|
هل المبادئ الأسلاميه المتفتحه وحدها كافيه لفهمها وإنتشارهذه المبادئ؟
أحمد سعد
الحوار المتمدن-العدد: 1522 - 2006 / 4 / 16 - 11:44
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
هل المبادئ الأسلاميه المتفتحه وحدها كافيه لفهمها وإنتشارهذه المبادئ؟
يعتقد كثيرا من المفكرون وكذالك معظم العلمانيون منهم ان احد الأسباب الرئيسه لإنعدام الديموقراطيه والتخلف العربي المهين وإزدياد الأرهاب فكريا وتنفيذيا هو مفهوم الدين الخاطئ الشائع بين الجماهير العربيه ذالك الفهم الذي تساعد علي نشره الحركات الوهابيه والتفكير السلفي المنغلق بمساعدة النظم السياسيه المتعفنه المستفيده من هذا الوضع المزري . ويعتقد الكثيرون من دعاة الأصلاح أن السبيل للأمام يتلخص في عدد من النقاط القليله التي يمكن تلخيصها في:-
1- أن نعترف أنه إذا كان هناك مطلق أبدا فألمطلق فقط هو الله وأن الله ليس بحاجه الي وكلاء أو عملاء او مساعدون في الأرض وان اي تفكير إنساني داخل العقل الأنساني هو بالقطع نسبي يتحمل الخطأ والصواب.
2-أعادة قراءة القرآ ن قراءه عقليه متفتحه كالمصدر الوحيد للتشريع و إعتبار خصوصيه أسباب نزول الآيات القرآنيه ما أمكن و التمييز بين الآيات المقصود بها اناس وظروف محدده والأيات ذات الطابع العام و أخذ بعين الأعتبار الهدف الأصلي من الرسالات السماويه هو رفعة و علو آدمية الأنسان..؛
3- ضرورة تغير مركزيه الدين في حياة المسلم والتركيز علي جعل علاقة المسلم بربه علاقه بالمحل الأول علاقه ليست فقط خاصه ومكانها الضمير بل كذلك علاقه مباشره لا تحتاج إلي طبقات فوق طبقات من المفسرين والفقهاء والكهنه والأرزقيه..؛ 4-الأيمان اليقين بالمساواه بين البشر علي الأطلاق وإعتبار تعيين أنفسنا قضاة لمساعده الله في الحكم علي الآخرين في مجال العقيدة والدين وتعيين أنفسنا كجلادين لتنفيذ ما يعتقد البعض بأحكام الله هو بألمقام الأول تعدي علي حقوق الله حيث إن الله والله وحده هو العليم بسرائر النفوس و هو وحده العادل و المنفذ لهذه الأحكام في وقت يختاره هو بطريقة تختارها الجلاله الألهيه ..؛
5- أن واجبنا كآدميين أن نركزجل جهدنا لأصلاح أنفسنا و الأحسان ورفعة شأن الأنسان والأصلاح في الأرض ورفعة مكارم الأخلاق وأن نستخدم في الحكم بيننا البعض في هذه الدنيا قوانين يرضاها الناس تتناسب مع فهمنا لأنفسنا وفهم العالم الذي نعيش فيه ومدي تقدمنا كبشر وكذالك ما تتفق عليه الدول خلال الاتفاقيات والمعاهدات الدوليه
6-عدم تسييس الدين و تديين السياسه والخلط بينهما فكل منهما له مجاله وعالمه ويلتقي هاتين فقط إذا التقيا علي مستوي الفرد و هدفهما هو تحقيق حرية الفرد وكرامته والعدل الغير مشروط . وأن تكون السلطه مصدرها الناس وأن يراقبها الناس. كثيرا من المفكرون المتفتحون المعنيون بمشاكل الدول الأسلاميه يتفقون إلي حد كبير علي هذه المبادئ ويمكن القول ان هناك بدايه لتكوْن ثقافه دينيه متفتحه نتيجه عددا كبيرا من الكتب والمقالات