ناديه كاظم شبيل
الحوار المتمدن-العدد: 1519 - 2006 / 4 / 13 - 11:30
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
كان الناس في العاصمه بغداد ينتظرون بفارغ الصبر ان تسري شرارة الانتفاضه الى مدينتهم المتعبة الحزينه ولكن للاسف الشديد لم تكن الساعة قد حانت بعد حيث ان الثورة كالولاده بالضبط لا تنطلق الا حين يحين اوانها وان حدثت قبل الاوان فانها ستجهض بالتاكيد فبغداد مثقلة بالهموم وستنفجر الثورة فيها في اية لحظه فهب ابناء مدينة الثورة الغيارى نساء ورجالا بوجه الطغاة فاخذوا يعتقلون القادة الحزبيين وينفذون فيهم حكم الاعدام بالطبر الذي ارعبهم به صدام وارعب به جميع اهالي بغداد الابرياء لقد قام ابناء الشعب العراقي في جميع المدن الثائره بدور مشرف في الوقوف بوجه الطاغيه وضربوا اروع المثل في التصدي للمجرمين والقتلة فاذاقوهم وبال اعمالهم وجعلوهم عبرة لمن يعتبر وكادت شعلة الانتفاضه ان تصل الى قلب بغداد وباقي المدن العراقيه لولا مساندة امريكا لصدام بترخيصه باستعمال الطائرات الحربيه لاخمادها وكذلك وقوف رؤساء وحكام اغلب الدول العربيه للقضاء عليها بتزويد صدام بالمال والسلاح والعتاد وحاربوا المدن المنتفضه بصورة وحشية يندي لها جبين التاريخ فهرع الناس العزل الى الشوارع فارين من وحشية القصف الذي ارعب حتى الموتى في قبورهم لقد اهتزت البيوت وتساقطت القنابل والصواريخ على رؤوس الابرياء فحصدت الاف البشريحكى ان امراة حديثة الولاده فرت من سريرها حافية حاسرة الراس ناسية طفلها في مهده من شذة الذهول والهلع الذي اعتراها واخذت تركض مقطوعة الانفاس الى حيث يركض الناس وبعد ان وصلت الى بيت احد شيوخ العشائر تذكرت وليدها فاخذت تناجيه وتعتذر اليه وتصرخ رافضة تناول الطعام الى ان قضت نحبها وعندما عاد اهلها الى البيت بعد انتهاء القصف الذي استمر عدة ايام اكتشفوا ان الطفل قد يبس تماما لقد كانت جدتي من ضمن النساء اللواتي يعتقدن بان الهزيمه غنيمه فما ان سمعت صوت القنابل والقذائف تهز مدينتها المقدسه حتى اطلقت ساقيها للريح وطلبت من جدي الامساك بيدها ولكنه رفض ذلك باصرار وقال لها بان الموت هو الذي يقرر الساعة التي ياتي فيها وليست القابل هي التي تقررذلك جلس جدي حزينا مطرقا لموقف جدتي هذا فكان يردد جملة واحدة فقط عند كل انفجار :ياليتها كانت القاضيه لقد فتك به الجوع وتصور بان الموت قد اصبح قاب قوسين منه فتشبث بالحياة واخذ رغم شدة الانفجارات فاخذ يحبو كطفل صغير على يديه وقدميه لشدة حالة الضعف التي اصابته ثم يفتش هنا وهناك عن قطعة خبز يابسة يرد بها رمقه ولما يئس من ذلك زحف الى قن الدجاج الذي اصبح خاليا بعد ان قررت جدتي ذبحهن واخذ يتلمس بيديه المرتعشتين باحثا هنا وهناك عن كسرة يابسةيسد بها صراخ معدته الفارغه لقد تسرب الحزن الشديد الى قلبه فاخذ يبكي وكانه طفل صغير لم يكن جدي يعلم المكان الذي هربت اليه جدتي ولذلك فقد خيل اليه بانها لابد وان تكون قد لاقت حتفها لشدة صوت الانفجارات فكان يردد بيتا من الشعر كانت فيه حبيبة الشاعر تحمل نفس الاسم الذي تحمله جدتي وكان يطلب من هذه الحبيبه الكف عن هجره والتدلل عليه
#ناديه_كاظم_شبيل (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