|
قصة حمار ابن حمار
غسان رحمة
كاتب صحفي
(Ghassan Rahma)
الحوار المتمدن-العدد: 6075 - 2018 / 12 / 6 - 20:56
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
ما يحدث لنا كعراقيين الان هو اننا شعب اعتاد الصبر والتحمل . كما اعتاد على الغير في تحسين احواله والدفاع عن ابسط حقوقة كانسان في بلد يعد ثالثا من حيث الخزين النفطي في العالم .قد يكون كلامي قاسيا على البعض ولكن هذة هي الحقيقة . فصدام حسين جثم على صدورنا ثلاث عقود وارنا المر وادخلنا بحروب ما كان له دخولها لو كان لنا كشعب اعتبار وحسبان لديه .بل كان صدام كما كل من حكمنا قبله وبعدة يعلمون باننا شعب لا يستطيع اتخاذ قراره من تلقاء نفسه . شعب يعرف الونيين لا يعرف الصراخ يعرف العبره لا يعرف النبره . فصدام لم نسقطة نحن كشعب بل سمحنا للامريكان بحتلالنا لسقاطة بدلا عنا واحتفلنا معهم وهم يسقطون بغداد . وحين قرر من تضرر من الامريكان وتواجدهم بالعراق بعد تضارب مصالحة الخاصة معهم رفع شعار لا للحتلال اصبحنا كلنا مقاوميين وثوريين . وتناسينا باننا من تخاذلنا في التصدي والدفاع عن العراق وعدم السماح بدخول المحتل له . وحين تولت الاحزاب العراقية التي كانت منعمى بشرتونات الغرب السلطة تهافتنا عليها( كا مهروش وكع بكروش ) وليس لانها ملاذنا لبر الامان بل من حبنا للطائفيه . فتشتتنا تحت تلك الاحزاب وكل حسب مذهبه وقوميته وبعنا تحت قسم الاولاء والطاعه لهم عراقيتنا . نعم ايها العراقيون الاشاوس انتم من اوصلتم العراق لما ال اليه الان . وليس صدام او الامريكان ولا الحكومات التي تلت وتوالت على حكمكم. وحتى المظاهرات الشبابيه التي خرجت وتاملنا بها الاخير الات وسعد ورغد الحياة . ما فتت الا وان وضعت بطولاتها وصرخاتها ومطالبتها تحت رعاية المرجعيه الدينيه . ونفض كل الى غايته . وحين اعلنت المرجعيه عن كلمتها الفصل وقالت علنا وبوضوح ( المجرب لا يجرب ) خرج شعبنا الابي مبتهجا بعرس العزاء الانتخابي لاختيار كل من جرب . ليكونوا هم انفسهم الذين سرقوا ونهبوا وقتلوا سابقا مصلحون ومغيرون ومقاتلون حاضرا وربما مستقبلا . ولعل ماكتبه الشاعر احمد مطر في قصة حمار ابن حمار اصدق تعبير لما جرى ويجري لنا . لذا سارويها لكم . كان يا مكان فى أحد الإسطبلات العربية مجموعة من الحمير. وذات يوم أضرب حمار عن الطعام مدة من الزمن. فضعف جسده وتهدلت أذناه وكاد جسده يقع على الأرض من الوهن. فأدرك الحمار الأب أن وضع ابنه يتدهور كل يوم. وأراد أن يفهم منه سبب ذلك. فأتاه على انفراد يستطلع حالته النفسية والصحية التى تزداد تدهورا. فقال له: ما بك يا بنى؟ لقد أحضرت لك أفضل أنواع الشعير. وأنت لاتزال رافضا أن تأكل. أخبرنى ما بك.. ولماذا تفعل ذلك بنفسك؟ رفع الحمار الابن رأسه وخاطب والده قائلا: نعم يا أبى.. إنهم البشر.. دهش الحمار الأب وقال لابنه الصغير: وما بهم البشر؟ فقال له: إنهم يسخرون منا نحن معشر الحمير. فقال الأب: كيف ذلك؟ قال الابن ألا تراهم كلما قام أحدهم بفعل مشين يقولون له يا حمار. وكلما قام أحد أبنائهم برذيلة يقولون له يا حمار.. أنحن حقا كذلك؟ يصفون أغبياءهم بالحمير ونحن لسنا كذلك يا أبى.. إننا نعمل دون كلل أو ملل.. ونفهم وندرك.. ولنا مشاعر..
