أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - حاتم عبد الواحد - فتوى الثور المعمم















المزيد.....

فتوى الثور المعمم


حاتم عبد الواحد

الحوار المتمدن-العدد: 6100 - 2018 / 12 / 31 - 07:09
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


فتوى الثور المعمم

الى قبل سنوات قلائل لم يكد احد يعرف من سكان المدن العراقية ما مذهب جيرانه ، بل ان كثيرا من اصدقائتا الذين عشنا معهم كأخوة بكل ما للكلمة من معنى لا يعرفون من اي عشيرة او منطقة او اثنية كان اصدقاؤهم فما الذي جرى لنصاب بكل هذا الطاعون الاسود الذي لم يعش العراقيون مثله في اسوأ حقب تأريخم؟
اظن ان المشكلة بدأت عندما ساد الدين الممسوخ ونحى الدين الحقيقي عن التداول ، واذا كان كثير من المفسرين يفسرون متباهين ما ورد في سورة الفتحة " غير المغضوب عليهم ولا الضالين " بان المقصود بها اليهود والنصارى ، فان هذا التفسير يدين النص ومفسره ولا يدين الاخرين ، فاليهود والنصارى هم خلق الله فهل ينسى الله خلقه ويذم ما خلق ؟ كما ان مفهوم الدين المحتكر هو سبب اخر لبروز المسخ الديني فالمسلمون يظنون ان القرآن ومحمد هما حكر للمسلمين فقط وكذلك يفعل النصارى المسيحيون واليهود فيظنون عيسى وانجيله هما بضاعة مخصصة للمسيحيين وموسى وتوراته هما بضاعة مخصصة من السماء لليهود .
ان الدين هو نسق ثقافي يلائم حياة الناس في فترة ما من فترات التاريخ الانساني اكثر مما هو سيف الهي مسلط على رقاب الناس يراقب ابسط اخطائهم فيعدهم بالحرق والعذاب والسعير الذي يطعمون فيه من شجرة الزقوم الوارفة بالغضب الرباني ، ولقد عبر القرآن في الاية " ومن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر " عن فسحة الاختيار المتاحة للانسان في قبول او رفض ما جاء به القرآن والكتب المقدسة الاخرى .
وربما لا يختلف اثنان من المتمدنين على ان اغلب ما ورد من احكام تشريعية في الكتب الثلاثة المقدسة انما كان مستمدا من ثقافات وتقاليد مجتمعية سادت فترات حكم الاكديين والسومريين والبابليين والكلدانيين والحضارت الاخرى التي ازدهرت على ارض بلاد شنعار منذ الخليقة وتستمر حتى هذه اللحظة ، وان كان المتدينون من الديانات الثلاث يباهون بعضهم بعضا بانهم الافضل والاحسن والاصدق وان دينهم هو الاشمل والاكمل وكل هذه الصفات انما هي كذبات كبيرة جرت على الناس اهوالا لم تكن في خطط الله الذي يأمر بالعدل والاحسان!
ان اخطر ما في الافكار الدينية المتطرفة هي بيوضها وليست كياناتها ، وبغياب الحكمة و الانتماء الوطني والبرامج الاقتصادية التي تفتح كوة الامل لحياة سعيدة نجد ان الافكار المغلقة والمسخ قد سادت المجتمع العراقي كرد فعل دفاعي على ما لاقت الجماعات العرقية والدينية باختلافها من اضطهاد وتهميش منذ قيام الدول العراقية وحتى قبل ذلك ، لقد قتل تنظيم داعش الارهابي المصنف على الهوية السنية من السنة اضعاف اضعاف ما قتل من الاثنيات والديانات والانتماءات العرقية الاخرى. وعندها اعطى ذريعة سياسية موشاة بفتوى دينية اخرى لايجاد قوة اخرى كمعادل موضوعي وكمي لاتقل عنفا وارهابا عن داعش ولقد رأى العالم الاف الجثث التي انتشلت من تحت ركام مدينة الموصل التاريخية بحجة مقاتلة داعش الارهابي ، ناهيك عن الاف اخرى من جثث الابرياء والاطفال ما زالت تحت ركام عاصمة الامبراطورية الاشورية .
ان حال العراق اليوم هو اشبه بمتحف تحول بقرار سياسي الى حلبة مصارعة ثيران ، فالثيران المعممة التي تتميز بالخسة و الدونية ما فتئت تركل وتنطح وتدوس رؤوس الثيران المجنحة التي كانت ترمز الى الحكمة والقوة والشجاعة والسمو .
لقد اتخذ العراقيون القدماء من مواسم وفرتهم وفرحهم اعيادا سبقت الاديان وصناعة الله ، لقد كان المعبد اداة القهر التي لا يستطيع احد التمرد عليها ، فغضب الالهة طاغ واكبر من ان يقاوم اذا قررت الارادة الالهية اغراق مزارع الفلاحين بمياه الانهار او اذا قررت العكس فحبست المطر وقتلت الغلة ، وكما يحتفل المسلمون بميلاد نبيهم تحتفل الاديان الاخرى بذات العيد ، اما اعياد العراقيين قبل نشوء الاديان فكانت للاحتفال لجني الغلة التي جادت بها الارض الام وتجديد الحياة ولكن بمرور الوقت اصبح تجديد الحياة مقرونا بميلاد اشخاص فانين والدليل على فنائهم ان لا احد منهم موجود الان بينما ارض شنعار لما تزل ارض العطاء والاغاني السعيدة والخلود ، ان فتوى احد الثيران المعممة ، سواء كانت عمامته بيضاء او سوداء انما هي دعوة للموت وان غلفتها شعارات السياسة الخادعة ، فمنذ الف واربعمئة سنة لم يقدم الاسلام للعراق غير الدم والتشرد واليتم والجوع والظلم . ومنذ معركة الجمل وحتى اللحظة يفتي ثور معمم بالاسود فيسقط الابرياء ضحايا ويفتي ثور معمم بالابيض فيسقط الابرياء ضحايا ، فمتى يفتي هذا الشعب باعادة هذه الثيران الى حظائرها ليعلو الزرع ويندى الضرع ؟
لقد نسي الشيخ الذي افتى قبل يومين بحرمة الاحتفال بعيد الميلاد المجيد وعيد رأس السنة ودعا الى تكفير كل من يهنيء اخواننا المسيحيين بعيدهم انه لولا المسيحية لما كان هناك اسلام ولا مسلمون ولا شيوخ كراهية مثله ، لقد كانت بلاد الحبشة وملكها النصراني المسيحي اصحمة بن ابجر النجاشي الطوق الذي نجّى المسلمين الاوائل من غضب وملاحقة قريش واستضافهم في مملكته ما يربو على 15 سنة ، ولولا ان هذا المسيحي تعاطف وتفهم حال المسلمين والاسلام فان مسيرة التاريخ الديني كانت ستتخذ مسارا اخر لا يبيج للمتعصبين من ببغاوات الاسلام التي لا تفقه غير الحقد البدوي ان ينشروا كراهيتهم على الملأ جهارا نهارا ، وحتى اللحظة يقتل المسلمون بعضهم بعضا ويسمون بعضهم بعضا العذاب بحجج وفتاوى تنتمي الى عصر الكهف ، وليس هذا غريبا فالاسلام بدأ في غار في جبل ثم ال الى غار اخر وعنكبوت ، ولولا عطف الدول المسيحية التي تأوي عشرات ملايين المسلمين الفارين من فتاوي شيوخ الاسلام الكارهين لللحياة لما خلا بيت في هذا الوطن العربي الممزق يوما واحدا من مسيل دم ويتامى و ارامل ، لقد اصبح الدين تجارة لا تبور في بلدان العرب التي يعتلي كراسي حكامها وعروش ملوكها اشباه الرجال الخانعين للاجنبي كي تبقى الشعوب في سباتها الابدي مخدرة بوهم الجنة ، ولمن يتابع تجارة الدين في العراق اقول ان موازنة الدولة لعام 2019 قد خصصت 889 مليار دينار عراقي لدعم خرافات الشيعة والسنة تحت بند مخصصات الاوقاف الدينية كي تتم عمليات القتل والخطف والتزوير والسرقة باسم الله وال بيته بينما ينام الملايين من اهل العراق وال بيته جياعا مرضى مظلومين. انني على يقين ان الجبناء والقتلة واللصوص و الداعين الى الكراهية لا يدخلون ملكوت الله لان الله خلق الانسان على هيئته ، واجزم ان الشيخ صاحب الفتوى الكريهة هو من مبغضي الله وخلقه.




