أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي - مرتضى العبيدي - هل يمكن الحديث اليوم عن تعبيرات سياسية للطبقة العاملة في بلدان المغرب الكبير؟*















المزيد.....

هل يمكن الحديث اليوم عن تعبيرات سياسية للطبقة العاملة في بلدان المغرب الكبير؟*


مرتضى العبيدي

الحوار المتمدن-العدد: 6073 - 2018 / 12 / 4 - 18:05
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي
    


كان لانتصار ثورة أكتوبر الاشتراكية صدى عظيما في جميع أنحاء العالم، إذ هو فتح أمام الطبقة العاملة في البلدان الرأسمالية وللشعوب المضطهدة في المستعمرات آفاقا عريضة للانعتاق الاجتماعي والتحرر الوطني.
وقد ساهمت في التسريع بالقطيعة الثورية في صلب الحركة الاشتراكية الديمقراطية التي انخرطت معظم أحزابها آنذاك في المساندة الفجة لبورجوازياتها خلال الحرب الكونية الأولي، في الوقت الذي دعا فيه البلاشفة الى تحويل تلك الحرب الامبريالية العدوانية الى حرب أهلية لفتح الطريق أمام البروليتاريا لإقامة مجتمعها المنشود.
ومن نتائجها المباشرة أن نشأت الأحزاب الشيوعية في البلدان الرأسمالية وحتى في المستعمرات. وهذه الأخيرة تمكنت من قيادة حركة التحرر الوطني كمرحلة ضرورية للتحول الى الاشتراكية في عديد البلدان خاصة في آسيا (الصين، فيتنام...). أما في بعضها الآخر ومنها بلدان المغرب الكبير، فرغم تحقيقها لتواجد مهم صلب الطبقة العاملة، فقد فقدت هذه الأحزاب البوصلة في اللحظة الحاسمة، ولم تتجمّل مسؤولية قيادة الحركة الوطنية، بل تخلت عنها لفائدة طبقات أو ائتلافات طبقية أخرى (البورجوازية الوطنية، البورجوازية الصغيرة...)، وهو ما جعلها تفقد مصداقيتها، وتسلّم أمرها بعد "الاستقلالات" لإرادة الطبقات المنتصرة التي سعت إلى تقزيمها إما بتغييبها نهائيا عن الساحة (تحجير نشاط الحزب الشيوعي التونسي سنة 1962 ، والحزب الشيوعي الجزائري سنة 1964) أو بتحويلها إلى أحزاب في ركابها (الحزب الشيوعي المغربي/حزب الاشتراكية والتقدم اليوم). فاندثرت هذه الأحزاب أو غيّرت هويتها وأصبحت تروّج إلى إمكانية إصلاح النظام الرأسمالي وانجاز التغيير بمراكمة الإصلاحات التدريجية وبنظرية "التحوّل السلمي الى الاشتراكية"، وقطعت نهائيا مع مطلب استيلاء الطبقة العاملة على السلطة كشرط لتحرر المجتمع وبناء نظام اشتراكي بديل عن الرأسمالية، دون أن تحقق ما كانت تطرح على نفسها منذ تأسيسها أي أن تصبح التعبيرة السياسية للطبقة العاملة. وهو ما سيجعل هذه المهمّة مطروحة للإنجاز على الأجيال اللاحقة ممّن يحملون فكر الطبقة العاملة وطموحاتها.
وهو ما سيفتح المجال الى تشكل تنظيمات جديدة في مختلف بلدان المغرب الكبير لإنجاز هذه المهمة، وهي التنظيمات التي يُشار إليها باسم تنظيمات "اليسار الجديد"، والتي انبثقت من داخل الأحزاب الشيوعية التقليدية ومن خارجها. ودون الدخول في التفاصيل، ففي الوقت الذي عرفت فيه تونس مثلا نشأة "تجمع الدراسات والعمل الاشتراكي التونسي" المعروف باسم منظمة "برسبيكتيف" ، والذي ستنبثق عنه فيما بعد منظمة "العامل التونسي"، وكذلك نشأة منظمة "الشعلة" بعد فترة من الزمن، شهد المغرب الأقصى ميلاد منظمتين تتبنيان الفكر الاشتراكي العلمي، وتطرحان على نفسيهما مهمة بناء حزب الطبقة العاملة المغربية وهما منظمتي "إلى الأمام" و"23 مارس".
ونظرا لنشأة هذه المنظمات في أوساط البورجوازية الصغيرة (طلبة، مدرسين، موظفين من خريجي الجامعات)، ورغم صدقية معظم مناضليها واستعدادهم للتضحية بل وتضحيتهم بالغالي والنفيس، فإنها لم تتمكن من ربط الجسور مع الطبقة التي تسعى الى التعبير عن مصالحها ألا وهي الطبقة العاملة، بل إنها ستتأثر بالمزاج العام المتذبذب للبورجوازية الصغيرة وبعديد الأمراض التي تحملها والتي ستجعلها تتأرجح بين أفكار ومواقف يسراوية تارة وأفكار ومواقف يمينية طورا آخر. وسوف تشقها صراعت وخلافات تؤدي بها الى الانقسامات التي أدّت تناسل تنظيمات عديدة أخرى من صلبها تطرح على نفسها نفس المهمات، لكنها ستعمّق سمة اليسار الجديد بالتشرذم والانعزال عن حاضنته الاجتماعية رغم حسن النوايا والتضحيات. وقد لعب القمع المسلط عليها من قبل الأنظمة دورا كبيرا في مزيد تمزيقها وإعاقتها (حملات قمعية كبيرة في تونس سنوات 1968، 1973، 1974، وفي المغرب سنوات 1974، 1976، 1985). فلم تفلح هي الأخرى في إنجاز المهمّة التي بعثت من أجلها، ألا وهي بعث حزب الطبقة العاملة.
