|
بين أروبا والعالم العربي
ادريس البويوسفي
الحوار المتمدن-العدد: 1520 - 2006 / 4 / 14 - 07:25
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
اذا كان الفكرالاشتراكي اليساري قد استطاع أن يؤنسن الرأسمالية المتوحشة التي استطاعت خلال مراحل تاريخية من ان تصبح امبريالية في اطار حركة استعمارية توسعية وقد فرض على هذه الاخيرة صراع قوي بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية الا أن انهيار الاتحاد السوفياتي وجدار برلين وما كان يعرف بالمعسكر الشرقي قد يكون مرحليا وضع حدا لامتداد الفكر الاشتراكي جغرافيا الا أنه استطاع النجاح بشكل أفضل بدول ديموقراطية تقوم على التعددية الحزبية وهذا يظهر بعض عوامل انهيار الاتحاد السوفياتي حيث كان الحزب الشيوعي الحزب الوحيد الذي يؤثت المشهد السياسي الداخلي مما جعل البيروقراطية تستفحل في ادارة شعب يتكون من قوميات مختلفة تواقة للحرية .
اجتماعيا تمكن الفكر الاشتراكي من التغلغل في الاوساط العمالية مما مكنها من انتزاع حقوقها ضدا على نزعة التملك والسيطرة السائدة في الاوساط الرأسمالية فيكون بذلك قد قدم الحل لمعضلة اجتماعية خطيرة واجبار الرأسمالية على التخلي عن منطق الاستغلال كما نجح هذا الفكر على المستوى السياسي بدعمه للحركات التحررية بدول العالم الثالث خاصة حينما تشكلت وعلى الخصوص بعد الحرب العالمية الثانية طبقة عاملة واعية بذاتها وبأهميتها وبقضيتها الوطنية متخذة من الفكر الاشتراكي اليساري وسيلتها للدفاع عن الحرية والاستقلال والكرامة .
واذا عدنا الى العالم العربي فسوف نجد أن الصراع الفكري قد اتخذ منحا آخر خاصة مع تنامي الطبقة المثقفة بالموازاة مع البرجوازية التي تمكنت من تعويض المستعمر مما ساهم في جعل العالم العربي يتحول من الاستغلال الاجنبي الى استغلال عناصر حسبت خطئا على الوطنيين بل الاخطر وفي ظل التحولات العالمية ومنذ ثمانينيات القرن العشرين لم تكتفي هذه القوى بالتحالف مع الشركات المتعددة الجنسية بل تحالفت حتى مع القوى الرجعية ضد الافكار التنويرية التي أوصلت أروبا اقتصاديا الى ماهي عليه اليوم وأصبحت مجتمعاتنا العربية من المحيط الى الخليج تعيش على خطابات انتهازية ووصولية والفقراء يزدادون فقرا بينما الاغنياء يزدادون غنا فنشأعن ذلك طبقة مثقفة عادت الى الواجهة مؤمنة بشكل قطعي بضرورة التغيير من منطلق فكري يساري يشكل الخلاص من الاستغلال البشع والذي تتعرض له الشعوب المقهورة…. وفي بحثنا عن نمادج مميزة بالعالم العربي وكيف تعاطت مع مسألة معالجة الانتشار السريع للفكر الاشتراكي اليساري العادل نجد النمودج المصري على عهد أنور الساداتوالذي ساهم بشكل كبير في عملية ادلجة الدين وتحويله الى منظومة فكرية متصارعة مع الفكر الاشتراكي ومن داخل الحركة الطلابية والنخبة المثقفة التي كانت تطالب آنذاك بضرورة خوض حرب الكرامة بعد نكسة 1967 وحتى ينشغل الرأي العام الداخلي أعاد السادات انتاج فكر الاخوان المسلمين المطرود من حركة الضباط الاحرار منذ 1952 فعاد هذا الفكر الى الساحة بأوامر رآسية ومنحت لهم كل التسهيلات المادية وللوجستيكية بل أفرج عن بعض زعمائهم من المعتقلات بهدف توظيفهم في اطار التناحر الفكري مع الطرح الاشتراكي التحرري الداعي الى الانعتاق والحرية ورد الاعتبار الا أن هذا التوجه ساهم في أدلجة الدين وتوظيفه لمصلحة الحكام … وقد تنامى هذا ا الفكر المتطرف وبشكل أكثر بعد الثورة الايرانية الاولى سنة 1978 وفي أعقاب توقيع مصر على اتفاقية كامب ديفد تعرض سادات مصر للاغتيال لتبدو بعدها الحركات الاسلاموية أكثر تطرفا بل تمكنت من الانتظام في اطار جماعات وخلايا كما تمكنت من الحصول على الدعم المالي حتى من بعض الدول التي وجدت فيها وسيلة للضغط على بعض الحكومات كما لعبت المخابرات في العديد من الدول على مساعدة هذا الفكر التطرفي على النمو بنفس المنطلقات الفكرية والامنية والحال في ذلك الجامعات المغربية التي أصبحت منذ السبعينيات معقلا للفكر الحر الديموقراطي اليساري الباحث عن سبل لترسيخ مبادئ العدالة الاجتماعية والتغييروخلال الثمانينيات بدأت الجامعات المغربية تشهد نموا متزايدا للفكر المتطرف الذي نشأ وترعرع في أحضان وزارة الداخلية بل من زعماء هذا الفكر من كان عميلا وقد تميزت المرحلة بأدلجة الدين وتوظيفه في العمل السياسي وحولته القوى الظلامية الى اديولوجية قائمة على التطرف واصدار الفتاوى بالقتل في حق الاصوات الحرة المطالبة بالتغيير والرافعة لشعار الدين لله والوطن للجميع وكما هو الشأن بمصر ثم المغرب فالجزائر وتونس ودول الخليج أصبحت أدلجة الدين تنتج تطرفا والعنف يخلف ضحايا أبرياء عبر العالم ومن كل الجنسيات واليوم هاهي أروبا وبعد مرحلة النظام العالمي الجديد تعود الى المخاض السياسي الذي بدأ يعطي خريطة سياسية مزدانة باللون الاحمر وليست أروبا فحسب بل أمريكا اللا تينية وهاهي الصين تحقق أعلى نسب للنمو الاقتصادي عالميا حتى اصبحت تحتل خلال مطلع السنة الحالية المرتبة السادسة عالميا
#ادريس_البويوسفي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
المدرسة العمومية بالمغرب
المزيد.....
-
المقاومة الإسلامية في العراق تعلن مهاجتمها جنوب الأراضي المح
...
-
أغاني للأطفال 24 ساعة .. عبر تردد قناة طيور الجنة الجديد 202
...
-
طلع الزين من الحمام… استقبل الآن تردد طيور الجنة اغاني أطفال
...
-
آموس هوكشتاين.. قبعة أميركية تُخفي قلنسوة يهودية
-
دراسة: السلوك المتقلب للمدير يقوض الروح المعنوية لدى موظفيه
...
-
في ظل تزايد التوتر المذهبي والديني ..هجوم يودي بحياة 14 شخصا
...
-
المقاومة الاسلامية بلبنان تستهدف قاعدة حيفا البحرية وتصيب اه
...
-
عشرات المستوطنين يقتحمون المسجد الأقصى
-
مستعمرون ينشرون صورة تُحاكي إقامة الهيكل على أنقاض المسجد ال
...
-
الإعلام العبري: المهم أن نتذكر أن السيسي هو نفس الجنرال الذي
...
المزيد.....
-
مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي
/ حميد زناز
-
العنف والحرية في الإسلام
/ محمد الهلالي وحنان قصبي
-
هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا
/ محمد حسين يونس
-
المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر
...
/ سامي الذيب
-
مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع
...
/ فارس إيغو
-
الكراس كتاب ما بعد القرآن
/ محمد علي صاحبُ الكراس
-
المسيحية بين الرومان والعرب
/ عيسى بن ضيف الله حداد
-
( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا
/ أحمد صبحى منصور
-
كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد
/ جدو دبريل
-
الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5
/ جدو جبريل
المزيد.....
|