عن هذه السذاجة، فنحن قد استبدلنا شرعتنا بأخرى. لم تعد معاني العز لدينا إلا ألقابا تدوم إن حفظها لنا قيصر العصر، ولم تعد معاني الكرامة إلا أرقام حسابات تديم خيرنا إن رأى أوان ذهابنا. ولن تبقى ألقابنا ولن تدوم خيراتنا إن لم نوردك والقدس موارد الهلاك. لقد خيرنا فاخترنا. فلا تدهشي أنا في الجمع الآخر حينما يلتقي الجمعان. فلا تنادي، فقد أمنا حيطاننا ضد الصدى، ولا تدعينا فلم نعد نسمع إلا أوامر قيصر.

معذرة بغداد، كم بريئة أنت حينما تخوفينا بأن ما يجري لك لن ينقطع عند أبوابك بل سيجري عبر بواباتنا. فمن قال لك أنا لا نعلم ذلك؟ لقد ألزمنا أنفسنا على أن نرى بعيون قيصر، وأن نفكر بعقله، وأن نتكلم بلسانه. ولطالما فعلنا ذلك. أليست قدراتنا الاقتصادية تحت تصرفه، أو من كرم عطائه، أو ليست سياساتنا وقوانينا الاقتصادية من إملاء خبرائه ومنظماته. أليست توجهاتنا السياسية ملك يديه. أفئن جاء وطلب أن نحدث مجتمعاتنا ونستبد ل مناهجنا سنرد له طلبا! وهل تظنين أنا سنظهر مقاومة إن طلب أن تكون اليمن يمنين أو السعودية ثلاثا؟ ألم نعاونه في أن تعود الجمهورية العربية المتحدة إلى سابق وضعها اثنتين بدل واحدة؟ ومن قال إن صغر حجم البلدان ضار؟ لقد كثر أبناء أولياء أمورنا ويحتاجون إلى إقطاعيات جديدة ينصبون عليها ويأخذون الجزية من سكانها وهم صاغرين.

معذرة بغداد، كم بريئة أنت حينما تظنين أننا أحياء، تحاولين أن تدعينا إلى آخرتنا. ألا ترين أن الإحساس قد مات فينا، وأنا لا نملك من أمورنا شيئا؟ تظنين أن كل واحد فينا كافورا مكنه السلطان من حريته، لكننا ويحك أصبحنا بالسلطان كوافيرا. لقد أخصي كافور حين كان عبدا، لكنه استعاد فحولته حينما تمكن من العباد. لكننا بغداد فقدنا فحولتنا حينما طلبنا السلطان. لقد ولى ذلك الزمان حينما كان يعيد السلطان إلى المخصي فحولته، وأشرفنا على زمان مهر السلطان فيه فحولتنا.

معذرة بغداد، كم أنت بريئة حتى حينما تتظاهرين. لا تريدين أن تصدقي أننا في الجمع الآخر وتصري على أن ترينا فرارا معفوة زلاتهم في الإدبار، لكننا لسنا مدبرين عنك بل مقبلين على قتالك. وحينما ترينا في الجمع الآخر ستعرفين حينذاك أن ربنا قد كتب علينا الاستبدال.

معذرة بغداد.

 



#خالد_عبدالله (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- تطور مدرسة الحيل الشرعية العربية
- الديمقراطي الفلسطيني
- قمة تسليم مفاتيح بغداد
- الإفلاس السياسي للقيادة الفلسطينية
- مبدأ بوش: الحياة يستحقها الأقوياء فقط
- الديمقراطية الأمريكية
- مؤتمر استنبول لمنع الحرب!
- مؤتمر التضليل السياسي
- آفاق التحول الديمقراطي في البحرين- الاقتصاد السياسي للدولة ا ...


المزيد.....




- هوت من السماء وانفجرت.. كاميرا مراقبة ترصد لحظة تحطم طائرة ش ...
- القوات الروسية تعتقل جنديا بريطانيا سابقا أثناء قتاله لصالح ...
- للمحافظة على سلامة التلامذة والهيئات التعليمية.. لبنان يعلق ...
- لبنان ـ تجدد الغارات الإسرائيلية على الضاحية الجنوبية لبيروت ...
- مسؤول طبي: مستشفى -كمال عدوان- في غزة محاصر منذ 40 يوما وننا ...
- رحالة روسي شهير يستعد لرحلة بحثية جديدة إلى الأنتاركتيكا
- الإمارات تكشف هوية وصور قتلة الحاخام الإسرائيلي كوغان وتؤكد ...
- بيسكوف تعليقا على القصف الإسرائيلي لجنوب لبنان: نطالب بوقف ق ...
- فيديو مأسوي لطفل في مصر يثير ضجة واسعة
- العثور على جثة حاخام إسرائيلي بالإمارات


المزيد.....

- فيما السلطة مستمرة بإصدار مراسيم عفو وهمية للتخلص من قضية ال ... / المجلس الوطني للحقيقة والعدالة والمصالحة في سورية
- الخيار الوطني الديمقراطي .... طبيعته التاريخية وحدوده النظري ... / صالح ياسر
- نشرة اخبارية العدد 27 / الحزب الشيوعي العراقي
- مبروك عاشور نصر الورفلي : آملين من السلطات الليبية أن تكون ح ... / أحمد سليمان
- السلطات الليبيه تمارس ارهاب الدوله على مواطنيها / بصدد قضية ... / أحمد سليمان
- صرحت مسؤولة القسم الأوربي في ائتلاف السلم والحرية فيوليتا زل ... / أحمد سليمان
- الدولة العربية لا تتغير..ضحايا العنف ..مناشدة اقليم كوردستان ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- المصير المشترك .. لبنان... معارضاً.. عودة التحالف الفرنسي ال ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- نحو الوضوح....انسحاب الجيش السوري.. زائر غير منتظر ..دعاة ال ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- جمعية تارودانت الإجتماعية و الثقافية: محنة تماسينت الصامدة م ... / امال الحسين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اخر الاخبار, المقالات والبيانات - خالد عبدالله - معذرة بغداد