أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - انور الموسوي - العلمانية ونظرية سروش














المزيد.....

العلمانية ونظرية سروش


انور الموسوي
مهندس كاتب وصحفي

(Anwar H.noori)


الحوار المتمدن-العدد: 6086 - 2018 / 12 / 17 - 01:57
المحور: المجتمع المدني
    


يذكر عبد الرحمن سروش في كتابه العقل والحرية، بعدين مهمين لنشوء العلمانية هو:  البعد العلمي واستقلاليته عن الدين، والبعد العقلي، واصفاً العقلي منه بالحادثة المهمة والتاريخية، والزلزال في الأرض الذي ترتب عليه أثار وعواقب مهمة.
يقول سروش (ان ظهور العقلانية افرز ظاهرة العلمانية والعلمنة).
بالتالي يعطي انطباعاً عما لو تم اتخاذ الشخصية التاريخية للنبي فقط، فان تطور العلوم وتزامن هذه المعطيات  يؤدي إلى انحلال المنظومة الدينية في اطار المعارف وتجسيد مفاهيم التخصص الواقعة اصلاً باعتراف سروش نفسه، ويصف ذلك التطور في النهج العلماني واستقلالية العلوم من خلال قوله (النبي لو جاء بقضايا رياضية فان الرياضيات لا تكون امرا غير رياضي، وهكذا لو جاء بعلم النفس أو الفلسفة أو علم الفسيولوجيا أو الفنون الأخرى. فأن هذه الأمور لا يمسها التبدل والتغير في محتواها أو في تعريفها، بل تبقى كما هي عليه وكما ينبغي ان تكون، ولهذا السبب فان المعارف الدينية بنفسها علمانية ((أي غير دينية))وكونها متصفة بالدينية لمجرد نسبتها لشخص "النبي التاريخي" ويأتي قوله هذا: في عدم ركونه إلى "الشخصية التاريخية" للنبي بمعزل عن البعد المعنوي لها، أنه يعطي هذه الانطباعات بسبب الركون والفهم "للشخصية التاريخية للنبي" بمعزل عن البعد الروحي او المعنوي. ليزيل اللبس والتراجع الحاصل للأديان بركونه الى نظرية " البعد المعنوي".
تتسم طروحات سروش بمحاولة إيجاد نسق توليفي يقارب من خلاله المعطيات الحاضرة لتوهج العلمانية، ومقاصد النبوة وتوجيهاتها، يتبنى فكرة أو منطلق "الشخصية المعنوية" للنبوة واضعا التجربة الدينية بواسطة النبوة من خلال الاتصال الروحي وتكرار "التجارب النبوية" وهذا ما أسس على ضوئه كتابه "بسط التجربة النبوية".
انه يميل إلى هذه المعادلة اكثر مما يميل إلى "الشخصية التاريخية" للنبي.
قام المفكر سروش في أحداث معادلة غير متوازنة بين العلمانية ودوافعها ونتائجها وبين محاولته لإحداث تطوير في النظرية الدينية، كان الأجدى له عدم وضع سياقات العلمانية وأسسها في قبالة نظريته في "بسط التجربة النبوية" أو في "الشخصية المعنوية للنبي" لان الأمران مختلفان في التطبيق والتعادل، وهو يذكر بأكثر من مناسبة في كتابه العقل والحرية، تلك القوة التي تمتاز بها الرؤية العلمانية حتى انه وصل في مناقشته من خلال كتابه بالقول: (( لو تم قطع النظر عن "التجربة الدينية" فان ذلك سيؤدي بالدين نفسه عن عن اطار الدين، ويكون امرآ علمانيا وغير ديني)).

