أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - بشير الذكواني - الجسد بين الامل و الرجاء














المزيد.....

الجسد بين الامل و الرجاء


بشير الذكواني

الحوار المتمدن-العدد: 6079 - 2018 / 12 / 10 - 23:37
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


الجسد بين الأمل و الرجاء
(بين المقدس و المباح)

ما الذي يعيش داخل كل حكاية؟كيف يسرد الإنسان ذاته على نحو معين ؟ما الشرط الذي لابد أن يتوفر حتى أكتب حكايتي و أروي هويتي السردية ؟
كل كتابة مهما أختلف شكلها هي ترجمة لكل انفعالات الكاتب -القارئ .فالكاتب الجيد هو مترجم جيد للأحاسيس هو ما يجعل نصه يبرز لنا من الخفاء إلى الانكشاف يعري الحقيقة و يسردها على أنحاء مختلفة, ليس المهم أن تكون الحقيقة تطابق الكلمات مع الأشياء أو الموضوعات مع المفاهيم بل إن كل سردية حسب بول ريكور تبحث عن معنى جديد للذات و هوية جديدة تتشكل من خلال السرد و لكن كل سردية لابد أن تمر بالجسد و من خلاله و عبره فكل حكاية أرويها عن نفسي هي ملاصقة لي بكل حميمية .
فماذا يعني أن يسرد جسدي هويتي ؟ كيف أكتب بجسدي و على جسدي ؟
منذ الإغريق القدامى يعتبر الجسد مقدسا,فبأي معنى يكون الجسد مقدس ؟هو مقدس لأنه سيضل سرا مخفي فلا أحد فينا يعلم مستطاع الجسد و كل مخفي و غامض غالبا ما يثير دهشتنا و يحدث رجة داخل أرواحنا تهز ركائزها و كذلك مقدس لأنه يدخلنا في ضرب من التجلي الروحي و الانكشاف أمام الآلهة,فتجربة العراء عند الإغريق هي تقرب من الآلهة لان أقصى درجات الحرية كما قيل "يجب أن يكون الجسد العاري الخاص بك ينتمي فقط إلى أولئك الذين يقعون مع الروح المجردة ", تجربة العراء أو بعبارة ميرلوبونتي "اللحم الحي " تحيلنا على الجنس و المقدس لبول ريكور فالجنس أيضا هو سردية و ترجمة لرغبات النفس لكن حسب ريكور يبقى الجنس في دائرة الغامض و الصامت لأنه عملية تأويلية ولكنها من دون لغة تتم في أفق الصمت .
كيف يصمت الجسد و يكتفي عن التكلم معنا و قول الأشياء لنا أو متى يتوقف الجسد عن سرد حكايته ؟
يشير ميشال فوكو في كتابه تاريخ الجنسانية إلى أن الجنس باعتباره الخاصية المميزة للجسد كان يمارس في الخفاء و في الصمت بل حتى أنه يمنع الحديث عنه و ذلك لارتباطه في الفترة الفيكتورية بمفهوم الضمير المثقل بالخطيئة فهو محكم بسلطة المراقبة و المعاقبة خاصة الدين الذي لا يمكن أن يتمثل الجنس خارج مؤسسة الزواج, حتى أن الكهنة و رجال الدين يمتنعون عن الجنس تحت أسم التعفف و علوية النفس عن الجسد و أن الجسد يمثل الكون و الفساد و هو ينتمي إلى العالم المحسوس.
الغريب في الأمر هو أن الجسد لا يصمت حتى إذا ما تم قمعه فهو يتكلم في كل الحالات معلنا وجوده. حتى في عدم حركته و حتى في موته يبقى جسدا رامزا .فعلى حد عبارة ميرلوبونتي "أنا جسدي " و "جسدي لغة على العالم" فأول ملامسة لي مع العالم كانت من خلاله و لكن ما يدعونا إلى التساؤل هنا هو هل أنا حر في طريقة استعمال جسدي؟ هل جسدي وسيلة لتحقيق الأمل أم الرجاء أو لنقل لتحقيق المستقبل أم الآخرة؟
نجد في التقليد المسيحي وسيلة تسمى جلد الذات للتكفير عن الذنوب يتعرض الجسد خلالها لضرب من قبل صاحبه حتى يسدد دينه للإله و يكفر عن خطاياه كذلك نعثر في سرديات الإسلام و اليهودية عن أحداث لرجم أو للجلد تطبق على من تعدو "حدود الله" حتى تصورنا للآخرة نحن نسمع حكايات عن شوي للجلود و احتراق للحوح و يصور لنا مشهد القيامة عن عذاب الجنات تجرهم الزبانية في سلاسل تقيد أجسادهم .ان التساؤل الذي يحرجنا هنا لماذا يكفر الجسد عن خطايا النفس ؟
المريب في الأمر كيف يتحول الجسد من مقدس إلى تقنية رجاء بمعنى ما نشهده من عمليات إرهابية حيث يقدم إرهابي على تفجير نفسه إلى أشلاء رجاء في حياة ميتافيزيقية أخرى,فعلا أنه لا من المرعب أن نفجر أجسادنا بطريقة لا اسانوية,فالمفجر هو لا يفجر جسده فقط أي باعتباره حيز خاص به بل هو في الحقيقة يفجر كل القيم الإنسانية,هو يفجر كل إمكانية لكتابة سردية ما و لبناء إنسان ما .فالمفجر إذا يخرج من حيز الأمل و يدخل الرجاء و لكن في المقابل الفن يستطيع أن يعدنا بالمستقبل لان الفن هو لغة يتكلمها الإنسان بجسده و حواسه و ألانفعالاته فكما يقول مارتن هيدغر "اللغة ملجأ الكينونة و الشعراء و المفكرين هم حراس هذا الملجأ".
بشير الذكواني.