عندها ارتبك الحمار الأب ولم يعرف كيف يرد على تساؤلات صغيره وهو فى هذه الحالة السيئة.
ولكن سرعان ما حرك أذنيه يمنة ويسرة ثم بدأ يحاور ابنه محاولا إقناعه حسب منطق الحمير.. انظر يا بنى إنهم معشر البشر خلقهم الله وفضلهم على سائر المخلوقات لكنهم أساءوا لأنفسهم كثيرا قبل أن يتوجهوا لنا نحن معشر الحمير بالإساءة. فانظر مثلا.. هل رأيت حمارا خلال عمرك كله يسرق مال أخيه؟ هل سمعت بذلك؟ هل رأيت حمارا يعذب بقية الحمير ليس لشىء إلا لأنهم أضعف منه أو أنه لا يعجبه ما يقولون؟.
هل رأيت حمارا عنصريا يعامل الآخرين من الحمير بعنصرية اللون والجنس واللغة؟
هل سمعت يوما ما أن الحمير الأمريكان يخططون لقتل الحمير العرب من أجل الحصول على الشعير؟
هل رأيت حمارا عميلا لدولة أجنبية ويتآمر ضد حمير بلده؟
هل رأيت حمارا يفرق بين أهله على أساس طائفى؟
طبعا لم تسمع بمثل هذه الجرائم الإنسانية فى عالم الحمير.
ولكن البشر هل يعرفون الحكمة من خلقهم ويعملون بمقتضاها جيدا؟
لهذا يا ولدى أريدك أن تحكم عقلك الحمارى، وأطلب منك أن ترفع رأسك ورأس أمك عاليا.. وتبقى كعهدى بك «حمار ابن حمار»..
واتركهم يا ولدى يقولون ما يشاؤون.. فيكفينا فخرا أننا حمير،
لا نكذب،
لا نقتل،
لا نسرق،
لا نغتاب،
لا نشتم، لا نرقص فرحا وبيننا جريح وقتيل.
أعجبت هذه الكلمات الحمار الابن فقام وراح يلتهم الشعير وهو يقول: نعم سأبقى كما عهدتنى يا أبى.. سأبقى أفتخر أننى «حمار ابن حمار» ثم أكون ترابا ولا أدخل النار التى وقودها الناس والأحجار
#غسان_رحمة (هاشتاغ)
Ghassan_Rahma#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
واحد في اربعة
-
هل يصلح الدعاء .. بهذة المهن
-
اسم على غير مسمى
-
حرية بالدهن الحر
-
هل ستنجح السعودية في تجميع جثة الخاشقجي وتعتق رقبة بن سلمان
...
-
السعودية وداعش الايرانية
-
الفأر ... كان السبب
-
توأمة البصرة ... حلم طال انتظارة
-
الخضراء هل ستكون بداية النهاية
-
الشعب يريد ... شلع ... قلع
-
العبادي وضربات الجزاء الترجيحية
المزيد.....
-
كيف تحوّلت تايوان إلى وجهة تستقطب عشاق تجارب المغامرات؟
-
فيديو مروع يظهر هجوم كلب شرس على آخر أمام مالكه في الشارع
-
لبنان.. عشرات القتلى بالغارات الإسرائيلية بينهم 20 قتيلا وسط
...
-
عاصفة ثلجية تعطل الحياة في بنسلفانيا.. مدارس مغلقة وحركة الم
...
-
مقتل مسلح وإصابة ثلاثة من الشرطة في هجوم قرب السفارة الإسرائ
...
-
اتفقت مع قاتل مأجور.. نائبة الرئيس الفلبيني تهدد علنا باغتيا
...
-
العثور على جثة الحاخام المفقود في الإمارات وتل أبيب تعتبر ال
...
-
سكوت ريتر: بايدن قادر على إشعال حرب نووية قبل تولي ترامب منص
...
-
شقيقة الملك تشارلز تحرج زوجته كاميلا وتمنعها من كسر البروتوك
...
-
خبير عسكري روسي: واشنطن أبلغت فرنسا وبريطانيا مباشرة بإطلاق
...
المزيد.....
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
المزيد.....
|