أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اخر الاخبار, المقالات والبيانات - أوري أفنيري - هجم الذئب؟















المزيد.....

هجم الذئب؟


أوري أفنيري

الحوار المتمدن-العدد: 431 - 2003 / 3 / 21 - 04:59
المحور: اخر الاخبار, المقالات والبيانات
    


15.3.03

 

    "لماذا تعتقدون بأن حكومة شارون يمكن أن تستغل الهجوم الأمريكي على العراق لتنفيذ ترانسفير في المناطق المحتلة؟" سألني صحفي بعد أن نشرنا في الصحفية التي يعمل فيها إعلان تحذيري، وأضاف قائلا: "ألستم تصرخون هجم الذئب؟"

   كان بإمكاني أن استعرض أمامه قائمة طويلة من أقوال تفوهوا بها أعضاء الحكومة الحالية، من هؤلاء الذين يؤيدون تأييدا مطلقا طرد العرب، وكان بإمكاني الاستناد إلى الإشاعات، وأن اقول له بأن هناك ترانسفير زاحف يحدث كل الوقت عن طريق تحويل حياة السكان إلى جحيم لا يطاق، مثل هدم البيوت بالجملة، الإغلاق والتطويق، ولكني آثرت أن أروي له بعض الحوادث التي رأيتها بأم عيني في الماضي.

     فقد حدث ذلك في عام 1967  عندما قام الجيش الإسرائيلي باحتلال الضفة الغربية. فور ذلك توج إلي الكاتب عاموس كينان، الذي خدم في تلك الآونة كجندي في منطقة اللطرون، ووضع أمامي تقريرا حول ما شاهد بأم عينه. كنت في تلك الفترة عضو كنيست ومحرر أسبوعية "هعولام هزيه".

   سرد كينان في هذا المستند المروع كيف تم طرد سكان أربع قرى في منطقة اللطرون من بيوتهم، رجال، نساء، أطفال وشيوخ، وقد تم إجبارهم على المشي تحت حرارة الشمس الملتهبة التي وصلت إلى 30 درجة، باتجاه رام الله التي تبعد حوالي 25 كيلومترا وبدأ فور ذلك هدم قراهم.

    هرعت إلى المكان. وقد كانت قرى عمواس ويالو وبيت نوبا ودير أيوب قد هدمت بالكامل تقريبا، وقد رأيت كيف تقوم الجرافات بهدم البيوت المتبقية، وعندما حاولت التقاط الصور، طردني الجنود.

   توجهت من هناك إلى الكنيست مباشرة وحاولت إقناع بعض الشخصيات البارزة للتدخل، وبعد ان توجهو بدورهم إلى بعض الجهات، قالوا لي أن ألامر أصبح متأخرا، فقد تم إتمام الهدم.

     لماذا هذه القرى بالذات؟ ولماذا بهذه السرعة؟ هذه المنطقة من الضفة الغربية كانت بمثابة نتوء أطل على الطريق القديمة من يافا إلى القدس، وكانت مقطوعة منذ عام 1948. لقد كانت الحكومة متأكدة أنه بعد الحرب سيبدأ ضغط دولي كبير على إسرائيل لإجبارها على إخلاء كل المناطق التي احتلتها، كما حدث في الحرب السابقة عام 1957، وقد اعتقدوا انهم إذا قاموا بمحو هذه القرى الأربع من على وجه الأرض، فسيبقون هذه المنطقة على الأقل بين أيدي إسرائيل.

     من الواضح انه لم ينشأ أي ضغط من هذا النوع، وكل المناطق الفلسطينية المحتلة بقيت تحت سيطرة إسرائيل حتى اليوم. لاجئوا هذه القرى موجودون في مخيم اللاجئين بجانب رام الله. وقد أقيم على أراضيهم "بارك كندا" تيمنا بالدولة الإنسانية واللبرالية التي شكرت هذا التقدير.

     أثناء عمل الجرافات في منطقة اللطرون، كان يحدث الأمر ذاته في قلقيليا. بعد احتلال المدينة، بدأ الجيش بتفجير مدروس للبيوت في أحد الأحياء الرئيسية، وقد طرد السكان، مشيا على الأقدام أيضا باتجاه نابلس، وافترشوا الأرض هناك في المنتزهات العامة.

