|
الاقتصاد السياسي : المفهوم / الجذور/ المبادئ/علاقتها بالمفاهيم الاخرى
محمد ارمين كربيت
الحوار المتمدن-العدد: 6084 - 2018 / 12 / 15 - 23:13
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
بداية، ما هو علم الاقتصاد لاجل الانطلاق نحو مفهوم الاقتصاد السياسي* لابد من التًعرف على علم الاقتصاد؛ ويعرف الاخير بكونه : - هو علم دراسة الثروة في المجتمعات. هو علم كيفية تحسين الحياة المادية للانسان والمجتمع . هو علم دراسة كيفية اشباع حاجات الانسان المتعددة من خلال موارده المحدودة او ما يطلق عليه (المشكلة الاقتصادية والتي تعني التناقض الموجود بين المواد وندرتها من جهة واجتهاد الانسان لمواجهة هذه الندرة من جهة اخرى). على الرغم من تعدد النعريفات المتناولة لمفهوم علم الاقتصاد ، الا انه يمكن تعريفه على انه " علم الذي يهدف الى دراسة كيفية استخدام المجتمعات لمواردها المحدودة لانتاج السلع والخدمات المختلفة وكيفية توزيعها على مختلف افراد المجتمع " وعلم الاقتصاد حسب كتاب ثروة الامم لادم سمث هو الذي يختص بدراسة الوسائل التي يمكن للامة بواسطتها من ان تغتني مادياً. عرف الفريد مارشال علم الاقتصاد بالقول" إن علم الاقتصاد هو دراسة للبشرية في ممارسة شئون حياتها العادية" اي انه يدرس بني الانسان في اعمال حياتهم العادية وهو يبحث في جانب النشاط الفردي والاجتماعي الذي يتعلق بالحصول على المقومات المادية للرفاهية وطرق استخدام هذة المقومات، ويرى ايضا ان علم الاقتصاد هو " دراسة للثروة من جهة ودراسة للانسان منجهة اخرى". وعُرفت ايضا بانها " ذلك العلم الذي يدرس الرفاهية الاقتصادية والرفاهية الاقتصادية هي جزء من الرفاهية العامة". الاقتصاد السياسي: المفهوم عرف محمد دويدار الإقتصاد السياسي بأنه علم القوانين التي تحكم العلاقات الإقتصادية أي العلاقات الإجتماعية التي تنشأ بين أفراد المجتمع بواسطة الأشياء المادية/ الخدمات " أي العلاقات التي تخص إنتاج توزيع الأشياء المادية/ الخدمات بغية تلبية إحتياجات أفراد المجتمع. ويعرف الاقتصاد السياسي بأنه العلم الذي يدرس أسس تطور المجتمع حيث يدرس أسلوب الإنتاج ويركز على العلاقات الاجتماعية في عمليه الإنتاج والوضع الطبقي والاجتماعي في العملية الإنتاجية وما ينتجه نمط الإنتاج من تشكيله اجتماعية واقتصادية، ويتسم أيضا بأنه يدرس علاقات الإنتاج في سياق نشأتها وتطورها ويوضح لنا التناقضات في علاقات الإنتاج و التي تخلق تطور لنمط الإنتاج.
• استُعمل مصطلح الاقتصاد "لوحده" من طرف " أرسطو" وقصد به "علم قوانين الاقتصاد المنزلي"، أما مصطلح "الاقتصاد السياسي" فقد استُعمل لأول مرة من طرف الفرنسي "أنطوان دي مونكريتريان" في القرن 17.وقصد به "السياسة المالية الأنجح لإغناء خزينة الملك" في كتابه "مطول في الاقتصاد السياسي".كما استعمله الإنجليزي "جيمس ستيوارت" في كتابه "بحث في مبادئ الاقتصاد السياسي".وتطور حتى أصبح الاقتصاد السياسي يعرف بأنه علم القوانين التي تحكم الظواهر المتعلقة بالنشاط الاقتصادي الخاص بإنتاج وتوزيع المنتجات والخدمات اللازمة".
