أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - سعد سوسه - اراء محمد عبدة حول بناء المجتمع العربي الإسلامي















المزيد.....


اراء محمد عبدة حول بناء المجتمع العربي الإسلامي


سعد سوسه

الحوار المتمدن-العدد: 6071 - 2018 / 12 / 2 - 06:20
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


نتيجة فهمه لواقع مجتمعه المعاصر ، فقد نبه الشيخ عبده بضرورة ان تتصدى التربية بوجه عام لخطر ذوبان الشخصية العربية الإسلامية أمام الموجة الغربية التي بدت وكأنها تكتسح التراث العربي الإسلامي داعياً إلى ضرورة تأكيد الذات القومية والتأكيد على اللغة العربية والأحياء العربي .
وكان مؤمناً بأن اللغة العربية لغة ضرورية لفهم القرآن ، فدافع عن اللغة الفصحى ضد الهجمات المحلية ، وضد توسيع اللغات الأجنبية على حسابها ، ودعى في الوقت نفسه إلى تجديد اللغة العربية وساهم في تحقيق ذلك . واشار إلى خطورة الدور الذي تقوم به المدارس الأجنبية في البلدان العربية والإسلامية واما المدارس الأجنبية على تنوعها ، فاختلاف المذاهب بين المعلمين والمتعلمين في الأغلب يضعف اثر تلك المدارس في التربية العمومية ، فقليل من المصريين من يرغب في تعليم أولاده فيها ، ومن أرسل بولده أليها داوم نصيحته بعدم الالتفات إلى ما يقوله المعلمون فيها حفظاً لاعتقاده ثم أن ذلك يحدث من الاضطراب في طبيعة الفكر والتزلزل في الأخلاق ما يكون ضرره اكثر من نفعـــه .
كذلك فهو انتقد الذين أشاروا إلى وجود تأثيرات إيجابية سياسية وتربوية وادبية للمدارس الأجنبية في مصر ، لان مساوئها اكثر من منافعها واشار إلى أنها أحدثت بعض النفرة في قلوب المسلمين من رؤساء تلك المدارس وأممهم . ودعا إلى ضرورة الاهتمام بالشخصية العربية الإسلامية وتقويتها لكي تستطيع الوقوف بوجه التيارات الغربية التي تستهدف التشكيك بثقافتها وبقيمها ، ومن هذا المنطلق فقد طالب بضرورة الوحدة الإسلامية كأسلوب مهم لمواجهة أساليب المستعمرين الغربيين ومحاولتهم نشر التفرقة بين صفوف المسلمين ، موضحاً واجب التربية في الوصول إلى هذا الهدف الذي عـد التآلف والتوحد بين الأفراد وسيلة للوصول إلى الوحدة الإسلامية مشيراً إلى أننا :
لو كنا متربين لانبث فينا إحساس واحد ، يؤلف بين شعورنا وحاجاتنا ، وحينئذ يحس كل فرد فينا بان عليه وظيفة يؤديها لنفسه وغيره من أفراد جامعته ، فهو أذن يعلم الإنسان من هو ؟ ومن معه ؟ فيتكون من ذلك شعور واحد ، وروابط واحدة هي ما يسمونه بالاتحاد …الناس في كل الأمم أكفاء في التمثيل ولا نقص في الدنيا ألا من جهة العقول والأخلاق ، وهي لا تكتمل ألا بالتربية ، وما وراء ذلك من العلوم لا يبث فيها غير القلقة والهذيان . ورأى أن السبب الأساس في تخلف البلدان العربية والإسلامية يكمن في أن القيم التربوية التي تعطيها للطلبة لم تركز على ما في بلادنا من منافع وإمكانات وضرورة أن تحافظ عليها مثلما نحافظ على ممتلكاتنا ، وشعور الإنسان العربي المسلم بأن الأضرار بوطنه هو الأضرار بذاته أيضا ، وضرورة أن يكون الإحساس بالعمل الجمعي هو أقوى من الإحساس بالمصلحة الذاتية .
