أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبدالرزاق دحنون - من هي السيدة ديمقراطية؟














المزيد.....

من هي السيدة ديمقراطية؟


عبدالرزاق دحنون
كاتب وباحث سوري


الحوار المتمدن-العدد: 6102 - 2019 / 1 / 2 - 14:14
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


بين النصب القيِّمة التي وصلتنا من عهد أثينا القديمة لوحة فنية حُفرت بأسلوب النقش البارز في الرخام الأبيض تمثل السيدة ديمقراطية وقد ارتدت ثوباً طويلاً محتشماً، تُكلّل بيدها اليمنى، ديموس الشعب الجالس على عرش السلطة، وقد نُقش أسفل تلك اللوحة نص دستوري يحمل عنواناً مميزاً: قانون ضد الطغيان يحمي حقوق الإنسان.
يعود هذا النصب الرمزي إلى عام 326 قبل الميلاد. وقد وجد في الميدان العام بأثينا. والنص يفسر معنى الديمقراطية عند الأثينيين. Demokratia كلمة يونانية قديمة تعني قوة الشعب، حيث Demos تعني الشعب، أو المواطنين، أو الجمهور، أو عامة الخلق. وكانت القرارات التي تخص المجتمع الأثيني يتم البت فيها في العلن. وتناقش القرارات المهمة نقاشاً عاماً أمام الجمهور، ثم يجري التصويت عليها من كافة أفراد الشعب.
غير أن عدداً من ذوي الجاه والثراء الأثينيين أرادوا التميز عن العامة وأن يسيروا دفة سفينة المجتمع بأنفسهم، بالاتجاه الذي يرغبون. وفي المقابل كانت عامة الأثينيين متمسكة بمبدأ المساواة في حق إبداء الرأي بين المواطنين كافة. كان هذان الاتجاهان في صراع دائم، ومع هذا فقد استمرت الديمقراطية الأثينية قائمة لفترة تقرب من مائتي عام ولم تتخللها إلا أحداث قليلة نسبياً من الصراعات المدنية العلنية بين العامة والصفوة، ويدل تاريخ أثينا المستقر نسبياً على أن سكانها قد وجدوا سبيلاً للتعايش معاً في ظل السيدة ديمقراطية.
والديمقراطية عند الأثينيين ليست، إعفاء من كل القيود فقط، بل إنها في الواقع أكثر الاستخدامات فعالية لكل قيد عادل على كل أعضاء مجتمع حر، سواء كانوا حُكّاماً أم رعايا.
فمثلاً اتهم المواطن ديموسثنيس -المشرف الرسمي عن جوقة الإنشاد في المسرح الوطني- المواطن ميدياس بالاعتداء عليه. وقد أدانت الجمعية الوطنية هذا الاعتداء إلا أن رأي الجمعية كان توبيخاً أدبياً أكثر منه عقوبة، ولذلك كان لزاماً على ديموسثنيس أن يقيم دعوى أمام هيئة المحلفين. وقد فعل ذلك في أحد الأيام. ماذا كانت جناية ميدياس؟ وما علاقة هذه القضية بالديمقراطية؟
حسبما جاء في مرافعة ديموسثنيس أمام هيئة المحلفين المؤلفة من خمسمئة محلف تم اختيارهم من المواطنين الذين تزيد أعمارهم عن الثلاثين عاماً، وسمح لكل منهما بأن يقضيا بضع ساعات ليلقي خطبته أمام المحلفين. فقد لكم ميدياس أنف ديموسثنيس فسال دمه في فناء المسرح. ولم تكن اللكمة مجرد إصابة جسدية، وإنما كانت إهانة ارتكبت عمداً وعلى مرأى من الناس، واعتبر ديموسثنيس أن الاعتداء عليه لم يكن إهانة لشخصه فحسب، وإنما لمجموع المواطنين، وللأحكام الاجتماعية التي تمثلها السيدة ديمقراطية.
تبحر خطبة ديموسثنيس بمهارة فائقة في كشف عورات الصفوة السياسية، فصوّر ميدياس في شكل رجل عريض الثراء واسع السطوة، ولذلك فإنه يتسم بالصلف وباحتقار من هو أدنى منه، ويضيف ديموسثنيس أن الأسوأ من ذلك أن ثراء خصمه زاد من سطوته إلى الحد الذي شجعه على تحطيم المواطنين العاديين الذين قد يعترضون طريقه، وبالتالي تحطيم الديمقراطية وتدميرها. إن سلوك ميدياس مثال من أنماط السلوك المعادية للديمقراطية التي يضمرها الأثرياء من الصفوة، فالأغنياء يتطلعون إلى السيطرة على الدولة، وإذا ما تحقق لهم ذلك فإنهم لن يرحموا الإنسان العادي. ويرسم ديموسثنيس لنفسه صورة رجل متوسط الحال وواحد من المشاة العاديين. وتفصح خطبة ديموسثنيس ضد ميدياس عن المعنى التقليدي للديمقراطية، وذلك بإظهار كيفية تحول الحقوق المدنية إلى قوة قانونية لا يمكن التغلب عليها من خلال استخدام نظام عمل السيدة ديمقراطية.



