أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - سيرة ذاتية - منير المجيد - أوساكا (٣)، هم الذين يطلقون سراح الشمس















المزيد.....

أوساكا (٣)، هم الذين يطلقون سراح الشمس


منير المجيد
(Monir Almajid)


الحوار المتمدن-العدد: 6091 - 2018 / 12 / 22 - 04:03
المحور: سيرة ذاتية
    


اتبعت الحكمة التي تُحذّر من الإبتعاد عن شرب البيرة بعد النبيذ، واعتبرت أن الساكيه نبيذ أيضاً. على هذا النحو اتخذت قراري، بعد الإنتهاء من السوشي والساشيمي والساكيه المحلية. بصراحة أردت أن أنهي الأمسية ببيرة اخرى مثلّجة، إلا أنني تحلّيت بالحكمة بالرغم من الدوار الذي كان يحوم حول رأسي.
بوسعك احتساء النبيذ بعد البيرة، إلا أن العكس قد، أو من المؤكد، يؤدي إلى سكرة بهيمية.

كل هذا بسبب أنني غرقت في حديث عبثي مع مجموعة من الشابات والفتيان الذين كانوا يصخبون، على غير عادة الشعب الياباني الهادئ الصامت، بالقرب مني. كانوا، منذ البداية، يرفعون كؤوس البيرة بصرخة «كامپاي» (بصحتكم)، مشاركين، بما يشبه الرجاء، معظم ضيوف المطعم.
فضولهم دفعهم للإحتكاك، فقال أحدهم ناظراً إليّ: «هلو ميستر». أي نعم! سكران آخر تشمّم قليلاً من الكحول. رفعت كأسي ناخباً، فسارع الجمع برفع الكؤوس.
اليابانيون يتجرأوون بالتحدث بالإنكليزية عندما يُتختخون بالكحول. تعلّمت هذه القاعدة.
عرفت أنهم يحتفلون بالإنتصار على «Lions» الطوكيوي (كناية عن الإنتماء إلى طوكيو). وهذا تقليد مرعب في عالم الرياضة الذي لا أفقه فيه شيئاً. فريق «Tigers» الاوساكي مرّغ إنف الـ «Lions» القادم من طوكيو في مباراة البيسبول. عرفت أيضاً أن الشبان هنا مخبولون برياضة البيسبول، التي، كما يبدو، تُعادل جنون كرة القدم في أوروبا ومشرقنا.
فريق «هانشين تايغرز» تأسس عام ١٩٣٥ كأول فريق بيسبول محترف في البلاد. وبعد نشوب الحرب العالمية الثانية، وجرّاء الشعور العدائي تجاه الغرب حُذف اسم التايغرز، غير الياباني، وصار أسمه هانشين. وفي العام ١٩٤٧ (بعد إستسلام البلاد لليانكيز وانتشار الثقافة الأمريكية) أسموه بـ «اوساكا تايغرز». هذا الفريق هو المنافس الأكبر لفريق ليونز من طوكيو، تماماً كما هو الحال بين نوادي كرة القدم الكبيرة في اوروبا (ريال مدريد وبرشلونة كمثال).
عندما وقفت أحمل ورقة دفع الحساب بيدي، سمعت آهات صادرة من جيراني في السكر. فقلت لهم أنني مضطر للذهاب بسبب برنامجي الحافل ليوم الغد.
حينها قام البعض من هؤلاء وأتو لمعانقتي. تصرّفٌ لن تلقاه في أي مكان آخر في اليابان.
في الحقيقة، الاوساكيون يختلفون تماماً، فهم أريحيون أكثر، يصدرون ضجيجاً أكثر، علاوة على أنهم يتمتعون بروح النكتة والمداعبة بعيداً عن التحفظ الذي يُميّز بقية الأمة. حتى أن معظم، إن لم يكن كلهم، الكوميديين الذين يظهرون في السينما والمسلسلات والتلفزيون هم من اوساكا. وهناك أيضاً مطبخهم المُميّز المُبهّر، خلافاً للمطبخ الياباني المعتدل المذاق.
