أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - عبدالرزاق دحنون - سنة الشاعر الفلسطيني معين بسيسو في العراق














المزيد.....

سنة الشاعر الفلسطيني معين بسيسو في العراق


عبدالرزاق دحنون
كاتب وباحث سوري


الحوار المتمدن-العدد: 6084 - 2018 / 12 / 15 - 17:42
المحور: ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية
    


في خريف عام 1952 ضاقت شوارع غزة هاشم على الشاعر الفلسطيني الشيوعي الشاب معين بسيسو من ملاحقات الشرطة السريَّة فشدً الرحال إلى العراق. سافر إلى بغداد و في جيبه عقد عمل لتدريس اللغة الإنكليزية لطلاب المرحلة الثانوية. وفي أول ليلة له في بغداد وبالدينار الوحيد الذي كان يملكه اشترى تُفاحاً و زجاجة نبيذ وديوان "بوشكين تركيا" الشاعر الشيوعي العظيم ناظم حكمت. وفي الصباح سافر مع ناظم حكمت إلى الديوانية ومنها إلى قرية الشاميَّة. اقرأ لنا قصيدة يا ناظم حكمت, قرأ:
أنا شيوعي, أنا الحبّ من مفرق رأسي حتى أخمص قدمي, الحبّ أن ترى, تفكر, تفهم. الحبّ طفل يولد في كلِّ مطلع فجر أحمر. الحبّ ارجوحة معلقة بين نجمتين في السماء. الحبّ أن تعرف كيف تسقي حديد الجسد ليصير فولاذاً. أنا شيوعي, أنا الحبّ من مفرق رأسي حتى أخمص قدمي.
يكتب معين بسيسو في دفاتره الشيوعيَّة:
كانت مشكلتي أين أُقيم في قرية الشاميَّة, دعاني ناظر المدرسة ذلك اليوم للعشاء في بيته وبعدها قادني مع حقيبتي الوحيدة إلى البيت الذي قبلني كضيف فيه. حين استقر بي المقام فتحتُ حقيبتي وجدتُ أن أحداً ما عبث بها نظرتُ إلى المدرسين الثلاثة في الغرفة فكانوا يبتسمون. لقد تمَّ تفتيش الحقيبة والمُدرس الشيوعي عباس العادلي تقدم مني فاتحاً ذراعيه وهو يلوح بديوان المعركة:
-أهلاً بك في العراق.
كان ديوان المعركة باكورة كتب معين بسيسو والذي حمله معه من غزة إلى بغداد بمثابة أوراق اعتماد كشيوعي فلسطيني إلى الشيوعيين العراقيين. لم يرتبط حزب شيوعي بالشعر مثلما ارتبط الحزب الشيوعي العراقي. في ذلك لوقت من بداية عام 1953 كان الحزب يُقاتل ضدَّ الانقسام وضدَّ نوري السعيد من أجل وطنٍ حرٍ وشعبٍ سعيد.
بدأت الأيام تمشي في قرية الشاميَّة حيث كانوا أربعة مدرسين هم كل الكادر التدريسي في مدرسة الشاميَّة وكانت مدرسة مختلطة للبنين والبنات في قرية في العراق تلك الأيام-يا لزماننا الأغبر هذا الذي نعيشه اليوم-المهم في الأمر أن حوارات الرفاق في غرفة الشاعر كانت تمتد حتى مطلع فجر كل يوم. تدور في مُجملها حول ما يحدث في فلسطين, و ما يحدث في العراق. يقول معين بسيسو:
حادثة لن أنساها في حياتي, حين بدأ نوري السعيد بطرد اليهود من العراق, كان من بين اليهود المطرودين شيوعيَّة يهودية عراقية رفضت ركوب الطائرة, ضربها عسكر نوري السعيد حتى سقطت فوق سلم الطائرة, جروها جراً إلى داخل الطائرة وهي تصرخ: هذا وطني.
في أمسية من تلك الأمسيات الشيوعيَّة في قرية الشاميَّة قرأ الرفاق في الجرائد قصيدة محمد مهدي الجواهري في مدح ولي العهد الملكي الشاب فيصل الثاني فكانت صدمة كبيرة بالنسبة لهم فقرَّروا في خلية الشاميَّة الشيوعيَّة حرق محمد مهدي الجواهري. كوَّموا دواوينه في كومة وأشعلوا النار فيها. وفي تقريرهم الشهري للحزب كان أول ما كتبوه هو قرار اشعال النار في قصائد الجواهري. جاء ردُّ الحزب سريعاً في منشور خاص عن الجواهري عنوانه: محمد مهدي الجواهري شاعر العرب الأكبر. فأغلق الرفاق في الشاميّة علبة الكبريت التي تحرق دواوين الشعراء.
كان الشاعر مُعين بسيسو يُعطي دروساً مجانية لتلاميذ القرية. وفي أحد الأيام أرسل الشيخ الاقطاعي رابح عطية أحد رجاله ليضرب معين بسيسو. كان الرجل الضارب أباً لأحد التلاميذ الذي يتعلم عند الشاعر بالمجان. وهذا ما جعل الهراوة تسقط من يد هذا الأب الذي كان عامل مضخة للمياه, وكان أول من تمَّ تنسيبه من قبل معين بسيسو إلى الحزب الشيوعي العراقي.
بدأت منشورات الحزب وكراساته تظهر في قرية الشاميّة, صنع الرفاق سقفاً مستعاراً لغرفة الشاعر كي يكون حاجباً عن أعين الغرباء , وكان ما بين السقفين مخبأً سريَّاً لمناشير الحزب التي راحت رائحة حبر طباعتها تفوح في دروب القرية, ومع المناشير بدأت عناصر الشرطة السريَّة في الظهور. يقول معين بسيسو:
فريد ناجي كان أعزُّ طلابي وكان مُصاباً بروماتيزم في القلب. استعار مني رواية الأم لصاحبها مكسيم غوركي ومات ولم يتم قراءة الرواية. ضع مزقة من سعفة نخلة في منتصف صفحات الرواية وبعدها توقف قلبه عن الخفقان. حملناه فوق سيارة وذهبنا لدفنه في مقبرة النجف. لقد رأيتهم وهم يغسلونه ولكنهم لم يستطيعوا أن يغسلوا اسم مكسيم غوركي من صدره. أردتُ أن أدفن معه كتاب الأم ولكنهم رفضوا. ربما خافوا أن يقوم كتاب بعمل انقلاب تحت التراب.
الخلية الأولى من الحزب الشيوعي العراقي في قرية الشاميَّة أعطت الخلية الثانية. وكانت امتحانات نهاية العام على الأبواب وبدأ حبر المناشير يفوح من جديد وبدأت الشرطة السرية تُكثف في لوبانها. تغيرت الأحوال وكان على الشاعر أن يفلت من المصيدة . وجاء مندوب من الحزب وطلب من الشاعر السفر إلى بغداد فوراً. وهُناك تقرر كل شيء: عليك يا معين أن تُغادر العراق. حمل معه حقيبة خشبية مًصفحة بالتنك امتلأت بطنها بمطبوعات الحزب الشيوعي العراقي وغادر العراق إلى قاهرة المُعزِّ لدين الله . كانت أثمن هدية إلى الشيوعيين المصريين والشيوعيين الفلسطينيين في قطاع غزة موطن الشاعر.



