أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - أمجد المصرى - تاريخنا الذى نباهى به الأمم














المزيد.....

تاريخنا الذى نباهى به الأمم


أمجد المصرى

الحوار المتمدن-العدد: 6098 - 2018 / 12 / 29 - 12:27
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


كتب رودنسون هذا الكلام ليرد على الانتقادات التى وجهها له بعض المثقفين العرب للرد على كتابه الاسلام والرأسمالية الصادر عام 1966، والذى يطبق فيه بعض مقولات التحليل التاريخى الماركسى مثل مقولة الصراع الطبقى على المجتمعات الاسلامية. وكان قد كتب هذا الكتاب ليرد على اتجاه مؤرخين غربيين مثل ماكس فيبر يرون أن المجنمعات الشرقية بها جوهر ثابت هو الاسلام لا يخضع للتطور التاريخى ومعارض بطبيعته لنمو الرأسمالية.

وفى الواقع أن الميل لاستثناء تاريخنا من التاريخ العام للبشر لا يخص التفسير الماركسى وحده ولكنه ينسحب على كل تفسير عقلانى لفهم تطور الأمور فى مجتمعاتنا. التشابه بين البشر، رغم كل هذه الاختلافات فى سعيهم لكسب عيشهم وإشباع حاجاتهم هو الذى يجعل للتاريخ البشرى منطقه العام وقوانينه التى تنطبق على حياة كل الشعوب.

علينا الآن أن نحاول الكشف عن هذا الاعتقاد الغريب فى الثقافة العربية المعاصرة بأن قوانين التاريخ التى تسرى على الغير لا تسرى بالضرورة علينا. سنجد أن هذه الحجة تستخدم دائماً للإفلات من قبول اقتضاءات التاريخ التى نراها تتحقق لدى جميع الأمم. فإذا قلنا مثلاً أنه لا تقدم بدون تصنيع، ولا صناعة بدون تحرير المرأة، وأن هذا ما يمكن ملاحظته بسهولة لدى جميع الأمم على اختلاف ثقافاتها.. من أمريكا إلى اليابان.. وروسيا والصين، عندئذ تخرج الحجة المعهودة: هذا الأمر لا ينطبق علينا نحن العرب، فنحن نستطيع أن نتقدم وننشر التصنيع مع بقاء المرأة حبيسة بيت الزوجية، وإذا قيل إن تبنى الاقتصاد الحر والسماح بتكوين الثروات يقتضى فى المقابل أن نعطى للطبقات الفقيرة إمكانية النشاط النقابى وحق الإضراب لتحقيق نوع من التوازن الاجتماعي، تأتى الحجة بأن رجال الأعمال فى مجتمعاتنا مسلمون، وبالتالى فهم طيبون ولن يظلموا أحداً. وإذا تبين أن حيوية أى مجتمع تنبع أساساً من إتاحته حرية الفكر والإبداع والتى تتيح الفرصة أمام الإبتكارات فى شتى المجالات، تكون الحجة هى أنه لدينا ثوابت لا يجوز المساس بها. وحينما نرى أن المجتمعات البشرية فى سعيها إلى الدخول فى عصر الحداثة تلغى التمييزات الموروثة ببن الأفراد وتتبنى مبدأ المواطنة والذى يعنى المساواة الكاملة بينهم أمام القانون بدون تمييز بسبب الجنس او العرق أو الدين، نفضل نحن العرب الحديث عن أهمية البحث العلمى وضرورته للتقدم وفى نفس الوقت نحرص على الاحتفاظ بكل صور التمييز التى كنا نعيش فى ظلها منذ أكثر من ألف عام.

حينما ننظر إلى هذه المواقف وغيرها نفهم إذن لماذا يحرص بعض العرب على أن يقدموا تاريخهم على أنه من طبيعة فريدة تخصهم وحدهم، ولن يُفرض عليهم ما فرضه التاريخ على الشعوب الأخري. وحين نستخدم كلمة العرب فهذا تعبير على سبيل التعميم غير الدقيق، فمن الواضح أن هذا الاعتقاد يسود بشكل كبير فى فكر الإسلام السياسى وبصورة أقل كثيراً لدى النزعات القومية. وإذ نربط بين هذا الاعتقاد والقوى السياسية المروجة له نفهم الدافع والغاية من وراء ذلك. فهم يقترحون بل ويحاولون أن يفرضوا صياغة لمجتمع كل ما فيه مخالف لمنطق التاريخ كما يتجلى فى عصرنا، فهم يتمسكون بقمع المرأة ورفض حقوق الطبقات العاملة ومكتسباتها ويبررون التمييز ضد أبناء الأديان الأخري. فإذا قلنا لهم أن هذا مخالف لمنطق التاريخ، قالوا لنا: نحن العرب لا نخضع لمنطق التاريخ لأن لنا تاريخا استثنائياً لا يشترك فى شيء مع تاريخ الشعوب الأخري.

مثل هذه الفكرة تقف عائقاً ضد التقدم والحرية، فهي تمنعنا من الاستفادة من خبرات الشعوب الأخرى بل وتمنع أبناءنا من مجرد الطموح فى أن يعيشوا بكرامة وحرية مثل أبناء الشعوب الأخري، كما أنها تجعلنا نعيش غرباء فى عصرنا، فما يراه البشر على أنه علامة من علامات التقدم والتحرر نراه نحن علامة من علامات الساعة، وهو ما يدفعنا إلى أن نكره الخير ونستمريء العيش فى ظل الاستبداد.



#أمجد_المصرى (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ( الإنسانيون )
- فى المسألة الانتخابية
- الحالة المصرية : مخاوف مشروعة
- حزب مصر الحضارة
- على هامش غزوة العمرانية - 1
- نحو دولة مدنية تسمح بالزواج المدنى
- أين الدولة المدنية ؟
- مرة أخرى
- فى سكة زمان راجعين
- جئتم للحوار و لا تطيقون حوارا
- مغامرات كهيعص (روايه) الجزء 17
- قراءة فى كتاب : حارة النصارى
- بدايات الدعوة - كهيعص 16
- هل كان أبو بكر الصديق فاسقاً ؟
- بدايات الدعوة - كهيعص 15
- بدايات الدعوة - كهيعص 14
- إنتبه من فضلك ، مصر ترجع إلى الخلف
- الفتنة التى يريدونها نائمة
- النازيه
- بدايات الدعوة (كهيعص13)


المزيد.....




- دراسة: السلوك المتقلب للمدير يقوض الروح المعنوية لدى موظفيه ...
- في ظل تزايد التوتر المذهبي والديني ..هجوم يودي بحياة 14 شخصا ...
- المقاومة الاسلامية بلبنان تستهدف قاعدة حيفا البحرية وتصيب اه ...
- عشرات المستوطنين يقتحمون المسجد الأقصى
- مستعمرون ينشرون صورة تُحاكي إقامة الهيكل على أنقاض المسجد ال ...
- الإعلام العبري: المهم أن نتذكر أن السيسي هو نفس الجنرال الذي ...
- ثبتها فوراً لأطفالك.. تردد قناة طيور الجنة 2024 على نايل سات ...
- الجنائية الدولية تسجن قياديا سابقا في أنصار الدين بمالي
- نزع سلاح حزب الله والتوترات الطائفية في لبنان.. شاهد ما قاله ...
- الدعم الأميركي لكيان الاحتلال في مواجهة المقاومة الإسلامية


المزيد.....

- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - أمجد المصرى - تاريخنا الذى نباهى به الأمم