|
الصورة الفنية التشكيلية و السينمائية : مضامين واصفة للسلطة
سناء ساسي
الحوار المتمدن-العدد: 6090 - 2018 / 12 / 21 - 17:09
المحور:
الادب والفن
تعتبر الصورة الفنية بصفة عامة التشكيلية و السينمائية بصفة خاصة من أكثر الوسائل البصرية تأثيرا تخترق كل الفواصل وبمختلف أشكالها و تعبيراتها أسسّت للغة بصرية تؤثر فينا و تتأثر بما حولها لتكون تارة صورة السلطة و مرآتها و طورا تكون الصورة سلطتنا بمعنى أنّها تكون ّ نافذتنا على العالم و نافذة العالم علينا وتمثل تجربتنا الداخلية تؤثر و تتمثّل ككاشف للواقع و لكل ماهو كان مخفي أصبح ظاهرا و لذلك يعتبرونها من أخطر الوسائل و أنجعها هذا ما قاله و أكده الباحث فرنسوا داغوني من خلال قوله : يمكن إعتبار الصورة خطيرة ليس لأنّها محيّرة و لكن لكونها تنفلت منّا و تضاعفت دون أن ننسى أنّها تعرينا بمعنى أنّ الصورة الفنية تاريخيا بمثابة مرآة الشعوب و مرآة للسلطة التي تعكس حياة الإنسان وقضاياه بكل جزئياتها و تفاصيلها لذلك إستثمرها السلطة و إستثمرها الفنّان لخلق صورة تقدم نفسها كإستحضارا لواقع معين إمّا صورة للسلطة بمختلف أشكالها و أنواعها سواء كانت سلطة دينية و سياسية و إجتماعية أو تكون الصورة الفنّية هي السلطة و تكون بمثابة الواعي الذي يقدم نفسه كثائر يساعد الشعوب على التحرّر من كلّ أشكال القيود و التغريب و التهميش صورة صاغت سلطتها على المتلّقي لتوعيته و إنارة بصيرته . كانت الصورة بمختلف تعبيراتها دائما بين موقفين تقدم نفسها إمّا صورة للسلطة لتلميعها ولفرض أفكارها و إمّا تقدّم الصورة نفسها كسلطة فنّية بصرية تحّث الشعوب على ضرورة الثورة و التمرّد على كل أشكال الظلم سواء كانت إجتماعية سياسية نفسية ما يعني إنّ الصورة الفنّية دائما و أبدا بمثابة المؤّثر و المتأثّر إشكالية تدفعنا لطرح التساؤلات التالية: - ماعلاقة الصورة الفنّية بالسلطة؟ وهل إقتصر دور الصورة الفنّية في التوثيق لممارسات السلطة أم أنّها تجاوزتها لتكون هي السلطة؟ - كيف قدّمت الصورة الفنية نفسها و كيف أسّست لسلطتها و إذا كانت الصورة الفنية صورة السلطة فإلى أي مدى نجحت في التأسيس لسلطتها؟ و غيرها من الأسئلة التي تتبادر إلى الأذهان و التي سنحاول الإجابة عنها في هذه الدراسة. الفصل الأوّل : الصورة الفنية صورة السلطة 1- الصورة السينمائية صورة السلطة و سلطة الصورة: شكلت الصورة السينمائية مراحل حاسمة في حياة الشعوب و المجتمعات عكست سلطتها و سلطة الواقع الذي قدّم تمثيله الخاصّ لواقع البلدان و التحوّلات التي مرّت بها تاريخيا سواء كانت تحوّلات سياسية أو إجتماعية أو نفسية أو دينية و غيرها وما تبعت هذه التحوّلات من عنف عانت منها الإنسانية و كما قيل من يتحكّم في الصورة يتحكّم في العقول و يتحكّم في ذاكرة العقول . من ناحية أولى تعيد الصورة الفنّية تشكيل علاقتنا بالوجود و بالحياة و من ناحية ثانية تشترك في بسط سلطتها في ماهو عام من حياتنا وفي التأثير عليها و تعكس الواقع بصيغ عديدة لتكون في قلب الأحداث سواء كمؤثر أو كمتأثّر. تاريخيا تعيد الصورة توزيع الذاكرة الإنسانية وفق قوالب تخدم أهداف و رؤى معينة بمعنى الصورة السينمائية وسيلة أساسية للتأثير على الشعوب