وفاة الكاتب الهولندي المثير للجدل خيرارد ريفه: موضوعاته المفضلة المثلية والسادية والتحرش بالرموز الدينية

عدنان حسين أحمد

الحوار المتمدن-العدد: 1521 - 2006 / 4 / 15 - 12:14
المحور: حقوق مثليي الجنس
    

عن عمرٍ يناهز الثانية والثمانين عاماً، توفي الكاتب الهولندي الشهير خيرارد ريفه، بعد صراع طويل مع مرض الزهايمر الذي أضطره لملازمة الفراش طوال العامين الأخيرين في مستشفى بلجيكي بالعاصمة بروكسل. وقد سقط ريفه في غيبوبة كاملة منذ أسبوع قبل أن توافيه المنية. ويعد "خيرارد ريفا" أحد الأركان المهمة لأدب ما بعد الحرب العالمية الثانية في هولندا، والذي شكّل مثلثاً معروفاً مع هاري موليش وفريدريك هيرمانس. وقد أصدر خيرارد ريفه منذ عام 1947 وحتى عام 1998 " 32 " كتاباً تتوزع بين الرواية والرسائل الأدبية. وقد سجلت إطلالته الأدبية الأولى المعنونة بـ " المساءات " عام 1947 حضوراً قوياً في المشهد الثقافي الهولندي. وتتمحور الرواية حول شاب هولندي في الثالثة والعشرين من عمره، يدرك في لحظة ما من هذه السن المبكرة وطأة الحياة الإجتماعية والنفسية عليه فيحاول أن يسجل الأيام العشرة الأخيرة من عام 1964. هذا الشاب إسمه فريتس فان إيخترز، تنطوي شخصيته على نوع من الغموض الناجم عن طبيعية الحياة العبثية التي كان يعيشها المواطن الأوروبي بعد الحروب المفجعة التي مرت بها أوروبا. يراقب هذا الشاب الذي ينتمي إلى الطبقة المتوسطة عالمه الخارجي المحيط به، فلا يرى إلا القبح والتفسخ والفساد، ويكتشف أن نهاراته مكتظة بوظيفة مزعجة لا يقوى على إحتمالها، وأن فرصته الوحيدة لتحقيق النشوة والإثارة هي ساعات المساء التي يتحرر فيها من أسر وظيفته الرسمية، ولكن حتى هذه المساءات بدأت تنقلب إلى فترات زمنية مزعجة مليئة بالضجر والتعب. وعلى رغم من الجهود الكبيرة التي يبذلها فريتس من أجل الإندماج بعائلته إلا أنه يجد نفسه مغترباً، وبعدياً عن والديه، كما تزداد الهوّة بينه وبين أصدقائه المقربين الذين يتحولون إلى كائنات سطحية لا تفهم حواراته ولغتة المقعرة. وإثر صدور هذه الرواية أغدق النقاد عليه عدداً من الألقاب من بينها " صوت الجيل " إذ لم يسبقه أحد من الكتاب الهولنديين في رسم العالم النهلستي للجيل المعاصر الذي كان يمثله، وينتمي إليه آنذاك. كان هذا الشاب يحاول أن يبحث عن معنى ما لحياته، ولكنه كان يفشل بإستمرار. ومن أعماله الروائية المبكرة التي عززت مكانته الأدبية نذكر رواية "ويرثر نيلاند" 1949 و " سقوط عائلة بوسلوفيتس" 1950، و " عشر قصص سعيدة " 1961، و " قصص الشتاء الأربع " 1963، و " الإقتراب من النهاية " 1963، و " أقرب إليك "1966، و " لغة الحب " 1972، و " أعزائي الأولاد " 1973، و " فتى السيرك " 1975، و " طاعن في السن ووحيد " 1978، و " أم وإبن " 1980، و " الرجل الرابع " 1981، و " الصديق الصامت " 1984، و " أن تصبح أنت نفسك كاتباً " 1985، و " آباء قلقون " 1988، و " بحث " 1995، و " كتاب البنفسج والموت " 1996، و " الغزال اللاهث " 1998. كما كتب إثنا عشر مؤلفاً ينضوي تحت باب الرسائل الأدبية من بينها " رسائل إلى ويمي " 1980، و " رسائل إلى العمال المثقفين " 1985، و" رسائل إلى آكلي البطاطا " 1993، و " رسائل إلى ماتروس فوش " 1997. يتميز أسلوب خيرارد ريفه بالسخرية اللاذعة، والتهكم العميق، واللغة الكلاسيكية الرصينة المعبرة التي يطعمها أحيانا بالصياغات النثرية الحديثة المحببة إلى قرّائه. وقد تناول العديد من الموضوعات المثيرة للجدل، ومن بينها " المثلية الجنسية " التي دافع عنها خلال حياته التي لم تعرف الإستقرار. ففي عام 1966 أتهم خيرارد بإنتهاك المقدسات الدينية للشعب الهولندي، كما لصقت به تهمة التجديف والزندقة بسبب العديد من أعماله الأدبية، ولعل أبرزها " لغة الحب " و " أولادي الأعزاء " و" صبي السيرك". ومن الموضوعات الأخرى التي أحدثت جلبة واسعة لم تنتهِ إلا بعد وقت طويل هو موضوع " السادية " التي تتعلق أيضاً بمناخات المثلية التي أشرنا إليها آنفا. وجدير ذكره أن خيرارد قد تحول إلكاثوليكية، وأصبح أحد أتباع الكنيسة الرومانية الكاثوليكية، وهاجر إلى إنكلترا محتجاً على المضايقات الفكرية التي كان يتعرض إليها، وعمل في مستشفى إنكليزية بوظيفة ممرض، كما قام بقراءة الإنجيل، ودرس الدراما، وكتب العديد من المسرحيات. بقي أن نقول إن خيرارد كورنيليس فان هيت ريفه هو من مواليد 14 ديسمبر 1923 في أمستردام. وقد وافته المنية في مستشفى بلجيكي يوم 8 أبريل " نيسان" 2006. وهو للمناسبة شقيق الكاتب الهولندي المعروف كارل فان هيت ريفه الذي توفي في " 4 مارس 1999 " وهو أديب، ومترجم، ومؤرخ أدبي. ومن أبرز أعماله " تاريخ الأدب الروسي " ولديه روايتان، وعدد كبير من المؤلفات النقدية. .

#عدنان_حسين_أحمد (هاشتاغ)      

---

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات