زردشت صابر
الحوار المتمدن-العدد: 1520 - 2006 / 4 / 14 - 13:08
المحور:
القضية الكردية
احتفالات نوروز هذا العام قالت كلمتها ففصلت بين حقبتين من تاريخنا القريب ,هيأت أسباب انقاذ الحركة السياسية الكردية السورية من مستنقع الموت البطيء الذي هو فيه بوضعها المتشرذم اذا ما تبنت اماني الجماهير وحققت حملتها النوعية على الصعد الفكرية والتنظيمية والسياسية والعملياتية .
احتفالات هذا العام كانت متميزة بكل المقاييس ,ابدعت واغنت وخلقت افاق مستقبل مشرق قريب , ووضعت نقطة على سطر مرحلة قديمة لتبدا جملتها الجديدة , حاملة معها رؤى وتصورات ستتحقق التحولات والتغيرات الديمقراطية المنتظرة التي تعني الانتصار .
لم تمر هكذا مرور الكرام بل رسمت خريطة النضال للمرحلة القادمة عبر تحديد ملامحها الاساسية ,والقت على كاهل فصائل الحركة السياسية الكردية السورية بمهمات كانت قد ابتعدت كثيرا عن ادائها , فكانت دعوة صريحة الى الالتزام بالمهمة وتحمل المسؤولية .
فماهي رسالة نوروز ...?!
وما هي افرازاتها...؟
وما هي توجيهاتها العملية ...؟
ماذا قالت الحركة الجماهيرية الشعبية العارمة المنظمة في نوروز , وكيف يمكن تلبية مستوجباتها...؟
ما هي المواقف المطلوبة اتخاذها من فصائل الحركة السياسية الكردية السورية ...؟ .
من الحدث نوروزالى نتائجه تتحدد المهمات و المستقبل ,وفي الاجابة على تلك الاسئلة بعقلية سليمة يكمن النجاح, وفرق الاجابات والاستجابات سيرسم ملامح كل فصيل ومدى قدرته على اداء الدور ,لكن لا بد في البداية من التاكيد ان الضرورات النضالية تقتضي من كل الفرقاء وعيا والتزاما جديا مسؤولا على اعلى المستويات يبدا من تقييم الماضي بشكل شامل دون رافة ,ويستمربفهم افرازات نوروز هذا العام , للوصول الى رسم مخطط المرحلة القادمة وتحديد صيغ النضال الديمقراطي التي تؤمن الاستقلالية والتمسك بالهوية الخاصة دون التنازل عن الملامح العامة,مما يؤمن امكانية العطاء والابداع والانتاج ,وامتلاك زمام المبادرة عبرانطلاقة جادة حرة اصيلة , بعيدة عن التبعية وعن ان تكون مجرد ظل للمعارضة السورية المهزوزة التي لاتترك ظلالا يمكن التفيؤ بها اصلا .وهكذا فقط ستبدا المسيرة الحرة نحو عالم الديمقراطية والمثل بواقعية وموضوعية ,وليس وفق بيانات واعلانات ارتجالية غير مصممة بدقة ,ولا تعبر عن رؤى وطموحات شعبنا الكردي والسوري ,وستعلن عمليا قيادتها للحركة الديمقراطية السورية ككل ناهيك عن حل القضية الكردية .
الحركة الكردية الجماهيرية الشعبية اقوى واكثر تعاطفا فيما بينها من فصائلها السياسية ,امتلكت ارادتها وفرضت ذاتها على الاصدقاء والاعداء,حطمت الحواجز السابقة المرسومة التي اعتبرتها بعض الفصائل السياسية خطوطا حمراء ,وانطلقت نحو العمليات الديمقراطية ,فابدعت في تنويع اشكالها والوانها في بداية مبشرة وسعت بها افاقها, برزت كطليعة ديمقراطية ادانت التبعية ونادت بالقيادة , فكانت المسافة واضحة والمفارقة كبيرة والمعادلة معكوسة بينها وبين الاحزاب , وظهر موضوعيا غياب الطليعة المنظمة للجماهير,وتحولها بهذا الشكل الى عامل معرقل للعملية الديمقراطية السياسية برمتها .
اعلنت الجماهير اهدافها الصريحة فازعجت بعض الاحزاب , صرخت للوحدة ورفعت شعاراتها وبيارقها , تغنت بهويتها الكردية والكردستانية مثلما اكدت على سوريتها ,طرحت الحل الديمقراطي الشامل , دعت الى علاقات كردية – سورية – كردستانية متجانسة , اعلنت رغبتها في تضامن الصف الكردي وطرح برنامج عمل مشترك لكل فصائل الحركة منعا لهدر الطاقات وتهربا من نزيف الوقت , ابدت استعدادها لمرحلة قادمة ساخنة ملاى بالانجازات ,فهي ترى جيدا ان القادم سيحرك الاحجار من موضعها , لذا تتعطش للجاهزية لتكون قادرة على الحسم في ساعة صفر العملية الديمقراطية الشاملة , كي تعيد ترتيب البيت على اساس قيم العدالة والمساواة وبما يخدم مصالح الشعوب في الاطار الديمقراطي .
هذا ما قالته عيون وقلوب المحتفلين, وهي رسالة تعني بمجملها دعوة فصائل الحركة السياسية الكردية لاداء دورها الطليعي كمهمة غير قابلة للتاجيل امام شعب يتطلع لان يعيش ويتحرر ومستعد للنضال ودفع الثمن .