حسب تصوّرات و تمثلات السلطة التي تخدم مصالحها في رؤاها و رهاناتها ما يعني أنّها انتقلت من أداة استخدمت في الماضي للمحاكاة والتمثيل إلى سلطة للتحكّم فهي كما يقول ريجيس دوبري: ليست السلطة التي تستطيع إحضار الغائب و لكنّها دائما و أبدا السلطة التي تستطيع التحكّم في الإنسان الحيّ هكذا إستثمرت السلطة الفنّ بصفة عامة و الصورة السينمائية بصفة خاصة كوسيلتهم التعبيرية إمّا لتلميع صورتهم أو للتأثير والضغط و لنا من الأمثلة التي لا تحصى و لا تعدّ نذكر مثلا في السينما العالمية الصورة السينمائية كانت أحد أدوات الثورة البلشفية للتأثير بحيث قال لينين : إن السينما أهم الفنون بالنسبة لنا بحيث كانت الصورة السينمائية أسرع وسيلة لنقل و نشر الأخبار و الأحداث لأنّها تعتمد على الصورة و التي هي كشكل أيقوني تصل إلى عدد أكبر من النّاس و آلية هائلة لبث و نقل الأفكار و الآراء و أحد وسائل الدعاية بالنسبة لنا بمعنى أنّ السينما البلشفية قدّمت أفلام دعت لأفكارها كفيلم الأم لبدوفكين و المدّرعة بوتمكين لسيرجي إيزنشتين التي من خلالها طرح أفكار الثورة أيضا كانت الصورة السينمائية وسيلة الواقعية الإيطالية للترويج لحياة الطبقة الأروستقراطية الإيطالية التي تسرد الرفاهية و البذخ للمجتمع الإيطالي و لكن هذه الصورة ليست الواقع الحقيقي بحق بل كانت صورة التي دعا لها و أرادها موسيليني أن يوصلها و يروجها إلى العالم أيضا كانت للسينما التونسية نصيب في سرد صورة السلطة كانت بعد الإستقلال في بداياتها تدعم الدولة السينما لذلك سميت بالأفلام المدّعمة أو سينما السياسة الرسمية خاصة أفلام عمار الخليفي الفجر و الفلاقة سميت بسينما الزعيم الحبيب بورقيبة الزعيم الرمز الأب الروحي المجاهد الأكبر كانت أفلامه سردية السلطة هذا ما أكدّه الهادي خليل بقوله: هكذا إنخرط المخرج عمار الخليفي في معسكر السلطة عن طواعية و في المشروع التحديثي البوقيبي لكن دون أن يكون مجرّد بوق دعاية للنظام البوقيبي مثلما يقال ذلك ببساطة هكذا إستثمر الساسة الصورة السينمائية في دمغة العقول و التأثير عليها بحيث أصبح المتلقي مجرّد بوق دعاية و أداة تخدم مصالحها و أصبحت السينما وسيلة من وسائل التأثير لسلب العقول و أصبح معها الشعوب مجرّد آلات طيعة مقولبة حسب رغبة السلطة و بناءا على ما سبق ذكره يمكن أن نتساءل هل يمكن للصورة السينمائية أن تقاوم السلطة لتصبح هي السلطة المقاومة لكل أشكال التغريب و النمطية ذات الطبيعة السلبية وبناء إنسان جديد تعيد ما تمّ هدمه؟ هكذا كانت الصورة السينمائية سلاح السلطة و صاغت أيضا الصورة الفنية سلطتها لتكون هي السلطة التي تحث المتلقي على ضرورة التمرّد على كلّ مظاهر الإستبداد و الممارسات القمعية و الإضطهادية سواء كانت سياسية إجتماعية إقتصادية بمعنى أنّها كانت صوت المجتمعات و الشعوب في أحلك ظروفها كانت نورهم و وسيلتهم التي من خلالها إستطاعوا تبليغ ما يريدون هذا بالضبط ما فعله مجموعة من السينمائيون التونسييون الذين أعتبروا من المعارضين و من أهل العصيان على النظام والسياسة من أمثال النوري بوزيد ، رضا الباهي ، حمودة بن حليمة و عبد اللطيف بن عمّار"" كانت أفلامهم بمثابة فتح النار على السياسة إنذاك و كانت بمثابة سلطة الشباب و سلطة الشعب للتمرّد على الظروف التي عانى منها البسيط و المهمش و المعارض و المناضل و الضعيف نذكر من ذلك مثلا فيلم الحنضل لمحمود الجمني و الفيلم الروائي صراع للمنصف بربوش و فيلم العتبات الممنوعة لرضا الباهي و فيلم صفائح من ذهب للنوري بوزيد و فيلم صمت القصور لمفيدة التلاتلي وغيرها من الأفلام التيحاربت كل أشكال الظلم و التغريب و الإستبداد التي ساهمت في تغريب الذات الإنسانية أيضا بعض التجارب العالمية نذكر الواقعية الإيطالية الجديدة التي كانت صوت الشعب الإيطالي فضحت ممارسات التي قادتهم إلى الحرب التي لم تكن من إختيار المجتمع الإيطالي بل من إختيار الساسة إنّما فرضت عليه وعبرت أيضا التعبيرية الألمانية عن قلق الانسان وما عاناه إبان الحرب العالمية التي ساهمت في تجريده و تشتيته من ذلك مثلا فيلم الدكتور كاليغاري و لذلك وجب التمرّد و عدم الخضوع والى ضرورة مقاومة الظروف التي جعلت منهم مفعول به و ليس فاعل و لذلك سعت الصورة السينمائية إلى تحرير الإنسان من كل ما فرض عليه ومن كل ما يعيقه و يضعفه هكذا صاغت الصورة سلطتها و دعت إلى ضرورة التحرّر من كل القيود ومن كل مظاهر القهر الإجتماعي والسياسي و النفسي و الديني و مصادرة الحق في التعبير . هكذا جعلت السينما من واقع الإنسان مادّة طيعة لفعلها السينمائي سواء وظفت لخدمة السلطة وتمجيدها أو ناقدة لهذه السلطة متجاوزة كل مراحل الخوف بفضح كل ممارساتها الإضطهادية و هكذا كانت الصورة السينمائية دعوة إلى ضرورة التمرّد و التحرّر من كل الممارسات التي تعيق الإنسان وتقيدّه متجاوزة مجرّد التوثيق و الدعاية للسلطة لتؤسس سلطتها لأنّها مطالبة أمام الواقع بأن تكون في قلب الأحداث ليس بالأسلوب التوثيقي والتسجيبلي بل بالأسلوب التوعوي هي وسيلة المجتمع المثلى لكشف كلّ أشكال القمع و الوسيلة المثلى لنقد كل مظاهر الواقع المؤلمة التي جعلت من الإنسان يعاني. هكذا كانت الصورة السينمائية بين مكيالين تارة أداة تناول من خلالها الفنان قضايا الإنسان و طورا آلة فعّالة في صناعة الحدث و في التأثير عليه أصبح معها الفيلم السينمائي وثيقة لتاريخ الإنسان و لكل ما عاناه أو وسيلة ودعوة إستشراف لمستقبل أفضل لتكون هي السلطة وهي التعبير الذي تناول الواقع بكلّ تفاصيله لتكون لغتنا التي نتحدّث من خلالها ما عبّر عنه و أكدّه الباحث مصطفى أبو علي من خلال قوله : السينما فنّ الجماهير إلى أبعد حدّ بمعنى أنّها قادرة على الإتصال بهم و قادرة على أن تتحدث بلغتهم قادرة على أن تنقل الواقع إليهم . هكذا كانت الصورة السينمائية تدّلنا و تحرّرنا بعد أن كانت أداة تخدم الإستعراض الجماهيري للقوّة وللشخصية الرمز و للشخصية الزعيم كما هو الشأن في أفلام عمار الخليفي و كما هو الشأن لأفلام الدعاية النازية أصبحت هي السلطة بمعنى انّها بدل ان تكون تجميلا للسياسة تتحوّل على تسييس للجمال هذا ما قاله و اكدّه الباحث عبد العالي معزوز. هكذا أسست الصورة السينمائية لسلطتها فهل نجحت الصورة التشكيلية للتأسيس لسلطتها أم أنّها إكتفت بتوثيق ممارسات السلط القمعية بماهي سياسية إجتماعية تاريخية؟ الفصل الثاني : الصورة التشكيلية صورة السلطة و سلطة الصورة تعتبر الصورة التشكيلية سلطة بصرية ومحورية في العالم المعاصر تستّمد سلطانها من الواقع و من الأحداث الآنية سواء كانت دينية إجتماعية سياسية و إقتصادية سلطة تؤثر على الإنسان و على حياته. صورة لها قوّة تأثير تفوق كل التوّقعات في متخّيل المشاهد و بما تحثه و تدعوه إليه غيّرت إدراكنا للعالم و لذواتنا و للآخر من ناحية تؤثر و من ناحية أخرى بما فرض عليها فكانت الصورة تارة وسيلة دعاية و طوارا أداة تفضح الممارسات التي يمارسها الطغاة تجاه شعوبهم تعكس شبكة من العلاقات الدلالية ذات قيمة رمزية تنتج عالما من المعاني و العلامات تدعو المتلّقي إلى فكّ رموزها و تكون تشخيص لواقع الإنسان المعاش و تعكس مجموعة من التصوّرات و الأفكار والأحاسيس حتّى و إن كانت تجريدية لما تعيشه الأفراد و الشعوب و الإنسانية جمعاء فكانت الصورة التشكيلية تارة صورة السلطة وطورا هي السلطة التي نزعت كل مظاهر الخوف و دعت الإنسان إلى ضرورة المقاومة . 1 – الصورة التشكيلية صورة السلطة: كانت الصورة التشكيلية و لا زالت مرآة العالم لها سلطة تؤثر فينا كمشاهدين سواء كمؤثر أو كمتأثر في بداية الأمر إستثمرها رجال الدين للترويج و للترهيب و لزرع الخوف لتكون الصورة الفنية تحت السلطة الدينية نأخذ على سبيل المثال مرحلة القرون الوسطى كانت جلّ الأعمال الفنية في نطاق ديني بحت من حيث الشكل و المضون بحيث كانت لا سلطة للفن إنّما السلطة للدين و لرجال الدين و لذلك عمد صانعوا الفنّ أو الحرفيين الفنيين إلى تغييب الأشكال ومادّيتها وإقتصر الفنّ على تزيين الكنائس بالإعتماد على الرموز الدينية والزخارف والنقوش على الجدران فقط وإستثمر رجال الدين صنّاع الفنّ كوسيلة تعبيرية مهمة في نشر تعاليم الكنيسة و مواضيعها لذلك كانت أعمالهم مفرغة من المحتوى الدنيوي و الواقعي و مملوءة بمحتوى المضمون المهتم فقط بالمصير والآخرة أي مواضيع دينية بحتة بمعنى نفّذ الحرفيون أعمالهم الفنّية بتكليف من المراجع الدينية أي من الكهنة وبإشرافها المباشر من حيث المواضيع صلب المسيح آدم وحواء بداية الخلق و غيرها و نذكر أيضا نوع آخر من السلطة ألا وهي السلطة السياسية فمثلا إستغل السياسيون الغرب التشكيليين بتنظيم رحلات إستشراقية لأهداف إستعمارية فروّجوا لصورة غير حقيقية للشرق إنّما الصورة التي أرادوها لتسهل حملاتهم الإستعمارية و لإحكام السيطرة على هذه البلدان والإدعاء بأنّهم شعوب همجية لا تحترم ذواتها و لا تحترم المرأة و إعتبروها ليس إلا رمزا للشهوة و الرغبة الجنسية و روّجوا لصورة الشرق بالهمجيي الوحشية إستغلوا الحكام لفرض سلطتهم و لتضخيم الأنا الأعلى لهم و تعظيمها كرسم صور شخصية مثلا نابليون بونابرت أوتصوير للملوك و لعائلاتهم إذا كانت الصورة التشكيلية في مراحل معينة صورة السلطة فهل أسست لسلطتها و إذا كانت الصورة الفنية صورة السلطة فإلى أي مدى نجحت في التأسيس لسلطتها؟ 