الاقتصاد السياسي: هوالمؤسسات والظواهر التي تسد حاجات الشعب كله، هي التي تشكل الاقتصاد السياسي. وهذا الاقتصاد السياسي ينقسم بدوره إلى عدة اقتصادات خاصة ترتبط بعضها بالبعض، بواسطة توزع المنافع، وتقيم فيما بينها روابط عديدة، بالنظر إلى أن كلا منها تشغل مهام معينة تفيد الأخرى، وتولي الأخرى، مهام تفيدها والمؤسسات والظواهر» التي تستخدم لإرضاء الحاجات المادية لشعب ما، أو بشكل أكثر تحديدا «لإرضاء الحاجات عن طريق الأشياء المادية. يمكن تعريف الاقتصاد السياسي ايضا بانه "علم القوانين التي تحكم العلاقات الاقتصادية، أي العلاقات الاجتماعية التي تنشا بين افراد المجتمع بواسطة الأشياء المادية والخدمات وهي العلاقات التي تتعلق بانتاج وتوزيع الأشياء المادية والخدمات التي تشبع حاجات الانسان في المجتمع، اي اللازمة لمعيشة افراد المجتمع، معيشتهم المادية والثقافة. وحتى يكتمل تعريفنا لعلم الاقتصاد السياسي ويصبح واضحا يتعين علينا تحديد موضوع الاقتصاد السياسي، أي مجموع الظواهر التي يمكن ملاحظتها و التي تمثل المعرفة المتعلقة بها. موضوع الاقتصاد السياسي هو المعرفة المتعلقة بمجموع الظواهر المكونة للنشاط الاقتصادي للانسان في المجتمع، أي النشاط المتعلق بانتاج وتوزيع المنتجات والخدمات اللازمة لمعيشة الأفراد. ويجب الإشارة إلى أنه مزيج بين علم الاقتصاد وعلم السياسة وهو أيضاً نتيجة التأثير المتبادل بينهما، أي أنه علم يدرس الاقتصاد بأساليب ومناهج سياسية، وهو أيضاً علم يبحث في ثورة الشعوب والأسباب التي تجعل مرتبة أمة فوق أمة أخرى بخصوص السعادة والرفاهية. إما مبادئ علم الاقتصاد السياسي فانها ترتكز على أمور أربعة: أولًا: المادة. ثانيًا: الاستنفاد أي الاستهلاك. ثالثًا: إحداث الثروة وتحصيلها. رابعًا: توزيعها. والكلام في هذه الموضوعات كلها يستلزم الإلمام إلى ذكر الضرائب والرسوم، ولا بد لكل بلد تخصيص جزء من ثروته لأجل القيام بمصاريف الدفاع عن البلاد وحكومة الأمة. يعتبر الاقتصاد السياسي علم للأسباب التالية: - وجود قوانين اقتصادية ثابتة نسبيا. - وجود مجموعة قوانين اقتصادية عامة فرضتها التجارب الاقتصادية (مثلا: ارتفاع السعر ضروري لتناقص الطلب). - استعمال الاقتصاد لوسائل التحليل العلمي كالرياضيات والإحصاء والمحاسبة لحل المشكلة الاقتصادية. اما السياسة الاقتصادية : هي مجموعة قرارات تتخذها الدولة في ميدان اقتصادي معين، وذللك لبلوغ اهداف اقتصادية واجتماعية محددة، عبر عدد من الوسائل والأدوات، من الأهداف التي تسعى إليها السياسة الاقتصادية : النمو الاقتصادي - خلق فرص العمل - ثبات الأسعار تعزيز الصادرات اما الأدوات والوسائل التي تعتمدها لبلوغ هذه الأهداف نذكر منها: الضرائب، نفقات الدولة، معدلات الفائدة المصرفية ، الأسعار، المنشأت الاقتصادية التابعة للقطاع العام إن مفهوم السياسة الاقتصادية تعني المنهج المتبع لدى بلد معين في التعامل داخل مجال نشاط السلع و الخدمات, وفي هذا الصدد إما تعتمد الدولة سياسة أو نظام الأنشطة الحرة أي سياسة السوق المفتوح . ونخلص بالقول الى ان الاقتصاد السياسي : علم نظري شامل له موضوعه ومناهجه ونظرياته وقوانينه. السياسة الاقتصادية : فن عملي جزئي يعتمد في اغلب الاحيان على العلم النظري وهي تشير في معناها الى مخطط الدولة او الوحدة الاقتصادية ( مصنع، شركة...) لفترة معينة لتحقيق غاية اقتصادية او اجتماعية او سياسية.
