|
صنعتم لنا جحيماً على الأرض
رضا الكصاب
الحوار المتمدن-العدد: 6096 - 2018 / 12 / 27 - 17:25
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
فكرة وجود جنة في السماء صنعت لنا جحيماً على الأرض
عجز المسلمون طوال تاريخهم عن فهم حقيقة الحياة، متناسين أن الهدف من وجودنا هو إعمار كوكبنا الأزرق وتحوليه إلى منطقة أمن وسلام، وليس حرقه وقتل كل من يخالفنا الفكر والعقيدة والرأي. أكتب إليكم كلماتي هذه من غرفتي الصغيرة المعتمة والحزن يساورني بسبب الجريمة البشعة التي اهتز لها الرأي العام، صدم المغاربة بما فيهم المسلمون لهول ما يسمعون ويقرؤون عما حدث في فاجعة شمهروش ، اغتصاب وتعذيب وتقطيع بطريقة وحشية ولا إنسانية لسائحتين أو كافرتين كما يعشق المسلمون تسميتهما، فتاتين كان ذنبهما أن حبهما وعشقهما للطبيعة، قادهما لمكان تواجد هاته الكلاب التي أخجل أن أقول إني أتقاسم معها نفس الجنسية.
كما جرت العادة، بعد كل فاجعة يخرج العديد من المسلمين الدين لا يعرفون عن الإسلام سوى الأركان الخمسة وبعض البديهيات الجميلة والمبادئ الإنسانية التي علموها لنا في الصغر، ليخبرونا أن هؤلاء القتلة لا يمثلون الإسلام وأن " الإسلام بريء منهم ، عبارات مللت من سماعها كلما حدث عمل إرهابي، أو صدرت فتوى شاذة، أو برزت جماعة متعصبة. وطبعا أغلب المسلمين عن وراثة يدافعون عن دينهم بكل قوة دون التساؤل عن السبب الرئيسي الذي يدفع هؤلاء بارتكاب تلك الجرائم الوحشية. والمشكل الكبير هو أن كلامهم حول من يمثل الإسلام يراد به تأجيل الإصلاح الذي لن يقع إلا إذا عرفنا مصدر هذه الأفكار. ها أنا الآن ضائع، أتساءل لماذا لم يتخلص ومتى سيتخلص المسلمون من منطق الجريمة المقدسة؟ هل السبب يعود إلى عدم اكتسابهم الجرأة اللازمة لتخليص أنفسهم من خطاب الجريمة الملتحفة بالنص المقدس؟
في أزمنة لم يكن فيها من معنى لحقوق الإنسان كان تاريخ الإسلام حافل بالجرائم، من استعمارات، فتوحات، غزوات، إلى سبايا مغتصبات، وهذه حقائق تاريخية لا يمكن لأي أحد إنكارها، فما يقوم به هؤلاء الذين لا يمثلون الإسلام هو نفس الشيء الذي قام به المسلمون القدامى مع اختلاف الطريقة والزمان والمكان. فالنص الذي جعل الخليفة أبو بكر يقتل المرتدين في حروب الردة، هو نفسه الذي تتخذه داعش دليل على إباحة قتلهم، لذلك سنظل نسمع هذه الجرائم وهذه الجماعات التي تقتل كل من يخالفها، طالما لم يتخلص المسلمون من تلك النصوص اللاإنسانية. قد يقول قائل: لماذا تتحامل على الإسلام لوحده؟ طبعا إذا قمنا بنظرة بسيطة على التاريخ سنجد أن البشر كانوا يقتلون بعضهم البعض لكسب رضا الآلهة التي يؤمنون بها، فالأديان كانت سبباً مباشراً في موت الملايين، فبعض الحروب اندلعت بسبب أفكار تافهة راح ضحيتها الآلاف من الأبرياء الذين لا ذنب لهم، لذلك فالقتل تحت راية الدين لم يكن أبدا حكرا على الإسلام، بل ربما هناك أديان قد تكون تسببت بموت الناس أكثر مما تسبب الإسلام، لكن الفرق الوحيد بين هذه الأديان والدين الإسلامي، هو أن تلك الأديان اعتذرت عن أفعالها الوحشية ولم تعد تتدخل في شؤون دولها، بل حتى أن بعض رجال الدين غيروا أفكارهم، لكي يواكبوا متطلبات عصرهم الحالي، ولكي يواكبوا التغيرات السريعة التي تلاحقهم في كافة المجالات. لكن مشكلة الإسلام الوحيدة هو أن المسلمون يعتقدون أن النصوص الدينية التي تأمر بقتل المشركين والمرتدين ورجم الزانية وبتر أيدي السارقين ... هي نصوص صالحة لكل زمان ومكان، ولهذا السبب يظل الإسلام من بين أخطر الأيديولوجيات التي يعاني منها العالم