أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - كريم عزيزي - بين البدوية والرأسمالية والشيوعية ضاعت شعوبنا (5)















المزيد.....

بين البدوية والرأسمالية والشيوعية ضاعت شعوبنا (5)


كريم عزيزي

الحوار المتمدن-العدد: 6080 - 2018 / 12 / 11 - 02:21
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


هذا الجزء سيكون كدردشة ، من المفروض كنت سأتكلم عن إطلاق اليساريين لألفاظ "الرجعية" و "الشوفينية" و "البرجوازية" على من يرفضون الهوية العربية وأي بديل يقدمونه، لكني رأيت تأجيل ذلك لأكتب دون ضوابط ودون تخطيط ، سأتبع أصابعي ماذا ستكتب ؛ أراها ستقول من هنا أشياء ومن هناك أخرى، ستذكرني بأشياء سأشاركها القارئ ليعلم لمن يقرأ ....

اللهجة التي كتبت بها المقالات الست المنشورة قبل هذا "حادة" وربما رآها الكثيرون "هدامة" . أردت فقط أن أشبهها للقارئ بجرح عميق يضغط عليه أحب الناس إليك ، قد ترى فيها "تقليلا من احترام الآخر" -ربما- أو "استعلاء عليه" لكني فقط أريدك أن تعلم -ومهما كان حكمك- أنها صرخةٌ من ألم فظيع وأظنك -على الأقل- ستسمح للمتألم أن يصرخ ، الأطباء قد يصرخ في وجوههم مرضاهم وربما شتموهم في بعض الأحيان لكنهم يتفهمون أن الألم الذي لا يُحتمل يفسر سلوكهم ، تشبيه مع الفارق طبعا لأن من لا يزال مصدقا لما ورثه والذي (كله) أكاذيب سيكون حتما بعيدا كل البعد عن أن يكون "طبيبا" وأن يكون حالي معه ذلك "المريض" الذي يصرخ من الألم . وهل توجد أكذوبة أعظم من أن يصدق أحد أن إلها مزعوما أرسل بدويا بدائيا رسولا للعالم ولم يكف ذلك بل أصبحت كل هذه الشعوب عربية ؟ لا يوجد في قاموسي الشخصي أعظم من هاتين المصيبتين ، وحتى لو تنزلت ومرّرت الأولى تحت مسمى حق أي كان في أن يعبد حتى فأرا فلا أجد للثانية أي عذر لمن لا يزال يسبح في وهمها ، والعجيب والغريب حقا كيف لا تزال الغالبية العظمى من نخب هذه الشعوب تعتنق هذه الأسطورة السمجة .... لست أبالغ لكن أقول وبصدق: حقا لا أزال لا أصدق ما أرى وما أسمع من هذه النخب وعجبي يصل إلى قمته مع الملحدين لأني شخصيا يوم تساءلت وجدت أن هناك نقاط استفهام كثيرة حول الإسلام والأديان ككل والإله لكني لاحظت أيضا أن هناك نقاط أكثر مع عروبة شعبي وعروبة باقي الشعوب المجاورة. أتساءل دائما لماذا كان الأمر بتلك السهولة معي ؟ قطعا أني لم أكن "عبقريا" لأكتشف ما يصعب اكتشافه ويؤكد كلامي أن الأطفال اليوم والمراهقين يخرجون من كهوف هذه الخرافة ، لكني لا أزال أتعجب وأسأل السؤال نفسه ويوميا : هل يعقل أن كل هؤلاء البشر لا يفهمون ؟ وكيف يقبلون ؟ وكيف لا يزالون يزعمون أنهم بعروبتهم سينهضون بمجتمعاتهم ؟ الوهم عظيم جدا ولم ينج منه أحد وتلك مصيبة شعوبنا.