#عبدالرزاق_دحنون (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- شيوعيون في المساجد
- أنا أحبُّ سقراط
- حاشية من تاريخ مصر الحديث
- أفسحوا الطريق
- إذا قطعتم أصابع كفي سأرسم بأصابع قدمي
- سنة الشاعر الفلسطيني معين بسيسو في العراق
- ثمن السُّكر الذي تأكلون
- هل فكرة الاشتراكية ما زالت خياراً اجتماعياً صائباً؟
- يُلكم المُدير الياباني كلّ صباح
- على هامش كتاب-حِكَم النَّبيّ مُحمَّد- للأديب الروسي الكبير ل ...
- فولتير و جرس الإنذار
- ثورة الملح
- عبد الوهاب المسيري ذلك الرجل النبيل
- مقطع من سمفونية الكمنجات الكردية
- اليهود في رواية الجندي الطيب شفيك
- شيوعيون يزرعون عبَّاد الشمس
- اللَّحظةُ الشُّقيريَّة
- لماذا خلق الله الذباب؟
- أنا مش كافر بس الجوع كافر
- أهلاً لينين


المزيد.....




- بعد فور ترامب.. ماذا سيحدث حتى يوم التنصيب
- زيلينسكي يؤكد وقوع اشتباكات مميتة مع قوات كورية شمالية
- الكويت.. -العليا لتحقيق الجنسية- تقرر سحب جنسيات من 930 حالة ...
- إيلون ماسك.. أقوى رجل غير منتخب في العالم
- تفاعل كبير مع مرسوم بن زايد حول التعامل مع الخليجيين كمواطني ...
- أمستردام.. جنود إسرائيليون يهتفون لإبادة أطفال غزة والجيش يص ...
- الأمن الروسي يعتقل أحد سكان القرم بتهمة التجسس لصالح كييف (ف ...
- -الغارديان-: ترامب سيضغط على كييف بدلا من تهديد روسيا
- مصادر إسرائيلية: تقرير أولي عن وجود رهائن اسرائيليين في أمست ...
- بالفيديو.. الأمن الفيدرالي الروسي يكمن لمهربين ويحبط تهريب ط ...


المزيد.....

- المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021 / غازي الصوراني
- المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020 / غازي الصوراني
- المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و ... / غازي الصوراني
- دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد ... / غازي الصوراني
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي
- دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية / سعيد الوجاني
- ، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال ... / ياسر جابر الجمَّال
- الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية / خالد فارس
- دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني / فلاح أمين الرهيمي
- .سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية . / فريد العليبي .


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبدالرزاق دحنون - من هي السيدة ديمقراطية؟