|
منهج الرياضيات للصف الثالث المتوسط بين الرصانة والتحديات
نبيل ابراهيم الزركوشي
الحوار المتمدن-العدد: 6095 - 2018 / 12 / 26 - 23:05
المحور:
التربية والتعليم والبحث العلمي
ان للرياضيات الدور البارز في تقدم الامم وعلى كافة الاصعدة وهذا امر مسلم به لذا تسعى كافة الدول الى تطوير قابليات طلابها في مادة الرياضيات (العلوم) ولعل ما توليه من الاهمية للمسابقات الدولية التي تجرى لقياس مستوى تحصيل الطلبة في الرياضيات والعلوم (TIMSS) اكبر دليل على ذلك وتسعى كافة الدول بما فيها العربية الى عقد الورش والندوات والاستعانة بالخبراء والمختصين من اجل رفع مستوى اداء طلابها في هذه المسابقات التي يحتفي بها الجميع في حال تحقيق نتائج طيبة وتدرس اسباب الاخفاق عند حدوث خلاف ذلك فتعمل على عدة اصعدة ولعل المناهج اهم تلك الاصعدة اذا تعتبر زكيزة اساسية من ركائز العملية التعليمية والتي هي المتعلم والمعلم والمنهج ويضيف اليها علماء التربية البيئة الصفية وبتفاعل هذه الركائز نحصل على التعليم المتطور والمتعلم الذي يمتلك المهارات والقدرات التي تؤهلها ليكون عنصراً فاعلاً وحيوياً في مجتمعه وبذلك يكون التعليم قد حقق الهدف الاساس منه ويكون المعلم هو المحور الرئيسي لذلك عبر ادواره الذي يقوم بها من تخطيط وتنفيذ وتقويم ومتابعة اذا يقوم المعلم من خلال العملية التعليمة بإعداد الخطط معتمدا على المناهج التي تزوده بها الوزارة والتي تبذل من الجهد الكثير من اجل اعداد المناهج المتكاملة والتي هدفها تطوير الطالب روحياً وعقلياً ومعرفياً ووجدانياً من هنا وجب ان يكون التفاعل تفاعلاً ايجابياً بين هذه الركائز وليس تنافرا مضطرداً كما يحصل عند تغير اي منهج ولعل اقرب مثال على ذلك هو منهج الرياضيات للصف الثالث المتوسط والتي يكثر الحديث عنها هذه الايام في الفضائيات وعبر مواقع التواصل الاجتماعي وعندما نقف على مفردات المنهج نجد فيها من العلمية والرصانة ما كانت تفتقد اليها المناهج القديمة فهناك طرح متسلسل للمواضيع وبترابط مهني تراعي الجوانب الذهنية للطالب وتنتقل من جانب الى اخرى عبر طرق واساليب مدروسة اذن اي المشكلة ؟ ربط الرياضيات بالحياة الرياضيات بصورة عامة يعتبرها الطلاب مادة صعبة ولعل اهم الاسباب لذلك كونها مادة تراكمية تعتمد على بناء المعلومات في ذهن الطالب ومن ثم تطبيقها على الامثلة والتمارين ، ولكن الذي يحدث وهذه حالة عامة في جميع الدول ان الطالب يتم تلقينه بالمفاهيم والقوانين بصورة مجردة اي دون ربطها بالواقع او بالأحداث والامور الحياتية وهذا الجمود يجعل من المفاهيم التي يتعلمها الطالب عرضة للنسيان بسهولة اذ ما علمنا ان الدماغ البشرية يتذكر الامور تبعا للمثيرات التي تحفز الذاكرة ويقضي طالب الدراسة سنوات على هذا المنول اي يحفظ الامثلة والتمارين وحلولها دون ان يفكر كيف تم التوصل الى الحل مما يؤدي الى فقدانه لما تعلمه بسرعة عدا الامور التي ترتبط بالتعاملات اليومية كالحساب بعملياته الاربعة لا غير فيدخل الطالب في دوامة مع كل سنة دراسية وهي كيف يستطيع تذكر ما تعلمه سابقا وهذه معاناة كبيرة لنا كمدرسين نقوم بتدريس الصفوف الاخيرة للمرحلة