2 – الصورة التشكيلية سلطة الصورة: أسست الصورة التشكيلية سلطتها عن طريق تمرّد بعض الفنانين على الأوضاع التي دمرت الإنسان و أهانت كرامته و جعلت منه يعاني أمام الممارسات القمعية و كل مظاهر الإضطهاد و الظلم و القهر و لا عدالة و عدم المساواة الإجتماعية و رفضوا كل أشكال العنف المسلّط على الإنسان سواء كان عنف إجتماعي، نفسي، جنسي و لدينا من الأمثلة الكثيرة التي لا تحصى و لا تعدّ من ذلك مثلاعمل الفنان "فرانشيشكو دي غويا الذي يحمل عنوان "الاعدام رميا بالرصاص" كشف لنا ممارسات "نابليون بونابرت" إثر احتلاله لأسبانيا و عاناه الشعب الإسباني إثر حملاته الإستعمارية من قتل لكلّ من عارضه أو وقف ضدّه هكذا نجح الفنان في إدانة ممارسات الإحتلال وأشكاله المختلفة أيضا رفض بابلو بيكاسو للاحتلال وطنه وجه من خلال لوحة غرنيكا و ما خلفته من مآسي كانت بمثابة نقدا لكل مظاهر الإرهاب و الحروب التي دمرت البشرية نفسيا و إجتماعيا وإقتصاديا وكذلك نقد الفنان الروسي "فاسيلي كاندنسكي من خلال لوحته أنا طائر في السماء الحرب و ما خلفته من دمار للإنسان و الإنسانية التي تصرخ من رحم المعاناة ضد كل أشكال العنف من قتل و تعذيب من أجل تحقيق أهداف ذاتية سحقت المجموعة و هذا ليس موقف فاسيلي أو غويا أو بيكاسو فقط إنّما موقف معظم الفنانين أمام تجاوزات الساسة المهووسين بالسلطة و الذين يسعون لتحقيق أهدافهم ومصالحهم الشخصية على حساب المصلحة العامة حتّى و إن دمرت الإنسانية جمعاء نقد الفنان التعبيري مانش من خلال لوحته الشهيرة صرخة مثل هذه الممارسات من خلال سعيهم نحو تشويه وتجريد عّبر عن قلق الإنسان من هذه الحروب التي فرضت عليه و التي لم تكن من محض إختياره فكان ذلك المفعول به و المنبت أيضا صوّر فنانوا الواقعية من أمثال كوربيه و ميليه معاناة الطبقة الكادحة وما تعانيه من الإستغلال و القسوة من قبل الطبقة البورجوازية و لهذا دعوهم إلى ضرورة التمرّد و التحرّر من كل أشكال القمع و من كلّ مشاكل الترهيب مستغلين سلطتهم و غيرهم من الفنانين الذين دعوا إلى ضرورة التحرّر و الإنعتاق من كلّ ما يهين إنسانيتهم و من كلّ ما حجب عنهم الحرّية ومن كلّ ما يقيدهم تحت مسمى السلطة بمختلف أشكالها و ألوانها سواء كانت سلطة دينية أو سياسية أو إجتماعية هكذا يكون دور الفنّ بتوعية الشعوب إلى ضرورة التمرد و المقاومة و التصدي إلى كلّ أشكال التجاوزات و الممارسات المهينة لإنسانية الإنسان و لا يجعل من السلطة تسلب عقله و لا تساهم في إغترابه أو تهميشه وكما قال الفيلسوف نيتشه لنا الفنّ لكي لا تميتنا الحقيقة . هكذا كانت الصورة الفنية حقل ثقافي و إنساني تثور و تنقد كل أشكال القبح الذي رسّخ بصيغ متعددة في نفس الفرد أعادت ما تمّ هدمه بآلياتها الخاصّة المولّدة لدلالات و معاني متعددة كالحرية والتمرد و المقاومة و الثورة و و ليس مجرّد آلة من آليات السلطة التي سعت إلى محو كل مخزون إنساني بقصد ترويضه و تطويعه و تفريغ الإنسان من كل إنسانيته وجماليته و تحويله إلى مفعول به ومحكوم فيه و ليس ذلك الفاعل المتحكّم في مصيره و جعل الإنسان في صراع دائم مع الآخر يحكمه منطق البقاء للأقوى منطق يقر بأنّ الآخر هو عدوي و في مواجهتي منطق يؤيد قولة الفيلسوف سارتر الآخر هو الجحيم و ليس منطق التفاعل بين الأنا و الآخر منطق جعل من الإنسان يعيش حالة من الضياع و التيه. خاتمة: مثلت الصورة الفنية ضرورة ثقافية و نفسية و إبداعية أعادت لنا فهم الواقع الفعلي الذي نعيشه و نحياه قادرة على تقديم الإنسان