أذكر من تجربتي الشخصية أني ضحكت كما لم أضحك قط يوم قرأت قصة بدء الوحي في البخاري الذي لم أسمع به -البخاري- (لا هو ولا غيره وحتى القرآن كنت أتذكر منه أشياء قليلة من مرحلة الابتدائية) طوال حياتي وتساءلت : هل يعقل أن المسلمين يصدقون هذا الكلام ؟ يومها قلت استنتاجين: الأول أن كل من قرأ هذا الكلام وقال أنه يصدقه كذاب وبذلك قلت مباشرة أن كل مدرسي الدين والشيوخ كذبة ، والثاني أن المسلمين لا يعرفون هذا الكلام ولم يقرأوه –مثلي- ولو قرأوه لاستنتجوا نفس استنتاجي! لم يخطر ببالي يومها إطلاقا أن هناك بشر قرأوا تلك القصة وصدقوها "حقيقة". شعرت أيضا بالخجل وزاد خجلي من نفسي أكثر عندما اكتشفت مصائب كثيرة غير تلك المصيبة -والحقيقة أني لا أزال أبحث عن شيء جميل أو يصلح للاستعمال البشري "الكريم" و "السوي" في الإسلام- وقلت : أنا "مسلم" إذن هذا الكلام يمثلني! كانت نقطة البداية ولم أجد أي صعوبة فيها، لم أكن أعرف "حكايات" الحديث الضعيف والصحيح ولا "علوم" القرآن الذي عند قراءته صدمني مباشرة غموضه وكمية التهديد الرهيبة الموجودة فيه والتي ذكّرتني بأحد الفتوات عندما كان يدخل في شجار مع أحد. شهادة للتاريخ أني عندما أكملت قراءته كله -دون تفسير أي لم أفهم منه شيئا تقريبا- (قد لا يروقك الكلام لكن هذا الذي حصل، تستطيع اعتباره كمشهد من فيلم) قلت : "ضحكوا علينا أولاد الكلاب!!". لم يكن عندنا في المنزل العائلي كتاب قرآن ولاشترائه ذهبت أمام مسجد فوجدت من يبيعون كتبا إسلامية فاشتريت كتاب قرآن وكتاب الشفا للقاضي عياض وكتاب المستطرف للأبشيهي وهذا الأخير أعادني للغة العربية التي كنت استعملتها آخر مرة منذ سنين في امتحان الباكالوريا في الفلسفة المادة الوحيدة التي كانت بالعربية وقتها.

حدوتة العروبة انطلقت مع قريب لي "يساري" جامعي (قرأت قصة بدء الوحي عنده، حيث كانت عنده كتب إسلامية كثيرة اشترتها زوجته وقال أنها للزينة ولا هي ولا هو قرآها) قال لي في نقاش سريع عن الإسلام أننا في الأصل لسنا عربا لكننا تعربنا، وانتهى النقاش بجوابه ذاك ألذي لم أنس فيه أبدا "(في الأصل)"، كان النقاش سريعا لأن الليلة كانت ليلة زفاف ابنته .. قد ترى القادم "عنصريا" -ربما- لكنه الحقيقة التي حدثت وأنقلها لك كما هي : كنت دائما أرى الغربيين أفضل منا بكثير، متقدمين جدا علينا والإنسان عندهم يحيا بكرامة، كنت دائما أقول لماذا يتغير الرؤساء عندهم وعندنا لا؟ وأجيب : "لأننا عرب"، وبالرغم من جوابي كنت دائما أتبرأ من شعوب الخليج ولا أرى أي قاسم مشترك بيننا وبينهم، كنا نتندر عليهم ولا أذكر عنهم إلا صفتين : الغنى الذي لا يستحقونه والغباء، بقية الشعوب لم يكن عندي معها مشكلة باستثناء الفلسطينيين الذين كان شعوري نحوهم غريبا..