وممّا عمق هذا الواقع، الصراعات التي شهدتها الحركة الشيوعية العالمية غداة المؤتمر العشرين للحزب الشيوعي للاتحاد السوفياتي، وانقسام هذه الحركة في مرحلة أولى إلى قسمين كبيرين أحدهما واصل الاصطفاف وراء الحزب المذكور والثاني انخرط وراء أطروحات الحزب الشيوعي الصيني. ولم تسلم التنظيمات الناشئة حديثا من نتائج تلك الصراعات، فتعمّقت الانقسامات بينها بل وفي داخل الفصيل الواحد، وهو ما جعلها تبتعد أكثر فأكثر عن المهمّة الرئيسية التي نحن بصددها.
وسيكون لتفكك الاتحاد السوفياتي أواخر الثمانينات، وما تبعه من سقوط لمنظومة الديمقراطيات الشعبية التي كانت قائمة في بلدان أوروبا الشرقية وقع الزلزال على كافة التنظيمات التي تتبنى الفكر الاشتراكي العلمي، والتي راحت تقيّم تجربة البناء الاشتراكي في تلك البلدان، وتقيّم تجربتها الخاصة لتحاول المسك بالحلقة الرئيسية المفقودة من أجل إعادة تشكلها. وقد اهتدى بعضها )النهج الديمقراطي بالمغرب، حزب العمال بتونس، على سبيل المثال لا الحصر) الى أنه طالما لم تتمكن الطبقة العاملة من إنشاء تنظيمها المستقل فكريا وسياسيا وتنظيميا، فإنها لن تتمكن من النهوض بنفسها ولا بالمهمات التاريخية الملقاة على عاتقها. وشرعت هذه التنظيمات في السعي الى إنجاز هذه المهمة. فطرح حزب العمال في تونس في مؤتمره الرابع (يونيو2014) مهمّة "بلترة الحزب" كمهمة عاجلة لوضع حد للمفارقة بين خطه الإيديولوجي والسياسي وواقعه التنظيمي وتحويل الحزب قولا وفعلا الى التعبيرة السياسية للطبقة العاملة في تونس. كما طرح المؤتمر الرابع للنهج الديمقراطي (يوليوز 2016) كمهمة عاجلة "بناء حزب الطبقة العاملة وعموم الكادحين" ووضع للغرض جملة من الخطط والآليات تمكّنه من التحوّل الى هذه الأداة المنشودة قبل مؤتمره القادم.
وفي الحرب التي تشنها ضد شعوب العالم، بما فيها شعوبها، تسعى القوى الامبريالية الى بث الوهم بإعلان الانتصار النهائي لنظامها الاقتصادي والسياسي وترويج ترسانة من الأفكار تقول بنهاية الصراع الطبقي والطبقات وبالأخص منها البروليتاريا، "حافرة قبرها"، وبأن حلم الثورة والبديل الاشتراكي قد طُوِيَ بلا رجعة. وهو ما زاد في بث البلبلة والإحباط في صفوف القوى الثورية التي راحت تبحث عن بدائل تساير هذا الواقع الجديد المزعوم، حتى أن وجهات نظرها بخصوص إنجاز هذه المهمة المركزية أي بعث حزب الطبقة العاملة المنشود أصبحت متعددة ومتنوعة. وازدهرت مقولات مثل "الحزب اليساري الكبير، ضرورة ملحة"، وهذه المهمّة تمرّ حتما عبر تجميع قوى اليسار في كيان واحد، وتختلف حدود هذا الكيان من مكوّن إلى آخر، إذ نعلم جميعا أن لفظ "اليسار" لفظ فضفاض تنضوي تحت يافطته قوى طبقية غير متجانسة وأحيانا ذات مصالح متناقضة، ومنهم من يحصرها في "اليسار الماركسي" بكل تلويناته (الماركسية اللينينية، التروتسكية، الماوية، الغيفارية...)، ومنهم من يعتبر أن هذه المهمة هي شأن الماركسيين اللينينيين وحدهم، وأنهم هم المعنيون بسيرورة الوحدة التي لا يمكن أن تقتصر على السياسي فحسب بل يجب أن تتعدّاه الى الإيديولوجي والتنظيمي.
إن إنجاز هذه المهمة ليس بالأمر الهيّن نظرا لحجم المصاعب والعراقيل التي تعترض هذه القوى، وليس أقلها "النيران الصديقة" المتأتية من واقع التشتت المذكور آنفا خاصة وأن جميع قوى اليسار الجديد، كل على حدة، تعتبر نفسها المالكة للحقيقة والممثل الوحيد لمصالح الطبقة العاملة في بلادها، وتصنّف بقية المنظمات لا في خانة المختلِف، بل في خانة المعادي. وهو ما يجعل واجهات النضال من أجل إنجاز هذه المهمّة عديدة ومتشعبة.

