أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - قراءات في عالم الكتب و المطبوعات - عبدالرزاق دحنون - يُلكم المُدير الياباني كلّ صباح














المزيد.....

يُلكم المُدير الياباني كلّ صباح


عبدالرزاق دحنون
كاتب وباحث سوري


الحوار المتمدن-العدد: 6075 - 2018 / 12 / 6 - 12:30
المحور: قراءات في عالم الكتب و المطبوعات
    


يذكر الدكتور حسن محمد وجيه في كتابه القيّم (مقدمة في علم التفاوض الاجتماعي والسياسي) أن المدير الياباني يشجّع على إقامة تمثال من مطاط لشخصه الكريم يوضع في مكان ظاهر في الشركة، ويستطيع كلّ موظف حانق من أوامر المدير وتعليماته توجيه القدر الذي يريده من اللكمات إلى وجه المدير. وبذلك يُنفّس عما في داخله من غضب، فيشعر بالسعادة والمرح. وفي لقاء لنا مع ذلك المدير الملكوم سألناه: كيف تسمح لموظفيك بلكمك سبع مرات كل يوم؟ قال: ليس هناك ما يمنع من ذلك، وليس هناك أي شيء شخصي بيني وبينهم، فكل ما أريده من العاملين أن ينفذوا تعليماتي، وما داموا ينفذونها فأنا لا أُبالي حتى لو كان ما يريحهم أن يقفوا ليوجهوا عدة لكمات أو حتى رفسات لشخصي المطاطي.
1
أتساءل: ماذا لو نقلنا هذه التجربة إلى واقعنا العربي، كيف ستكون النتيجة؟ يُجيب أحد المتدربين عند الدكتور حسن محمد رجب قائلاً: نعم، أتصور أن يوافق الكثير من المسؤولين العرب على فعل الشيء ذاته، ولكن الفارق بينهم وبين قرنائهم اليابانيين أن المسؤول العربي سيبثّ الأعين والعسس لرصد كل من يقوم بلَكْمِ تمثال سيادته ليقوم معه (بالواجب اللازم).
هذه طريقة يابانية صادقة ويمكن من خلالها معالجة الاختلافات التي تنشأ بين الناس، فهذا المدير يريد من العاملين في شركته أن يقوموا بواجبهم واحترام قوانين الشركة، ويريد أن يصل معهم إلى حل تفاوضي مريح للجميع لا إلى حرب مستمرة مريرة. وما ينطبق على حالة المدير ينطبق على كل سياقات الحياة. والسؤال المطروح: كيف نصل إلى اتفاق دون حرب أو نزاع مرير؟
2
نستعرض في هذا السياق الآراء الواردة في واحد من أهم الكتب التي صدرت في هذا الشأن، للكاتبين روجر فيشر ووليام أري تحت عنوان (التفاوض من أجل إبرام الاتفاقيات)، وقد أفادنا الكاتبان أن الصراع والتناحر يبدوان وكأنهما صناعة آخذة في النمو في عالمنا اليوم، فالأطراف المتناحرة ترفض أن تُملى عليها القرارات والخطوات الواجب اتخاذها لفضّ النزاع، ولكن الطرق التقليدية التي اعتاد الناس على انتهاجها وتوظيفها في تفاوضهم في شؤون الحياة عادة ما تؤدي إلى الوصول إلى حالات من عدم الرضا واستنزاف الطاقات بلا طائل.
وفي حالة أي نزاع، سواء كان نزاعاً وخلافاً عائلياً، أو عقد ما، أو على اتفاقية سلام، أو صراعاً اجتماعياً سياسياً، أو حتى حرباً، أهلية أو طائفية، فإنه ليس من الصالح أن يقوم كل طرف بتبرير موقفه واستحضار الحجج والبراهين لإثبات مشروعية موقفه فقط، أي أنه من المتعين على كل طرف أن يتجنب تبني موقف مفاده: أنا المصيب على طول الخط، وهو المخطئ أيضاً على طول الخط، فمثل هذا الأداء التفاوضي لن يؤدي عادة إلى الوصول إلى حل النزاع بل سيزيد من تفاقمه، ومن ثم فلا بد أن تنتقل الأطراف من هذا الوضع إلى معالجة القضايا بقدر من النزاهة والعدالة وحرص على وجود جسور للتفاهم. إذاً، فكلما دافعتَ عن موقفك لمجرد الدفاع عنه، أصبحتَ عرضةً للتورط في الدفاع عن أوضاع خاطئة وغير نزيهة.
3
وبالعودة إلى كتاب الدكتور حسن محمد وجيه نجد أنه يؤكد أنه من المتعين علينا أن نتعامل فيما بيننا من منطلق مباراة التفاوض الرئيسية، وهي ما تعرف بتعبير (اكسب-اكسب) (win – win approach) وهي التي تجعلنا ندخل عملية التفاوض بعد أن نكون قد تعرفنا تماماً اهتمامات الطرف لآخر الرئيسية، لكي نأخذها بعين الاعتبار، للوصول إلى صيغة يكسب فيها الجميع بصورة واقعية.
وبتبني هذه المباراة علينا أن نتجنب المباراة الصفرية Zero-sum Gameاللاتفاوضية في حقيقتها، وهي التي تصل فيها درجة الصراع إلى تبنّي منطق تعامل مفاده: لا بد أن أجعل الطرف الأخر يخسر كل شيء، وأن أكسب أنا كل شيء، أي أن الأمر ينبغي أن يكون إما رفضاً مطلقاً، أو قبولاً مطلقاً: (إما قاتل أو مقتول).
قرار الدخول في مثل هذه النوعية الصفرية من التفاوض يمثل النقيض التام لأي محاولة إيجابية لإدارة الحوار التفاوضي اجتماعياً وسياسياً، فمفهوم المنافسة والمسابقة طبقاً لهذه النوعية من المباريات لا يكون عادة من خلال الاستعداد والارتفاع بقدرات الأداء التفاعلي ومهاراته، وبذل الجهد المطلوب لتحقيق الهدف بطريقة شرعية وإنسانية، بل إن الفوز عادة ما يتحقق طبقاً لتلك المباراة الصفرية من خلال تدمير الآخر وتشويهه، أي أنها مباريات قد تصل في تصاعدها إلى النقطة التي يتحول فيها الحوار إلى مباريات (ثقافة الإرهاب)، التي تحِلّ فيها عادةً لغةُ العنف والرصاص محلَّ لغة الحوار.



