|
طروحات القوى المعاصرة من القوى الخشنة والناعمة والذكية
علاء هادي الحطاب
الحوار المتمدن-العدد: 6094 - 2018 / 12 / 25 - 02:02
المحور:
السياسة والعلاقات الدولية
طروحات القوى المعاصرة من القوى الخشنة والناعمة والذكية علاء هادي الحطاب توطئة في الدبلوماسية الصحيحة لا يمكن الاعتماد على القوة الخشنة فقط أو القوه الناعمة فقط في وقتنا الحالي وخاصة مع تعقد النظام الدولي وتداخل المصالح للدول الكبرى وتغير موازين القوى، حيث أنه أصبح هناك العديد من الفاعلين الدوليين وغير الدوليين على الساحة، فيجب على الدولة التي تسعي إلي تعظيم أرباحها في أن توازن بين استخدام القوه الصلبة والقوة الناعمة لكي تحافظ على وزنها في النظام الدولي، فنجد أن رغم شيوع مفهوم القوة الذكية إلا أن القوة الصلبة مازال لها تأثير قوي وفعال على الساحة الدولية، خاصة في هذه الأيام، ومع ظهور داعش كجماعة إرهابية وهنا سنبحث :- - مفهوم القوة وخصائصها ومصاردها وانواعها - القوة الخشنة - القوة الناعمة - القوة الذكية اولا / تعريف القوة :- يعد مفهوم القوة أحد المفاهيم المركزية في العلاقات الدولية منذ القدم بالرغم من تطوره من فترة زمنية لأخرى تعرف القوة على أنها القدرة على تحقيق الأهداف والنتائج المرجوة، ويعرفها روبرت داهال (Dahl) بأنها القدرة على جعل الآخرين يفعلون ما لم ينووا القيام به. ويقف ناي عند هذا التعريف ويشير إلى أنه إذا أردنا إدراك مفهوم القوة وقياسه وفقا لهذا التعريف فإننا بحاجة لمعرفة تفضيلات الآخرين وكذلك سلوكهم إذا لم تمارس عليهم القوة وهو ما لا يمكن التوصل إليه في حقيقة الأمر، وعرفها سيبكمان " البقاء علي قيد الحياة، والقدرة على فرض إرادة الشخص على الآخرين، والمقدرة أيضاً على إملاء هذه الإرادة على أولئك الذين لا قوة لهم، وإمكانية إجبار الآخرين ذوي القوة الأقل على تقديم تنازلات"، وعرفها ماكس فيبر بأنها " قدرة شخص ما من خلال العلاقات الاجتماعية على احتلال مكانة يستطيع من خلالها تنفيذ رغباته"، كما عرفها كل من ميكافيلي و هوبز " بأنها الوسيلة والغاية النهائية التي تعمل الدولة للوصول إليها في علاقاتها الخارجية". ثانيا / خصائص القوة:- على ضوء ما سبق فإن القوة مفهوم يتمتع بعدد من الخصائص أبرزها: أ- القوة شيء نسبي، لأن قوة الدولة تقاس بمقارنتها بالدول الأخرى. ب- القوة مفهوم حركي ديناميكي غير ثابت فترتيب الدولة من حيث القوة بين الدول مرهون بوقت قياس هذه القوة والمجال المستخدمة فيه . ج- تتدرج ممارسة القوة بين التأثير بالطرق السلمية وبين أسلوب الإجبار والقسر وعليه د- أن القوة ليست هدفاً في نفسها ولكنها وسيلة لممارسة النفوذ والتأثير الذي يتضمن تحقيق أهداف الدولة هـ - القوة هي جوهر العلاقات الدولية. و- القوة صناعة وإرادة فرضتهما طبيعة العلاقات الدولية في ظل غياب السلطة الدولية. ز- تتدرج ممارسة القوة بين التأثير بالطرق الدبلوماسية من جهة وبين أسلوب الإجبار والقسر من جهة ثانية ثالثا/ مصادر القوة :- مصادر القوة والتي تحدد قيمة الدولة من الناحية السياسية يمكن إبرازها في عدة عوامل هي:- (( العوامل الطبيعية – العوامل الاقتصادية – العوامل البشرية – القدرة الدبلوماسية – القدرة العسكرية – القدرة السياسية)) رابعا / انواع القوة:- القوة الخشنة:- تتألف من عناصر القوة المادية : العسكرية والاقتصادية. وقد ارتبط الحديث عن هذا الشكل للقوة، خاصة القوة العسكرية بفكر المدرسة الواقعية، في حين تبنى جوزيف ناي تعريفاً أوسع للقوة الصلبة، لا يقتصر على القوة العسكرية فقط، حيث رأى أنها تعني أيضاً القدرة على استخدام الجزرة عن طريق الأدوات الاقتصادية، بهدف التأثير على سلوك الآخرين ويمكن التمييز بين مكونين للقوة الصلبة:- يتمثل المكون الأول في القوة هي القوة العسكرية، وتعد من أكثر أشكال القوة الصلبة تقليدية واستخداماً لتحقيق أهداف الدولة. وتعدد صور وأشكال استخدام القوة العسكرية، على نحو يمكن معه التمييز بين خمسة أنماط لاستخدامها النمط الأول: دبلوماسية الإكراه:- عرّفه أليكسندر جورج بأنه "تهديد الدولة للعدو باستخدام القوة العسكرية، مع استخدام وسائل فعالة لإقناعه بالامتثال لقراراتها". النمط الثاني: التخريب وذلك من خلال قيام الدولة (أ) بأفعال هدفها هدم مؤسسات الدولة (ب) ومبانيها الوطنية. النمط الثالث:- الردع ويعني إصدار تهديدات متكررة لمنع عدو ما من الشروع في عمل غير مرغوب فيه، وهناك نوعان للردع ((الردع التقليدي، عن طريق التهديد باستخدام الأسلحة التقليدية، والردع النووي، عن طريق التهديد باستخدام الأسلحة النووية)). النمط الرابع:- الدفاع ويحتوي على سلسلة من الإجراءات الفعالة التي تتخذها الدولة للدفاع عن نفسها في مواجهة هجوم عسكري نفذه العدو. دلالات القوة الصلبة:- 1- القهــر: هو أي قوة أو تهديد يقلل من حرية الحركة، بما يجعل التصرفات تتم بحرية أقل مما كان يمكن أنَّ تكون عليه، وهناك بعض المفكـرين يميزون بين التأثير والقوة والقهر، والقهر شكل من أشـكال القوة التي تواجه المجبر بالقـدرة على إلحاق الضرر به بغض النظر عن الموقف الذي يتخذه . 2- التأثير: يعد مفهوم التأثير مفهوماً محورياً في الدراسات السياسية حيث يميز بعض المحللين بينه وبين مفهوم القوة عن طريق تضيقه بحيث لا يشمل إلا الوسائل غيرا لمباشرة أو غير الملموسة لتغيير السلوك. أما البعض الآخر فيعتبر أن القوة ما هي إلا شكل من أشكال التأثير وقد يكون التأثير قسرياً أو غير قسري . 3- الهيمنة: يدل مفهوم الهيمنة على تأثير دولة على دولة أو دول أخرى ويصف سياسات القوة التي تردع بها جيرانها المعتمدين عليها بالتهديد من أجل إجبارهم على الاستسلام .() 4- السيطرة: يدل مفهوم السيطرة على ممارسة دولة لها نفوذ وقوة لنفوذ فعلي على دولة أخرى أو إقليم معين، وهذا النفوذ قد يأخذ شكل تحالف أو علاقة تبعية، وهو ينتج عن التفاوت في القوة بين الدول وبعضها البعض . 