|
مشاورات السلام اليمنية واستراتيجيات التفاوض الفعال
سلطان عبدالحميد علي
الحوار المتمدن-العدد: 6076 - 2018 / 12 / 7 - 02:40
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
(آليات التواصل والاتصال مع المجتمع ) كان هذا عنوان المساق الثالث من برنامج بناء و إنتاج و تشارك المعرفة حول مبادئ الحوكمة داخل المنظمات و الشركات و المجالس المحلّية المنتخبة الذي ينظّمه معهد الفضاء المدني عبر منصته الإلكترونية و الذي انطلق منذ 29 أكتوبر (10) و ينتهي في 16 ديسمبر (12) 2018 و هو يمتدّ على ثمانية أسابيع متتالية مشاورات السلام اليمنية واستراتيجيات التفاوض الفعال تشهد اليمن والعالم انطلاق الجولة الرابعة من المشاورات التفاوضية بين الأطراف اليمنية المتصارعة في العاصمة السويدية استكهولوم نتيجة للضغوط الدولية المتعاقبة لإيقاف الحرب باليمن في ظل تدهور الوضع المعيشي للمواطنين وانقطاع المرتبات عن الموظفين لأكثر من سنتين ،حيث وصل عدد اليمنيين تحت خط الفقر الى أكثر من أربعة عشر مليون حسب تقارير المنظمات الدولية،وتعتبر المفاوضات هي الحل الأنسب للمشكلة اليمنية وفقا لأراء أكثر المراقبين الدوليين،إذ يعاني اليمنيون كثيرا في ظل توازن القوى بين الأطراف المتصارعة وتعقد وتشعب القضية اليمنية بين الفرقاء المحليين والمصالح الإقليمية والدولية،فقد تبين أن تدخل التحالف العربي بقيادة المملكة العربية السعودية كان لضمان مصالح دول التحالف وخصوصا السعودية والإمارات العربية المتحدة بدلا عن الأهداف المعلنة للتحالف والمتمثلة بإعادة السلطة الشرعية الى اليمن وإنهاء الانقلاب،لذا وافقت الإطراف اليمنية على الذهاب الى جولة من المفاوضات بعد أن أنهكت ، وحدوث تدمير شبه كامل لمقدرات الدولة وجيشها والعبث في مواردها،سنحاول في هذا المقال الإجابة عن بعض التساؤلات التي تدور في ذهن الشارع اليمني والعربي عن التفاوض والاستراتيجيات التي ينبغي للأطراف الاستفادة منها في العملية التفاوضية،فيا ترى ما هو التفاوض ؟وما الفرق بين الحوار والجدال والنقاش والتفاوض ؟ولماذا يحدث الخلاف بين الناس؟وما هي مراحل التفاوض ؟وما هي الأمور التي يجب تقديمها للأطراف المتفاوضة من قبل المشرفين على عملية التفاوض؟ وما هي الخطوات اللازمة لتسيير عملية التفاوض ؟وكيف يمكن للأطراف المتفاوضة من استخدام استراتيجيات التفاوض ؟ يعرف التفاوض بأنه موقف تعبيري حركي قائم بين طرفين أو أكثر حول قضية معينة يتم من خلالها عرض وتبادل وتقريب وموائمة وجهات النظر باستخدام كافة أساليب الإقناع للحفاظ على المصالح القائمة أو خلق منفعة جديدة بإجبار الخصم على عمل معين أو الامتناع عن أداء عمل معين في إطار الارتباط بين أطراف التفاوض تجاه أنفسهم وتجاه الآخرين ولابد للوفود المفاوضة من استخدام الحوار وامتلاك مهاراته ومعرفة مدلولاته ومعانيه فهو محادثة بين شخصين أو طرفين حول موضوع معين لكل طرف منهما وجهة نظر مختلفة بهدف الوصول الى الحقيقة أو الى اكبر تطابق في وجهات النظر بعيدا عن التعصب للرأي بطريقة تعتمد العلم والعقل مع استعداد كلا الطرفين لقبول الحقيقة والبعد عن الجدال الذي يمثل شدة الخصومة والابتعاد عن المراء المتمثل بالطعن في كلام الآخر،والإلحاح في بيان غلطه لإظهار الخلل فيه. وهناك علامات أوضحها د/إيهاب فكري https://www.youtube.com/watch?v=0TGFsd64kOs تبين الفرق بين الجدل والحوار إذا ظهرت اعتبر جدالا ومنها رفع الصوت ،المقابلة وهي محاولة رفض كلام الشخص الآخر،نقد الفاعل وليس الفعل إذ يعمد احد الإطراف على نقد الطرف الآخر دون النظر والبحث في وجهة نظره ،وكثرة المقاطعة إثناء الحوار وعدم