اعترضتني، في طريقي إلى الفندق، شابة ساحرة الوجه، ضئيلة البنية، قصيرة الساقين (كما معظم اليابانيات)، وعرضت عليّ، بانكليزية مفهومة، خدماتها الجنسية. رُبّاه! مومس يابانية؟ قلت لها بنبرة مثقلة بموسيقا ورائحة خليط البيرة والساكيه «لا شكراً، أتمنى لك أمسية سعيدة». فانحنت شاكرة. هل تصدقون؟ حتى المومسات ينحنين لك احتراماً لروح «البزنس»، الماركة المسجلة حصرياً لهذا الشعب.
عند إستقبال بهو الفندق، طلبت من الموظفة رمز الدخول إلى الإنترنيت، وفي الغرفة تحادثت مع أفراد العائلة على الـ «فيس تايم» مستغلاً فارق الوقت (سبع ساعات) حينما كانوا وسط فوضى الأطفال أثناء تناول العشاء.
حظيت بحمام دافئ في حوض الإستحمام الصغير، نافضاً عنّي ضجيج النهار والليل، ومتُّ في سبات، كما يبدو، دون عمق معروف.
شعرت أنني أغيّر من مسار دورتي الدموية حينما كنت آتناول إفطار الفندق الياباني. وكما في كل مرّة، كان اليابانيون يتناولون الوجبات الغربية الممّلة، بينما انصرف الأوروبيون إلى المطبخ الياباني.
برنامجي اليوم معقد قليلاً بسبب سعة الرقعة الجغرافية. سأزور بعض معالم المدينة، ثم استقل القطار إلى مدينة «كوبيه»، لأستقل، مرّة اخرى، باص منتصف الليل إلى «ماتسوياما».
تركت حقيبتي لدى أمانات الفندق.
محطتي الأولى كانت ناطحة السحاب «أبينو هاروكاس» الواقعة في منطقة «أبينوباشي»، المؤلّفة من ٦٢ طابق وبإرتفاع ٣٠٠ متر (أعلى بناء، وليس برج، في اليابان)، وبمساحة مائة ألف متر مربع (حين حساب مساحة البناء الملحق بناطحة السحاب). إنتهت عمليات البناء قبل سنة تماماً (٢٠١٤).
الذي شدّني إلى زيارة هذا البناء كان، ليس إرتفاعه والطابق العلوي المخصص للتفرّة على المدينة، بل المتحف في الطابق السادس عشر الذي كان، لحسن حظي، يعرض يومذاك أعمال بيكاسو من مرحلة الطفولة إلى الشباب.
الهدف الثاني كان حوض الأسماك «كايُكان» الواقع في «ميناتو»، الطريق المؤدي إلى مطار «كانساي» الدولي.
يحتوي على خمسة عشر حوضاً عملاقاً فيه ثلاثين ألف مخلوق من مخلوقات المحيط الباسيفيكي. شهرته العالمية لا تأتي فقط من كل هذه الحيوانات، بل الطريقة اللولبية التي تبدأ من الطابق الأرضي وصعوداً حتى الطابق الثامن، ثم نزولاً، دون أن تشعر أنك تنتقل من طابق لآخر.
وعلى بعد خطوتين، يسعك الإبحار بالسفينة في خليج اوساكا كي تتمتّع بمشهد المدينة الساحر من منظور آخر، سوى مبنى محلات «إيكيا» الذي سئمت منه في الدانمارك، وبدا وكأنه يُطاردني على مسافة ٩٠٠٠ كيلومتر. في الحقيقة، أمر آخر أتلف الإنطباع الرائع هذا اليوم، ففي البناء المجاور لحوض الأسماك، هناك مطاعم عديدة، أحدها مطعم عربي يضع على مدخله إعلانات تفتقر إلى الذوق وصورة راقصة «هز بطن» يابانية، وقبالتها «ليغو لاند» مُصغّر.
الأمور التي أتجنبها في الدانمارك، وُضعت في مجال واحد متقارب.
سارعت بالعودة، لأقوم بدور السائح التقليدي.
الزائر إلى اوساكا «يجب» عليه زيارة «دوتونبوري» في منطقة «نامبا»، والتي تمتد على طول قناة دوتونبوري حتى جسر «نيپّونباشي». هذه المنطقة كانت، تاريخيا، تكتظ بالمسارح، أما الآن ففيها مئات المطاعم وأماكن اللهو، وفي الليل مرتع العربدة.
وبسبب هذا البرنامج الكثيف، عدت مُسرعاً إلى الفندق، أخذت حقيبتي وعدت إلى محطة اوميدا واتجهت إلى مدينة «كوبيه» في رحلة قصيرة تستغرق ٤٠ دقيقة.
(يتبع)



