أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - فاطمة ناعوت - على هامش الفستان… طاقيّةُ التقيّة














المزيد.....


على هامش الفستان… طاقيّةُ التقيّة


فاطمة ناعوت

الحوار المتمدن-العدد: 6077 - 2018 / 12 / 8 - 14:10
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    



أخي المؤمن، أختي المؤمنة: هل سببتَِ وشتمتَِ ولعنتَِ "رانيا يوسف" اليومَ؟ إن لم تفعلْ فاعلمْ أن ذنوبَكَ قد منعتك. لا تنسَ لعنَها اليومَ أيضًا بأبشع الكلمات وأكثرها فُحشًا، حتى نعرفَ أنك تَقِيٌّ عفيفٌ وملاكٌ كريم.
أعتذر عن السخف السابق. ولكن الشاهد أن حالنا لم يكن بعيدًا عن العبارة الساخرة بكثير.
بدايةً، نشكرُ الَله أن زلزالَ الفستان قد انتهى أو كاد. ونشكرُ اللهَ أن المحامين الذين لاحقوا "فستان" الفنانة "رانيا يوسف" قضائيًّا لسجنه عامين، قد تكرّموا بسحب دعاواهم؛ رغم تحديد موعد الجلسة بسرعة الصاروخ، بعدما تحقّقت أهدافهم، التي تتلخص على الأغلب في: 1- تحقيق بعض الشهرة بذكر أسمائهم في الصحفُ والمواقع، 2- تقديم أنفسهم للمجتمع بوصفهم أربابُ الفضيلة وحُرّاس العفاف ووكلاء الله على الأرض، 3- إنعاش مكاتبهم الشاغرة بقضايا صارخة؛ لضمان ذيوع الصيت وترويج البائر. ثم نشكرُ اللهَ على البيان الثاني الرصين لنقابة المهن التمثيلية، الذي صحّح البيان الأول المرتعد.
أُقرُّ وأعترفُ بأن "رانيا يوسف" ليست صديقتي، ولم ألتقِ بها في حفل أو عرض خاص أو مهرجان. كما أعترفُ أنني مُقلّةٌ للغاية في متابعة التليفزيون والمسلسلات والأفلام العربية، فأكادُ لم أعرفها إلا بعد "زلزال الفستان" الشهير. كما أقرُّ بأن هذا المقال ليس لتبرئة الفستان أو إدانته. فأنا أعرف جيدًّا قيمة هذه الزاوية التي منحتها لي جريدة "المصري اليوم" المحترمة؛ لأكتب فيها عن أمور أشدّ خطورة من فستان كشف عورة مجتمع، كان في سابق عهده يُعلّم الدنيا ويضيء مشاعلَ الحضارة في أنحاء الأرض. هذا المقال ليس عن فستان عارٍ، بل عن "طاقيّة التقيّة" التي اعتمرها المجتمعُ العربي بكامله في دراما مسلسل الفستان.
وبعد. الحقيقة لم يشغلني تأمل الفستان، إنما أتعسني تأملُ ردود فعل المجتمع العربي على سوشيال ميديا. والسؤال الذي أوجّهه للسبّابين اللاعنين: هل فحصتم أنفسكم وتأملتم سلوككم وأصلحتم أخطاءكم، قبل الاندفاع بسرعة البرق لفحص فستان سيدة والتقاط مكامن العُري وتأمل تفاصيل جسد؟ هل تأكدتم أنكم أنقياءُ بلا خطايا قبلما تفتحون أذرعكم وترمون أحجاركم وتلبسون ثيابَ الوعّاظ المُصلحين في مجتمع، بكل أسف أقولها، لم يتعافَ بعد من الفساد والرشاوى والتحرش والمخدرات والبلطجة واستغلال المناصب وسوء التعليم وتدني الصحة والهوّة الواسعة بين تُخمة الأثرياء وعَوَز المعدمين، الذين نحلم فقط بأن نُخرجهم من تحت خط الفاقة ليتحولوا إلى فقراء؟!
أيها اللاعنُ العزيز، قبل أن تسبَّ فستانًا عاريًا، هل تأكدت أنك لست غارقًا في الصغائر والدنايا والعُريّ الأخلاقيّ؟ هل فكرت في نظافة لسانك قبل تنظيف أسنانك في الصباح، وتصحيح سلوكك قبل التربُّع على عرش الواعظين؟
سَلْ نفسَك من فضلك:هل تعمل ثماني ساعات في اليوم، أم 27 دقيقة فقط كما تقول الإحصاءات؟ هل تتقن عملك كما أمرك الله، أم ترتشي؟ هل تحترم جارك وتبتسم في وجهه؟ هل تحافظ على المرافق العامة احترامًا لوطنك؟ هل تحترم حقَّ المختلف عنك عقديا أم تمارس عليه الطائفية والمذهبية والعنصرية؟ هل تغض بصرك عن النساء، أم تتحرش بهن؟ هل تساعدُ الضعيف وتُجلُّ الُمسنَّ؟ هل ترحم الحيوان وتحترم الأخضر؟ هل تُلقي قمامة في الطريق؟ هل تحافظ على نظافتك الشخصية أم تزعج من حولك؟ ألفُ (هل) وهل تضيقُ عنها الصفحاتُ.
من المحزن أن ننسى أن الفضيلة تبدأ من اللسان وتحتلَّ القلب وتنطلق من العقل وتسكنُ في السلوك. من المخجل أن نزعم أننا حُماة العفاف بينما الألسن تقطر سُمًّا وقيحًا وبذاءات. كيف ندعو إلى العفّة بألسن غير عفيفة؟! القليلُ مما قرأت من الحملة المسعورة ضد رانيا يوسف أكّد لي أن الكلَّ قرّر أن يتطهَّر من خطاياه على جسدها. الكلُّ اعتمر "طاقية التقيّة" البهلوانية وراح يعظُ ويلعن، وهو مؤمنٌ أنه بقدر ما يسبُّ بقدر ما يغفر اللهُ له خطاياه! تحوّل الفستانُ إلى ناشنكان في ساحة رمي الجمرات بالحرم الشريف. ولسنا حرمًا شريفًا، وليست رانيا يوسف شيطانًا. فهي لم تقتل ولم تسرق ولم ترتش ولم تخن وطنًا. واللهِ لو وجّه اللاعنون عُشر لعناتِهم للفستان، إلى المتحرشين واللصوص والفاسدين والمتطرفين، لانصلح حالُ مصر. لكن، بكل أسف، زلزال الفستان قد كشف إلى أي قدرٍ نحن منافقون وغير صادقين، لا مع أنفسنا ولا مع الله.
تصحيح سؤال مفتتح المقال: “عزيزي المصري: هل تسببتَ اليومَ في دموع إنسان؟" كان هذا هو السؤالَ الاستنكاريّ لسلفنا الصالح الكريم، الجدّ المصري القديم.

