أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - حنان محمد السعيد - تأملات في الثورة الفرنسية














المزيد.....

تأملات في الثورة الفرنسية


حنان محمد السعيد
كاتبة ومترجمة وأخصائية مختبرات وراثية

(Hanan Hikal)


الحوار المتمدن-العدد: 6075 - 2018 / 12 / 6 - 15:10
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


عندما اندلعت ثورة يناير في مصر، خرج علينا احد اعضاء المجلس العسكري مطالبا الثوار بعدم المطالبة بمحاكمات ثورية لرموز الفساد وتعلل بأن مثل هذه المحاكمات لا يتوفر فيها معايير العدالة من منظور القانون الدولي، وأن الأحكام الصادرة عنها لن تسمح باستعادة الأموال المنهوبة والمهربة.
الا أنه وبعد مرور ثمانية سنوات على الثورة المصرية ارتفعت وتيرة تهريب الأموال، وتراجعت مصر على مؤشر الشفافية وانتشر الفساد وغرقت البلاد في الديون وبيعت املاك واراضي الدولة بسرعة غير مسبوقة ولم يحاسب احد من رموز فساد عصر مبارك بل دخلوا جميعا ضمن عملية اعادة تدوير عادوا على اثرها ليمارسوا اعمالهم بحرية الى جوار رموز الفساد في هذا العصر وما اكثرهم!
وعلى ما يبدو أن الطريقة الفرنسية في مكافحة الفساد تظهر نجاحها على مر العصور فتعليق المقاصل كان له الأثر الأبلغ في تعريف الطبقات التي استباحت كل شيء واعتبرت نفسها احق من غيرها بالثروة والمناصب والشرف أنهم مثل غيرهم من البشر وأن الجميع يجب ان ينال نفس الحقوق وأن يقام ميزان العدل وان الرأس التي تستعبد الأخرين وتعتدي على حقوقهم يجب ان تقطع.
وبدون اجتثاث هذه الرؤوس ستعمل هي على تقوية مراكزها وحماية نفسها والتنكيل بمن سولت له نفسه الاحتجاج سابقا على الفساد وغياب العدل وقلة الفرص.
ان هذا بالضبط ما حدث للشعب المصري الذي انتهج الوسائل السلمية في ثورته واعتمد على المحاكمات القانونية حيث تم اخضاعه بكل وسائل الاخضاع ومضاعفة اعباءه واهدار ثرواته وحقوقه بأكثر مما حدث في اي وقت أخر من تاريخ هذا البلد.
وعلى الجانب الأخر، مازال الفرنسيون يعلمون الناس ان صوت الشعب لا يعلو عليه أي صوت اخر وأن الحكم للشارع وان الحكومة والرئيس ما هم الا قائمين على خدمة الشعب وانه لا يوجد اسياد أو ارباب فلا احد فوق المحاسبة ومن لا يقوم بخدمة شعبه وتحقيق تطلعاته في العيش الرغيد والعمل والتعليم فعليه أن يترك منصبه لمن يمكنه تحقيق تطلعات الشعب.
ان افضل المشاهد التي صنعتها حركة السترات الصفراء في فرنسا هي ظهور الشرطة بمظهر متحضر بعيدا عن الانحياز، فهم موكلون بحماية البلاد وليس النظام الذي يمنحهم مزايا ليست لغيرهم من ابناء الشعب.
لم تنطلق رصاصة واحدة تجاه المتظاهرين تحت أسوأ الظروف، لم ينزل الجيش بمدرعاته ليسحق عظام الشعب ويرغمه على الانصياع لقرارات الحكومة ويدفع الضريبة صاغرا، لم ترفع الاحتجاجات أيشعارات طائفية أو فئوية.
لم يحشد النظام متظاهرين مؤيدين يرفعون شعارات من عينة "اللي يحب فرنسا ما يخربش فرنسا" ولم يخرج الاعلام الفرنسي بروايات خزعبلية عن الطرف الثالث والمؤامرات الخارجية والأصابع التي تعبث بأمن فرنسا.
بل على العكس تماما تباحث الرئيس والوزارة في الوسائل التي يمكن عبرها استرضاء المتظاهرين ونزع فتيل الاحتجاجات فهو رئيس تم انتخابه من الشارع ويستطيع الشارع أن يسحب منه هذا الامتياز في أي وقت هو لا يحتمي في الدبابة ولا يرفع السلاح في وجه شعبه ولا يتحكم في القضاء أو الاعلام أو البرلمان.
بعكس الحاكم الرب الاله في الدول العربية الذي لا يعنيه لو تم قتل نصف الشعب والتنكيل بالنصف الأخر وتدمير البلد بأكمله طالما استمر هو على عرشه، فهو لم يأتي عبر انتخابات حقيقية ولكن عبر تربيطات خارجية وداخلية، وهو يتحكم في القضاء والاعلام والبرلمان والجيش والشرطة و يصنع معهم شبكة من المصالح المرتبطة بمصالح القوى الخارجية والشعب ليس في حسبانه بأي صورة من الصور بل هو اشبه بحشرات أو افات لا يمانع في ابادتها وقتما يشاء!
ان الثورة التي لا تحاسب من قامت عليهم يحاسبها هؤلاء ويجعلون ممن قاموا بها امثولة وعبرة لمن تسول له نفسه الاعتراض على فسادهم وجرائمهم في حق البلاد والعباد.
ان هؤلاء اسكرتهم نشوة النصر في الوقت الحالي واعتقدوا أنهم قد تخلصوا تماما من كل من يحمل في نفسه بذرة الثورة أو الكرامة والعزة ولكنهم لا يعرفون أن الوضع لن يستمر كثيرا على ما هو عليه وأن يوم الحساب ولابد قادم وقد يكون اقرب مما يتوقعون.



