حمزة بلحاج صالح
الحوار المتمدن-العدد: 6074 - 2018 / 12 / 5 - 17:41
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
" هل " الأنا" لإبليس و الإسلام هو تجرد كلي من الأنا...
أو " في بيان أغلوطات البعض حول خصومتي مع عمار جيدل و صحبه و جماعته مثالا لا حصرا و حظ الأنا منها ...توضيح.."
خصومة الأفراد تكون في أذهان الناس توهما في كثير من الأحيان و عصبية خالية من المعالم و الحمولات العلمية المحايدة و الدوافع إلا نزغا من الشيطان أو نزاعا و خلافا فيه انتصار للأنا الملعون..
" أنا" لا ألعن " الأنا" و لا أريد التجرد منه...
الأنا هوية فردية و جماعية و حمولة و فكرة و رؤية و كسب و تراكم و تجاوز و استيعاب و حركة...
منذ متى انفصل الأنا عن حمولاته سواء فكرية كانت أو معرفية و حتى نفسية إجتماعية أو عقلية...
حتى عدت الكتابة " فعلا" أساسه تنصيب الأنا..
إن الذي يكتب ينصب "أ ناه "عبر النص مهما ادعى التجرد....
و ليس عيبا فلتتنافس أدوات الحجاج و الإقناع و المعرفة و النظر و حمولات " الأنا " و لترتفع النبرة و ليوازن الناس و يبذلون وسعا للإقتراب من الحقيقة....
و الذي يتحدث للناس إنما يستخدم اللغة كما يقول "جاك لاكان" عنها " جاءت اللعبة " و أيضا رأي دريدا في اللغة باعتبارها للهيمنة عبر الحجة أو للمخاتلة...
الأنا تدافع بين الناس فلماذا يضجر العقل العربي المسلم من الإختلاف الحاد ويعتبره فتنة بدل تحليله و تعليله...
لماذا يعتبر ذلك فتنة و إنتصارا للأنا " الشيطاني " و نبقى هكذا نتصور جنة على الأرض ليس فيها لا نزاعا و لا اختلافا و لا حراكا...
أليس في كل خصومة موقف أقرب إلى السداد و العمق و التأسيس ...
فلا عقل النقد و التحليل و العلم بايعناه و مشيخناه و لا عقل الموازنة و الترجيح باركناه و اعتمدناه...
فقط المشيخة و العاطفيات و المثل الأفلاطونية و جنات على الأرض نتوهمها و ننتظرها من غير تحقق أي جنة لأن الأرض لن تكون جنة المأوى....
خلخلوا ماء برككم الاسنة فمن طار من فضائي لأنني خالفته الرأي و رفضت منه ما يسميه " نصيحة " متطفلا عليها فليطر من غير رجعة فهذا فعل الصبيان.....
من نقص دلاله و " التربيت " على كتفيه و المسح على رأسه و بحث عن الهدهدة كالطفل الصغير فهولا يبحث عن الفكرة بل يبحث عن تعويض نقصه النفسي...
الأخلاق ليست نفاقا إجتاماعيا...
و ما قصة " ربانية الإنسان المسلم " هذه إلا مسألة نسبية و وهمية و ما التاريخ إلا صراعات بين الأنا الجمعي و الايديولوجي و الطائفي و الديني و الفكري...
و قد ارتكب المسلمون أكبر خطأ في توهمهم أن المتدين و عالم الدين و مجتمع التدين و المفكر و الصحابي و الأئمة و الفقهاء و اليوم زعماء الحركات و الجماعات الإسلامية و شيوخها المزعومين ربانيون ...
و نماذج مطلقة خيالية للتدين و مظاهر للعصمة و أمثلة غريبة و ربما يرفع منها الى درجة الأنبياء و الرسل فالعلماء ورثة الأنبياء فهم القدوة....
