|
بين البدوية والرأسمالية والشيوعية ضاعت شعوبنا (4)
كريم عزيزي
الحوار المتمدن-العدد: 6076 - 2018 / 12 / 7 - 23:44
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
خلفية الكاتب مهمة جدا للإحاطة بكتاباته من كل جوانبها والوصول إلى (كلّ) مقاصده حتى وإن ظهر أنه ممن يتكلمون بطريقة مباشرة كما هو حال الكثيرين اليوم على النات ، هذه الخلفية تجربة فردية عاشها من يكتب فأثّرت في كل مشواره. لا أقصد بـ "الكاتب" أصحاب الأسماء "اللامعة" و "العظماء" بل أقصد من هم مثلي أي كل شخص يكتب اليوم ويُعطي من وقته ليُفيد غيره -وكل حسب قناعاته-. وعندما تكون الأمور جلية لا أرى أننا في حاجة لـ "أسماء لامعة" ولـ "عظماء" بل نحن في حاجة لمعرفة الحق "الجليّ" / "الظاهر" أولا ولقوله لغيرنا ثانيا وهذا الحق قد يَغيب عن كثير من هؤلاء "العظماء" أو قد لا يستطيعوا قوله مباشرة فلا يُفهم ويُعلم منهم ، والقصد من وراء ذلك ليس "الإنسانية" بل (وطننا) و (شعبنا) قبل كل شيء والذي لا يزال بعيدا عن مستوى هذه الإنسانية التي ليست في حاجة لا لي ولا لغيري لتعلم أن الإسلام -والدين ككل- أصل من أصول التخلف والانحطاط تضاف إليه عروبته وثقافتها البدوية التي تنفي أي أمل في الحضارة والتحضر والاثنان تحت سياط عالم متوحش لاأخلاقي يحكمه المال وتكنيزه: الذي أُطلقه هنا إطلاق المسلمات والبديهيات عندي لا يراه غيري كذلك والاختلاف يبقى مع العروبة لا مع الإسلام والرأسمالية و "الغير" المقصودون هم اليساريون بكل فرقهم لأني –وليعذرني المسلمون وأولهم أهلي- لا أراهم أهلا للنهوض بشعب مُجهَّل منذ قرون ، أعتذر لكن وكمثال من مئات -من لا يزال يصدق أن إلهًا فرض عليه أن يحج لحجر ويملأ جيوب آل سعود مصدّري الجهل والتخلف لبلده بشقيه الإسلامي والعروبي وعملاء الأمريكان- يستحيل أن يكون له مكان في مسيرة شفاء شعب من كل السرطانات التي تنخر جسده منذ قرون.
أعود إلى "خلفية الكاتب" لأقول أني لست هنا لأثبت ذاتي عبر الكتابة فذاتي مثبتة ولا حاجة لي لا لكتابة ولا لغيرها ، ولست هنا لأبحث عن اسم أو مجد أو معارف فلا يعنيني ذلك أصلا ، ولست هنا لـ "أستفزّ" أو لـ "أهاجم" كل من لا يرون برأيي ، ولست هنا لحاجة نفسية تتطلب إشباعا أو لفراغ يلزمه ملء بل أنا بينكم لأبرئ ذمتي تجاه وطني وشعبي (حصرا) ، ولن أتجمّل وراء شعارات زائفة من قبيل "محبة الإنسان" و "الإنسانية" و "التنوير" وغيرها بل سأقول أن الأسطول كله يغرق ومن حقّي أن أفكّر في إنقاذ مركب أهلي (أولا) وهو سلوك "واقعي" و "مشروع" و "حق" لا جدال فيه عندي ، وبعيدا عن الشعارات الرنانة كل البشر عندما يصدقون مع أنفسهم سيقولون ما قلت . كلامي يقترب كثيرا للطروحات القومية صحيح ، وبعيد عن كل أعداء الخصوصية أي كل من يريد استغلال ونهب بلدي وشعبي باسم الانفتاح وعدم التشرنق الذي سيؤدي حتما إلى العنصرية والشوفينية وهذا بعيد كل البعد عن فكري فأنا لا أرى نفسي وشعبي شعبا مختارا أو ملحا للأرض أو خير أمة أو جنسا يجب أن يسود الأرض ومن عليها بل أنا في حقيقة الأمر شعب بلا هوية يبحث عن هوية وجسد بلا روح يبحث عن روحه الحقيقية بين أرواح شريرة تستعبده تحت زعم الأخوة والأمة العربية واليسار العربي والعالم أصبح قرية صغيرة ، أشبه الحال -مع الفارق- بمن يبحث عن أبويه الحقيقيين بعد أن علم وبالدليل أنه متبنى وأن أبويه ليسا أبويه الحقيقيين :