يوم أغارت إسرائيل على حمام الشط كنت رفقة أفراد من عائلتي ذاهبين إلى مقر المنظمة للقاء صديق للعائلة كان من الحرس الشخصي لياسر عرفات، كنت سعيدا ذلك الصباح لأنه وعدني بأن يعطيني أحد كراساته التي كان يقطع فيها من الجرائد كل أخبار النادي الإفريقي ويلصقها -كان مهووسا بحب النادي ويحضر أغلب مبارياته وله صور مع كل لاعبيه وبالكؤوس والبطولات التي حصل عليها-، سعادتي الأعظم كانت أنني كنت على يقين أني سأرى ياسر عرفات رغم أنه لم يعدني -الصديق- بذلك : كان ذلك الذي استيقظت عليه ذلك الصباح وقلت في نفسي أن ياسر سيفطر عند صديقنا في منزله وأكيد سأراه وسألتقط صورا معه ، مع العاشرة صباحا غادرنا المدرسة التي كانت تبعد نصف ساعة بالسيارة المستعملة وقتها (Ami 8) وقبل أن نصل بقليل سمعنا دويّ القنابل .... صديقنا الفلسطيني كان مقربا جدا من كل أفراد العائلة هو وزوجته التي كانت تزاول نفس مهنة إحدى أفراد العائلة وكانت تربطه بزوجها علاقة أخوية متينة .. الزوج الذي كان يقود السيارة ، وعندما سمعنا دوي القنابل شرع مباشرة في الصراخ باكيا "قتلوا -فلان- قتلوا أخي" وأسرع حتى وصلنا سكة القطار وتجاوزناها لنصل ونرى الخراب في كل مكان والجثث مبعثرة في مشهد يستحيل أن ينساه الكبار وكم بالأحرى طفل صغير. علمنا بعد ذلك أن ياسر عرفات غيّر وجهته قبل ساعتين أي في حدود الثامنة صباحا وكانت تلك عادته حيث كان كثيرا ما يغيّر مقر اجتماعاته و "بصفة عفوية" ، يومها لم تصله أي معلومات عن غارة الموساد لكنه غيّر وجهته وكان معه صديق العائلة وبذلك نجى من الموت.. أذكر أني ذلك اليوم كنت أبكي لأني رعبت من هول ما رأيت وكنت خائفا على مصير صديقنا ونسيت ياسر عرفات وحلمي برؤيته، في ليلة ذلك اليوم -1 أكتوبر1985- وبعد أن علمنا بسلامة صديقنا استيقظت من كابوس مرعب كنت أصرخ وأبكي "يجب أن نطرد كل الفلسطينيين من بلادنا ولا نُبقي منهم إلا -فلان- (صديقنا)"، رافقتني الكوابيس ليالي عديدة ثم انقطعت بعد أن أمضينا ليلة في منزل صديقنا الفلسطيني الذي غمرني بالهدايا فإضافة إلى ألبوم أخبار النادي الإفريقي أهداني زيّ النادي كاملا مع كاسيت فيها أغاني عنه. أمضيت صغري كله وفلسطين تعني لي فقط "فلان" صديقنا واليوم بعد اكتشاف كل الأوهام الإسلامية والعروبية لا تزال فلسطين تعني لي (حصرا) ذلك الرجل الفريد الذي قل وندر وجوده والذي كان يحترمه الجميع لأخلاقه العالية وتفانيه في عمله، حتى إرهابيو حماس عندما عاد إلى غزة كانوا يحترمونه ولم يضايقوه يوما عكس بقية رفاقه الفتحاويين. إلى اليوم لا نزال نحتفظ بصوره على كل الجدران ونضع صورته في وسط كل الصور وأعلاها ، لا نزال نراه أخا أكبر ونذكره بكل خير بعد وفاته .. أحد أفراد عائلتي أجابني يوما عندما قلت له أن فلسطين خرافة على شعبنا أن يتخلص منها : "هل كنت ستقول كلامك هذا لـ -فلان- لو كان حيا؟" أجبته أن نعم وكنت سأخرجه من خرافات إسلامه وأكاذيب ياسر عرفات وإخوانه العرب وأكيد كان سيفهم ويقتنع .. زدت أني كنت سأطلب منه ألا يرجع إلى هناك فنحن أهله وهذا البلد بلده .