الثانوية لابد ان يكون هناك حل لها ، لذا تم وضع المنهج الجديد بصورة يمكن لها ان تعطي نتائج طيبة في هذا المجال وهي تراعي الهدف الاساس لتدريس الرياضيات والذي كان مفقودا بصورة كاملة في المناهج القديمة الا وهو تفسير الظواهر الطبيعية بالرياضيات وهي ادرجة ضمن المسائل الحياتية وبصورة مكثفة مع رسوم وصور توضيحية ملونه ترتبط مع ما مطروح من امثلة وتمارين ومن الامور الاخرى التي تعتبر من حسنات هذا المنهج هو الافادة من الرياضيات في معرفة مدى اسهامها في الحياة كعلم وفن وثقافة وتوظيفها بكفاءة لتكوين المواطن المستنير من الناحية الانتاجية والاستهلاكية اما وجود مسائل والغاز يعتقد انها تفوق مستوى الطالب فهذا الرأي لا يمكن ان نعده انصاف بحق المنهج اذ ما علمنا ان احدى اهداف الرياضيات هو الاستمتاع الهادف بالجانب الترفيهي في الرياضيات كالألغاز والزخارف والالعاب والتي يعبر عنها الكتاب بفقرة فكر ناهيك عن اكساب الطالب القيم الايجابية كالدقة والتنظيم والمثابرة والموضوعية في الحكم على المواقف الحياتية وبتطبيق الطرق الجديدة في التدريس نكون ايضا حققنا هدفاً اخر الا وهو احترام الراي والراي الاخر وحسن استغلال الوقت وهذه جميعا امور يجب ان يكتسبها الطالب من خلال المدرسة بصورة عامة وتدريس الرياضيات بصورة خاصة . المدرس والمنهج الجديد لايمكن بناء منهج سليم ومتكامل دون التفكير قبل تأليفه بالطريقة التي يتم فيها تدريسها وهل ان المدرس قادر على تدريس هذه المادة ؟ لا يخفى على واضعي المنهج ان هناك عناصر اساسية للمنهج وهي (الأهداف – المحتوى – طرق التدريس – الوسائل التعليمية – التقويم) وبفقدان احدى هذه العناصر يصعب على المنهج تحقيق الهدف الذي وضع من اجله اذ يعرف علماء التربية الهدف التربوي بأنها حجر الزاوية في بناء أو تقويم أو تطوير أي منهج، وأنها المعيار الذي يتم على أساسه تقويم النتائج لمعرفة مدى بلوغ الأهداف الموضوعة من عدمه . وهنا لابد من وضع اليات تسبق بناء المنهج ولعل اهمها هو تأهيل الكوادر تأهيلا علمياً وفكرياً وحتى وجدانياً كي يستطيع التفاعل مع محتويات هذا المنهج لتحقيق الهدف الذي تم وضع المنهج على اساسه لانه وكما تم اسلاف القول ان المدرس هو الركيزة الاساسية للعملية التعليمية وهو اداة الربط بين المنهج والطالب ولعل عدم تأهيل كوادر من قبل الوزارة جاء بنتيجة سلبية اذا ما عرفنا ان طرق التدريس الحديثة تحتاج الى امكانيات وقدرة وتدريب على مستوى عالي ناهيك عن قلة الكوادر ضمن اختصاص الرياضيات مما ادعى الى الاستعانة بالاختصاصات الاخرى كالحاسوب والفيزياء وهم بالرغم من اجتهادهم في مجال تدريس الرياضيات الا انه يبقى الاختصاص وبصورة لا تقبل الشك اقدر على ايصال المفاهيم كونه بقى على تواصل مع هذه المفاهيم للسنوات الاربعة التي درس فيها بالجامعة وتوسع فيها عبر دراسته للرياضيات بكافة فروعها ومع ذلك ويعلم الجميع ان اختصاص الرياضيات وفي جميع المدارس يقوم بتدريس اكبر عدد من الحصص اسبوعياً وهذا بحد ذاته يُشعره بالغبن ازاء الاختصاصات الاخرى والتي يتساوى معها بالاجور والرواتب ،كيف يمكن التغلب على هذا الامر؟ 