|
هؤلاء هم أعداؤك يا وطني
سعيد الكحل
الحوار المتمدن-العدد: 1519 - 2006 / 4 / 13 - 11:50
المحور:
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي
أعداء الوطن ليسوا دائما هم الأجانب والغرباء . إن هؤلاء ، مهما بلغت درجة مخططاتهم من التعقيد والخطورة ، لن يزيدوا الشعب إلا قوة وشراسة دفاعا عن العرض والوطن . سيظلون مكشوفي الهوية لا تسربلهم الشعارات ولا تحميهم البنادق . لكن الخطر ، وكل الخطر يأتي من أبنائه لما يفقدون الحس الوطني فتصدر عنهم الجرائم التي يزيد مدى تدميرها عن مدى القنابل الخبيثة . وهؤلاء الأعداء دوافعهم شتى وأخطارهم واحدة يجسدها تدمير الوطن والإنسان . ويمكن الوقوف على هول التدمير من خلال النموذجين التاليين : أ ـ نهب المال العام وتبذيره : خلال المحاكمة الرمزية التي نظمتها الهيأة الوطنية لحماية المال العام يوم 25 مارس 2006 ، تم الإفصاح عن حجم النهب التي تعرض المال العمومي والذي يفوق 200 مليار درهم . إذ لم تسلم القطاعات والصناديق والبنوك وغيرها من المؤسسات المالية والمصرفية من عمليات النهب والاختلاس دون أن تتخذ التدابير اللازمة لمحاسبة الفاسدين واسترجاع المال المسروق . فإلى حد الساعة لم تصدر مثلا الأحكام في قضية الاختلاسات التي كان ضحيتها الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي والتي حددتها لجنة تقصي الحقائق في 47.7 مليار درهم . علما أن هذا المبلغ كان بإمكانه أن يوفر 67.7 مليار درهم كفوائد ، مما يرفع مبلغ التبذير والاختلاس إلى 115 مليار درهم . فضلا عن المبالغ المنهوبة من البنوك والتي جاء في تقرير الهيئة الوطنية لحماية المال العام أنها بلغت في البنك العقاري والسياحي 8 مليارات درهم ، وفي "القرض الفلاحي" وصلت إلى 846 مليون درهم . ناهيكم عن قطاعات أخرى لا يعلم حجم الأموال المنهوبة منها إلا أولو الأيادي الطويلة . إن هذه المبالغ ليست سوى قمة الجبل الجليدي الذي تتسع قاعدته وتتعمق كلما تنوعت أساليب النهب والتبذير وتعددت مجالاتهما . فالنهب لا يكون فقط بالاختلاس ، بل يتخذ أيضا أشكال التفويت والعلاوات والرواتب والامتيازات والمنح . هذه الأخيرة وحدها قد تصل أحيانا إلى 300 مليون سنتيم للنفر الواحد سنويا . هذا إضافة إلى مخاطر الرشوة التي حذرت منها منظمة الشفافية الدولية، بسبب الوضع المقلق الذي أصبح عليه المغرب ، إذ تقهقر في الترتيب من 45 عام 1999 إلى المرتبة 78 عام 2005 . إذن بسبب هذا الاختلاس والنهب والتبذير راكم المغرب كل مظاهر الفقر والتهميش والبطالة والبؤس ، بحيث إن الإحصائيات الرسمية تشير إلى أن 4 ملايين شخص يقعون تحت عتبة الفقر من بين سكان المغرب البالغ عددهم 30 مليونا . أما عدد الأميين الذين يجهلون القراءة والكتابة فقد بلغ 12 مليونا . وسبق للهيأة الوطنية لحماية المال العام خلال اللقاء الصحفي الذي عقدته في 24 مارس 2004 ، أن رصدت هول الكارثة التي نجمت عن نهب الأموال العمومية الذي ضيع على المغرب فرصا كثيرة منها : توفير 34% من الناتج الداخلي الإجمالي لسنة 2001 ، بناء 22402 مدرسة بمعدل 16 قسم من النوع الجيد لكل مدرسة ، بناء 50 ألف مدرسة من النوع المتوسط ، بناء 1757676 سكن اقتصادي ، إحداث 412450 منصب شغل . ب ـ الشطط في استعمال السلطة : رغم المبادرات الهامة التي قام بها جلالة الملك في مجال دمقرطة الدولة وإرساء المفهوم الجديد للسلطة وللإدارة ، الأمر الذي وسع من هامش الحريات العامة والفردية جعل منظمة «هيومان رايتس ووتش» تشير في تقريرها الأخير أن المغرب حقق «خطوة واسعة في القطيعة مع الماضي وأتاح مساحة معتبرة للمعارضين» ؛ إلا أن هناك عقليات لا زالت متشبثة بأساليب القهر والتعذيب ، ولم تتمكن بعد من استيعاب المفاهيم الجديدة ومواكبة إيقاعات التغيير في نظم الدولة وبنياتها . إن هذه العقليات النخرة هي آفة على الوطن من حيث كونها تعرقل عملية الإصلاح على المستوى الداخلي ، كما ترسم صورة مشوهة للمغرب على المستوى الخارجي . ومن شأن ذلك أن ينعكس سلبا على قضايانا الوطنية الأساسية وفي مقدمتها وحدتنا الترابية . إذ لا يعقل أن تظل ممارسات العهد القديم سارية وقد آل المغرب على نفسه ، ملكا وشعبا ، طي صفحة ماضي الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان . إن ما تعرض له التقنيان بالخطوط الملكية المغربية حميد الشافعي وشكيب سفياني من تعذيب وانتهاكات على أيدي عناصر أمنية تفتقر لأي حس وطني ، لا يقل خطورة عما يرتكبه ناهبو المال العام . فهم جميعا يمارسون عداءهم ضد الوطن والمواطنين ويصرون على ترك مجال الانتهاكات مفتوحا ضدا على الإرادة الملكية والشعبية . هؤلاء الفاسدون هم الأعداء الحقيقيون للوطن يريدون جعله جحيما لا يطاق ، يسحق أبناءه الجوع والتهميش ، أو يجبرونهم على ركوب الموت وحمل المتفجرات وبيع الأعراض . إنهم في المحصلة أعداء الإرادة الملكية ، سواء في التأسيس " للصفح الجميل" وتحصين البلاد من تكرار المآسي ، أو في إنجاز الورش المستديم للتنمية البشرية بما يعبد ، كما جاء في الخطاب الملكي بمناسبة انتهاء مهمة هيئة الإنصاف والمصالحة وتقديم الدراسة حول التنمية البشرية ( الطريق المستقبلي أمام الخمسينية الثانية للاستقلال ، لتركيز الجهود على الورش الشاق والحاسم للنهوض بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية لكافة مواطنينا ، ولاسيما منهم الذين يعانون معضلات الفقر والأمية والبطالة والتهميش ) . إن الواجب الوطني يقتضي مواجهة أعداء الوطن في الداخل بالشراسة والحزم اللذين يواجه بهما كل عدوان خارجي .www.saide.c.la
#سعيد_الكحل (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
رسالة إلى الدكتور شاكر النابلسي
-
القرارات السياسية تتغذى على الأعراف وتوظفها لتهميش المرأة وإ
...
-
الفقه شرعنة للعرف وتشريع للتمييز ضد المرأة
-
عولمة الإرهاب وعولمة الحرب عليه 2
-
لما تصير المرأة ضحية العُرف والفقه والسياسة(1)
-
أصبح ممكنا الحديث عن عولمة الارهاب وعولمة محاربته 1
-
الفكر التفجيري والفكر التخديري وجهان للعمل الإرهابي الذي ضرب
...
-
شيوخ التطرف هم ملهمو الرسام الدنمركي وشياطينه
-
أمة لا تجتهد إلا في قهر النساء وتبخيسهن 2
-
التحالف مع العدل والإحسان لا يكون إلا على أساس معاداة النظام
...
-
أمة لا تجتهد إلا في قهر النساء وتبخيسهن -1
-
مغالط من يماثل بين غاندي الهند وياسين المغرب
-
الثورات لا تكون دائما بلون الدم ورائحة البارود
-
تحريم تهاني أعياد ميلاد المسيح تحريض على الكراهية وتكريس لها
-
إذا ضعفت حجج المرء زاد صياحه
-
الفكر التفجيري والفكر التخديري وجهان للعمل الإرهابي الذي ضرب
...
-
هل القادة المسلمون حقا يد واحدة ضد الإرهاب ؟
-
العنف ضد المرأة تكريس لثقافة الاستبداد
-
يوم تواطأ الحداثيون والإسلاميون على الصمت
-
الفكر التفجيري والفكر التخديري وجهان للعمل الإرهابي الذي ضرب
...
المزيد.....
-
-لقاء يرمز لالتزام إسبانيا تجاه فلسطين-.. أول اجتماع حكومي د
...
-
كيف أصبحت موزة فناً يُباع بالملايين
-
بيسكوف: لم نبلغ واشنطن مسبقا بإطلاق صاروخ أوريشنيك لكن كان ه
...
-
هل ينجو نتنياهو وغالانت من الاعتقال؟
-
أوليانوف يدعو الوكالة الدولية للطاقة الذرية للتحقق من امتثال
...
-
السيسي يجتمع بقيادات الجيش المصري ويوجه عدة رسائل: لا تغتروا
...
-
-يوم عنيف-.. 47 قتيلا و22 جريحا جراء الغارات إلإسرائيلية على
...
-
نتنياهو: لن أعترف بقرار محكمة لاهاي ضدي
-
مساعدة بايدن: الرعب يدب في أمريكا!
-
نتانياهو: كيف سينجو من العدالة؟
المزيد.....
-
عن الجامعة والعنف الطلابي وأسبابه الحقيقية
/ مصطفى بن صالح
-
بناء الأداة الثورية مهمة لا محيد عنها
/ وديع السرغيني
-
غلاء الأسعار: البرجوازيون ينهبون الشعب
/ المناضل-ة
-
دروس مصر2013 و تونس2021 : حول بعض القضايا السياسية
/ احمد المغربي
-
الكتاب الأول - دراسات في الاقتصاد والمجتمع وحالة حقوق الإنسا
...
/ كاظم حبيب
-
ردّا على انتقادات: -حيثما تكون الحريّة أكون-(1)
/ حمه الهمامي
-
برنامجنا : مضمون النضال النقابي الفلاحي بالمغرب
/ النقابة الوطنية للفلاحين الصغار والمهنيين الغابويين
-
المستعمرة المنسية: الصحراء الغربية المحتلة
/ سعاد الولي
-
حول النموذج “التنموي” المزعوم في المغرب
/ عبدالله الحريف
-
قراءة في الوضع السياسي الراهن في تونس
/ حمة الهمامي
المزيد.....
|