الحلقات التي أنا بصدد كتابتها ليست ردودا استقصائية على مزاعم العروبيون بأنواعهم من مسلمين وقوميين ويساريين وملحدين إلخ بل ستكون مجرد حجارة سألقيها في بركة آسنة منذ قرون وقل وندر من ألقى فيها شيئا لأن كل هؤلاء يرونها عين عسل وخمور وذهب مذاب ، وسيأتي الوقت الذي سنستقصي فيه أهم الأكاذيب والأوهام التي يعتقد بها كل هؤلاء. واحد يقول لك رسول والدليل أن الإله المزعوم أرسل له المدعو جبريل ليخنقه في غار يوجد في صحراء قفر ويعطيه وحيا ! يا أخي اسأل طبيبا ستعرف ، والآخر يقول لك كل هذه الشعوب عربية بالعرق وأجداده جاؤوا من صحراء نجد ! يا أخي اذهب لمختبر وحلل ستعرف .... كيف سننهض والنوعان يحكمون السياسة والثقافة والتعليم والإعلام وكل شيء في بلداننا ؟ لا أعلم مثلا كيف لا يزال هؤلاء ينادون بوحدة عربية ! يا أخي هل حقا تريد أن تتحد مع القطري والسعودي والإماراتي ؟ هل حقا عندك مع هؤلاء شيء مشترك يمكن أن تبني عليه ؟ هل ستربح شيئا من هؤلاء غير بناء المساجد وتحجيب القاصرات وختانهن علاوة على الإرهاب والبداوة ؟ عجيب حقا يا أخي حتى الإسلام عندنا يختلف عن إسلام هؤلاء وكثير من المسلمين يرفضون أولئك البشر واختبروا عنصريتهم حتى عند ممارسة شعائرهم ؟ هل تخفى معاملة هؤلاء معاملة العبيد لكل من يعمل عندهم ؟ عجيب حقا كيف يتكلم اليساري عن وحدة مع هؤلاء أم تراه يظن أنه سيغيّر عقليات أولئك البشر ؟ المرأة لا تزال تحارب لتقود سيارة هناك يا أخي فماذا ستغير وكم من القرون يلزمك لتفعل ذلك ؟ هل اليساري العراقي أو السوري يريد حقا وحدة مع أولئك الذين دمّروا بلده ولا يزالون ؟ عجيب ..... حقا عجيب.



#كريم_عزيزي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- بين البدوية والرأسمالية والشيوعية ضاعت شعوبنا (4)
- بين البدوية والرأسمالية والشيوعية ضاعت شعوبنا (3)
- بين البدوية والرأسمالية والشيوعية ضاعت شعوبنا (2)
- بين البدوية والرأسمالية والشيوعية ضاعت شعوبنا
- الماركسيون والإسلام : نظرة سريعة
- لماذا يتواصل تعثر نهضتنا ؟


المزيد.....




- آموس هوكشتاين.. قبعة أميركية تُخفي قلنسوة يهودية
- دراسة: السلوك المتقلب للمدير يقوض الروح المعنوية لدى موظفيه ...
- في ظل تزايد التوتر المذهبي والديني ..هجوم يودي بحياة 14 شخصا ...
- المقاومة الاسلامية بلبنان تستهدف قاعدة حيفا البحرية وتصيب اه ...
- عشرات المستوطنين يقتحمون المسجد الأقصى
- مستعمرون ينشرون صورة تُحاكي إقامة الهيكل على أنقاض المسجد ال ...
- الإعلام العبري: المهم أن نتذكر أن السيسي هو نفس الجنرال الذي ...
- ثبتها فوراً لأطفالك.. تردد قناة طيور الجنة 2024 على نايل سات ...
- الجنائية الدولية تسجن قياديا سابقا في أنصار الدين بمالي
- نزع سلاح حزب الله والتوترات الطائفية في لبنان.. شاهد ما قاله ...


المزيد.....

- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - كريم عزيزي - بين البدوية والرأسمالية والشيوعية ضاعت شعوبنا (5)