1. يجب وضع حلول أنية وسريعة لتدارك الامر اولا عبر تفعيل مبدأ المدرس الاول وهو مبدأ ورد في نظام المدارس الثانوية رقم 2 لسنة 1977 والمعمول به حاليا ضمن المادة 25 والتي تنص على البند (أ) يجوز تعيين مدرس أول لكل مادة دراسية او لكل مجموعة متقاربة من المواد الدراسية تؤلف ميدانا رئيسا من ميادين المعرفة للمساهمة في تنظيم النشاط التربوي في المدرسة وبخاصة في توزيع الدروس وإعداد الخطط الدراسية وتفسير المناهج وتعيين المفاهيم الأساسية والخبرات الإنسانية وأنماط السلوك التي تنطوي عليها وطرائق التعليم ووسائله وأساليب التقويم المناسبة لها، ويمتد التعاون إلى النشاط اللامنهجي بجوانبه الاجتماعية والثقافية والى معالجة مشكلات الطلاب على ان يتم ذلك بإشراف مدير المدرسة بالتعاون مع المدرسين المعنيين. 2. عقد ندوات في المديريات وفي اجهزة الاعلام يتم استضافة مؤلفي المناهج لتوضيح اسباب تغير المناهج وماهي اليات بناء هذا المنهج ولماذا تم اختيار هذه المواضيع وكيفية تدريسها لكي يتم توضيح الصورة للجميع حول التساؤلات التي تثار حولها وعدم الانتظار لفئة تجهل اسس ومفاهيم بناء المناهج كي تخوض فيما لا يعنيها . 3. ارسال رسائل تطمئن الطلبة واولياء امورهم حول اليات وصيغ الاسئلة الوزارية للصف الثالث المتوسط اذا ما عرفنا ان تغير المناهج للصف الاول والثاني المتوسط تم قبل سنتين وبنفس اليات التأليف لمنهج الثالث الا انه لم تكن هناك اثارة للأمر كما هو يحدث حالياً مع منهج الثالث المتوسط باعتباره مرحلة منتهية تخضع للامتحانات الوزارية ويكون ذلك من خلال التعاون بين مديرية الامتحانات ومديرية المناهج لخلق الية يتم الاعلان عنها لوضع الاسئلة كي لا يتفاجأ الطلبة بنوع وطريقة الاسئلة وتكون هناك سياقات يقوم مدرس المادة بأتباعها خلال الامتحانات الشهرية كي يألف الطالب ذلك. اما الحلول على المدى البعيد فيجب ان يكون هناك تنسيق بين وزارة التعليم العالي والتربية لزيادة اقسام الرياضيات ووضع مميزات لدارسي ومدرسي الرياضيات كي يكون الاقبال عليها كبير وبالتالي سد النقص الحاصل . واذا كانت في نية الوزارة الاستمرار بالتغير للمناهج وحسب خطتها المعلنة سابقا البدء من الان لتأهيل كوادر قادرة على تدريب المدرسين وطرح منهج الصف الرابع الاعدادي للنقاش والدراسة والاستفادة من المعوقات التي واجهتها في طرح منهج الدراسة المتوسطة كي نحقق الاهداف الذي من اجله تم تغير المناهج ونقطع الطريق على من هو من غير الاختصاص التربوي الخوض في امور اقل ما يقال عنها يجهلها تماماً لان المناهج بحد ذاتها هو علم قائم لايمكن لأي شخص الخوض فيها ما لم يكن من ذوي الاختصاص . ان المنهج الرياضيات للصف الثالث المتوسط يتمتع بالرصانة العلمية والترابط المنطقي للمواضيع وهو يراعي تطوير جميع الجوانب الفكري لدى الطالب ولكن كل تغير لابد ان يكون له معارضين وهذا الاعتراض على المناهج صب في صالحها كي تكسب المزيد من الرصانة وتجعلها تنصهر في بودقة العلم والمعرفة وبالتالي بناء جيل جديد قادر على فهم الحقائق يتميز بالذكاء وحسن التصرف ازاء ما يواجه من تحديات ولا ينجرف خلف الشبهات والتداعيات الساذجة والتي تكون بعيدة عن منطق العقل والمعرفة .
