أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الصحة والسلامة الجسدية والنفسية - حبيب محمد - معركة الكشف قبل الزواج















المزيد.....

معركة الكشف قبل الزواج


حبيب محمد

الحوار المتمدن-العدد: 6086 - 2018 / 12 / 17 - 03:45
المحور: الصحة والسلامة الجسدية والنفسية
    



من المعروف أن الكشف عن الأمراض بصفة دورية هو امر مفترض وهو أيضا مؤشر على ارتفاع الوعي الصحي ، ويكون ذلك عادة في المجتمعات المتحضرة والتي تتميز بوسط أنيق وراقي، رغم أن هذا الكشف هو جيد للشخص من ناحية متابعة حالته والتعرف على قدراته العضوية والنفسية إلا أن له فوائد أخرى منها مثلا :
_رصد الأمراض المنتشرة ومحاولة علاجها ان أمكن
_عزل أصحابها ووضعهم تحت المراقبة والمتابعة بشكل متواصل ، للحد من الأمراض المعدية وخاصة المنتقلة عن طريق الجنس أو عبر الدم الملوث..
_وضع استراتيجيات معقلنة عن طريق التوعية والتثقيف والعمل الميداني من أجل الرقي بالحقل الصحي ..

لكن الكارثة هنا أن طلب الكشف في حد ذاته يصنف اعتداء على الآخر ، بمعنى انك حين تطلب من شخص في موريتانيا أن يجري فحوصات غالبا تواجه بالسخرية والاستفزاز وأحيانا يقولون لك انت مجنون ، هذا في حالة الشخص العادي ، لكن في حالة الشخص مريض ذلك ضروري جدا وعندها لامجال للمفاوضات، لكن المشكلة الحقيقية هنا والتي برأيي فاقت الحد هي أن ثقافة الكشف قبل الزواج غائبة تماما بل مغيبة في هذه الصحراء القاحلة وذلك بفعل التقاليد المترسبة في عقول العامة
لكن الأمر لايقتصر على ذلك فقط بل يفسر على أنه طعن في شرف الفتاة حين تطلب منها إجراء فحوصات قبل الزواج ، وهنا يجب تصحيح بعض المغالطات الشائعة عند الغالبية وهي أن الأمراض التي تنتقل عن طريق الممارسة الجنسية تكون فقط في حالة هذه العلاقة خارج إطار الزواج وهذا غير صحيح وليس علمي ، هذه الأمراض الفتاكة تنتقل في حالة أحد الطرفين مصاب سواء كانوا في زواج من عدمه..

ونفس الفكرة تنطبق على الرجل في حالة طلب منه الكشف عن صحته قبل الزواج ، وأن كان الموقف هنا أقل حدة إذ يتصور بأن ذلك يجعله في قائمة الشباب الذين لهم تاريخ ملوث بالعلاقات الفاشلة والتلاعب بالفتيات ، وبالتالي لن يلقى قبولا من طرف العائلات التي تصنف محافظة في حالة طلب يد فتاة تنتمي لذلك الوسط التقليدي ، هذا ان كانت القضية مختزلة في الجانبين أي تم النقاش فيها بشكل سري وهو ماينبغي ، أما في حالة خرجت عن نطاقها الخاص فستحصل معركة قوية نتيجة الصدمة وربما مشكلة كبيرة قد تصل لحرب بين عائلات وقد تكون العواقب وخيمة جدا ،

لأن مفاهيم الشرف والفحولة والعفة والشهامة والنسب هذه متتاليات محفورة برموز وهمية ولايمكن فك شفرتها وأيضا لايمكن المساس بها هذا ضمن طقوس البدو وعاداتهم المتجذرة على مر السنين ، وجل هذه النظريات المثالية تدور حول جسد المرأة بشكل تشريحي ابتداء من شعر رأسها إلى آخر القائمة ، وهو مايرى فيه الحداثيون أو المدافعون عن الحريات وخاصة حقوق المرأة نوع من تسليع المرأة وعرضها كبضاعة والغاء دورها الحقيقي كعنصر مهم بل هي نواة المجتمع ومن دونها لايمكن لعجلة التنمية أن تتحرك
وغير بعيد من ذلك الحيز الضيق المليئ بالأفكار الميتة ، يقوم التجاذب بين المعسكرين وتبدأ المعدات الكهروتراثية بالعمل ويتجلى ذلك في ابشع أساليب الاحتقار والانتقام وكأن كل هذا يستحق هذه الفظاعة والهمجية ، إنها الأساليب الحيوانية المعادية للإنسان وحقه في الوجود وكيف يقرر هو شكل ذلك الوجود ،