أبي بائع مخدرات وأمي عرافة ، أنا طالب متفوق وطموحي لا حد له وأبي يريدني أن أتوقف عن الدراسة لأعينه في عمله وأمي تريدني أن أرث عنها العرافة ، عاملاني ليسا كابن بل كعبد حيث كنت طوال حياتي مهانا محروما من كل شيء ، اليوم اكتشفت أني لست ابنهما أبي دمه "A" وأمي دمها "B" وأنا دمي "O" لم أكتف بذلك بل أخذت عينة DNA منه ومنها فوجدت أنهما ليسا مني وأني لست منهما ، علمت أيضا أنهما سرقاني من أمي الحقيقية ومن أبي الحقيقي عندما كنت رضيعا واكتشفت مؤخرا اسم أبويّ الحقيقيين وعنوانهما : من ذا الذي سيمنعني من رؤية أبي وأمي الحقيقيين غير أبي وأمي المزيفين اللصين المجرمين ومن لف لفهما ؟ هل بطلبي العودة إلى حضن أبوي الحقيقيين قلت أني أشرف وأنقى عرق على سطح الأرض ؟ هل قلت أن البشر يجب أن يكونوا لي عبيدا بعد أن ألتقي أبوي الحقيقيين ؟ هل تبرئي من أبوي المزيفين عقوق ؟ عنصرية ضدهما ؟ دعوة للقضاء عليهما وإبادتهما ؟ أم أني فقط أطالب بحق لن يرفضه لي إلا تجار المخدرات (مهنة أبي المزيف) والعرافة (مهنة أمي المزيفة) ؟
قصتي تنطبق على كل الشعوب التي تسمى "عربية" والتي أرى أقربها للتحرر شعوب شمال افريقيا "الأمازيغ" المعرَّبون . لا أرى أي أمل لبقية شعوب الشرق الأوسط ، الإسلام مع اليسار حملان ثقيلان يستحيل لتلك الشعوب أن تنجو منهما ، عكس شمال افريقيا والمغرب مثال على ذلك حيث وُجد أخيرا ذلك الصوت المُغيّب قهرا وظلما مع أصوات الإسلاميين واليساريين ولعلّ في وجود الحركة الأمازيغية هناك درس كاشف لحقيقة الأمور التي ما عاد يمكن السكوت عليها وعلى أكاذيب الإسلاميين وأشقائهم اليساريين العروبيين فالمشروعين مختلفين وشتان بين من يطلب العزة من أرضه ومن أهله الحقيقيين وبين من يدّعيها من أرض الغير ومن أجداده المزيفين .
متى ستتحرّر الشعوب من عبودية الهوية العربية ودينها المفروضيْن من انتهازيي الداخل من إسلاميين ويساريين و"حداثيين/علمانيين" ومن انتهازيي الخارج بقيادة المارد الأمريكي رأس حربة النظام العالمي الاستعماري القديم-الجديد بوجهه النيوليبرالي الموغل في وحشيته ولا إنسانيته ؟
هذا صوت سيراه أغلبكم غريبا ومغردا خارج السرب ، لكنه سيكون شامخا عاليا لن يثنيه الموت الذي يراه في كل مكان من ذلك الوطن الخرافي الموسوم بالعربي والذي لا يزال يعشش في عقول الجميع وكل وحظه من الوهم فهذا متعصب له وهذا يدعي أنه "متفتح" وعقلاني عكس الأول وذاك يقدم عليه دينه والآخر ينطلق من أيديولوجيا "هلامية" لا يزال يخدع بها الكثيرين وحقيقة هذا وهذا وذاك والآخر أنهم كلهم جنود لنفس المشروع السياسي / الثقافي الوهم أي العروبي بكل شعاراته التي وإن زعم هؤلاء تندرهم أو سخريتهم منها إلا أنهم (كلهم) مؤمنون بها وعاملون من أجل تحقيقها وبما أنها لم تتحقق يوما ولن تتحقق حتى في أحلامهم يمكن لبشر من طينتي أن يتعجب ويسأل لماذا الإصرار على الأوهام ؟ وإذا استثنينا العوام المعذورين بجهلهم يبقى السؤال عن المتعلمين الذين إذا استثنينا منهم -أيضا- "الكوادر" لمنفعتها المباشرة من تواصل الخرافة يبقى التساؤل عمن لا منفعة عنده -أي من لا هو شيخ دين ولا كادر في حزب ولا كاتب أو "مفكر" يساري أو إسلامي يبيع كتبا صفراء وكلاما أصفر منها على الفضائيات والإذاعات- ويبحث صادقا عن حل لشعبه لبلده؟
المسلم يرى أمامه بلده وغيره من البلدان الموسومة بالإسلامية في منطقتي الشرق الأوسط وشمال افريقيا في تخلف فظيع ولا يخطر بباله إطلاقا أن إسلامه هو السبب فكل شيء في بلده إسلامي مؤسلم، والإسلام لا يزال بدويا صحراويا خاما كما كان في صحرائه منذ القرن السابع ولم تقع فيه أي "نهضة" أو "تنوير" حقيقي عكس المسيحية الغربية التي أوقفت تقدم الغربيين حتى ثاروا عليها ليتحولوا إلى ما هم عليه اليوم، لكن المسلم لا يتساءل وهو "معذور" فدينه هو "الحقيقة المطلقة" و "الوحيدة" التي لا يمكن له أن يشكك فيها، إيمانُ المسلمِ السلفيُّ/الحرفيُّ يمنعه من أن يتهم إسلامه ويتشكك في علاقته بتخلف شعبه والإيمان غياب للعقل وهجرة دون عودة من الأرض وجدليتها مع تاريخ ساكنيها ومن أرسل عقله للسماء ليلهو مع الملائكة والجن والشياطين يمكن أن "يُعذر" إلى حين .