الشعب فرض على فصائل الحركة ضرورة اعادة النظرفي ممارساتها ومواقفها النظرية والعملية السابقة بمنظار النقد الذاتي البناء حتى ان كان ذلك مؤلما واحتاج الى مبضع جراح , لان ما نحن بصدده يتطلب ولادة جديدة ترتكز على تحقيق عملية بناء شاملة ,تحتاج الى ذهنية معاصرة ديمقراطية تتبنى برنامجا واضحا نقيا جريئا يمثل مرحلة ما بعد نوروز ويجسد روحها , وينسجم اكثر مع حقيقة ومصالح شعبنا الكردي والسوري والكردستاني في هذه المرحلة, يتخلص من التبعية ويحقق استقلالية القرار بعيدا عن الضبابية والمطاطية المعروفة ,وهنا لا بد من التركيز على ضرورة الوصول الى وثيقة عمل كردية مشتركة تشكل بيانا تاسيسيا لصيغة تحالفية تضامنية تنسجم مع الظروف الموضوعية وانجازات المرحلة .
وثيقة تعبرعن المشروع الكردي الديمقراطي لحل قضايا سوريا الديمقراطيةالاساسية , وعلى راسها القضية الكردية ,باعتبارها القضية المركزية التي يشكل الموقف منها مقياسا للديمقراطية والوطنية ,ليس بالنسبة للحركة الكردية فحسب بل لكل حركة ديمقراطية سورية لانها تشكل منصة الانطلاق نحو الديمقراطية في هذا الوطن الذي يعيش غيابا مجحفا لها , على اسس العدالة والحرية والمساواة كمكونات رئيسة للفلسفة الديمقراطية , مع تجنب " مطمطة او تمطيط " ان صح التعبير بشكل يخلق الضبابية ويمنع وضوح الرؤية ,تستند الى المواطنة المشروعة الحرة التي تعترف بالهوية الخاصة للشعب الكردي كشريك اساس في الوطن تاريخا وحاضرا ومستقبلا , باعتباره يمثل الارض والشعب , وكذلك لكل مكونات المجتمع السوري الاخرى بشكل يحترم كياناتها وخصوصياتها وثقافاتها ومطالبها العادلة دون تفريط .
هنا لا بد من الاشارة الى ضرورة تخلص الحركة السياسية الكردية من اطارها القومجي التعصبي الضيق – لا اقول ذلك اتهاما بل اشارة الى معاناة الكثير من الفصائل من هذا التفكري كمرض حقيقي - والابتعاد عن الفكر القوموي البدائي ,والتوجه نحو الكلين السوري من جهة والكردستاني من جهة اخرى , دون المساس بالحدود السياسية المرسومة , ورفض المنطق الانكاري والشوفيني للقومية الحاكمة مهما كانت مصادره وذرائعه – حتى ان كانت تسمي نفسها معارضة ديمقراطية -, وتحقيق التعايش الاخوي والحياة المشتركة ,مع احترام التعددية والتنوع الثقافي والقومي والديني والمذهبي كمصدر للغنى وليس منبعا للصدام .
ستتبنى الوثيقة اعتماد تفعيل المجتمع المدني وتنشيط الساحة الثالثة , مع الاعتماد على العمليات الديمقراطية بتنوعها وغناءها في الضغط لنيل المزيد من المكاسب وتحقيق الانجازات ,وستهدف الى تامين وتعزيز وضمان حقوق الانسان وفق ما تنص عليها المواثيق والعهود الدولية , بدءا بالحقوق الفردية وصولا الى حقوق الجماعات والشعوب , ومن الحقوق المدنية حتى الاقتصادية والسياسية .
يجب ان تتضمن الوثيقة تصورا لحل قضايا سوريا والشعب السوري ككل ,والتاكيد على الاهمية الحياتية للقضية الكردية , وكلها في اطار تحقيق التحول الديمقراطي السلمي مع نبذ العنف والتطرف مهما كان مصدره , سواء اكانت الاحزاب والمنظمات الساسية او الدولة ,والعمل على دمقرطة الدولة والسياسة والمجتمع , عبرمؤسسات المجتمع المدني بما فيها الاحزاب السياسية , وذلك بمروحة واسعة من العمليات الديمقراطية السلمية المتنوعة الخلاقة ,اعتمادا على طاقات الجماهير ووعيها وتبنيها لقضاياها المصيرية .
باختصار لا بد لوثيقة العمل هذه ان تتضمن بوضوح صيغة تجسد العمل المشترك لفصائل الحركة الكردية السورية لتامين ضخ قواها في اتجاه واحد يشكل قوة ضغط تخلق التغيير وتقوده , وتكون بذلك مؤهلة لدور الطليعة .
بقي ان نقول ان الوثيقة مثلما ستنظم العلاقات بين فصائل حركة التحرر الكردية الديمقراطية في سوريا , لا بد وان تعمل على وضع اسس بناء العلاقات السورية العامة , وكذلك العلاقات الكردستانية ومن ثم الدولية , على ارضية خدمة الشعب الكردي والسوري وتطوير العملية الديمقراطية في سوريا , وبتحقيق التناغم الكافي بين مختلف مكونات هذه العلاقات , بعيدا عن التقوقع والتبعية والابتذال معا .
انها وجهة نظر ...ضرورة تفرضها المرحلة التالية لنوروز ... تمثل رغبات الشعب الذي لم يكل من العطاء , وبات له الحق ان يرى الانجازات , وله الحق كل الحق في ان يجد نفسه من خلال حركته الساسية , اقرب عمليا الى الحرية , والحياة العصرية , فهو اكد انه اهل لها , فهل ستكون الحركة على قدر المسؤولية ....؟ !!
سؤال موجه من قلوب الجماهير الحرة الى من يرغب من فصائل الحركة الكردية ان يكون طليعيا ,وتلك قبل ان تكون مهمة سياسية وتنظيمية فهي مهمة اخلاقية وجدانية انسانية بامتياز , وعلى الاجابة يتوقف مستقبل شعبنا فهل من مجيب ...؟! .
#زردشت_صابر (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