     لقد تلقيت تقريرا عن ذلك في مرحلة مبكرة، فذهبت إلى المكان كي أتحقق الأمر، ولتوي توجهت إلى الكنيست، واخبرت بعض الوزراء بما حدث، ومن بينهم مناحيم بيغن، الذي تقلد لتوه منصب وزير بلا حقيبة، ويسرائيل برزيلاي، وزير الصحة من قبل مبام. وقد وجدت من يقوم بتمرير المعلومات إلى رئيس الحكومة ليفي إشكول بشكل مباشر.

     لا أعرف إن كنت قد نجحت أم لا، ولكن على أية حال، توقفت فجأة عملية الهدم. وتمت إعادة السكان من نابلس إلى مدينتهم، وتم بناء الحي المهدوم من جديد.

     لماذا قلقيليا؟ لانها أكثر مدن الضفة الغربية قربا إلى تل أبيب. وقد قصفت المدافع الأردنية من هضبة قريبة من المدينة منطقة دان. وقد أراد موشيه ديان، وزير الدفاع آنذاك، "تقويم" الحدود.

     بعد سنوات عرفت بأنه قد تم تنفيذ ترانسفير في طول كرم أيضا. لقد كان في المكان الكريكاتريست رعنان لوريا، صاحب الشهرة العالمية، حين صدر الأمر بطرد السكان إلى الأردن. لوريا بعيد كل البعد عن اليسار، ولكنه رفض الانصياع إلى الأمر بكونه غير قانوني شرعيا. ورغم ذلك تم إحضار الحافلات، وبالتهديد تم إعلاء السكان إليها ونقلوا إلى معابر الأردن وطردوا إلى الجهة الثانية وقد أدلى لوريا بشهادة حول ذلك بعد فترة طويلة.

     إلا أن الطرد الأكبر الذي تم تنفيذه في تلك الحرب في عقابة جابر وفي سائر المخيمات الكبيرة للاجئي 1948 الموجودة بجانب أريحا، وهي أكبر المخيمات في الشرق الأوسط. لقد تم إخلاءها بأكملها حتى آخر شخص فيها، ونقل كل السكان إلى عبر الأردن. وقد كان هناك 100 ألف شخص على الأقل. بعد الحرب مباشرت قمت بزيارة هذه المخيمات، وقد كانت خالية خاوية.

     بعد الحرب، حاول بعض اللاجئين العودة سرا إلى بيوتهم عابرين نهر الأردن ليلا. وفي أحد الأيام جائني أحد الجنود والرعب يدب في قلبه قائلا أن كل هؤلاء اللاجئين العائدين قد تم إعدامهم في التو واللحظة.

     طلبت منه أن يوقع على إقرار بحلفان اليمين، وأرسلت المستند إلى رئيس الأركان، إسحق رابين، وقد رد عليّ ضابطه المعاون بأن رئيس الأركان قد قرأ المستند. بعد يومين أوقفت علمية الإعدام الليلي.

     لقد شهدت واقعة مروعة أخرى. بعد زيارة مخيمات اللاجئين، عدنا إلى البيت عن طريق الشارع شديد الإنحدار الذي يصل بين أريحا والقدس. وقد احتشد مئات الناس تحت وطأة الشمس الحارقة على امتداد الطريق باتجاه القدس. قبل ذلك تم طردهم بالتهديد وبإشاعات مروعة من منطقة القدس وبيت لحم، ولكن قبل أن يعبروا نهر الأردن باتجاه الشرق، سمح لهم بالعودة إلى بيوتهم. وكان من بينهم نساء كن يحملن احمالهن على رؤوسهن ومعهن أطفال صغار، وشيوخ يتكئون على عصيهم. الأغلب كانوا شبه فاقدين للوعي من التعب والعطش. قمنا بأقل ما يمكننا عمله لإحضار الماء لهم. لقد كان الأمر مروعا حقا.

     حسب التقديرات المختلفة، فقد تم طرد بين 100 إلى 260 الف فلسطيني في هذه "النكبة المصغرة". لقد تقرر في اتفاقيات أوسلو إقامة لجنة اسرائيلية-فلسطينية-مصرية-أردنية، لبحث موضوع عودتهم. لم تلتئم هذه اللجنة حتى الأن.