بمعنى أن كل سلوك لهم في الواقع يعد نموذجا و مثالا مطلقا للقدوة و هكذا قاموا بإخراج السلوك الفردي و الجماعي عن السياق و عن القياس و عن المعيارية و عن البشرية أو توسلوا بالنقد فقط لابطال رأي من خالفهم و لو علميا راسخا...
هذه الأسطرة للتاريخ و اللاتياريخية كارثة الكوارث عند المجتمعات العربية الإسلامية و الاسلاميين تحديدا و في الجماعات الإسلامية...
هكذا رفضوا و عارضوا وضع السلوك في ميزان النقد و المراجعة فوقفوا من حركة التاريخ موقفا عارض كل مراجعة نقدية للتاريخ و السيرورة التاريخية ...
مراجعة نقدية عميقة و علمية بسعة أفق تتعاطى مع التجربة الدينية من حيث أنها تجربة بشرية لا تجربة المعصومين و الملائكة و لا الشياطين..
الخصومة تكون بين طرفين أفرادا و جماعت و مدارس سواء إقتربت أو تباعدت في الفهم و الفكر و النظر و أدوات القراءة...
قد يكون طرفا ما مشخصنا و نزاعا لأفقه الضيق يدافع عن جماعته أو ذاته لكن أصل المشكلة هو المهم و ميلادها و سياق خروجها للنور..
النزاعات الفردية حول المال و العقار و البيع و الشراء و المصاهرة هي التي يمكن أن نتحدث فيها عن الإنتصار للذات أو لغير الذات...
التراث أطنان من الغبار غلفت العقول و حجبت الأنوار ففسدت معايير القياس و النظر...
الخصومات الفكرية عادة تقع بين طرفين متقاربين أو متباعدين أو بين متنورين أو متنور و منغلقين أو منغلق...الخ...
لا يعاب على من اجتيح حصنه و عرضه من أجل موقفه المعرفي و منافحته و كفاحه لنفض أطنان الغبار و الحجب التي تمنع النظر بأريحية و أفق واسع و أسس معرفية و علمية من غير تشنجات و وصاية على الدين...
من لا زالت تشده هذه العوائق النفسية و الإجتماعية فليبق في حصنه القديم و لا يتعب غيره و لا نفسه...
التراث عائق كبير..و هوى النفس و الشخصنة تأتي لما عمليات الكشف و التعرية تهدد قلاعا و مملكات من الشهرة و المصالح و الزعامة و حلم و وهم وأمل التمكين...
هوى النفوس يتنامى مع قلة العلم و المعرفة و نقصان الفهم و التمسك بهالة الشهرة و استعمال الدين للتملق و مسايرة الناس و مسك العصي من منتصفاتها و مسايرة حال الناس...
عندما قمت بالرد على عمار جيدل أستاذ بجامعة الجزائر في أصول الدين و حركي سابق و كلامه أكثر من واضح على صفحة المجهول - المعلوم ..
فإنني قمت بذلك منذ سنتين أظن لأن الرجل مع جماعته ثار لأسباب سابقة و منها الخوف من ظل الاخرين..
و أنا منهم و محاولة احتواءهم و هيكلتهم حتى اذا استعصوا و لم يدخلوا في شراك المشيخة و الكاريزما و التقديس و "جماعة المسلمين" أظهر هو و من معه استشعارهم بالخطر الذي يتوهمونه يهددهم ..
فاعلنوا الحصار و التنبيه و التحذير و التصنيف حصارا ديبلوماسيا ...
هكذا حصل مع عمار جيدل و جماعته و هو عينة شاهدة و تنسحب و تعمم على كل عقل إسلامي جماعاتي و لو كان من تيار " الجزأرة " درس أصول الدين أو لم يدرسها..
أقول لهم منذ عرفت الإسلاميين و رزقني الله بفهم الاسلام قبل التعرف عليهم و أنا أسمع عن هذه الصراعات التي يشغل روادها أنفسهم بقراءة في النيات و محاكمتها ..