موضوع الاقتصاد السياسي : لما كان الاقتصاد السياسي علم يختص بتوظيف الموارد المتاحة لإنتاج سلع وخدمات يتم توزيعها بين الفئات المختلفة لإشباع حاجات معينة، فهو يشمل مستويان مادي وبشري. • مادي: كونه يهتم بمشكلة الندرة في علاقة الإنسان مع الموارد المحدودة (علاقة الإنسان بالطبيعة( • بشري: لأنه يهتم بتقسيم العمل وفكرة التوزيع في عملية الإنتاج (علاقة الإنسان بالطبيعة) - علاقة الاقتصاد السياسي بالعلوم الأخرى الاقتصاد السياسي علم قائم بذاته، مستقل عن غيره من العلوم الأخرى، لكن هذا لا يعني عدم ارتباطه بعلوم أخرى، ولأن الإنسان العنصر المشترك بين كل العلوم، فهناك علاقة مع غالبية العلوم الاجتماعية والإنسانية.
* الاقتصــاد السياســي و علاقته بالعلــوم الاجتماعية ان العلوم الاجتماعية التي تعتبر الانسان موضوعا لها تتقارب فيما بينها سواء بالنسبة لمحتواها او بالنسبة لطرق البحث التي تتبعها . و هذا لا ينفي ان لكل علم خاصيته و مهامه. والنشاط الاقتصادي لا يكون مستقلا تماما عن الجوانب الاجتماعية الأخرى ، فالاقتصادي يجمع بين التجريد النظري الذي تقوم عليه الدراسة الاقتصادية كاداة فكرية و بين المعرفة بالسلوكات الانسانية الأخرى ، فيجمع بذلك بين دوره كعالم اقتصادي و بين دوره كباحث اجتماعي . وحيث ان الاقتصاد السياسي علم حديث نسبيا و في تطور مستمر فان حدوده ما تزال غير واضحة و هو يسعى دائما الى توسيع دائرة موضوعاته و هذا يستدعي منا البحث في حقيقة علاقته بالعلوم الاجتماعية الأخرى. * الاقتصاد السياسي و الفلسفة: الاقتصاد السياسي هو علم فلسفي لأن مناهج التحليل التي يعتمدها تخضع لقواعد المنطق و الاستنباط و الاستقراء كما اشرنا سابقا و كلها مناهج فلسفية يعتمدها الاقتصاديون لأن الخيارات الاقتصادية على الرغم من كونها مادية في غالبيتها فانها تعتمد ايضا على عوامل فكرية و نفسية. * الاقتصاد السياسي و علم الاجتماع : لقد بين شومبيتر العلاقة القائمة بين الاقتصاد السياسي و علم الاجتماع فقال: "ان التحليل الاقتصادي يهتم بمعرفة كيفية تصرف البشر و ما هي الآثار المترتبة على تصرفهم هذا ، بينما يهتم علم الاجتماع بمعرفة السبب الذي يدفع الأفراد الى التصرف على الشكل الذي اختارونه. فالاقتصاد يتولى دراسة الناس كجماعات و لهذا يهتم عالم الاقتصاد بمعرفة انماط التجمعات البشرية (مهن،طبقات،امم) لأن الظواهر الاقتصادية تنشا و تتطور في اوساط محددة. وتظهر العلاقة بين النواحي الاقتصادية و الاجتماعية أكثر ما تظهر في "علم الاجتماع الاقتصادي" وهو فرع خاص من علم الاجتماع ، فاذا كان التحليل الاقتصادي ينشغل وفقا لكــولم بمعرفة الكيفية التي يسلك بها الأفراد و الطبقات في كل لحظة و الآثار التي تترتب على هذا السلوك فان علم الاجتماع الاقتصادي يحاول الاجابة على السؤال الخاص بمعرفة كيف انتهى هؤلاء الأفراد الى أن يسلكوا على النحو الذي اختارونه.و تجدر الاشارة الى انه نشا علم جديد و هو "علم القياس الاجتماعي مهمته قياس ظواهر كانت تبدو غير قابلة للقياس الكلي مثل تأثير العلاقات الانسانية على انتاجية العمل ، أو تأثير العلاقات الموضوعية على زيادة فعالية العمل بالنسبة للشخص...