زكريا مرامرية
الحوار المتمدن-العدد: 6102 - 2019 / 1 / 2 - 21:55
المحور:
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
من منا لم يغرق في الحزن الشديد أو الفقر أو أعياه عبء الواقع اليومي أو المرض أو فقدان شخص عزيز عليه ولم يتمن الموت؟
الكثير منكم أو كلكم ستقولون أنا أنا، وهذا بطبيعة الحال أول مانفعله عندما نمر بهكذا أوقات: نطلب الموت.
نحن نتمنى الموت لأننا نظن أنها الراحة من كل تعب وهم، وأنها النعيم الذي سوف يخلصنا من واقع الحياة المضني الذي نقاسيه، ولكن إذا أهل الموت ولوح لنا من بعيد فزعنا وفعلنا المستحيل حتى لايجذبنا إليه ويأخذنا بعيدا بين ثناياه، فمثلا إذا أوشكنا على الغرق في البحر فإننا لانكف عن الصراخ وطلب النجدة لكي لا نموت وهنا نكون قد تشبثنا بالحياة،
أو إذا وقعت الحرب في بلدنا مثلا فبكل تأكيد سنسارع للنجاة بأنفسنا فارين إلى بلاد أخرى أكثر أمانا حتى لايقتلنا الرصاص والقنابل، كذلك إذا مرضنا فإننا نهرع إلى الطبيب حتى يعالجنا ويكتب لنا الدواء اللازم لشفائنا، وإذا ضعنا في الصحراء فسنظل نستغيث ونبحث عن المخرج بشتى الطرق والوسائل للخروج من هذا العالم المقفر المعزول لكي لا نموت فيه نتيجة العطش أو الحر أو غيرهما..
في الحقيقة، قسوة الحياة وكل الأحزان والآلام والإنكسارات التي نتعرض لها في أيامنا تدفعنا بالضرورة إلى كره العيش وتسليط جام غضبنا على هذا العالم -عالم الأحياء- الذي نعيش فيه، وحينها يصل بنا الأمر إلى حسد الموتى على موتتهم بل وتمنيها، لأنها خلصتهم من رؤية المزيد من البؤس والهموم والشر، ومقابل هذا نحن نفعل المستحيل إذا جاءنا الموت ونقاوم بشدة متمسكين بالحياة بقوة حتى الرمق الأخير لكي لايسرقنا، وهنا يكون حب الحياة والتشبث بها غريزة إنسانية لاتنتزع من نفوسنا.
#زكريا_مرامرية (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