إذا كيف يمكننا إيقاف هذا الفكر الرمالي ، والذي يضفي بصبغة مشوهة على ظلال الطبيعة الإنسانية السليمة والتي تحتضن الفرح وتعشق الإختلاف وتقدس الحياة بتنوعها بألوانها ، الحل بسيط جدا في نظر الانسان الواقعي لكنه صعب على من لايزالون في مرحلة الطور التمهيدي من الحياة الموضوعية ، فتجربة الخروج من منظومة الجهل الوراثي إلى منظومة العلم والمعرفة ، هي تحدي شاق لكنها أول علامة على ان الشخص سليم نفسيا وجسميا وبنيويا وهذا مايجعل منك انسانا بكل المعاني والمعايير، ونحن هنا نشجع الحفاظ على هذه السلالة المهددة بالإنقراض

وللأنصاف يمكن القول ان 1% أو أقل من الشعب الموريتاني ترى ضرورة الكشف عن الأمراض قبل المناسبات الاجتماعية أو غيرها وهذا مبشر لكن للأسف زحف العقليات الماضوية يحول دون أي مشروع هادف في هذا الصدد ، رغم وجود برامج تابعة لوزارة الصحة في مجالات من هذا القبيل كتنظيم النسل أو الصحة الإنجابية ، وخطورة زواج القاصرات ، وأهمية الرضاعة الطبيعية الا أن حركة الوعي لازالت دون المستوى المطلوب ، وهو ماجعل كل هذه البرامج الصحية حبر على ورق ، رغم الجهود الذاتية للطواقم الصحية والمرشدين الاجتماعيين إلا أن الحق يقال لا أمل مع الأمية ، فالجهل هو مرض العصر وهو الذي يفتك بالمجتمعات ويجعلها تحتكم للأموات وترفض العلاج الحقيقي لأمراضها الوبائية

ومعركة الكشف قبل الزواج هي نتاج تراكم لكم هائل من الأفكار والأساليب البدائية ، ونحن نتفهم ذلك لأن المؤشرات والدراسات الانتروبولوجية تبين لنا واقع المجتمعات وكيف تم تطورها وخروجها من القاع إلى القمة وكان ذلك نتيجة عامل النقد وذلك بفضل الشك والتساؤل وإعادة مراجعة المفاهيم ووضعها على الميزان النقدي ، ولكي نكون صريحين قضية إجراء التحاليل قبل الزواج لن تأخذ من وقتك إلا نصف ساعة أو أقل و هي في جوهرها تخدم فكرة السعادة وإنشاء مجتمع سليم وصحي وراقي لأن كشف المرض ومحاولة علاجه أقل تكلفة من توريثه لأجيال أخرى لا ذنب لهم وهكذا تتفاقم الكارثة وتصبح التعاسة هي عنوان عالمنا المريض اصلا منذ الأزل

وتجدر الإشارة هنا أن هناك فئة معتبرة من مجتمعاتنا ترى أن مثل هذه القضايا يدخل في إطار خدش الحياء أو بعبارة أخرى المسكوت عنه وهذا ماجعلنا نمثل ذيل الأمم ، حيث السكوت والصمت والتواطئ عن قول الحقائق هو واجهتنا الحقيقية لأننا نرتاح لذلك أو لأن مناهجنا المتداولة لا تخدم الفكر الحر ، وهذه معضلة أخرى تضاف للرصيد العفن من الأفكار المعلبة والتي تمتص أي نهضة أو محاولة للولوج إلى عالم الأحياء والأحرار والمبدعين..