     وقد روى لي الجنرال ماتي بيلد انق قبل تلك الحرب، عندما كان يخدم كقائد في الجيش الإسرائيلي في منطقة القدس، أنه اكتشف ضابطين في مقر قيادته لم يكن يعرفهما. عندما حقق معهما حول ما قاما به، اعترفا بانهما تابعين لوحدة سرية تجهز لطرد الفلسطينيين في أقرب فرصة سانحة لذلك. وقد قام بيلد بطردهما.

     في حرب عام 1956 لم يتم تنفيذ الطرد، لان الحرب كانت مع المصريين فقط. وحرب اكتوبر كانت بائسة بحيث لم يكن بالإمكان التفكير في ذلك، أما في لبنان فلم يكن لدى اسرائيل نية في ضم مناطق إلى سيطرتها.

     لم يحدث في أي حرب سابقة ان ترأست حكومة ما قيادة الدولة، وأعضاءها يناقشون بشكل علني موضوع ترانسفير جماعي على الملأ. عند بناء "جدار فاصل" يبقي العديد من القرى غربي هذه الجدار، فإن من الواضح ان يتخوف الفلسطينيون من موضوع الطرد جنبا إلى جنب مع سكان المدن والقرى المتاخمة للجدار شرقا.

     هل يمكنني أن أقول لهم بأن تخوفهم ليس له أساس من الصحة؟

 



#أوري_أفنيري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أين الورقة إذن؟
- لا عليكم، كلوا الشوكولاطة
- رجل يواجه العالم بأسره
- حرب ذات رائحة لا صلة لهذه الحرب بالإرهاب
- السيدة السمينة لم تغن بعد
- نشيد الصداقة
- السوفييت الأعلى الخاص بليبرمان
- إنقلاب نداف
- حيوان غريب جدا
- كيف نساعد شارون
- الهدف: انقلاب!
- الثأر لطفل
- عزيزي عمرام ميتسناع
- كان لنابوت كرم
- لماذا انهارت حكومة شارون- فؤاد- بيرس؟ بسبب حبة زيتون صغيرة
- الحرب الان


المزيد.....




- رقمٌ قياسيّ لعملة فضية نادرة سُكَّت قبل الثورة الأمريكية بمز ...
- أهمية صاروخ -MIRV- الروسي ورسالة بوتين من استخدامه.. عقيد أم ...
- البرازيل.. اتهام الرئيس السابق جايير بولسونارو بالضلوع في مح ...
- اكتشاف عمل موسيقي مفقود لشوبان في مكتبة بنيويورك
- وزيرة خارجية النمسا السابقة: اليوم ردت روسيا على استفزازات - ...
- الجيش الإسرائيلي يوجه إنذارا إلى سكان الحدث وحارة حريك في ال ...
- أين اختفى دماغ الرئيس وكيف ذابت الرصاصة القاتلة في جسده كقطع ...
- شركة -رايان- للطيران الإيرلندية تمدد تعليق الرحلات الجوية إل ...
- -التايمز-: الغرب يقدم لأوكرانيا حقنة مهدئة قبل السقوط في اله ...
- من قوته إلى قدرة التصدي له.. تفاصيل -صاروخ MIRV- الروسي بعد ...


المزيد.....

- فيما السلطة مستمرة بإصدار مراسيم عفو وهمية للتخلص من قضية ال ... / المجلس الوطني للحقيقة والعدالة والمصالحة في سورية
- الخيار الوطني الديمقراطي .... طبيعته التاريخية وحدوده النظري ... / صالح ياسر
- نشرة اخبارية العدد 27 / الحزب الشيوعي العراقي
- مبروك عاشور نصر الورفلي : آملين من السلطات الليبية أن تكون ح ... / أحمد سليمان
- السلطات الليبيه تمارس ارهاب الدوله على مواطنيها / بصدد قضية ... / أحمد سليمان
- صرحت مسؤولة القسم الأوربي في ائتلاف السلم والحرية فيوليتا زل ... / أحمد سليمان
- الدولة العربية لا تتغير..ضحايا العنف ..مناشدة اقليم كوردستان ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- المصير المشترك .. لبنان... معارضاً.. عودة التحالف الفرنسي ال ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- نحو الوضوح....انسحاب الجيش السوري.. زائر غير منتظر ..دعاة ال ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- جمعية تارودانت الإجتماعية و الثقافية: محنة تماسينت الصامدة م ... / امال الحسين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اخر الاخبار, المقالات والبيانات - أوري أفنيري - هجم الذئب؟