***



#فاطمة_ناعوت (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- كلامٌ هادئ في شأن تونس والأزهر
- زهرةٌ بين منال ميخائيل و… بسملة
- عمرو سعد … والصبايا الجميلات
- نصف قرن على ميلاد الهرم
- مصرُ الكويتُ … والوزيرةُ الجميلة
- تلويث الذوق العام
- برقية إلى … نادية صالح
- كيف أكتبُ عن -عيد الحب”!
- ثلاثةُ رجال من مصر
- أنغام: وحشاني يا أختي جدًّا
- خيبتنا … مرآةُ ميدوزا في يد المايسترو
- سانت كاترين … هنا نُصلّي معًا
- أيامُ الرجل الكفيف
- ثلاثون عامًا على ميلاد الجميلة
- سوق برقاش... يا سيادة الرئيس!
- ليزا وأطفالي …. وقانون الطيران
- الرئيس يستثمر في الإنسان في مؤتمر شرم الشيخ
- الرئيس يستثمر في الإنسان
- مُعلِّمةُ البيانو
- كمال الجنزوري …. فارسُ البسطاء


المزيد.....




- مصري ارتد عن الإسلام ينتج فيلما ضد حماس لدعم إسرائيل
- ما بين التخوف من -الإسلام السياسي- و-العودة إلى حضن العروبة- ...
- اليهود يغادرون.. حاخام بارز يدعو أوروبا إلى التصدي لتزايد مع ...
- اقــــرأ: ثلاثية الفساد.. الإرهاب.. الطائفية
- المسلمون متحدون أكثر مما نظن
- فخري كريم يكتب: الديمقراطية لا تقبل التقسيم على قاعدة الطائف ...
- ثبتها بأعلى إشارة .. تردد قناة طيور الجنة الجديد 2025 على ال ...
- “ثلاث عصافير”.. استقبل الآن تردد قناة طيور الجنة الجديد 2025 ...
- مؤرخ يهودي: مؤسسو إسرائيل ضد الدين والإنجيليون يدعمونها أكثر ...
- الشيخ علي الخطيب: لبنان لا يبنى على العداوات الطائفية +فيدي ...


المزيد.....

- السلطة والاستغلال السياسى للدين / سعيد العليمى
- نشأة الديانات الابراهيمية -قراءة عقلانية / د. لبيب سلطان
- شهداء الحرف والكلمة في الإسلام / المستنير الحازمي
- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - فاطمة ناعوت - على هامش الفستان… طاقيّةُ التقيّة