5- الردع: يتميز الردع بوجود إستراتيجية للتهديد بالعقاب، أي إقناع الخصم بأن التصرف غير المرغوب فيه سوف يكبده من الخسائر أكثر بكثير مما قد يترتب عليه من مكاسب، ويجب أن يكون الردع مصداقياً، وأحياناً تكمن القوة في إغراء طرف أخر بالمكافأة . 6- الإكراه: شكل من أشكال التأثير وللإكراه صور متعددة اقتصادية واجتماعية، سياسية وإن التهديد باستخدام القوة أو الاستخدام الفعلي للقوة العسكرية هو شكل من أشكالا لقوة ويرتبط بمفاهيم القوة والتأثير والسلطة. القوة الناعمة :- عرف منظر القوة الناعمة البروفسور جوزيف ناي* " إنها القدرة على الجذب لا عن طريق الإرغام والقهـر والتهديد العسكري والضغط الاقتصادي، ولا عن طريق دفع الرشاوى وتقديم الأموال لشراء التأييد والموالاة، كما كان يجري في الإستراتيجيات التقليدية الأميركية، بل عن طريق الجاذبية، وجعل الآخرين يريدون ما تريد". لذا كان هذا بمثابة الدافع الذي أدى للتحول في مفهوم القوة وظهور مصطلح القوة الناعمة علي يد جوزيف ناي عام 1990 وتعتبر القوة الناعمة، في نظر ناي، بنفس مستوى أهمية القوة الخشنة كل منهم يدعم الآخر ففي حين أن القوة الصلبة تعد أساسا للقوة الناعمة حيث أنها تزيد من جاذبية الدولة وكذلك قدرتها على التأثير واستخدام مصادر القوة الناعمة وتوجهيها في الاتجاه المناسب ؛ فإن القوة الناعمة هي الأخرى توفر للقوة الصلبة غطاء الشرعية في عيون الآخرين ونتيجة لتطورات الرهيبة في القرن العشرين ظهرت القوة الذكية لتثبت فشل استخدام القوة الصلبة وحدها او الناعمة بذاتها لتظهر القوة الذكية كمصطلح له معاني ودلالات قوية في تغير سياسة الدول العظمى. أن مفاهيم ” القوة الناعمة ” متجذرة في ثقافات العالم في الماضي والحاضر، وان النخب العلمية والفكرية والثقافية في أرجاء العالم دعت – منذ انتهاء الحرب العالمية الثانية في الأقل وما تزال تدعو حتى يومنا هذا – الى التعايش السلمي والتفاعل الخصب بين الثقافات المختلفة والى ضرورة التخلي عن لغة القوة وتغليب ما يعرف اليوم ب” القوة الناعمة ” على ” القوة الصلبة ” في العلاقات الدولية بالإضافة لقوة جديدة وهى القوة الذكية، وأكد ناي كذلك على عنصر الجاذبية الذي تعتمد عليه القوة الناعمة فالقوة الناعمة تعنى لديه القدرة على تحقيق أهداف معينة عن طريق الترغيب والجاذبية لا الترهيب والإكراه، وتعتمد القوة الناعمة على عنصريين أساسيين هما (( المصداقية والشرعية)) كقاعدة لها وتعرف القوة الناعمة كذلك بالـ”Co-optive power ” والتي تعني قدرة الدولة على خلق وضع يفرض على الدول الأخرى أن تحدد تفضيلاتها ومصالحها بشكل يتفق مع هذا الإطار الذي تم وضعه أو بمعنى أخر أن تقوم هي بوضع أولويات الأجندة الداخلية لغيرها من الدول، كما أكد جوزيف أن الإستراتيجية الفعالة في العالم الحقيقى هى الدمج بين القوة الصلبة والناعمة بطرق فعالة. وقال ان ” القوة الناعمة هى القدرة على الحصول على ما تريده باجتذاب الطرف أخر وليس إكراهه أو دفع ثمن القوة الصلبة، ومعرفة كيفية الجمع بين ادوات القوة الصلبة والناعمة فى قوة ذكية”. لذا أراد ناى أن يقول في كتابه “القوة الناعمة” خلال الاحتلال الأمريكي على العراق:- ربما ليقول إن أمريكا كانت قادرة على كسب المعركة مع العراق بقوتها الناعمة من دون تكلفة تذكر، أو ربما ليحذر من الإفراط فى التوسع العسكري ، مثلما فعل بول كينيدى فى كتابه الشهير “صعود وانهيار القوى العظمى”.