الخ. * الاقتصاد السياسي و الديموغرافيــا: الديموغرافيا هي فرع من فروع المعرفة يهتم بدراسة السكان حالتها و حركتها عبر الزمن،و انطلاقا من التعاريف السابقة لعلم الاقتصاد السياسي راينا ان الانسان هو العامل الأساسي في النشاط الاقتصادي ، فالعوامل الديموغرافبة تؤثر على النشاط الاقتصادي اذ هي تحدد له شروطه الأساسية: اليد العاملة كما و كيفا و كذلك مدى الحاجات التي يمثل اشباعها الهدف النهائي للنشاط الاقتصادي.كذلك فان العوامل الاقتصادية تؤثر هي الأخرى على كيفية التوزيع الجغرافي للسكان كميا و كيفيا سواءا بالنسبة للكثافة السكانية او على أشكال التجمعات البشرية ، وهي تؤثر كذلك على معدلات الانجاب و تحديد الشروط المادية للحياة بالنسبة للمواليد والوفيات ومتوسط العمر. * الاقتصاد السياسي و الجغرافيــــا: إن النقطة التي يلتقي عندها الاقتصاد السياسي بالجغرافيا هي تلك الخاصة بتوطن النشاط الاقتصادي حيث يزودنا علم الجغرافيا بالمعلومات المتعلقة بالشروط الطبيعية (مصادر الطاقة،مصادر المواد الأولية) و البشرية (التجمعات السكانية مصدر اليد العاملة) للنشاط الاقتصادي ، و يمكن للجغرافي أن يهتم بالحياة الاقتصادية من خلال ما يسمى "بالجغرافيا الاقتصادية" و لكن يبقى في مستوى وصف الأحجام و الواقع و لا يهتم بدراسة أسرار التطور الاقتصادي . * الاقتصاد السياسي و التاريخ : تقدم البحوث التاريخية خدمات هامة للاقتصادي لأنها تساعده على معرفة الوقائع و الفعاليات الاقتصادية ، فلا يمكن للاقتصادي أن يستغنى عن التاريخ الذي يعينه في فهم التطور و تعاقب الأنظمة الاقتصادية المختلفة و بالتالي تساعده في فهم الحاضر . فبالعودة الى التاريخ يمكننا معرفة عوامل ولادة و نمو و تطور و فناء الأنظمة الاقتصادية المتعاقبة . يمكننا ربط تطور الأفكار الاقتصادية مع تطور الوقائع و تجدر الاشارة هنا الى ان أهمية علم التاريخ بينت مدى العلاقة القائمة بين التاريخ و الاقتصاد. و التحليل الاقتصادي لعصر من العصور يستوجب العودة الى ذلك العصر لدراسة مؤسساته السياسية و تاريخه الاجتماعي،...الخ. *علاقة الاقتصاد السياسي بعلم النفس: يهتم علم النفس بالدوافع التي تحدد سلوك الأشخاص وتدفعهم الى تصرف معين، و هناك علاقة وثيقة بين علم الاقتصاد وعلم النفس، فالاقتصاديون الكلاسيك يعتمدون على التحليل النفسي بشكل أساسي في فهم التصرفات الاقتصادية و فهم سلوك الأفراد لأنهم يعتقدون أن المنفعة الشخصية هي الدافع و المحرك الأساسي لسلوك الفرد . كما أن لعدة ظواهر اقتصادية مثل الظواهر النقدية أو ظاهرة القيمة أو ظواهر التقلبات الوقتية ارضية نفسية . يضاف الى ذلك تاثير الدعاية و وسائل الاعلام في توجيه المستهلكين و هكذا نشا علم خاص هو علم التسويق يقوم بالاصل على التحليل النفسي. * الاقتصاد السياسي و القانون : ان العلاقة بين القانون و الاقتصاد علاقة وطيدة اذ أن القانون يدرس القوانين التي اختارها مجتمع ما لنفسه ، و هذه القوانين ما هي الا ترجمة لواقع البنيات الاقتصادية التي تفرضها على المجتمع و العلاقة بين القانون و الاقتصاد لا تجري في كافة المجتمعات على وتيرة واحدة . فلكل مجتمع تنظيمه الخاص به و الذي يعكس الى حد معين الضرورات الاقتصادية و الاجتماعية السائدة فيه بغرض الوصول الى تحقيق أهداف النظام الاقتصادي الذي يأخذ به ، و من هنا أعتبر القانون عنصرا من العناصر المكونة للنظام الاقتصادي .