في عصرنا الحالي. المضحك في الأمر هو أن بعضهم لم يسبق له أن قرأ أي كتاب لكي يزيل الغبار على مسلماته، وبعضهم لا يعرف حتى تاريخ دينه، وتجدهم يعتقدون أنهم خير أمة أخرجت للناس وأن العالم يتآمر عليهم، وأن العالم يحسدهم على دينهم. وقد تتساءل لماذا قمت بالتعميم في مقالتي هذه، ولماذا وضعت المسلمين في سلة واحدة، رغم أن فيهم أصدقائي وعائلتي وأحبابي. لكن للأسف جميهم متواطئين في هذه الجرائم التي تقع في العالم تحت راية الإسلام، فطوال التاريخ لم نعرف من يمثل الإسلام وما هو الإسلام الصحيح. إن المتأمل اليوم فيما يجري في المشرق العربي، سيرى فرق تكفر بعضها البعض، وشيوخ تحرض الناس على شيوخ آخرين، وأئمة يدعون الناس للجهاد في سبيل الله، وناس تقتل بعضها البعض بسبب أفكار تافهة. والأهم من كل هذا يا عزيزي المسلم، هو كيف ستخبرني أن هؤلاء لا يمثلون الإسلام وأنت تخبر أطفالك الصغار أن النصارى هم الضالين واليهود هم المغضوب عليهم، كيف ستقعني أنك بريء وأنت تعتقد أن اليهود خنازير وسيأتي يوم ستتكلم معك الأشجار لتذبحهم، كيف ستنقعني أن الإسلام بريء من كل هذه الأفعال ودينك يقوم بتشبيه حملة التوراة بالحمار مثل الذين حملوا التوراة ثم لم يحملوها كمثل الحمار يحمل أسفارا ، كيف ستنقعني أن الإسلام بريء من كل هذه الأفعال ودينك يخبرنا بأنه الأعلى سواء في السلم أو الحرب فلا تهنوا وتدعوا إلى السلم وأنتم الأعلون . كيف ستقنعني وتقنع العالم بكلامك؟ يجب على كل واحد منا أن يراجع نفسه بكل وعي وتجرد، لأن الفكر الداعشي موجود عند كل مسلم يؤمن بهذه الأشياء اللاأخلاقية واللاإنسانية. ويجب على كل مسلم أن يقوم بحذف كلمة كافر من قاموسه، فهي مصدر ومنبع وأداة ومبرر للإرهاب منذ 1400 سنة، فهي أصل كل الشرور.
لن نقضي على الإرهاب بالمدفع والرشاش، بل بالمعرفة ... مع أطيب تحياتي - رضا كصاب
#رضا_الكصاب (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الإلحاد أم الإيمان؟
-
أي إله يعبدون ؟
المزيد.....
-
المجلس الفرنسي للديانة الإسلامية: مذكرتا اعتقال نتنياهو وجال
...
-
الأميرة المسلمة الهندية -المتمردة- التي اصطادت النمور وقادت
...
-
تأسست قبل 250 عاماً.. -حباد- اليهودية من النشأة حتى مقتل حاخ
...
-
استقبل تردد قناة طيور الجنة أطفال الجديد 2024 بجودة عالية
-
82 قتيلاً خلال 3 أيام من أعمال العنف الطائفي في باكستان
-
82 قتيلا خلال 3 أيام من أعمال العنف الطائفي في باكستان
-
1 من كل 5 شبان فرنسيين يودون لو يغادر اليهود فرنسا
-
أول رد من الإمارات على اختفاء رجل دين يهودي على أراضيها
-
غزة.. مستعمرون يقتحمون المقبرة الاسلامية والبلدة القديمة في
...
-
بيان للخارجية الإماراتية بشأن الحاخام اليهودي المختفي
المزيد.....
-
شهداء الحرف والكلمة في الإسلام
/ المستنير الحازمي
-
مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي
/ حميد زناز
-
العنف والحرية في الإسلام
/ محمد الهلالي وحنان قصبي
-
هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا
/ محمد حسين يونس
-
المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر
...
/ سامي الذيب
-
مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع
...
/ فارس إيغو
-
الكراس كتاب ما بعد القرآن
/ محمد علي صاحبُ الكراس
-
المسيحية بين الرومان والعرب
/ عيسى بن ضيف الله حداد
-
( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا
/ أحمد صبحى منصور
-
كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد
/ جدو دبريل
المزيد.....
|