حيث يرى ناي أن الحروب ليست قدرا محتوما، سواء كانت قديمة كالحرب العالمية الأولى، أو حديثة كالحروب التى تشتعل فى الشرق الأوسط؛ وأن كسب معركة السلام أهم وأصعب من كسب معارك الحرب. العراق كنموذج للقوة الناعمة :- بعد شن الولايات المتحدة حربا على العراق وإسقاط النظام فيه لم يتحقق ذلك النظام الذي وعدت به العالم والمنطقة والعراقيين وبالتالي فأن ما موجود في العراق من فوضى أمنية وسياسية واقتصادية لم تستطيع تسويقه لمشروعها في المنطقة بالقوة الصلبة (العسكرية )، والسبب في ذلك كما يرجعه البعض إنها سعت لديمقراطية شكلية مبهمة غير مدروسة، كما عد الاستخدام العسكري المباشرة في تطبيقها من المآخذ في عدم نجاحها. الانتقادات القوة الناعمة :- تعرض مفهوم “القوة الناعمة” لانتقادات عديدة، من بينها أنه مفهوم شديد العمومية وغير محدد، كما أنه من الصعب تحديد الآثار المترتبة عن القوة الناعمة لأن معظمها يكون خاص بأشياء معنوية للدولة مثل الثقافة والرأي العام والإعلام فتأثيرها يكون غير مباشر، على عكس القوة الصلبة التي تكون واضحة ومباشرة والتي يرى الواقعيين أنها مازالت الأكثر تأثيرا في العلاقات الدولية وخاصة بعد التدخل الروسي المباشر في سوريا على سبيل المثال. القوة الذكية :- هي القوة التي تجمع بين القوتين: الناعمة والخشنة أي ((تربط بين التسامح والشدة)) فبالقوة الناعمة يمكن تحقيق الأهداف المرجوة عن طريق الترغيب والجذب والقدرة على، الاستقطاب والإقناع، ومن خلال الجاذبية الثقافية أو السياسية أو الإعلامية…الخ للدولة لإقامة علاقات مع الحلفاء، وتقديم المساعدات الاقتصادية، والتبادل الثقافي مع الدول الأخرى، وخلق رأي عام متوافق، يعتبر مفهوم القوة الذكية ليس مفهومًا جديدا أو مبتكرًا وإنما هو نتاج الجمع بين القوة الصلبة والقوة الناعمة معًا ولكن وفقا لإستراتيجية محددة تجمع بينهم. ويعرف ارنست ويلسون القوة الذكية على أنها قدرة الفاعل الدولي على مزج عناصر القوة الصلبة والقوة الناعمة بطريقة تضمن تدعيم تحقيق الأهداف الفاعل بكفاءة وفعالية. قدمها جوزيف ناي في عام 2003 وهي إستراتجية متكاملة تسعي إلي الجمع بين القوة الصلبة او الخشنة والقوة الناعمة قدمها جوزيف كرد فعل على المغالطة بشأن الفكرة السائدة أن القوة الناعمة يمكن إن تعمل وحدها لتحقيق أهداف السياسة الخارجية وضرورة الانتقال للمعنى الأوسع والأشمل للإستراتيجية وتطويرها لتشمل القوة الناعمة والقوة الصلبة معًا وذلك ليكون أكثر مواكبة للسياق والتطورات الدولية المختلفة بحيث لا يمكن الاستغناء عن أي ن نوعي القوة، واكد ناي " ينبغي ان تعمل القوة الناعمة