والمناقشات الرائده المتفتحه التي ظهرت خلال القرن الماضي و سنوات القرن الحالي لكتاب ومفكرون رواد مثل د. طه حسين والسيد خلف ألله ود. محمد عابد الجابري و د. نصر حامد أبو زيد و د. سيد القمني والشيخ خليل عبد الكريم و المستشار محمد سعيد العشماوي و د. محمد أسماعيل و د. محمد أركون و السيد جورج طرابيشي و د. صادق العظم و د. أحمد البغدادي و السيد سيار الجميل ود. جميل قاسم و السيد نيازي عز الدين و د. طيب تيزيني و د. محمد جابر الأنصاري ود.خ. أبو الفضل و د. أحمد صبحي منصور و السيد نهرو طنطاوي وعدد كبير اخر من المفكرين وأهل العلم ..؛
علي أغلب الظن العلمانيون ليس معهم مشكله مع هذه المبادء علي الإطلاق والمسلمون منهم وغيرهم ذوي العقول المتفتحه يستطيعون قراءة هذه المبادء بدون إستثناء وبتـاكيد واضح في القرآن الكريم ( ومعظمها في جميع الرسالات السماويه الأخري)...؛
ما هي المشكله اذا؟ المشكله يمكن ارجاعها لسبين رئيسان الأول هو أن هذه الثقافه الدينيه الجديده المتفتحه مازالت في مرحلة الجنين وما زال إنتشارها محدود جدا ومعظمه لم يصل إلي العامه والسبب الثاني هو عدم معرفتنا وعدم وجود الخبره النظريه و العمليه في كيف نحول هذه المبادئ من مجموعة مبادئ عامه يعتقد بها الاقليه القليله الي جزءا لا يتجزأ من المفهوم الديني للأغلبيه في البلاد الأسلاميه لمن يختاروا هذا الطريق أو جزءا لا يتجزأ من الثقافه السائده في مجتمعاتنا ...؛
قد يكون من التفاؤل الساذج الأعتقاد ان هذا التحول الفكري الثقافي للمجتمعات الأسلاميه بصفة عامه والعربيه منها بصفة خاصه قد يحدث في وقت قريب او أنه يحدث بمجرد ازدياد عدد الكتب المتفتحه أو إزدياد كتابة المقالات الناقده للوضع الحالي أو إنتشار المجلات الأليكترونيه الجريئه أو قد يحدث بتدخل خارجي مباشر(فهذا بلا شك سوف يأتي بتأثير عكسي) أو حتي غير مباشر ...؛
وقد تكون من أحلام اليقظه ان نتخيل أن المستفيدون من الوضع الحالي سوف يقفوا مكتوفي الأيدي وهم يروا أن قواعد كراسي حكمهم تهتز من أصدأء يقظة شعوبهم أو مرتزقة الدين الذين تغلغلوا سراطانيا في شعوبنا سوف يروا مصادر رزقهم تتلاشي أمام أعينهم ولا يبذلوا طاقة جهدهم لتكفير من تسول له نفسه أن يفكر تفكيرا مستقلا بدلا من الأعتماد علي هذه الشريحه من المتطفلون..؛ ناهيك ما الذي سيفعله المتأسلمون الذين ثبتوا أنظارهم علي كراسي الخلافه الأسلاميه ما داموا يقتربون منها ...؛ حتي لو إفترضنا أن المستفيدون من الوضع الحالي المزري لم يتدخلوا لعرقله عملية التحديث فإن محاولة تغييرتفكير المجتمعات الأسلاميه والعربيه للأعتقاد بالمبادئ المذكوره (او ما يشابهها) مشكله أكبر من ان نتصورلأسباب كثيره منها:- -الأعتماد في فهم القرءان علي تفاسير القرون الوسطي وعلي العبره بعموم اللفظ وإهمال خصوصيه أسباب النزول (الآيات) و ظروفها
-استتباب جذور الأربع مدارس الفقهيه وقفل باب الأجتهاد الحقيقي منذ أكثر من 11 قرن من الزمان -سيادة الفكر السلفي الوهابي ومساندته بمساعده وسائل الأعلام و بدولارات البترول