السماح للطرف الأخر بيان وجهة نظره. ويذكر دانيال اتش كوهين ,https://www.ted.com/talks/daniel_h_cohen_for_argument_s_sake/tran-script-?language=ar#t-206094 الفيلسوف والأكاديمي والمجادل الشهير حول الجدل فيقول كلما جادلت أكثر كلما أصبحت أفضل في المجادلة وكلما خسرت أكثر بنفس الوقت إذ أن الجدال يؤدي عادة الى خسارة الطرفين موضحا ابرز نماذج الجدل وهي: أ- الجدال الدياليكتي وهو الجدال لغرض الجدال وهو الجدال كحرب وصياح ولابد فيه من فوز وخسارة لأحد الطرفين كما انه يؤدي لمنع أشياء جيدة مثل التفاوض والتسوية والتعاون مع الطرف الأخر،وهذا النوع له نهاية مسدودة ولا يصل الى طريق أو نتائج ملموسة. ب- الجدال كبرهان وهو الذي يعتمد على المقدمات المنطقية والتي قد تؤدي الى النتائج المنطقية . ت- الجدال كأداء حيث يكون الجدال أمام الجمهور أو هيئة محلفين لإصدار حكم معين وهو اقرب الى المناظرات. ويرى د إيهاب أبو شوارب أن الناس يحصل بينهم الخلافات لسببين اثنين فقط هما: 1. اختلاف وتضارب المصالح بين الأطراف. 2. اختلاف الطرق المؤدية لتحقيق الأهداف. فيجب على ممثلي الأطراف اليمنية تجنب الدخول في الجدال السلبي والتواصل مع الآخرين من خلال الحوار البناء لتحقيق مصلحة الشعب اليمني قبل مصالح الآخرين وتمر أي عملية تفاوض عادة بمراحل محددة أوضحتها بار بارا أندرسون في كتابها التفاوض الفعال ومهارات التفاوض الاحترافي وهي: 1- مرحلة الاتصال والتواصل. 2- مرحلة التجهيز. 3- مرحلة النقاش. 4- مرحلة الاقتراح. 5- مرحلة المساومة. 6- مرحلة الاتفاق. وهناك أمور يجب على ممثلي الأطراف اليمنية إتباعها لإتقان عملية التفاوض أهمها: أ- إتباع خطة مريحة للطرفين ،إذ لابد أن يشعر كلا الطرفين بان التفاوض سيحقق لهما بعض المكاسب. ب- إجادة واثقان مهارات الاستماع إذ يستطيع الطرف المفاوض من تحقيق مزيدا من المكاسب من خلال الإنصات والإصغاء والاستماع الجيد. ت- الإبداع ويكون ذلك من خلال قدرة المفاوض على تجاوز المشاكل وحلها بما يرضى الأطراف المتعددة ويحقق مصالحها. ث- الصبر إذ لابد للمفاوض من التحلي بالصبر للوصول الى الغايات المنشودة. ج- البحث والتحري عن المعلومات وفحصها وتدقيقها حتى نصل لنتيجة مرضية. ح- الثقة إذ يجب على المفاوض أن يكون على ثقة من مواقفه ومعلوماته. خ- إنهاء التفاوض والانسحاب في الوقت المناسب وهي من أصعب مراحل المفاوضات وهي مرحلة تحقيق المكاسب.وهناك خطوات يجب على المبعوث الدولي و الأمم المتحدة عملها والتأكد منها لتسيير عملية التفاوض وهي: 1- تحديد وتشخيص القضية التفاوضية. 2- تهيئة المناخ التفاوضي. 3- قبول الأطراف للتفاوض. 4- التمهيد لعملية التفاوض والإعداد لها تنفيذيا من خلال(اختيار الأعضاء وتدريبهم ومنحهم الصلاحيات المحددة وتدريبهم على استراتيجيات التفاوض ومعرفة وترتيب الأجندة ،وترتيب وتجهيز مكان التفاوض) . 5- بدء الجلسات الفعلية للتفاوض ويتم في هذه المرحلة الدخول والغوص في العملية التفاوضية وممارسة الضغوط على الأطراف سواء كانت ضغوط في الوقت والتكلفة أو الجهد آو الضغط النفسي أو الضغط الإعلامي. 6- الوصول الى الاتفاق النهائي بين الأطراف المتفاوضة. وللتفاوض استراتيجيات يجب على الوفود التفاوضية اختيار الأنسب منها: أولا:إستراتيجية المصلحة المشتركة للأطراف المتفاوضة وتتمثل في عدة صور وإشكال: 1- إستراتيجية التكامل بين الطرفين سواء كان تكامل أمامي أو تكامل أفقي أو تكامل خلفي . 2- إستراتيجية تعميق العلاقة القائمة بين الإطراف المتفاوضة. 3- إستراتيجية تطوير التعاون الحالي ويكون بالتوسع الأفقي أو الارتقاء بالمصالح الحالية. 