وهو يحيل في نظريته هذه التجربة النبوية إلى خانة (العرفان والتصوف) في كل معرض رد على نتائج العلمانية وأهدافها. اذ سمح من خلال رؤيته ان يعقد مقارنة غير متوافقة بين ما تنتجه العلمانية من اثر ملموس للعالم  وبين ما تنتجه نظريته في "التجربة النبوية" التي يطرحها من اثر ملموس على الأفراد (المتصوفين أو العارفين).
المقارنة المعقودة في التوليف أو التفنيد ضمن هذا السياق هي مقارنة غير منطقية البتة وغير راجحة الكفة باتجاه تقوية النظرية الدينية، في قبالة ما تدعيه العلمانية من فصل وعزل النظام السياسي، والشؤون العامة للدولة عن الدين، مع ملاحظة قوله في عدم وجود تعارض قصدي بين العلمانية والدين اذ يقول (المرحلة الجديدة التي تعيشها البشرية تسمى مرحلة العلمانية، والعلمانية لا تعني الموقف المضاد للدين، بل تعني اللادينية، فهي تعني عدم اهتمام الأنسان في شؤونه الدنيوية بمسالة الدين وتعاليمه، حيث تقوم المؤسسات الاجتماعية في المجتمع المدني بدون ملاحظة القيم والأوامر والنواهي الدينية لا نفيا ولا أثباتا وهذا لا يعني بالضرورة ان تقف موقفا معاديا لتعاليم الدين او تتعامل معها من موقع الخصومة أو العقدة ولا تعني الإلحاد الصريح والعزم على الغاء الدين من ساحة الحياة والواقع، فأحد لوازم عدم الالتفات للدين في العلمانية إخراج الدين من الميدان العام في دائرة المجتمع وسياسة المدن وحصره في الضمير الشخصي للإنسان وفي دائرة الحالات الفردية....)
ومن تلك النتاجات المنطقية وبين ما تم ذكره مؤخرا وبين نظريته في البعد (العرفاني أو الصوفي) يؤسس سروش في بحثه تراجعا عظيما نحو الفردانية الدينية والعزل الديني عن النشاطات الأخرى للبشر، وترتفع قامة العلمانية كبديل قيادي اكثر رجاحة من البديل الصوفي أو الوجداني في إعادة انتاج التجارب الإيحائية أو النبوية في العصر الحاضر وتبقى الأمور ضمن الاطار الشخصي والفرداني للإنسان، ولا دخل للدين في تقويم المؤسسات ولا في إدارة الدولة أو شؤون المجتمع المدني، وليس بديل عن القوانين المدنية الفعالة، مع لحاظ عدم التضارب بين تلك القوانين وبين الحرية الشخصية للفرد، وحرية التعبير والتفكير والاقتناع والاعتناق. [فالتجربة النبوية ، والشخصية المعنوية, والبسط والقبض لتلك الشخصية حسب نظرية الدكتور سروش] هي أيضا لا تتعدى  الملاذ  الشخصي للفرد ولا يمكن أعمامها على  الدولة أو المؤسسة أو المجتمع . وتحال كل العلوم الأخرى من (فلسفة وطب وتكنلوجيا، وتاريخ، وعلم نفس...الخ) كلاً إلى اختصاصه ومنبعه الأصيل، ومن ضمنها [فلسفة الجماليات والأخلاقيات إلى اصل القبح والجمال العقلي] وليس إلى اصل الوحي أو النبوة، فكل اختصاص مستقل بذاته وما الدين ألا عارض على تلك الأصول التخصصية.
من الجدير بالذكر في الخاتمة إعطاء نبذة مختصرة عن المفكر الكبير الدكتور عبد الكريم   سروش، الاسم المستعار لحسين حاجي فرج الدباغ، من كبار المثقفين الإيرانيين الدينيين المعاصرين، 
التحق في جامعة لندن في فرع الكيمياءوحصل على الدكتوراه، وكان إضافة لتخصصه في الكيمياء والصيدلة متبحراً في فلسفة العلم ومطلعاً على معطيات أحدث تياراتها النقدية الحديثة وتراث المدرسة الوضعية
.كان سروش قريباً من علي شريعتي ومرتضى مطهري، وهما وجهان محوريان في فترة ما قبل الثورة في إيران، وبعد الثورة عاد إلى بلده وشغل مناصب عليا في الدولة وأخرى بحثية أهمها الأبحاث والدراسات الثقافية.



#انور_الموسوي (هاشتاغ)       Anwar_H.noori#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- تسجيل المكالمات
- سائرون ومسار المعارضة
- ورقة نقدية في كتاب الاسلمة السياسية في العراق للدكتور فارس ك ...
- ملف شحة المياه والجنابي وزيرا
- الانتحار
- الاديان, والاراء على محمل البحث
- تقرير حرب
- الانتخابات مشروع لحتمية الدولة المدنية
- اصالة المعنى
- مقالة في كتاب سيكولوجيا الاحتجاج في العراق للدكتور فارس كمال ...
- تأسيس على كتاب العنف في الأديان للدكتور صادق اطيمش.
- دويلات لخارطة جديدة برسم المعلوم ( العراق)
- العجز الوجودي!
- العودة إلى الدُنيا
- سايكلوجية التطرّف والتعايش المفترض
- مقاربات فلسفية بين ديكارت وباسكال في الله والجود
- مقاربات فلسفية بين ديكارت وباسكال في الله والوجود
- كلام في السياسة فقط
- كَيْف؟ دكتور حسن الجنابي
- وزير المِحنة/ د. حسن الجنابي


المزيد.....




- ماذا يعني أمر اعتقال نتنياهو وجالانت ومن المخاطبون بالتنفيذ ...
- أول تعليق من أمريكا على إصدار مذكرتي اعتقال بحق نتنياهو وغال ...
- الحكومة العراقية: إصدار المحكمة الجنائية الدولية مذكرات اعتق ...
- العفو الدولية: نتنياهو بات ملاحقا رسميا بعد مذكرة المحكمة ال ...
- البيت الابيض يعلن رسميا رفضه قرار الجنائية الدولية باعتقال ن ...
- اعلام غربي: قرار اعتقال نتنياهو وغالانت زلزال عالمي!
- البيت الأبيض للحرة: نرفض بشكل قاطع أوامر اعتقال نتانياهو وغا ...
- جوزيب بوريل يعلق على قرار المحكمة الجنائية الدولية بحق نتنيا ...
- عاجل| الجيش الإسرائيلي يتحدث عن مخاوف جدية من أوامر اعتقال س ...
- حماس عن مذكرتي اعتقال نتنياهو وغالانت: سابقة تاريخية مهمة


المزيد.....

- أية رسالة للتنشيط السوسيوثقافي في تكوين شخصية المرء -الأطفال ... / موافق محمد
- بيداغوجيا البُرْهانِ فِي فَضاءِ الثَوْرَةِ الرَقْمِيَّةِ / علي أسعد وطفة
- مأزق الحريات الأكاديمية في الجامعات العربية: مقاربة نقدية / علي أسعد وطفة
- العدوانية الإنسانية في سيكولوجيا فرويد / علي أسعد وطفة
- الاتصالات الخاصة بالراديو البحري باللغتين العربية والانكليزي ... / محمد عبد الكريم يوسف
- التونسيات واستفتاء 25 جويلية :2022 إلى المقاطعة لا مصلحة للن ... / حمه الهمامي
- تحليل الاستغلال بين العمل الشاق والتطفل الضار / زهير الخويلدي
- منظمات المجتمع المدني في سوريا بعد العام 2011 .. سياسة اللاس ... / رامي نصرالله
- من أجل السلام الدائم، عمونيال كانط / زهير الخويلدي
- فراعنة فى الدنمارك / محيى الدين غريب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - انور الموسوي - العلمانية ونظرية سروش