#عبدالرزاق_دحنون (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ثمن السُّكر الذي تأكلون
- هل فكرة الاشتراكية ما زالت خياراً اجتماعياً صائباً؟
- يُلكم المُدير الياباني كلّ صباح
- على هامش كتاب-حِكَم النَّبيّ مُحمَّد- للأديب الروسي الكبير ل ...
- فولتير و جرس الإنذار
- ثورة الملح
- عبد الوهاب المسيري ذلك الرجل النبيل
- مقطع من سمفونية الكمنجات الكردية
- اليهود في رواية الجندي الطيب شفيك
- شيوعيون يزرعون عبَّاد الشمس
- اللَّحظةُ الشُّقيريَّة
- لماذا خلق الله الذباب؟
- أنا مش كافر بس الجوع كافر
- أهلاً لينين
- عن ذلك الحصير في القصر الجمهوري
- كيف أصبحتُ شيوعياً
- الصورة الأكثر شهرة في العالم
- هل يجلبُ الطَّاغية شوكولاتة إلى أولاده؟
- حَكَمَ فَعَدَلَ
- طائر سوريَّة السَّكران


المزيد.....




- الحراك الشعبي بفجيج ينير طريق المقاومة من أجل حق السكان في ا ...
- جورج عبد الله.. الماروني الذي لم يندم على 40 عاما في سجون فر ...
- بيان للمكتب السياسي لحزب التقدم والاشتراكية
- «الديمقراطية» ترحب بقرار الجنائية الدولية، وتدعو المجتمع الد ...
- الوزير يفتتح «المونوريل» بدماء «عمال المطرية»
- متضامنون مع هدى عبد المنعم.. لا للتدوير
- نيابة المنصورة تحبس «طفل» و5 من أهالي المطرية
- اليوم الـ 50 من إضراب ليلى سويف.. و«القومي للمرأة» مغلق بأوا ...
- الحبس للوزير مش لأهالي الضحايا
- اشتباكات في جزيرة الوراق.. «لا للتهجير»


المزيد.....

- الثورة الماوية فى الهند و الحزب الشيوعي الهندي ( الماوي ) / شادي الشماوي
- هل كان الاتحاد السوفييتي "رأسمالية دولة" و"إمبريالية اشتراكي ... / ثاناسيس سبانيديس
- حركة المثليين: التحرر والثورة / أليسيو ماركوني
- إستراتيجيا - العوالم الثلاثة - : إعتذار للإستسلام الفصل الخا ... / شادي الشماوي
- كراسات شيوعية(أفغانستان وباكستان: منطقة بأكملها زعزعت الإمبر ... / عبدالرؤوف بطيخ
- رسالة مفتوحة من الحزب الشيوعي الثوري الشيلي إلى الحزب الشيوع ... / شادي الشماوي
- كراسات شيوعية (الشيوعيين الثوريين والانتخابات) دائرة ليون تر ... / عبدالرؤوف بطيخ
- كرّاس - الديمقراطيّة شكل آخر من الدكتاتوريّة - سلسلة مقالات ... / شادي الشماوي
- المعركة الكبرى الأخيرة لماو تسى تونغ الفصل الثالث من كتاب - ... / شادي الشماوي
- ماركس الثورة واليسار / محمد الهلالي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - عبدالرزاق دحنون - سنة الشاعر الفلسطيني معين بسيسو في العراق