بتمازج وتداخل تام مع القوة الصلبة، فالحاجة ماسة إلى سيف القوة الصلبة لأجل تحقيق السيطرة والسطوة العسكرية، في حين تعمل القوة الناعمة على الاستمالة والجذب والإقناع، وتلك هي القوة الذكية Smart power بالمزج بين القوتين"، وأضاف ناي “بصفتي نائب سابق لوزير الدفاع الأميركي لا يمكن لأحد أن يشك في مدى معرفتي واقتناعي بأهمية القوة العسكرية الصلبة، ولكننا لن ننجح بالسيف وحده. ولقد نجحنا بمواجهة الإتحاد السوفيتي ليس بالقوة العسكرية والردع العسكري فحسب، وليس من خلال عمليات الحرب الباردة، بل بسبب القوة الناعمة التي قدر لها أن تساعد في تحويل الكتلة السوفيتية من الداخل، ولو استغرق ذلك عشرات السنين. فالعبرة الأهم هي الصبر والنفس الطويل والمزج والتوازن بين القوتين الصلبة والناعمة وتلك هي القوة الذكية". من هنا بدأ الإدراك والوعي الأمريكي لواقع المنطقة والبلدان الإسلامية وضرورة التغيير من الداخل وليس من الخارج، فبدأ التحول الأمريكي في تحقيق أهدافها من التدخل المباشر إلى غير مباشر الأسباب التي أدت إلي نشأت القوة الذكية:- 1- القدرة على تحقيق مردود في الشؤون الدولية من خلال الاستقطاب، أكثر مما يمكن تحقيقه عبر الإكراه، ويقول جوزيف ناي في هذا السياق: ” لقد أضحى من الصعب، في العالم المعاصر، واستخدام العصا…إذ القوة العسكرية، على الرغم من ضرورتها كسياسة ردع وإكراه، فهي أصبحت صعبة جدا… من الناحية وأصبحت الحرب أمرا مكلفا المادية، ناهيك عن المناهضة المتزايدة للحروب، والنفوذ المتزايد من استخدام القوة، أو محاصرة الدول والشعوب”. 2 – حاجة الدول المتقدمة لاستقطاب الدول النامية للعمل معها كشريك دولي، لمواجهة التحديات العالمية المشتركة، التي لا تستطيع أية دولة التصدي لها بمفردها مثل التغيرات المناخية، وانتشار الأمراض المستعصية، وتصاعد خطورة “الدول الفاشلة” على الآمن العالمي وغيرها . 3- أدت مرحلة الحرب الباردة بين الدولتين العظميين إلى إرهاقٍ متبادل لهما، نتيجة الدخول في سباق للتسلح لا نهاية له، وأن تطوير تقنية السلاح أصبح مسألة مكلفة للطرفين بشكل كبير جدا رغم “انتصار” الولايات المتحدة، فضلا عن وجود أزمة اقتصادية عالمية، تجعل من الصعب على الشعوب الغربية القبول بتخصيص اعتمادات عسكرية كبيرة في وقت يقوم البعض منها بتصفية مؤسسات الرفاهة الاجتماعي 4 – ظهور دول لها قوة نووية غير خاضعة للهيمنة الغربية، مثل كوريا الشمالية وإيران. 5 – أدرك الغرب – في الوقت نفسه – عبث المواجهة العسكرية مع القوى المجاهدة غير الرسمية، خصوصا بعد تجربة أفغانستان وبعد التجربته المريرة في فيتنام وتجرِبة الانتفاضة الفِلسطينية. وظهور أسلحة دمار رخيصة مثل الصواريخ ذات الرؤوس الميكروبية )قنبلة الفقراء النووية على حد قول أحد المعلقين(، بل أثبتت حرب أفغانستان مقدرة الجماعات الفدائية على الحصول على أسلحة ذات مقدرة تدميرية عالية، لا يحتاج استخدامها إلى متخصصين وإلى دورات تدريبية. 