-أستتباب ’صحيح’ الحديث وتفسيراته المغرضه كثقافه سائده ( حتي لو تعارضت مع القرءان) -تفشي الأميه و الخرافات و تفشي من أناب ’علماء المسلمون’ للتفكير بالنيابه عنهم -كثرة من ألغوا ضمائرهم و إبدالها بسؤال ’أهل العلم’ في كل كبيره وصغيره وتشجيع مشايخنا الناس علي سؤالهم قبل أي خطوه خشيه الوقوع في الخطأ
ألأهم من هذه الأسباب السالفه الذكرلصعوبة التغيير’المتفق عليه’ في رأيي هو تركيزمعظم المفكرون و جعلهم شغلهم الشاغل هو دراسة وتحليل أسباب تأخرنا ونقد ظروفنا الحاليه وأعطاء الأولويه لترشيدنا لقراءة قرأنناو تراثنا قرأءه متفتحه تعترف بالزمن والتاريخ من خلال رؤيه موضوعيه لا تقديسيه إلخ....؛
هذه الجهود ( كلها وأكثر منها في هذه المجالات بالأضافه الي ضرورة التعليم للجميع والتوعيه المتفتحه) بالقطع لازمه لزما مطلقا ولكنها غير كافيه لدفع عجله التغيير...؛
هذه الجهود المشكوره في رأيي ينقصها أيجاد ثقافة التغييرالأختياري و مناقشة ونشرالأفكار وألآليات الذهنيه التغييرالمنشود...؛
في إعتقادي أنه من الضروريات لتغيير فكر مجتمعاتنا النائمه ان يركز المفكرون ورواد التغيير الأختياري علي محورين متلازمين:- - المحور الأول هو محورتطوير ونشر الأفكارو المبادئ المذكوره والدراسات والآراء التي تشرحها وتسهب كيف وصلنا الي هذا الحال المذري و طرح وشرح الأفكار الجديده اللازمه لتكوين البنيه التحتيه لتفكيرنا و جعلها بديهات في طريقة تفكير وثقافة مجتمعاتنا. - المحورالثاني هوتوفيرالآ ليات الذهنيه والفعاليات العقليه التي تسهل وتسرع إنتشار التغييرالمنشود بين العامه واخاصه و إيجادالأسباب اللازم توافرها لهذا التغيير..؛
ليس الهدف من المحور الثاني علي الأطلاق هو العنف أواستخدام القوة فليس هناك ما هو أبعد من ذالك في ذهني الهدف هو تلازم الفكر الجديد مع تهيئه العقل والنفس لتسهيل تقبل هذا التغيير وهذا هو التحدي الذي لا بد لمفكرينا العلمانيين والدينيون وعلماء الأجتماع إستثمار بعض اوقاتهم فيه لأيجاد وسائل إسراع وتثبيت التغيير المرجو..؛
أمثله هذه الأليات الذهنيه كثيره و معظمها أليات ذهنيه إخترعها وطورها علماء المسلمون (قديما وحديثا) لنشر وتسهيل تذكر و فهم الأفكار التقليديه ...؛
من أذكي وأكثر هذه الأليات الذهنيه تأثيرا في العقل السني هي قواعد الفقه الأربعه التي إخترعها الأمام الشافعي 150-204 هـ. هذه القواعد (قرءان ,سنّه, إجماع, إجتهاد) السهلة الأستيعاب والتذكر (والتأثير الواقعي) رفعت بسهوله ويسر الحديث النبوي الي مستوي القرءان و قفلت باب الأجتهاد قفلا محكما وفي نفس الوقت اعطت للفقهاء والعامه وسيله سهله وممتازه لتذكر هذه المعاني المؤِسسه للمدرسه السنيه. ليس الهدف هنا هو نقد هذه الأليه الذهنيه بل الأشاره إليها كآليه ذهنيه خارقة البراعه ساهمت في تأسيس ونشر الفقه السني. ولابد من الأشاره هنا أن هذه الأليه الذهنيه تختلف عن المعاني التي تحتويها.