#عبدالرزاق_دحنون (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- على هامش كتاب-حِكَم النَّبيّ مُحمَّد- للأديب الروسي الكبير ل ...
- فولتير و جرس الإنذار
- ثورة الملح
- عبد الوهاب المسيري ذلك الرجل النبيل
- مقطع من سمفونية الكمنجات الكردية
- اليهود في رواية الجندي الطيب شفيك
- شيوعيون يزرعون عبَّاد الشمس
- اللَّحظةُ الشُّقيريَّة
- لماذا خلق الله الذباب؟
- أنا مش كافر بس الجوع كافر
- أهلاً لينين
- عن ذلك الحصير في القصر الجمهوري
- كيف أصبحتُ شيوعياً
- الصورة الأكثر شهرة في العالم
- هل يجلبُ الطَّاغية شوكولاتة إلى أولاده؟
- حَكَمَ فَعَدَلَ
- طائر سوريَّة السَّكران
- هُناك مكان لمن يُصلي
- غسَّان كنفاني ماركسياً
- كلمة حق عند سلطان جائر


المزيد.....




- هل يعارض ماسك الدستور بسبب حملة ميزانية الحكومة التي يقودها ...
- -بينها قاعدة تبعد 150 كلم وأخرى تستهدف للمرة الأولى-..-حزب ...
- حافلة تسقط من ارتفاع 12 مترا في حادث مروع ومميت في فلاديفو ...
- بوتين يتوعد.. سنضرب داعمي أوكرانيا بالسلاح
- الكشف عن التاكسي الطائر الكهربائي في معرض أبوظبي للطيران
- مسيرات روسية اختبارية تدمر مركبات مدرعة أوكرانية في اتجاه كو ...
- مات غيتز يتخلى عن ترشحه لمنصب وزير العدل في إدارة ترامب المق ...
- أوكامبو: على العرب الضغط على واشنطن لعدم تعطيل عمل الجنائية ...
- حاكم تكساس يوجه وكالات الولاية لسحب الاستثمارات من الصين
- تونس.. عبير موسي تواجه تهما تصل عقوبتها للإعدام


المزيد.....

- -فجر الفلسفة اليونانية قبل سقراط- استعراض نقدي للمقدمة-2 / نايف سلوم
- فلسفة البراكسيس عند أنطونيو غرامشي في مواجهة الاختزالية والا ... / زهير الخويلدي
- الكونية والعدالة وسياسة الهوية / زهير الخويلدي
- فصل من كتاب حرية التعبير... / عبدالرزاق دحنون
- الولايات المتحدة كدولة نامية: قراءة في كتاب -عصور الرأسمالية ... / محمود الصباغ
- تقديم وتلخيص كتاب: العالم المعرفي المتوقد / غازي الصوراني
- قراءات في كتب حديثة مثيرة للجدل / كاظم حبيب
- قراءة في كتاب أزمة المناخ لنعوم چومسكي وروبرت پَولِن / محمد الأزرقي
- آليات توجيه الرأي العام / زهير الخويلدي
- قراءة في كتاب إعادة التكوين لجورج چرچ بالإشتراك مع إدوار ريج ... / محمد الأزرقي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - قراءات في عالم الكتب و المطبوعات - عبدالرزاق دحنون - يُلكم المُدير الياباني كلّ صباح