|
إلى مليكة مزان: ((أمازيغيتي لا أساوم عليها!))
كريم عزيزي
الحوار المتمدن-العدد: 6089 - 2018 / 12 / 20 - 07:42
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
كنت سأنشر بعد أيام الجزء 11 و12 من ((بين البدوية والرأسمالية والشيوعية ضاعت شعوبنا))، قد أخذ مني ما كتبت حتى الآن وقتا لم أكن أتصور أن أسمح يوما بأن أخصصه للكتابة.
منذ قليل خطرت ببالي مليكة مزان وفيديو شاهدته لها منذ سنوات في برنامج يُدعى ((في قفص الاتهام)) تذكرت قولها: ((أمازيغيتي لا أساوم عليها، وخا يموتو إيمازيغن كلهم في العالم، ونبقى أنا بوحدي، نبقى ندافع عليها))، مر ببالي أيضا مطوب الوناس و ((الله أكبر)) [https://www.youtube.com/watch?v=VBcTEVkVh9w] وأيضا أولاهلو و ((Pouvoir assassin)) [https://www.youtube.com/watch?v=hjjRhSXmxLM] فكتبت:
كم أحسد الأجيال القادمة في بلداننا لأن السونامي قادم لا محالة، بوادره أراها اليوم: من المروك إلى ليبيا تستيقظ الأمازيغية من سباتها وتبدأ في التحرر من قيود التاريخ المزيف، من غرب أرضنا سيشرق التيفيناغ على كل شبر فيها ومن شرقها "من تونس" ستغمر أنوار العلمنة كل شبر فيها، لا أعلم هل سيشمل ذلك موريتانيا أم لا لكني أتمنّى ذلك وأتمنّى أكثر، أزواد/ النيجر/ تشاد/ السودان/ مصر.
من أبشع ذكريات طفولتي عندما زرتها بعد اكتشاف الحقيقة، كلام قريب لي -جامعي- حاضر في نواكشوط في الثمانينات، كلامه لا يزال يرن في أذني عن الموريتانيين وكأنهم بشر من العصور الحجرية، احتقار شنيع سمعته منه وهو يصف العاصمة وكأنها صحراء فيها بعض أكواخ قصديرية لقوم بدو، عواصف رملية طوال الوقت وكل شيء في ذلك المكان مخلوط بالتراب، لم ير أي بشر جميل ذكرا كان أو أنثى ويوم غادرها كان أسعد أيام حياته. هذا كلام جامعي يحاضر في التاريخ يساري ومن أشرس معارضي بورقيبة، ولا غرابة! فهو "العربي" التونسي الأبيض وهم العبيد الزنوج!
كم كنا مخدوعين! كيف تربينا على احتقار أهلنا الحقيقيين وإخوتنا الذين نتشارك معهم نفس الدم ونفس الجغرافيا والتاريخ! وكيف لنا أن نسكت بعد أن استيقظنا من الأوهام التي زرعوها فينا!
السونامي قادم لا محالة، من المروك حيث هناك انتهينا من "المغرب العربي" وصار "المغرب الكبير"، لازلنا هنا في تونس بعيدين لكننا قادمون لا محالة، الجزائر أحسن حالا لكنها لن تتأخر والجميع سيلتقي في حينه لننتهي إلى الأبد من أكاذيب العروبيين فلا هو "مغرب عربي" ولا "مغرب كبير" ولا هو مغرب أصلا بل هي شمال افريقيا التي حتما ستعود إلى أصلها الأمازيغي، سيأخذ ذلك الوقت الذي يستوجب لكن القادمين سيرون قطعا ما نتكلم عنه نحن اليوم:
هل ستظن أن الإسلام سيبقى هكذا إلى الأبد؟ حتما مخالبه ستقلم ولن يبق منه إلا الاسم كالمسيحية في الغرب، وهل ستظن أن شمال افريقيا باقية إلى الأبد تحت حكم العروبية؟ أنت واهم إن فكرت في ذلك والتاريخ بيننا، الحق لن يضيع وأمتنا ناهضة ناهضة لا محالة....