4- إستراتيجية توسيع نطاق التفاوض بمجالات جديدة. ثانيا:استراتيجيات منهج الصراع وتشمل مجموعة من الأشكال والصور أهمها إستراتيجية إنهاك الطرف الأخر وتكون باستنزاف وقت وجهد وأموال الطرف الأخر. ثالثا إستراتيجية التشتيت وتعتمد على تشتيت وتفتيت الخصم باختلاق مجموعة من العراقيل والمشاكل لتشتيت الخصم. رابعا:إستراتيجية الإخضاع وتقوم على حشد كافة الإمكانات التي تكفل السيطرة التامة على جلسات التفاوض. خامسا إستراتيجية الدحر(الغزو المنظم). سادسا إستراتيجية التدمير الذاتي(الانتحار) وهي تدمير الخصم وإجباره على الاختيار بين صرف الانتباه عن أهدافه في العملية التفاوضية واعتبار ما تحقق بأنه الهدف النهائي له من المفاوضات أو البحث عن وسائل غير مرئية تمكنه من تحقيق أهدافه حفاظا على ماء وجهه. وهناك مجموعة من القواعد لعملية التفاوض أوضحها د /الآن مكارثي في عمليات البيع والتسويق يمكن إسقاطها على الواقع التفاوضي : القاعدة الأولى : لا تتفاوض إلا إذا كنت في حاجة لذلك. القاعدة الثانية : لا تتفاوض مع نفسك مطلقا،كن صادقا وقدم عرضك التفاوضي. القاعدة الأولى : لا تقبل العرض الأول مطلقا. القاعدة الأولى : لا تكن صاحب العرض الأول إن استطعت ذالك. القاعدة الأولى : استخدم إذنيك وعينيك بنسبة 80% ولسانك بنسبة20%(اصغ أكثر وتكلم أقل). القاعدة الأولى : لا تعطي الطرف الأخر هدية مجانية مطلقا (لا تقدم تنازل بدون مقابل) القاعدة الأولى : احذر تشريح الصفقة التفاوضية (يجب أن يكون العرض واحد دون تفاصيل). القاعدة الأولى : تجنب ندم المبتدئين. القاعدة الأولى : تجنب الصفقات السريعة دائما. القاعدة العاشرة :لا تبح بأخر ما عندك إذ ينبغي الاحتفاظ ببعض الأوراق بيدك.
ومن هنا نخلص الى أن العملية التفاوضية في حال نجاحها ستحقق للأطراف اليمنية بعض الفوائد،إذ ستحصل الحكومة الشرعية على الدعم المادي من قبل التحالف والدول الكبرى وتمكينها من إدارة المناطق الخاضعة لسيطرتها وتحسين قدرة الريال اليمني وموقفه أمام العملات الأجنبية الأخرى حيث بدء هذا التحسن يظهر قبل بدء الجولة التفاوضية وانخفاض سعر الوقود وبقية أسعار المواد الغذائية والتموينية للمواطنين وستعتبرها الحكومة خطوة نحو استعادة الدولة أما على الطرف الآخر فانه سيعتبر المفاوضات بمثابة اعتراف دولي به وبسيطرته على المناطق الخاضعة لإدارته ،وفك الخناق عليها بتوقيف الطلعات الجوية عليهم مما يمكنهم من توقيف خسارتهم للمواقع والمناطق بالإضافة الى صرف مرتبات الموظفين الخاضعين لسيطرته،ولكن بالمقابل ما الذي سيحصل في حال فشل المفاوضات؟ هذا ما ستجيب عليه الأيام القادمة.
#سلطان_عبدالحميد_علي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
مشاورات السلام اليمنية واستراتيجيات التفاوض الفعال
المزيد.....
-
مصر: الدولار يسجل أعلى مستوى أمام الجنيه منذ التعويم.. ومصرف
...
-
مدينة أمريكية تستقبل 2025 بنسف فندق.. ما علاقة صدام حسين وإي
...
-
الطيران الروسي يشن غارة قوية على تجمع للقوات الأوكرانية في ز
...
-
استراتيجية جديدة لتكوين عادات جيدة والتخلص من السيئة
-
كتائب القسام تعلن عن إيقاع جنود إسرائيليين بين قتيل وجريح به
...
-
الجيشان المصري والسعودي يختتمان تدريبات -السهم الثاقب- برماي
...
-
-التلغراف-: طلب لزيلينسكي يثير غضب البريطانيين وسخريتهم
-
أنور قرقاش: ستبقى الإمارات دار الأمان وواحة الاستقرار
-
سابقة تاريخية.. الشيوخ المصري يرفع الحصانة عن رئيس رابطة الأ
...
-
منذ الصباح.. -حزب الله- يشن هجمات صاروخية متواصلة وغير مسبوق
...
المزيد.....
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
المزيد.....
|