#حاتم_عبد_الواحد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ووترغيت سعودية
- انها جثة ال سعود
- خادم الحرمين القادم مجرم
- الاموات يصوتون في الانتخابات المكسيكية
- الفخ الصدري
- انتخابات ام انتكاسات عراقية
- فرية الاصلاح السعودي
- الجلدة النتنة وحدت اليهود والمسلمين
- الجثة الخليجية
- عن القدس وما يزعمون !
- لا تزعجوا اولاد الله !!
- رفقا يا طويل العمر
- الثقافة السعادية
- قدس سره الشريف
- النفاق الاسلامي
- بابا نوريئيل
- لا تصدقوا اصحاب اللحى
- التحليق تحت سماء واطئة
- متى يموت المهدي لكي نعيش؟ 4
- إني بريء منك !


المزيد.....




- عمال أجانب من مختلف دول العالم شاركوا في إعادة بناء كاتدرائي ...
- مستوطنون يقتحمون المسجد الأقصى بحماية شرطة الاحتلال الإسرائي ...
- أجراس كاتدرائية نوتردام بباريس ستقرع من جديد بحضور نحو 60 زع ...
- الأوقاف الفلسطينية: الاحتلال الإسرائيلي اقتحم المسجد الأقصى ...
- الاحتلال اقتحم الأقصى 20 مرة ومنع رفع الأذان في -الإبراهيمي- ...
- استطلاع رأي إسرائيلي: 32% من الشباب اليهود في الخارج متعاطفو ...
- في أولى رحلاته الدولية.. ترامب في باريس السبت للمشاركة في حف ...
- ترامب يعلن حضوره حفل افتتاح كاتدرائية نوتردام -الرائعة والتا ...
- فرح اولادك مع طيور الجنة.. استقبل تردد قناة طيور الجنة بيبي ...
- استطلاع: ثلث شباب اليهود بالخارج يتعاطفون مع حماس


المزيد.....

- شهداء الحرف والكلمة في الإسلام / المستنير الحازمي
- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - حاتم عبد الواحد - فتوى الثور المعمم