#منير_المجيد (هاشتاغ)       Monir_Almajid#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- كوبيه، هم الذين يطلقون سراح الشمس
- أوساكا (٢)، هم الذين يطلقون سراح الشمس
- أوساكا (١)، هم الذين يطلقون سراح الشمس
- نارا (٢)، هم الذين يطلقون سراح الشمس
- نارا (٣)، هم الذين يطلقون سراح الشمس
- نارا (١)، هم الذين يطلقون سراح الشمس
- الميلاد في الدانمارك ليس جورج مايكل فحسب
- كيوتو (٣)، هم الذين يطلقون سراح الشمس
- كيوتو (١)، هم الذين يطلقون سراح الشمس
- كيوتو (٢)، هم الذين يطلقون سراح الشمس
- طوكيو، هم الذين يطلقون سراح الشمس
- الشينكانسن، هم الذين يطلقون سراح الشمس
- قامشلو
- لا، هذا ليس رثاء يا أمي


المزيد.....




- رجل وزوجته يهاجمان شرطية داخل مدرسة ويطرحانها أرضًا أمام ابن ...
- وزير الخارجية المصري يؤكد لنظيره الإيراني أهمية دعم اللبناني ...
- الكويت.. سحب الجنسية من أكثر من 1600 شخص
- وزير خارجية هنغاريا: راضون عن إمدادات الطاقة الروسية ولن نتخ ...
- -بينها قاعدة تبعد 150 كلم وتستهدف للمرة الأولى-..-حزب الله- ...
- كتاب طبول الحرب: -المغرب جار مزعج والجزائر تهدد إسبانيا والغ ...
- فيروز: -جارة القمر- تحتفل بذكرى ميلادها التسعين
- نظرة خلف الجدران ـ أدوات منزلية لا يتخلى عنها الألمان
- طائرة مساعدات روسية رابعة إلى بيروت
- أطفال غزة.. موت وتشرد وحرمان من الحقوق


المزيد.....

- سيرة القيد والقلم / نبهان خريشة
- سيرة الضوء... صفحات من حياة الشيخ خطاب صالح الضامن / خطاب عمران الضامن
- على أطلال جيلنا - وأيام كانت معهم / سعيد العليمى
- الجاسوسية بنكهة مغربية / جدو جبريل
- رواية سيدي قنصل بابل / نبيل نوري لگزار موحان
- الناس في صعيد مصر: ذكريات الطفولة / أيمن زهري
- يوميات الحرب والحب والخوف / حسين علي الحمداني
- ادمان السياسة - سيرة من القومية للماركسية للديمقراطية / جورج كتن
- بصراحة.. لا غير.. / وديع العبيدي
- تروبادورالثورة الدائمة بشير السباعى - تشماويون وتروتسكيون / سعيد العليمى


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - سيرة ذاتية - منير المجيد - أوساكا (٣)، هم الذين يطلقون سراح الشمس