و نشير هنا الى أن هناك منهجان لمعالجة العلاقة بين الحقوق و الاقتصاد. * المنهج الأول: يرى باخضاع الظواهر الاقتصادية للحقوق ، فحسب البعض فان تعديل النظام الحقوقي للملكية و الميراث و الأحوال الشخصية (الزواج،الطلاق،..الخ) يمكن أن يجر وراءه تعديلات واسعة على النشاط الاقتصادي (انتاج،تراكم،...الخ) ، و حتى التاثير في السكان. * أما أصحاب المنهج الثاني فانهم يروا أن القانون و المؤسسات الحقوقية ما هي الا انتاج التطور الاقتصادي و لكنهم لا ينكرون التاثير العكسي للمؤسسات الحقوقية على النشاط الاقتصادي . و الحقيقة أن التشريع يعكس مصلحة الطبقة السائدة في المجتمع و بالتالي فانه ياتي انعكاسا لمستوى و تطور طبيعة النشاط الاقتصادي (حماية الملكية،نظام الارث،..الخ) ، و لكنه في نفس الوقت يؤثر في تطور و مستوى هذا النشاط ولا يمكن أن نتصور اليوم رجال القانون يقومون بمهامهم دون الاستعانة بالمعلومات الاقتصادية، كما انه من غير المعقول التعرض الى الحياة الاقتصادية بدون تحديد الاطار القانوني ، كما أن هناك مواد قانونية متعلقة بالتصرفات الاقتصادية كالقانون التجاري و تسيير المشاريع و قانون النقد و القرض. * الاقتصاد السياســي و السياسة: تبحث العلوم السياسية في طبيعة السلطات العامة و وظائفها و العلاقات بينها و طرق الحكم المختلفة ، و رغم هذا الاختلاف الظاهر بين الموضوعات التي تدرسها هذه العلوم و الموضوعات التي يدرسها الاقتصاد ، الا أن الواقع و التاريخ يوضحان لنا مدى ارتباط السياسة بالاقتصاد ، لأن كل قرار سياسي يحمل في طياته نتائج اقتصادية معينة بل أن القرار السياسي ليس الا تركيزا لمصالح اقتصادية معينة . فقرار الحرب و السلم لهما حساباتهما الاقتصادية و اقامة علاقة خارجية مع دولة أجنبية لها حساباتها الاقتصادية أيضا. ومن الضرورة بمكان ذكر دور الدولة كفاعل سياسي في تسيير الاقتصاد فمع مع ازدياد تدخل الدولة في الحياة الاقتصادية أصبح للاقتصاد صفة سياسية، فقد أصبح يهتم بالمشكلات السياسية و الاجتماعية، و خاصة مشكلات العدالة الاجتماعية و الرفاهية القومية، و أصبح من غير المتصور فصل الحياة الاقتصادية عن الحياة السياسية، ليصبح تعبير )الاقتصاد السياسي) مبررا. * الاقتصاد السياسي و علاقته بالتقنيات الكمية - الاقتصاد السياسي و الرياضيات: لقد شاع استخدام الرياضيات في التحليل الاقتصادي حيث أنها تزود الاقتصادي بطريقة استنتاجية للمحاكمة العقلانية منذ القرن التاسع عشر على يدي كورنو و فالرايس و اتخذت أهمية كبرى في أبحاث الاقتصاد الرياضي ، حيث أصبحت الدراسات الاقتصادية غير ممكنة بدون حسابات التفاضل و التكامل و المحاسبة بكل أنواعها ......