الأليه الأخري التي تقارب براعة آلية الشافعي هي آليه العنعنه (ذكر عن فلان عن فلان عن فلان....قال رسول الله.. ) التي إخترعها علماء الحديث للتركيز علي سند الحديث وإعتبار متن الحديث موضوع ثانوي. هذه الآليه (قد يعتبرها البعض أليه ماكره) كانت أحد الأسباب التي سهلت قبول الأحاديث وإستتبابها في العقل السني. وهناك المئات من هذه الأليات التي سهلت علي استتباب الفكر السني التقليدي منها ما أخترع قديما و مثل ما أخترعته المدرسه السلفيه قديما وحديثا. هناك أمثله كثيره أخري لهذه الأليات ومقولات ذات تأثير كبير إخترعها علماء المسلمون مثل العبره بعموم الفظ (في تفسير القرءان) و قول المعلوم من الدين بالضروره (للحكم علي الأخرين ) و قول لا اجتهاد مع نص (لقفل الطريق علي الرأي) و بيت الشعر و خير أمور الدنيا ما كان سنة وشر الأمور المحدثات و البدائع هذا عدد قليل من الآليات الذهنيه التي يجب أن يطور أمثالها المفكرون والرواد المعنيون بتغيير الفكر الديني السلفي الوهابي وتطويرالفرشه الفكريه و الثقافيه للمبادئ السته السالف ذكرها (او مبادئ مماثله لها) كوسيله لتسهيل فهم وإنتشارهذه المبادئ التي بدونها سيستمر المسلمون يعيشون في القرن الواحد وعشرون بعقلية وثقافة القرون الوسطي د. أحمد سعد 13 إبريل 2006
#أحمد_سعد (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
زعرور النعّار وهاري بوتر
-
ألأهمال والتسيب يقتل ويحطم كثيرا
المزيد.....
-
الضربات الجوية الأمريكية في بونتلاند الصومالية قضت على -قادة
...
-
سوريا.. وفد من وزارة الدفاع يبحث مع الزعيم الروحي لطائفة الم
...
-
كيفية استقبال قناة طيور الجنة على النايل سات وعرب سات 2025
-
طريقة تثبيت تردد قناة طيور الجنة بيبي الجديد 2025 TOYOUR BAB
...
-
الأوقاف الفلسطينية: الاحتلال اقتحم المسجد الأقصى المبارك 21
...
-
” أغاني البيبي الصغير” ثبت الآن تردد قناة طيور الجنة بيبي عل
...
-
زعيم المعارضة المسيحية يقدم -ضمانة- لتغيير سياسة اللجوء إذ أ
...
-
21 اقتحامًا للأقصى ومنع رفع الأذان 47 وقتاً في الإبراهيمي ا
...
-
24 ساعة أغاني.. تردد قناة طيور الجنة الجديد 2025 على النايل
...
-
قائد الثورة الاسلامية:فئة قليلة ستتغلب على العدو المتغطرس با
...
المزيد.....
-
السلطة والاستغلال السياسى للدين
/ سعيد العليمى
-
نشأة الديانات الابراهيمية -قراءة عقلانية
/ د. لبيب سلطان
-
شهداء الحرف والكلمة في الإسلام
/ المستنير الحازمي
-
مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي
/ حميد زناز
-
العنف والحرية في الإسلام
/ محمد الهلالي وحنان قصبي
-
هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا
/ محمد حسين يونس
-
المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر
...
/ سامي الذيب
-
مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع
...
/ فارس إيغو
-
الكراس كتاب ما بعد القرآن
/ محمد علي صاحبُ الكراس
-
المسيحية بين الرومان والعرب
/ عيسى بن ضيف الله حداد
المزيد.....
|