حتى الهواء عربوه في بلداننا، كسروا رؤوسنا بخرافة أمتهم العربية المزعومة! هل من حقنا أن نتكلم معكم عن أمتنا الأمازيغية؟!! اعتبروه رأيا وأنتم سادة الفكر ودعاة العلمانية، اعتبروه تخريفا وهذيانا وأنتم سادة الخرافات والنفخ في الأموات، واعتبروه إن شئتم عنصرية وأنتم أرباب العنصرية وهل توجد عنصرية وفاشية أعظم من سرقة شمال افريقيا بأراضيها وشعوبها ودولها لوهمٍ كوهمكم؟!
عندما تُعلَّم شعوبنا أن العرب عندما قدموا وجدوا أجدادنا يعيشون في الكهوف ويرتدون الجلود، وعندما نذهب للرسومات المصرية القديمة لنجد أن أجدادنا كانوا يرتدون أجمل الملابس أحسن حتى من المصريين أنفسهم! علينا أن نعي جيدا أن هناك مشكلة كبيرة جدا ولا يمكن بأي حال أن تُمرّر أو أن يُقبل اعتذار عنها!
https://ar.wikipedia.org/wiki/%D8%A8%D9%88%D8%A7%D8%A8%D8%A9:%D8%A7%D9%84%D8%A3%D9%85%D8%A7%D8%B2%D9%8A%D8%BA#/media/File:Amazighs_%26_egyptiens.jpg
الأمازيغ على اليمين فوق، قارن لباسهم بلباس سكان جزيرة العرب ليس قرونا قبل الميلاد بل من مائة سنة فحسب وقل لي كيف علّمنا أولئك البدو الغزاة الحضارة وكيف وجدوا أجدادنا يسكنون الكهوف؟
عندما يُعلِّمني المعلم أن سكان شمال افريقيا الأصليين كانوا يسمون "البربر" ويُقدّم لي درسه بطريقة أفهم منها أن أولئك "البربر" انقرضوا ولا علاقة لي بهم تكون عندي مشكلة عظيمة جدا! لأني إلى اليوم أنا وكلكم نقول "فلان على رأسه الريش" "فلان على رأسه ريشة" فما دخل قولتي هذه بالصورة التي فيها أولئك الذين يرتدون أفخم لباس مقارنة بكل من معهم وعلى رؤوسهم الريش؟!
عندما لا أسمع طيلة دراستي إلا عن حضارة ميزوبوتاميا والفراعنة وكأن بلدي لم يوجد فيه أي شيء أيضا تكون عندي مشكلة عظيمة جدا! لأن الحضارة وُجدت في بلدي قبل حتى أن توجد في مصر وغيرها!
لماذا هذا التغييب لكل شيء أمازيغي يا ترى؟ لماذا يجب أن تُصوّر شمال افريقيا وكأنها صحراء قاحلة لم تُنتج أي شيء طوال تاريخها؟ هل حقا كان أجدادنا "برابرة" كما ادّعى كل المستعمِرين على طول تاريخنا؟
لاحظ جيدا أن الغربيين الذين كتبوا لنا تاريخنا وعلّمونا عن آثارنا -بما أننا إلى اليوم مستعمَرون ولم تحكم أي سلطة وطنية في بلداننا- قالوا لنا أن الحضارة بدأت في العراق القديم ومصر ثم اليونان ثم أوروبا ثم انتهت القصة!! أي تأسيس لاستلاب رهيب تجاه الشرق والغرب فنحن شعوب بدائية بلا تاريخ يُذكر، أضف إلى ذلك الإسلام الذي جاءنا بالأنوار الإلهية من صحراء العرب!! ستفهم لم لا نزال عبيدا -بكل ما في الكلمة من معاني- وتابعين للغرب والشرق، ويقول لنا المشرقي أننا تنقصنا العلمانية لنتقدم وكلنا إخوة عرب! وأقول له لا يا سيدي نحن أولا لسنا عربا وثانيا لسنا إخوة وثالثا تاريخنا الذي غيبه العالم بأسره قبل كل شيء ومبروك عليك علمانيتك وعروبتك.