و اعتراض سبيل اصحابها بكل وسائل الدعاية و أقلها بسط الكاريزما كضحية و التحدث عن الرياء في زمن صنع الغرب بالرياء أو بغير الرياء حضارة قوية غرقوا هم في وحل نتن من الإشتغال بالدروشة و الذاتية و البحث في الدواخل ...
من قال أنها خصومة شخصية خاصة دافعت فيها عن شخصي ...
أقول له نعم إنه " الأنا " الذي نال منه هذا الأستاذ ليعارضه مستخدما المشيخة و خوفا على " أناه "..
و من ظن أن هذا الأنا يشبه الأنا الذي يخاصم من أجل البيع و الشراء و الطلاق فهو أبله...
و من اعتقد أن عمار جيدل أو صاحبه أو حمزة بلحاج صالح أو غيرهم و هم يخاطبون الناس كل واحد منه هو زئبقا أو بلازما في السماء و الهواء فقد كذب و توهم...
إن الأنا من حمولته لا من تلك الفهوم الضيقة..
"جاك لاكان" و بعده " جاك دريدا " بصورة مختلفة و غيره في مبحث اللغة تحدثوا عن اللغة باعتبارها محاولة هيمنة فيمارسها المتحدث ليهيمن بها على السامع و يبلغ بها خطابه كذلك اللغة بغلاف الدين...
هكذا كان التصور أن الدين يحول الناس إلى ملائكة و هو خطأ و محض تنكر لواقع و حقيقة الحياة و الناس و الإجتماع و اللغة و البيان ..ألم يقل " إن من البيان لسحرا "...
الأنا ضمير صرف غير ملعون " قل إنما أنا بشر.."- قران- ..و " أنا أحمد و أنا الماحي .." ..الخ
ليس الأنا لعنة إبليسية يجب الإستعاذة منها لأن إبليس قال ( قَالَ أَنَا خَيْرٌ مِنْهُ خَلَقْتَنِي مِنْ نَارٍ )- قران-
" الأنا " لما يكون له حمولة صحيحة أو خاطئة يختلف عن البيع و الشراء في خصوماته...
لولا حمولة " الأنا " الذي يكون مواقفك ما خاصمك غيرك..
من يعجب بشعيرات رأسه و العباءة التي يلبسها و بعض فصاحة لسانه و خطابته و إجابته على مسائل خلافية غابرة في الفقه ..
ليس كمن يعجب بقوة حججه و برهانه و علمه و قدرته على تقديم الإسلام للحظته بقيمه الإنسانية الكونية ...
فلا تبيضوا الرعاع و ترفعوهم و تبخسوا النبلاء و القامات تتبعون جزئياتهم كالذراري و تخصوهم حاشاكم...
نخاصم غيرنا و يخاصموننا من أجل " الأنا " فهذا يخاصمك لأن الأنا يقلقه و يعريه و يكشفه و يحرجه و يخلخل ماء بركته الاسن و لأنه يلقي بظلاله عليه فينكمش ظله ..
فهو ينازعك فقط خوفا من ظلك فظله يكسبه مكاسب و مواقع دنيوية أقلها نشوة المشيخة و الشهرة و غيرها من المنازل الإجتماعية...
خصومتي مع الكثير هي خصومة " أنا " مع " أنا " اخر...
خصومة فكرة مقلقة مع فكرة عتيدة و مصالح و كيان و جماعة و سلطة و نفوذ و شهرة و خوف من الظل ...
من أراد قتل " الأنا " و ادعى وهما إنفصال الأنا عن الفعل و السلوك و العقل و الفكر و أن الإسلام تجريد محض من " الأنا " فقد فهم غلطا و خطأ...
أمارس " الأنا " و فكري محمول في وعاء الأنا و لا أقتل " الأنا " فهو إنيتي و هويتي و سلاحي..
الأنا ضمير الصرف لا أريد قتله ...
لو قتلناه قتلنا الخطاب و التمايز و الهوية و الفرادة و العبقرية و الإبداع و الإبتكار و انتصرنا للماثلة و المطابقة و الأحادية و التكرار ...
#حمزة_بلحاج_صالح (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