#نبيل_ابراهيم_الزركوشي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
معاجم اللغة العربية (أَقْرِئْ قَرَأَ ) أنموذجاً
-
كراهية المدرسة عند الاطفال وكيفية علاجها
-
صندوق اعادة اعمار المناطق المتضررة من الارهاب
-
المستشرقون ومبادئ ثورة الامام الحسين (ع)
-
رئيسنا الضائع حبيبنا معصوم
-
الكهرباء للفقراء
-
درس الجغرافية
-
الموازنة والجبسة
-
اليوم العالمي للقضاء على الفقر
-
يعيش البرلمان
-
حلق شعرك كما يريد الرئيس
-
الموازتة وصوت الفقير
-
داعش والحجي
-
البطاقة التموينية والمسار الصحيح
-
سوق تداول المرشحين
-
المؤسسات التربوية والجودة الشاملة النظرية والتطبيق
-
الموت الزُّؤام أوالسلام التام
-
النشيد الوطني يمزق النسيج الوطني
-
مصعد الفضاء الياباني ورحلة البرلماني
-
التقبيل انواع ومنها ما يصنع السلام المحلي
المزيد.....
-
التهمت النيران كل شيء.. شاهد لحظة اشتعال بلدة بأكملها في الف
...
-
جزيرة خاصة في نهر النيل.. ملاذ معزول عن العالم لتجربة أقصى ا
...
-
قلق في لبنان.. قلعة بعلبك الرومانية مهددة بالضربات الإسرائيل
...
-
مصر.. غرق لانش سياحي على متنه 45 شخصًا ومحافظ البحر الأحمر ي
...
-
مصدر يعلن موافقة نتنياهو -مبدئيًا- على اتفاق وقف إطلاق النار
...
-
السيسي يعين رئيسا جديدا للمجلس الأعلى لتنظيم الإعلام
-
ثلاثة متهمين من أوزبكستان.. الإمارات تكشف عن قتلة الحاخام ال
...
-
واشنطن تخطط لإنشاء قواعد عسكرية ونشر وحدات صاروخية في الفلبي
...
-
هايتي: الأطفال في قبضة العصابات مع زيادة 70% في تجنيدهم
-
تحطّم طائرة شحن في ليتوانيا ومقتل شخص واحد على الأقل
المزيد.....
-
اللغة والطبقة والانتماء الاجتماعي: رؤية نقديَّة في طروحات با
...
/ علي أسعد وطفة
-
خطوات البحث العلمى
/ د/ سامح سعيد عبد العزيز
-
إصلاح وتطوير وزارة التربية خطوة للارتقاء بمستوى التعليم في ا
...
/ سوسن شاكر مجيد
-
بصدد مسألة مراحل النمو الذهني للطفل
/ مالك ابوعليا
-
التوثيق فى البحث العلمى
/ د/ سامح سعيد عبد العزيز
-
الصعوبات النمطية التعليمية في استيعاب المواد التاريخية والمو
...
/ مالك ابوعليا
-
وسائل دراسة وتشكيل العلاقات الشخصية بين الطلاب
/ مالك ابوعليا
-
مفهوم النشاط التعليمي لأطفال المدارس
/ مالك ابوعليا
-
خصائص المنهجية التقليدية في تشكيل مفهوم الطفل حول العدد
/ مالك ابوعليا
-
مدخل إلى الديدكتيك
/ محمد الفهري
المزيد.....
|