#بشير_الذكواني (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الجسد بين الامل و الرجاء


المزيد.....




- مزارع يجد نفسه بمواجهة نمر سيبيري عدائي.. شاهد مصيره وما فعل ...
- متأثرا وحابسا دموعه.. السيسي يرد على نصيحة -هون على نفسك- بح ...
- الدفاع الروسية تعلن حصيلة جديدة لخسائر قوات كييف على أطراف م ...
- السيسي يطلب نصيحة من متحدث الجيش المصري
- مذكرات الجنائية الدولية: -حضيض أخلاقي لإسرائيل- – هآرتس
- فرض طوق أمني حول السفارة الأمريكية في لندن والشرطة تنفذ تفجي ...
- الكرملين: رسالة بوتين للغرب الليلة الماضية مفادها أن أي قرار ...
- لندن وباريس تتعهدان بمواصلة دعم أوكرانيا رغم ضربة -أوريشنيك- ...
- -الذعر- يخيم على الصفحات الأولى للصحف الغربية
- بيان تضامني: من أجل إطلاق سراح الناشط إسماعيل الغزاوي


المزيد.....

- كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج / زهير الخويلدي
- معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية / زهير الخويلدي
- الثقافة تحجب المعنى أومعضلة الترجمة في البلاد العربية الإسلا ... / قاسم المحبشي
- الفلسفة القديمة وفلسفة العصور الوسطى ( الاقطاعية )والفلسفة ا ... / غازي الصوراني
- حقوق الإنسان من سقراط إلى ماركس / محمد الهلالي
- حقوق الإنسان من منظور نقدي / محمد الهلالي وخديجة رياضي
- فلسفات تسائل حياتنا / محمد الهلالي
- المُعاناة، المَعنى، العِناية/ مقالة ضد تبرير الشر / ياسين الحاج صالح
- الحلم جنين الواقع -الجزء التاسع / كريمة سلام
- سيغموند فرويد ، يهودية الأنوار : وفاء - مبهم - و - جوهري - / الحسن علاج


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - بشير الذكواني - الجسد بين الامل و الرجاء