6 – لاحظ الغرب أن ثورة المعلومات والنظام الإعلامي الجديد -بأفلامه وكتبه ومرئياته ومراكز بحوثه – .لديهما مقدرة هائلة على الاختراق، تساعد على نقل المنظومة القيمية الغربية إلى كل أرجاء العالم، بعد أن كانت محصورة إلى حد كبير في الغرب، بدأت تظهر مراكز اقتصادية غير غربية تطور نفسها خارج شبكة الهيمنة الغربية مثل اليابان والصين وماليزيا وغيرها، بالإضافة لظهور الشراكات بين القارات. عوامل نجاح القوة الذكية في أمريكا تتمثل في التركيز على خمس أشياء أساسية هي:- 1 – إعادة تقوية التحالفات والشراكات والمنظمات التي تتيح لواشنطن مواجهة مصادر الخطر المتعددة، وعدم الحاجة إلى بناء تحالف جديد عند مواجهة كل تحدي جديد. 2- أن يكون هناك اهتمام على مستوي الإدارات الأمريكية بالتنمية على المستوي الدولي، مما يساعد واشنطن على تطوير برامج المساعدات، بحيث تكون أكثر تكاملا وتوحدا، والذي يربط المصالح الأمريكية مع تطلعات الأفراد في كافة أنحاء العالم، والتي تبدأ بالاهتمام بالصحة العالمية. 3 – إعادة استثمار الدبلوماسية الشعبية، وإنشاء مؤسسات لا تسعى إلى الربح في الخارج؛ لخلق روابط بين الأفراد، والتي تتضمن مضاعفة الاعتماد السنوي لبرنامج “فولبرايت” “Fulbright Program”، الذي ترعاه الولايات المتحدة الأمريكية لتعزز التفاهم والتبادل العلمي والثقافي بين شعبها وشعوب دول العالم. 4 – الارتباط بالاقتصاد العالمي بالتفاوض حول مناطق التجارة الحرة مع دول منظمة التجارة العالمية الراغبة في التحرك تجاه تحرير التجارة، استنادا إلى القاعدة الدولية، وتوسيع مناطق التجارة الحرة لتشمل الدول التي لم تحلق بركب العولمة. 5- أخذ موقع الصدارة في قضايا التغيرات المناخية وغياب الأمن لمصادر الطاقة، بالاستثمار أكثر في مجالات التقنية والإبداع. 6- تحتوي أميركا على 62% من أهم العلامات التجارية في العالم، وبها 28% من جميع الطلاب الدارسين خارج بلادهم، وهي أكثر دولة تستقطب المهاجرين وتنشر الكتب والمؤلفات الموسيقية وتنتج البحوث العلمية، إضافة إلى كونها أهم مصدّر للأفلام والبرامج التلفزيونية. تحديات استخدام القوة الذكية:- 1ـ التحدي المؤسسي:- يتمركز التحدي المؤسسي للقوة الذكية في الفجوة القائمة بين مؤسسات القوة الصلبة المتمثلة في المؤسسة العسكرية أو الجيش ومؤسسات الأمن التي تعتمد على استخدام الإكراه والإجبار وبين مؤسسات القوة الناعمة التي قد تدخل ضمن ميزانية الدولة في صورة مهملة او بدون إعطائها وزنها الحقيقي. فحجم مؤسسات القوة الصلبة أكبر بكثير من نظرائها للقوة الناعمة من حيث الحجم المؤسسي والرسوخ والثبات ناهيك عن ميزانية الدولة في كل منهما. فالتباين المؤسسي بين القوتين ينتج تعقيدات تتعلق بحجم المؤسسات ومكانتها وثقافتها المؤسسية وكل هذا بالطبع يؤثر في أدائها وبالتالي أداء القوة الذكية، لذا يمكن القول أن القدرة على إيجاد ترتيبات مؤسسية متوازنة يعتمد على رغبة القيادة السياسية للدولة على فهم مثل هذه التعقيدات ومحاولة التنسيق والموازنة بينهم بجانب تأييد من التجمعات السياسية لمثل هذا التوجه من القوة الذكية. 