محمد الاغظف بوية
الحوار المتمدن-العدد: 6082 - 2018 / 12 / 13 - 16:36
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
لم يأخذ العرب من الغرب المهنية والتفوق الذهني وطرق البناء، بل سلكوا طريق القرب من الدوائر الغربية بغية المحافظة على النظم السياسية والبقاء تحت وصاية، تنفّذ برغبة النظام السياسي العربي.
أخذ العرب من الغرب السلاح لتسليح قواتهم المسلحة، والتي تملك صبر أيوب، فهي لم تتمكن من إطلاق رصاصة واحدة على العدو الصهيوني، وعندما يكتب لهذه الجيوش مواجهة الغرب فإنها تنهار في أول معركة.
وتأثر العرب بالغرب في مجال صناعة الرأي، لكن الوصفة العربية المثيرة اختلفت عن الوصفة الغربية، فإن كنّا نحسن رفع الشعارات والتهويل، فإن الرأي في الضفة الشمالية محترم ويؤخذ برأيه، و"لا رأي لمن لا يطاع"، مقولة تراثية تلخص واقع المواطن العربي البائس.
أخذنا، نحن العرب، من الغرب الصناعة السينمائية، فكان التفوق والسبق لنا، إذ أنتجنا أفلاما وثائقية عن حياة الزعيم والقائد والسلطان، ورفعنا القيد عن المحظورات، ففتحنا النقاش عن المواخير، وكأنّ الإنسان العربي مشكلته جنسية وعقدته أنثى.
استنبطنا من الغرب أسس التنمية، إذ تطوّروا هم بينما جلسنا مع الأفارقة، فإذا بإفريقيا تركتنا كما تركتنا دول النمور الآسيوية.
واستضفنا قمم البيئة والاقتصاد والمال، فابتهج المشاركون بنجاحات الملتقيات، أكلا وشربا وسياحة، وانتهت الاجتماعات، ولم تكن أفضل من قمم القادة والزعماء العرب.
أطلقنا الأقمار الصناعية، فأقمنا الدنيا ولم نقعد، ابتهاجا بزحفنا نحو الفضاء الخارجي، أرسلنا الصور الفضائية إلى العالم، فاتضح الغباء المستشري فينا، قمر صناعي من صنع غربي صيني روسي، والأشياء الوحيدة التي تجعل أقمارنا ملكنا، هي الأسماء التي نبتهج بحملها والمال المتدفق على المصدر المصنع.
نحتفل كما يحتفل الناس، ففي الغرب المتقدّم ينبعث المفكر من جديد، ففي كل لحظة يتذكّر الغربي موطن قوته الفكرية، فيتم الاحتفال والاحتفاء بمفكر وعالم اقتصاد وفيلسوف وعالم اجتماع ورجل دين قس أو راهب، وضع بصماته على تاريخ أوروبا، أما عربنا ففي فرح دائم، إذ لا تكاد تغيب شمس اليوم عن مسرات ومؤتمرات وملتقيات تخلد حياة فلان الغنائية، وآخر صيحات الموضة، الذكورية منها والأنثوية، ناهيك عن برامج السخافة التي تملأ القنوات التلفزية العربية صخبا، وتزعج مسامع العربي البسيط الذي لم تتعرف مسامعه موسيقى هادئة وجميلة، وذات بعد إنساني وأخلاقي.
#محمد_الاغظف_بوية (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