غريب جدا كيف كانوا قالوا لنا أن كل شيء عربي في بلداننا وإذا ما ظهر لنا أن أثر ما يظهر عليه القدم أي قبل القرن السابع فكان يلقى في وجوهنا أنه روماني أو فينيقي! أما أن يقال لنا أنه أمازيغي فمستحيل حتى "بربري" -على رأي العروبيين- مستحيل! ونفس الشيء مع الطوبونيميا فعندنا أماكن كثيرة جدا أسماؤها لا علاقة لها بالعربية لا من قريب ولا من بعيد وعندما نسأل يقولون لنا روماني!!
كل شيء في هذا البلد صنعه الأجانب، ونحن جئنا مع هؤلاء الأجانب حتى أصبحنا شعوبا تعيش بأجسادها في شمال افريقيا لكن عقولها أغلبها في جزيرة العرب وما بقي منها تجده في أوروبا في تركيا وفي كل مكان إلا في شمال افريقيا! فهذا أصله عربي وذاك تركي وذاك من البلقان وذلك من إيطاليا والآخر من سوريا ومن مصر ومن المريخ حتى! أما أن يقول لك أنا من هنا فمستحيل! حتى القبائل الأمازيغية الضاربة في القدم والمعروفة عرّبوا أغلبها ومن نجى من التعريب رومنوه!
الثقافة العروبية الإسلامية المفروضة على شعوبنا تصور لنا أن الشعب الفلسطيني هو أكثر شعب مظلوم وشعب مسكين مستعمر و و و و لكن ماذا عن الشعب الأمازيغي؟ على الأقل الفلسطيني يعرف أنه فلسطيني أما نحن فلا نعرف حتى أنفسنا، الفلسطيني مخدوع مثلنا بوهم العروبة لكنه يعرف أنه فلسطيني وفلسطين ـ أصله ـ كلمة مذكورة في كل مكان عكسي أنا -وأتكلم عن شخصي- أنا لم أسمع لثلاثة عقود من عمري بلفظ "أمازيغ" أصلا فمن أتعس حظا أنا أم أكبر أمي فلسطيني؟ بل حتى السايكوبات الفلسطيني أحسن مني حالا على الأقل وبالرغم من مرضه هو يعرف أنه فلسطيني! هذا حالي أنا قبل سنوات من الآن وهو حال أغلب أفراد شعبي على عكس الجزائر والمغرب وليبيا.
نحن سُحقت هوينا بالكامل، أي نحن تعرضنا لإبادة ليست جماعية فحسب بل إبادة شعب بأسره واستئصاله من جذوره بالكلية وإيهامه بجذور أخرى مزيفة، فلماذا -وأسأل السؤال الغبي- يُنتزع شعب برمته من جذوره؟ ولماذا حتى القليل الذي بقي منها في ذاكرته -أي الكلمتان اللتان درستا لنا في الابتدائي- يُشوَّه ويُصوَّر على أنه شوية "برابرة" يسكنون الكهوف ويلبسون جلود الحيوانات ولا يعرفون إلا السعي وراء بطونهم من مكان لمكان كالبهائم؟!
غريب كيف يظن العروبي أن الأمر بسيط جدا وعادي فالهوية تتغير مع الزمن وليست حقيقة ثابتة! كنا "بربر" سابقا لكننا اليوم عرب وانتهت القضية! غريب يا أخي كيف لا تستطيع إخفاء فكرك الاستعماري النازي أو حتى تهذيبه قليلا! يا أخي هذه ليست تغيرت مع الزمن بل هي أبيدت أصلا! وبماذا أبيدت؟ هل بحضارة عظيمة غَلبت عليها بإنجازاتها وبالخير العظيم الذي حلّ علينا؟ أم بالإرهاب وبالكذب وبالتزوير والتزييف وبأقذر الأساليب التي ابتكرها الجهلة السذج والانتهازيون الخونة منا؟ ما الجديد الذي أتانا من جزيرة العرب؟ يكفيني مثال تيهيا المرأة التي كانت تحكم أغلب شمال افريقيا ولم يقل أحد عنها أنها عورة أو شيطانة أو لا تصلح إلا للركوب كالبقرة والنعجة على رأي محمد ومحمد لم يكن برازيليا أو أستراليا على حد علمي! بل عربي قح وما إسلامه إلا ثقافة أهله الذين خرجوا كالجراد جياعا حفاة عراة لينهبوا ويدمّروا كل شيء مروا به. يا عزيزي حتى لو فقدت عقلي وفكرت يوما في التنازل عن هويتي فلن أستطيع أن أسكت عن جريمة إبادة! جنوسايد لا يُغتفر وجريمة لن تسقط بالتقادم! أزعم أن عندي أخلاق ستمنعني ما حييت أن أكون شريكا في جريمة إبادة شعب أرى أن ما وقع عليه أعظم جريمة حصلت منذ وجدت حياة على سطح الأرض، أعظم مما يحصل للفلسطينيين بل أشنع حتى من محرقة اليهود: تخيل أن اليهود اليوم جهّلوهم إلى درجة أنهم لم يسمعوا إطلاقا بما حصل لأسلافهم في أفران هتلر؟ إذا لم تجد علاقة أو تساءلت ما الرابط فاعلم أن الثقافة العروبية التي أنت غارق في مستنقعها قد أعمت عينيك عن رؤية شمس ساطعة مثلك مثل مسلم تقدم له ما ينسف نسفا قرآنه لكنه يضحك في وجهك ويسخر منك.