وللتذكير الكشف قبل الزواج يبرز لنا الأمراض الوراثية وكذلك القدرة على الإنجاب أو العقم هذا فضلا عن كشفه للأمراض المعدية المنتقلة عن طريق الجنس كالسيدا أو الزهري أو غيرهم من الأمراض الفتاكة
دون ان يغيب عن اذهاننا ان الثقافة الجنسية ومعرفة خلفياتها لها دور جبار في هذا المجال وهي عامل مهم للإستمرارية وبناء مستقبل واعد بين الطرفين

وشخصيا من الذين يؤمنون بأن التغيير يكون أسرع وأدق حين يأتي من القمة وذلك عن طريق السياسية حيث مراكز صنع القرار لأن الشعوب النامية لايمكن ان يتم إصلاح واقعها إلا بقوانين صارمة ومفعلة وحيادية من شتى الحساسيات ، وهذا ليس مستحيل ولا حتى صعب ، وهذا لايعني أن التوعية الافتراضية أو نشر الوعي بمجهود فردي ليس مهما هو مفيد ويغير المجتمع مع الوقت لكنه بطيئ جدا مقارنة مع دور السياسي الحداثي الذي يسعى لخلق قوانين تضبط المجتمع وتجعله يساير العصر ، ومن هذه القوانين جعل الكشف الطبي قبل الزواج إجباري وكذلك التمدرس يكون إجباري واحترام الآخرين ،وغيرها من مجريات الحياة العصرية لهذا على الدولة الموريتانية أن كانت جادة فعلا في الإصلاح أن تنتهج هذا السبيل وتضع مسطرة صحية وتربوية واجتماعية واقتصادية للنهوض بالبلاد ، وحتى إن كانت هناك مشاريع مسبقة من هذا القبيل يجب تفعيلها والبت في تطبيقها على أرض الواقع.



#حبيب_محمد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- فوبيا الحب
- البدو والدراما التركية وأشياء أخرى
- التعليم في عالم الرمال
- شبح المأمورية الثالثة
- ظاهرة السمنة
- وباء الشعوذة


المزيد.....




- وفاة الملحن المصري محمد رحيم عن عمر يناهز 45 عامًا
- مراسلتنا في الأردن: تواجد أمني كثيف في محيط السفارة الإسرائي ...
- ماذا وراء الغارات الإسرائيلية العنيفة بالضاحية الجنوبية؟
- -تدمير دبابات واشتباكات وإيقاع قتلى وجرحى-.. حزب الله ينفذ 3 ...
- ميركل: سيتعين على أوكرانيا والغرب التحاور مع روسيا
- السودان.. الجهود الدولية متعثرة ولا أفق لوقف الحرب
- واشنطن -تشعر بقلق عميق- من تشغيل إيران أجهزة طرد مركزي
- انهيار أرضي يودي بحياة 9 أشخاص في الكونغو بينهم 7 أطفال
- العاصفة -بيرت- تتسبب في انقطاع الكهرباء وتعطل السفر في الممل ...
- 300 مليار دولار سنويًا: هل تُنقذ خطة كوب29 العالم من أزمة ال ...


المزيد.....

- الجِنْس خَارج الزَّواج (2/2) / عبد الرحمان النوضة
- الجِنْس خَارج الزَّواج (1/2) / عبد الرحمان النوضة
- دفتر النشاط الخاص بمتلازمة داون / محمد عبد الكريم يوسف
- الحكمة اليهودية لنجاح الأعمال (مقدمة) مقدمة الكتاب / محمد عبد الكريم يوسف
- الحكمة اليهودية لنجاح الأعمال (3) ، الطريق المتواضع و إخراج ... / محمد عبد الكريم يوسف
- ثمانون عاما بلا دواءٍ أو علاج / توفيق أبو شومر
- كأس من عصير الأيام ، الجزء الثالث / محمد عبد الكريم يوسف
- كأس من عصير الأيام الجزء الثاني / محمد عبد الكريم يوسف
- ثلاث مقاربات حول الرأسمالية والصحة النفسية / سعيد العليمى
- الشجرة الارجوانيّة / بتول الفارس


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الصحة والسلامة الجسدية والنفسية - حبيب محمد - معركة الكشف قبل الزواج