* كُتب هذا المقال في الأصل لجريدة "النهج الديمقراطي" وصدر قي عددها 287 بتاريخ 27 نوفمبر 2018



#مرتضى_العبيدي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- البيان الختامي للدورة 24 للندوة الدولية للأحزاب والمنظمات ال ...
- عاشت ثورة أكتوبر*
- دور النساء خلال ثورة أكتوبر الاشتراكية العظمى
- تقديم كتاب: الإرهاب في تونس، الآباء والأبناء للأستاذ عميرة ع ...
- المغرب: حراك الريف 2017 امتداد لحركة 20 فبراير2011
- قمة الناتو المقبلة: قرع لطبول الحرب
- مقاومة الفساد: الشعار الذي يوحّد الشعب في البرازيل
- الامبريالية الأمريكية تواصل مخططاتها لإخضاع فنزويلا
- بعد مرور سنة على الانتخابات الرئاسية، الشعب البينيني يعود مج ...
- البلدان الإفريقية في كمّاشة صندوق النقد الدولي
- هل يستعيد اليمين الليبرالي الحكم في الإكوادور؟
- هل يضع المؤتمر الثاني لحزب -بوديموس- الإسباني حدّا للصراعات ...
- هل هي نهاية الديكتاتورية في غامبيا؟
- هل يقدر ترامب على تنفيذ ما جاء في خطاب التنصيب؟
- الحاكم بأمره رجب الطيب أردوغان يُدستر الدكتاتورية
- الاتحاد العام التونسي للشغل: مؤتمرات ومؤتمرات
- هل تؤشر تصريحات دونالد ترامب على أزمة قادمة مع الدول الأوروب ...
- هل تقطع عملية اسطنبول نهائيا حبل الود بين النظام التركي وتنظ ...
- أحداث 2016 تكشف عمق أزمة النظام الرأسمالي العالمي
- ماذا وراء اغتيال السفير الروسي في أنقرة؟


المزيد.....




- برلمان كوريا الجنوبية يصوت على منع الرئيس من فرض الأحكام الع ...
- إعلان الأحكام العرفية في كوريا الجنوبية.. شاهد ما الذي يعنيه ...
- ماسك يحذر من أكبر تهديد للبشرية
- مسلحو المعارضة يتجولون داخل قصر رئاسي في حلب
- العراق يحظر التحويلات المالية الخاصة بمشاهير تيك توك.. ما ال ...
- اجتماع طارئ للجامعة العربية بطلب من سوريا
- هاليفي يتحدث عما سيكتشفه حزب الله حال انسحاب انسحاب الجيش ال ...
- ماسك يتوقع إفلاس الولايات المتحدة
- مجلس سوريا الديمقراطية يحذر من مخاطر استغلال -داعش- للتصعيد ...
- موتورولا تعلن عن هاتفها الجديد لشبكات 5G


المزيد.....

- عن الجامعة والعنف الطلابي وأسبابه الحقيقية / مصطفى بن صالح
- بناء الأداة الثورية مهمة لا محيد عنها / وديع السرغيني
- غلاء الأسعار: البرجوازيون ينهبون الشعب / المناضل-ة
- دروس مصر2013 و تونس2021 : حول بعض القضايا السياسية / احمد المغربي
- الكتاب الأول - دراسات في الاقتصاد والمجتمع وحالة حقوق الإنسا ... / كاظم حبيب
- ردّا على انتقادات: -حيثما تكون الحريّة أكون-(1) / حمه الهمامي
- برنامجنا : مضمون النضال النقابي الفلاحي بالمغرب / النقابة الوطنية للفلاحين الصغار والمهنيين الغابويين
- المستعمرة المنسية: الصحراء الغربية المحتلة / سعاد الولي
- حول النموذج “التنموي” المزعوم في المغرب / عبدالله الحريف
- قراءة في الوضع السياسي الراهن في تونس / حمة الهمامي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي - مرتضى العبيدي - هل يمكن الحديث اليوم عن تعبيرات سياسية للطبقة العاملة في بلدان المغرب الكبير؟*