الخ. و الرياضيات طريقة هامة من طرق البحث و البرهنة على صحة الفرضيات الأساسية التي يختارها الباحث الاقتصادي و يحتاجها الاقتصادي عند وضع و تحليل النماذج الرياضية و بالأخص عند دخول التخطيط و البرمجة في الدراسات الاقتصادية الجزئية و الكلية. فالاقتصادي لا يمكنه أن يساير التطور الحديث الذي طرأ على علم الاقتصاد خاصة و أن معظم فروع الاقتصاد التطبيقي أصبحت تعتمد على الرياضيات. - الاقتصاد السياسي و الاحصاء: إن الدراسات الإحصائية لا غنى عنها للاقتصادي لأنها تزوده بالمعلومات الرقمية التي يحتاجها الى حين مقارنة النظريات التي توصل اليها بالواقع العملي ، فدراسة أي ظاهرة اقتصادية يتطلب جمع المعلومات عنها و تبويبها في شكل جداول و منحنيات بيانية بصورة تمكن الاقتصادي أن يستقرىء النتائج من ذلك و يحلل الظاهرة بشكل علمي و دقيق يقوم على مدى تكرارها و العلاقة بين النتائج و الأسباب فالاقتصادي المعاصر لا يمكنه الاستغناء عن الاحصاء و الرياضيات باعتبارها أدوات ضرورية لاتخاذ القرار الاقتصادي العقلاني . - الاقتصاد السياسي و الاعلامياء: (الإعلام الآلي): لقد أدى ظهور الحاسوب بعد الحرب العالمية الثانية الى تطور معالجة المعلومات باستخدام الحاسوب و نظام البرامج المتعددة أحدث تغبير فعلي في إدارة المؤسسات الاقتصادية ، كما زود الاقتصادي بإمكانيات هائلة على التنبؤ من خلال توفير المعلومات . و كذلك توفير قوة العمل باستخدام البرامج المعلوماتية في المحاسبة و تسيير المخزون و تسيير الأفراد...الخ. إن استخدام الحاسوب ساعد على تطوير الاقتصاد النظري و التطبيقي على حد سواء. - الاقتصاد السياسي و التكنولوجيا : (فن الإنتاج): للاقتصاد علاقة بعلوم التكنولوجيا تتعلق بالمادة بسبب دراسته لعلاقة الإنسان بالمادة ، فالتكنولوجيا تهتم بالمادة بينما الاقتصاد يدرس العلاقة بين البشر و المادة من جهة و بين البشر بعضهم مع بعض حينما تكون المادة وسيطة بينهم من جهة ثانية. فرجل التكنولوجيا يدلنا على المردود الكمي الذي بإمكاننا أن نحصل عليه من تطبيقنا لفن معين في قطاع اقتصادي معين ، أما الاقتصادي فانه يدلنا على مردودية هذا التطبيق.فالاقتصادي لا يمكن أن يدرس تكاليف الآلات و إنتاجها اذا ما أهمل التعرف على دور هذه الآلات و خصائصها التكنولوجية. -الاقتصاد السياسي و العلوم الحيوية: لقد أشرنا سابقا الى أن الاقتصاد يهتم بإشباع الحاجات المتعددة بواسطة السلع النادرة ذات الاحتمالات البديلة ، من هنا تظهر أهمية العلوم الحيوية بالنسبة للاقتصادي حيث تعرفه بالقوانين الفيزيولوجية التي تحدد حاجات الإنسان ، و هذه المعرفة ضرورية و خاصة من أجل حساب الحد الادنى لمستوى المعيشة للاستهلاك الذي لا يمكن تقليصه ، و كذلك لحساب تكاليف تكوين الرأسمال البشري (الثروة البشرية) و كذلك لحساب (تكاليف التغيرات الإنسانية (مستوى الخصوبة-معدل الوفيات ... الخ ان المعلومات الخاصة بالعلوم الحيوية تعتبر ضرورة لكل اقتصادي و ذلك من أجل إجراء الحسابات على المستوى الجزئي (المؤسسة) تقدير الطلب أو على مستوى الاقتصاد الكلي من اجل تحديد المجاميع الكلية اللازمة للتوازن الاقتصادي الكلي. -الاقتصاد السياسي و الطب: لقد اعتمد الاقتصاد على بعض مناهج البحث و بعض الصور من الطب ، و هنا يجب التذكير بان الدكتور كيني صاحب كتاب "الجداول الاقتصادية كان طبيبا و شبه توزيع المداخيل في المجتمع الاقتصادي بتوزيع الدم بين أعضاء الجسم البشري .