بصورتين صورة تقدّم نفسها كسلطة و الإنسان كفاعل له قدرة على التحرّر من كل ما يعيقه و صورة كمفعول به و منبت فرضت عليه السلطة التي تمحو كل مظاهر ذاتيته كإنسان له كيان و وجود . هكذا كانت الصورة الفنية بما هي سينمائية و تشكيلية سلطة بصرية لامست جميع الفئات و جميع الشرائح عالجت جوهر الإنسان و مادّيته كوجود و كقضّية تجاوز من خلالها على كل مظاهر الخوف وكل الممارسات الإضطهادية و الإستبدادية و ساعدّته على التحرّر لما لها من تأثير و أثرها جعل من الإنسان يحلّق بعيدا و يعانق الحياة وأصبحت هي السلطة التي تفرض قانونها و تحوّلت إلى أداة الشعوب للمقاومة و التمرّد و الثورة والتحرر من كل أشكال العنف المسلّط عليه بعد أن كانت سابقا مجرّد وسيط و أداة السلطة التي تمرّر من خلالها كل ما تريده سواء السلطة الدينية او السياسية او الإجتماعية ما يؤكد قولة الفيلسوف سارتر الفنّ هو دائما ذات الإنسان الطموحة إلى إستعادة حرّيتها.
#سناء_ساسي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
خطاب الجسد في السينما التونسية فيلم صفائح من ذهب نموذج
-
الجسد صورة سينمائية برهانات جمالية و نفعية
-
السِّينما التونِسِيَّة: الذاكرة السياسيَّة مُقاربة واصِفة فِ
...
-
المصطلحات الفنّية:مقاربة واصفة للخطاب الفنّي
-
العمارة الاسلامية تنوع في الخصائص ووحدة في المضمون
-
الجسد في السينما التونسية صورة فنّية بمضامين واقعية
-
الإتصال و التواصل الفنّي عبر الصورةعلاقة التشكيل الفنّي بالس
...
المزيد.....
-
الفلسطينية لينا خلف تفاحة تفوز بجائزة الكتاب الوطني للشعر
-
يفوز بيرسيفال إيفرت بجائزة الكتاب الوطني للرواية
-
معروف الدواليبي.. الشيخ الأحمر الذي لا يحب العسكر ولا يحبه ا
...
-
نائب أوكراني يكشف مسرحية زيلينسكي الفاشلة أمام البرلمان بعد
...
-
مايكروسوفت تطلق تطبيقا جديدا للترجمة الفورية
-
مصر.. اقتحام مكتب المخرج الشهير خالد يوسف ومطالبته بفيلم عن
...
-
محامي -الطلياني- يؤكد القبض عليه في مصر بسبب أفلام إباحية
-
فنان مصري ينفعل على منظمي مهرجان -القاهرة السينمائي- لمنعه م
...
-
ختام فعاليات مهرجان القاهرة السينمائي بتكريم الأفلام الفلسطي
...
-
القاهرة السينمائي يختتم دورته الـ45.. إليكم الأفلام المتوجة
...
المزيد.....
-
التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ
/ عبد الكريم برشيد
-
مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة
/ د. أمل درويش
-
التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب
...
/ حسين علوان حسين
-
التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا
...
/ نواف يونس وآخرون
-
دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و
...
/ نادية سعدوني
-
المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين
/ د. راندا حلمى السعيد
-
سراب مختلف ألوانه
/ خالد علي سليفاني
-
جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد
...
/ أمال قندوز - فاطنة بوكركب
-
السيد حافظ أيقونة دراما الطفل
/ د. أحمد محمود أحمد سعيد
-
اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ
/ صبرينة نصري نجود نصري
المزيد.....
|