المتابع للتقارير التلفزيونية المصورة للحرب الدائرة في العراق ، وخاصة تقارير مراسل قناة الجزيرة عماد عبد الهادي ، لهذا اليوم بالتحديد ، يشنف أسماعه منذ انبلاج الفجر وبزوغ الشمس في المدينة الحزينة التي تنتظر يوم الخلاص ، بغداد ، صوت تغريد شجي لبلبل عراقي لا يعنيه كل ما يجري .
لا يعنيه مصير صدام ونظامه . ولا تعنيه أهداف الآخرين من حربهم . الانفجارات تدوي من حوله . أمهات القنابل وآباؤها يحرقون الحرث والنسل . إعلام صدام ووزراؤه يتحدثون بلغة " السكنية " مع كل الاحترام لهذه الفئة الكادحة . صدام يلقي القصائد العصماء ويعفو عمن يحاصرونه في مخبئه المحصن واعدا إياهم بمعاملتهم كأسرى حرب ، بعد النصر المستحيل ، والعندليب البريء يغرد و يغرد واعدا بفجر وشيك .
هل نتعلم من هذا الكائن الجميل ؟ هل نأمل فجرا قادما بلمح البصر أو هو أقرب ، تصافح فيه الأحذية جبهة صدام كما رأينا في صفوان لكن من دون المزيد من الدم العراقي المراق ؟
لا شان للبلبل بالعلم الأميركي الذي رفع على سارية صفوان ، فما أكثر الأمم التي سادت ثم بادت . وتلك الأيام يداولها الله بين الناس . و لا شأن له باستماتة وزراء صدام في الدفاع عنه ، فهم في القارب الغارق سواء . لا شأن له بكل التنظيرات والشتائم المتبادلة بين الجميع وضد الجميع مؤيدين ومعارضين مع أو ضد . كل الذي يهمه ، أن الجميع استغرقوا في كل شيء ، بيد انهم نسوا أن هنالك ربا اسمه الله ، هو الأول والآخر والظاهر والباطن ، وهو العارف الوحيد بما سيأتي به الغد ، ومن سيكون الضعيف ، ومن سيكون القوي . من سينتصر ومن سينهزم . من سيجلس على العرش ، ومن سيقلب له ظهر المجن .
العندليب معني ، بالتأكيد ، بترقب الفجر الوشيك ، القادم من آفاق الله .. الواسعة .