لقد تعرفنا الى أهمية العلاقة بين الاقتصاد السياسي بالعلوم الأخرى و هذا ما يؤكده الاقتصادي جون ستيوارت ميل "أنه من العسير أن يكون الانسان اقتصاديا جيدا ان اذا لم يكن سوى ذلك".و يتضح من علاقة الاقتصاد السياسي بالعلوم الاخرى بان تطور علم الاقتصاد يتنازعه اتجاهان ، التخصص و الشمولية أ- مع علم الاجتماع: يهتم التحليل الاقتصادي بمعرفة الآثار المترتبة على تصرفات المستهلكين، بينما يهتم علم الاجتماع السبب الذي أدى لمثل هذا التصرف ليُقدم معلومات للاقتصادي عن الجو الاجتماعي السائد في منطقة معينة. ب- مع علم السياسة: يهتم علم السياسة برعاية شؤون المجتمع وطريقة تنظيمه ومبادئ الحكم فيه، أما علم الاقتصاد فيهتم بشؤون المجتمع من زاوية الحاجات وإشباعها، فالقرارات الاقتصادية تتأثر بالسياسة المتبعة في بلد ما. وفي النهاية يمكن القول : الاقتصاد السياسي هو علم قائم بذاته لوجود قوانين اقتصادية ثابتة نسبيا، ولوجود موضوع (يدرس الجوانب الخاصة بالنشاط الاقتصادي ماديا وبشريا) ومنهج (باستعمال أدوات وتقنيات في سبيل البحث عن الحقائق الاقتصادية. ويرتبط هذا العلم بالعلوم الإنسانية والاجتماعية والتطبيقية، ونتج عن تطوره مجموعة من الفروع العلمية الجديدة الأخرى مثل الاقتصاد الجزئي، الاقتصاد الكلي، الاقتصاد التطبيقي، الاقتصاد المالي، التخطيط الاقتصادي.. الخ .
#محمد_ارمين_كربيت (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
طروحة البارادبلوماسية ونظريات بناء الدولة
المزيد.....
-
كيف يعصف الذكاء الاصطناعي بالمشهد الفني؟
-
إسرائيل تشن غارات جديدة في ضاحية بيروت وحزب الله يستهدفها بع
...
-
أضرار في حيفا عقب هجمات صاروخية لـ-حزب الله- والشرطة تحذر من
...
-
حميميم: -التحالف الدولي- يواصل انتهاك المجال الجوي السوري وي
...
-
شاهد عيان يروي بعضا من إجرام قوات كييف بحق المدنيين في سيليد
...
-
اللحظات الأولى لاشتعال طائرة روسية من طراز -سوبرجيت 100- في
...
-
القوى السياسية في قبرص تنظم مظاهرة ضد تحويل البلاد إلى قاعدة
...
-
طهران: الغرب يدفع للعمل خارج أطر الوكالة
-
الكرملين: ضربة أوريشنيك في الوقت المناسب
-
الأوروغواي: المنتخبون يصوتون في الجولة الثانية لاختيار رئيسه
...
المزيد.....
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
المزيد.....
|