2ـ التحدي السياسي:- القوة الذكية لا تحتاج فقط إلا مؤسسات تدعمها وحسب بل تحتاج إلى قوة سياسية وإرادة من القيادة لتحقيقها. فالجانب المؤسسي يعتمد في إصلاحه بالأساس على مثل هذه القيادة الراغبة، فغياب التوازن السياسي بين القوة الناعمة والقوة الصلبة تحدي أخر من تحديات القوة الذكية. فأنصار القوة الصلبة ومؤيديها أكثر قوة وحجمًا وتمثيلًا من أنصار القوة الناعمة وهذا لا يقتصر على النخبة السياسية للدولة بل يمتد لدوائر الجماهير والتأييد الشعبي لها. فالناخبون السياسيون عندما يختارون ممثل لهم فهم يفضلون التوجه الذي يعتمد على القوة الصلبة المرئية والملموسة التي يأخذها هؤلاء في الاعتبار ويعتبرونها رمزًا لقوة الذلة وتأثيرها ومقدرة على حماية مصالحها. فأنصار القوة الناعمة بين فئات المواطنين أقل بكثير من هؤلاء المؤيدين للقوة الصلبة وتقتصر التأييد والدعوة لهذا التوجه على فئات الأكاديميين والدبلوماسيين السابقين فلا يوجد قوة شعبية توازن تلك التي تمتلكها القوة الصلبة. خلاصة:- يمكننا القول أنه لا يمكن الاعتماد على القوة الصلبة فقط أو القوة الناعمة فقط في وقتنا الحالي وخاصة مع تعقد النظام الدولي وتداخل المصالح للدول الكبرى وتغير موازين القوى، حيث أنه أصبح هناك العديد من الفاعلين الدوليين وغير الدوليين على الساحة، فيجب على الدولة التي تسعي إلي تعظيم أرباحها أن توازن بين استخدام القوه الصلبة والقوة الناعمة وصولاَ للقوة الذكية لكي تحافظ على وزنها في النظام الدولي. ولكنه على الرغم شيوع مفهوم القوة الذكية إلا أن القوة الصلبة مازال لها تأثير قوي وفعال على الساحة الدولية، خاصة في هذه الأيام، ومع ظهور داعش كجماعة إرهابية ويجب التعامل معها بطريقة صلبة وليست ناعمة. وعلى صعيد آخر نجد التدخل الروسي الإيراني في سوريا يعد قوة صلبة تفقدها مكانها في المجتمع الدولي , وهذا أيضا يعد تدخل عسكري مباشر في الوقت الذي نجد فيه الولايات المتحدة الأمريكية تلعب دور المحايد ومحاولتها في أن توازن بين القوة الصلبة والناعمة بعكس روسيا ومازالت تعتمد على قوتها العسكرية أكثر من أي نوع آخر، ويمكننا القول أن أطروحات القوة الذكية قد دخلت مجالاتها التطبيقية بصورة مباشرة في الأحداث التي تسمى (الربيع العربي) أو (الثورات العربية)، وهذه القوة الذكية نجحت إلى حد الآن جزئيًّا، وإن الحديث عن النجاح الكلي لها لهو من الأمور التي يصعب الحديث عنها بهذه السرعة؛ لأن نتائج أي فعل إستراتيجي منظم لا يمكن قياسها إلا بعد مرور فترات طويلة على هذا الفعل، وكذلك فإن التراكم الدقيق لدقائق الأمور وتشكيله للصورة الأساسية في النهاية هو قمة النجاح الإستراتيجي. * هو جوزيف ناي هو احد الاكاديميين المرموقين المؤثرين في العلاقات الدولية و السياسات الخارجية الامريكية، اسس بالاشتراك مع روبرت كوهن مركز لدراسات اليبرالية الجديدة في العلاقات الدولية ، صاحب مركز استشاري وهذا المركز من المراكز المؤثرة في قرارات الولايات المتحدة الامريكية ، وهو مبتكر مصطلح " القوة ال ناعمة " ومصطلح "القوة الذكية "، وهو استاذ في جامعة هارفورد والعميد السابقة لكلية كندي الحكومية، وقد تسنم مناصب عديدة منها كان مساعد لوزير الدفاع لشؤون الامنية الدولية، ورئيس الاستخبارات الوطنية الامريكي. المصادر:- - القوة الناعمة وسيلة نجاح في السياسة الدولية ، جوزيف ناي, نقلة للعربية د: محمد توفيق - موسوعة الدبلوماسية، ج2 ، لـ د. عبد الوهاب الكيالي - الجغرافيا السياسية المعاصرة في ظل النظام الدولي لـ نعيم الظاهر - الدبلوماسية ودورها في إدارة العلاقات الدولية لـ هايل عبد المولى طشطوش - الدبلوماسية تاريخها مؤسساتها أنواعها قوانينها لـ د. سعيد أبو عباه - مقطع فيديوي لـ جوزيف ناى : ينبغى على الولايات المتحدة الجمع بين قوة ناعمة وصلبة فى قوة ذكية
#علاء_هادي_الحطاب (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
اطروحة جدلية التدخل والسيادة في عصر الامن المعولم
-
اطروحة التقاطع والالتقاء بين الواقعية البنيوية والهجومية الد
...
-
اطروحة الدبلوماسية الموازية -البارادبلوماسي- Paradiplomacy
-
لماذا يكذب القادة والزعماء ؟
-
كان يوم في بلادي
-
مفخخات خارج نطاق الخدمة!!! ...
المزيد.....
-
رجل وزوجته يهاجمان شرطية داخل مدرسة ويطرحانها أرضًا أمام ابن
...
-
وزير الخارجية المصري يؤكد لنظيره الإيراني أهمية دعم اللبناني
...
-
الكويت.. سحب الجنسية من أكثر من 1600 شخص
-
وزير خارجية هنغاريا: راضون عن إمدادات الطاقة الروسية ولن نتخ
...
-
-بينها قاعدة تبعد 150 كلم وتستهدف للمرة الأولى-..-حزب الله-
...
-
كتاب طبول الحرب: -المغرب جار مزعج والجزائر تهدد إسبانيا والغ
...
-
فيروز: -جارة القمر- تحتفل بذكرى ميلادها التسعين
-
نظرة خلف الجدران ـ أدوات منزلية لا يتخلى عنها الألمان
-
طائرة مساعدات روسية رابعة إلى بيروت
-
أطفال غزة.. موت وتشرد وحرمان من الحقوق
المزيد.....
-
افتتاحية مؤتمر المشترك الثقافي بين مصر والعراق: الذات الحضار
...
/ حاتم الجوهرى
-
الجغرافيا السياسية لإدارة بايدن
/ مرزوق الحلالي
-
أزمة الطاقة العالمية والحرب الأوكرانية.. دراسة في سياق الصرا
...
/ مجدى عبد الهادى
-
الاداة الاقتصادية للولايات الامتحدة تجاه افريقيا في القرن ال
...
/ ياسر سعد السلوم
-
التّعاون وضبط النفس من أجلِ سياسةٍ أمنيّة ألمانيّة أوروبيّة
...
/ حامد فضل الله
-
إثيوبيا انطلاقة جديدة: سيناريوات التنمية والمصالح الأجنبية
/ حامد فضل الله
-
دور الاتحاد الأوروبي في تحقيق التعاون الدولي والإقليمي في ظل
...
/ بشار سلوت
-
أثر العولمة على الاقتصاد في دول العالم الثالث
/ الاء ناصر باكير
-
اطروحة جدلية التدخل والسيادة في عصر الامن المعولم
/ علاء هادي الحطاب
-
اطروحة التقاطع والالتقاء بين الواقعية البنيوية والهجومية الد
...
/ علاء هادي الحطاب
المزيد.....
|