لكن -وهذا السؤال الأهم- : وماذا عن "اليساري"؟ وسؤالي لا يخص المسلمين منهم وغيرهم من المتدينين بل يخص حصرا الملحدين، واليسار الذي أعرفه هو ذلك المبني على فكر يُسمى ماركسية وهذه الماركسية قد فنّدت وبطريقة مادية جدلية وجود الإله وفلسفته المثالية الواهية وبيّنت الدور التخريبي للدين -كل الأديان وخصوصا التوحيدية منها والمسماة إبراهيمية- للمجتمعات وكيف كان الدين طوال تاريخه وسيلةً في يد طبقة انتهازية مستغِلة لحكم واستعباد ونهب طبقة مضطهَدة مستغَلة، لذلك -وحسب عقلي البسيط- الماركسي عندي هو (ملحد بالضرورة) ولن أقول "لاديني" لأن الربوبي لاديني والماركسي لا يمكن أن يكون ربوبيا وكيف لمن يتبنّى فلسفة مادية أن يقول بأي ألوهية / ربوبية ؟ الماركسي لا يمكن أن يكون لا أدريا أيضا بل هو "يدري!" ولا شك عنده في وهم الإله ذلك المنتج الذي صنعه الدين (حصرا) والدين والصراع الطبقي "الماركسي" = فايروس ومضاد له .
#كريم_عزيزي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
بين البدوية والرأسمالية والشيوعية ضاعت شعوبنا (3)
-
بين البدوية والرأسمالية والشيوعية ضاعت شعوبنا (2)
-
بين البدوية والرأسمالية والشيوعية ضاعت شعوبنا
-
الماركسيون والإسلام : نظرة سريعة
-
لماذا يتواصل تعثر نهضتنا ؟
المزيد.....
-
وفد -إسرائيلي- يصل القاهرة تزامناً مع وجود قادة حماس والجها
...
-
وزيرة داخلية ألمانيا: منفذ هجوم ماغديبورغ له مواقف معادية لل
...
-
استبعاد الدوافع الإسلامية للسعودي مرتكب عملية الدهس في ألمان
...
-
حماس والجهاد الاسلامي تشيدان بالقصف الصاروخي اليمني ضد كيان
...
-
المرجعية الدينية العليا تقوم بمساعدة النازحين السوريين
-
حرس الثورة الاسلامية يفكك خلية تكفيرية بمحافظة كرمانشاه غرب
...
-
ماما جابت بيبي ياولاد تردد قناة طيور الجنة الجديد على القمر
...
-
ماما جابت بيبي..سلي أطفالك استقبل تردد قناة طيور الجنة بيبي
...
-
سلطات غواتيمالا تقتحم مجمع طائفة يهودية متطرفة وتحرر محتجزين
...
-
قد تعيد كتابة التاريخ المسيحي بأوروبا.. اكتشاف تميمة فضية وم
...
المزيد.....
-
شهداء الحرف والكلمة في الإسلام
/ المستنير الحازمي
-
مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي
/ حميد زناز
-
العنف والحرية في الإسلام
/ محمد الهلالي وحنان قصبي
-
هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا
/ محمد حسين يونس
-
المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر
...
/ سامي الذيب
-
مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع
...
/ فارس إيغو
-
الكراس كتاب ما بعد القرآن
/ محمد علي صاحبُ الكراس
-
المسيحية بين الرومان والعرب
/ عيسى بن ضيف الله حداد
-
( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا
/ أحمد صبحى منصور
-
كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد
/ جدو دبريل
المزيد.....
|