#حنان_محمد_السعيد (هاشتاغ)       Hanan_Hikal#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- النطيحة والمتردية
- عنصرية البلهاء
- زيارة المنشار عار
- حسنين ومحمدين
- التنوع البيئي والتنوع السياسي
- الجسد المريض
- غزة الصغيرة الكبيرة
- ميزان الديمقراطية
- طويل العمر
- دعم الاستقرار
- الثمن الباهظ
- مؤتمر الشباب ودعم الخبز
- صفعة القرن
- القهر
- ادعموا القتلة والخارجين عن القانون
- لماذا تكرهوننا؟
- المواطن المخبر
- المجرم الخائب
- على شفا الهاوية
- أعداء الثورة


المزيد.....




- بعد استخدامه في أوكرانيا لأول مرة.. لماذا أثار صاروخ -أوريشن ...
- مراسلتنا في لبنان: غارات إسرائيلية تستهدف مناطق عدة في ضاحية ...
- انتشال جثة شاب سعودي من البحر في إيطاليا
- أوربان يدعو نتنياهو لزيارة هنغاريا وسط انقسام أوروبي بشأن مذ ...
- الرئيس المصري يبحث مع رئيس وزراء إسبانيا الوضع في الشرق الأو ...
- -يينها موقعان عسكريان على قمة جبل الشيخ-.. -حزب الله- ينفذ 2 ...
- الرئيس الصيني يزور المغرب ويلتقي ولي العهد
- عدوى الإشريكية القولونية تتفاقم.. سحب 75 ألف كغ من اللحم الم ...
- فولودين: سماح الولايات المتحدة وحلفائها لأوكرانيا باستخدام أ ...
- لافروف: رسالة استخدام أوريشنيك وصلت


المزيد.....

- المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021 / غازي الصوراني
- المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020 / غازي الصوراني
- المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و ... / غازي الصوراني
- دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد ... / غازي الصوراني
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي
- دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية / سعيد الوجاني
- ، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال ... / ياسر جابر الجمَّال
- الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية / خالد فارس
- دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني / فلاح أمين الرهيمي
- .سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية . / فريد العليبي .


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - حنان محمد السعيد - تأملات في الثورة الفرنسية