#كريم_عزيزي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
القول بأمازيغية شمال افريقيا -قول عنصري- عند سدنة هياكل الوه
...
-
ماذا لو بقي الأمازيغ مسيحيين؟
-
بين البدوية والرأسمالية والشيوعية ضاعت شعوبنا (10)
-
بين البدوية والرأسمالية والشيوعية ضاعت شعوبنا (9)
-
بين البدوية والرأسمالية والشيوعية ضاعت شعوبنا (8)
-
بين البدوية والرأسمالية والشيوعية ضاعت شعوبنا (7)
-
رسالة إلى أساتذة التاريخ (الشرفاء)
-
بين البدوية والرأسمالية والشيوعية ضاعت شعوبنا (6)
-
بين البدوية والرأسمالية والشيوعية ضاعت شعوبنا (5)
-
بين البدوية والرأسمالية والشيوعية ضاعت شعوبنا (4)
-
بين البدوية والرأسمالية والشيوعية ضاعت شعوبنا (3)
-
بين البدوية والرأسمالية والشيوعية ضاعت شعوبنا (2)
-
بين البدوية والرأسمالية والشيوعية ضاعت شعوبنا
-
الماركسيون والإسلام : نظرة سريعة
-
لماذا يتواصل تعثر نهضتنا ؟
المزيد.....
-
استقبل تردد قناة طيور الجنة أطفال الجديد 2024 بجودة عالية
-
82 قتيلاً خلال 3 أيام من أعمال العنف الطائفي في باكستان
-
82 قتيلا خلال 3 أيام من أعمال العنف الطائفي في باكستان
-
1 من كل 5 شبان فرنسيين يودون لو يغادر اليهود فرنسا
-
أول رد من الإمارات على اختفاء رجل دين يهودي على أراضيها
-
غزة.. مستعمرون يقتحمون المقبرة الاسلامية والبلدة القديمة في
...
-
بيان للخارجية الإماراتية بشأن الحاخام اليهودي المختفي
-
بيان إماراتي بشأن اختفاء الحاخام اليهودي
-
قائد الثورة الاسلامية آية اللهخامنئي يصدر منشورا بالعبرية ع
...
-
اختفاء حاخام يهودي في الإمارات.. وإسرائيل تتحرك بعد معلومة ع
...
المزيد.....
-
شهداء الحرف والكلمة في الإسلام
/ المستنير الحازمي
-
مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي
/ حميد زناز
-
العنف والحرية في الإسلام
/ محمد الهلالي وحنان قصبي
-
هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا
/ محمد حسين يونس
-
المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر
...
/ سامي الذيب
-
مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع
...
/ فارس إيغو
-
الكراس كتاب ما بعد القرآن
/ محمد علي صاحبُ الكراس
-
المسيحية بين الرومان والعرب
/ عيسى بن ضيف الله حداد
-
( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا
/ أحمد صبحى منصور
-
كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد
/ جدو دبريل
المزيد.....
|