فطالما تشوقت النفوس لان تكون التربية في المدارس على هذا النمط المفيد الذي عولت عليه جميع الأمم المتمدنة في مبادئ تعاليمهم ، فأن من تتبع التعليم في المماليك الأوربية ، رآها بآسرها موجهة للابتداء بالتعاليم الدينية والاستمرار عليها إلى ما يزيد عن ست سنوات . مركزا على ضرورة الدفاع عن الإسلام ضد التأثيرات الغربية لان من شأن ذلك أن يعزز الشخصية العربية الإسلامية ويجعلها قادرة على مواجهة حملات الغربيين ولا سيما المتعصبين منهم ، ذلك أن الشريعة الإسلامية شريعة عامة باقية إلى أخر الزمان ، ومن لوازم ذلك أنها تنطبق على مصالح الخلق في كل زمان ومكان ، مهما تغيرت أساليب العمران وشريعة هذا شأنها لا تنحصر جزيئات أحكامها ، لأنها تتعلق بأحوال البشر ما وجدوا ، ولا يحيط بذلك علما ألا عالم الغيب والشهادة ، وهو الذي جعل أساسها حفظ الدين والنفس والعقل والعرض والمال ، إذ ان مصالح البشر في كل أن مبنية على حفظ هذه الأشياء التي فيها السعادة في المعاش والمعاد ، وبسبب خشيته على العقيدة من أن تنهار ، أمام طغيان الفكر الغربي الحديث طالب بأن تتضمن التربية كل ما من شأنه أن ينبذ التقليد ، وقال بهذا الصدد : التائت قلوب الجمهور من الخاصة بمرض التقليد ، فهم يعتقدون الأمر ثم يطلبون الدليل عليه ولا يريدونه ألا موافقا لما يعتقدون ، فان جاءهم بما يخالف ما اعتقدوا نبذوه، ولجوا في مقاومته ، وان أدى ذلك إلى مجد العقل برمته، فأكثرهم يعتقد فيستدل ، وقلما تجد بينهم من يسـتدل فيعتقد .
وانتقد أولئك الذين درسوا في أوربا ونسوا قيم مجتمعهم أو حاولوا تقليد الغرب في تقاليده ومعتقداته ، وذابت شخصيتهم في الشخصية الغربية فاصبحوا مشغولين بالأماني الباطلة التي لا تدرك محتقرا لوالديه واهله والناس ، يقضي معظمهم أوقاته في الملاهي ومعاهد البطالة واللغو في الغالب . لكنه على الرغم من انتقاده للانجرار وراء تقليد الغرب ألا انه لم يجد مانعا في الاستفادة مما حققه في بعض المجالات التي بالإمكان الاهتداء أليها لتطوير المجتمعات الشرقية ومنها الإصلاح اللغوي ، لانه رأى بان اللغة العربية في حاجة إلى هذا الإصلاح والذي يوازي إصلاح الفنون والآداب مثلما فعل الفرنسيون وغيرهم من الشعوب الأوربية عندما وضعوا المعاجم اللغوية والعلمية التي تبين تطور لغاتهم القومية ومميزاتها البيانية والتطورات التي دخلت عليها ، ويجد عبده " أن هذا النوع من الإصلاح لا يرجى لنا بلوغ شاو الفرنسيين فيه ألا باشتغال جدي مدة خمسين سنة ، إذ أن التأليف والتصنيف قد بلغ الغاية من الارتقاء عندهم ، وأننا في اشد الحاجة إلى حذوهم فيه " مشيرا إلى أن العالم المسلم لا يمكنه إن يخدم الإسلام من كل وجه يقتضيه حال هذا العصر ألا إذا كان متقنا للغة من لغات العلم الأوربية تمكنه من الاطلاع على ما كتب أهلها في الإسلام واهله من مدح وذم وغير ذلك من العلوم مع ذلك فقد نبه إلى حقيقة مهمة وهي أن الاستفادة من بعض المجالات التي اخذ بها الغرب لا تعني الانغماس في القيم الغربية كما وقع في ذلك بعض الطلبة الذين درسوا في المدارس الغربية ، فنسوا تقاليد دينهم الإسلامي وتربيته الرصينة ، وقال آن هؤلاء التلامذة أن كانوا في مدارس أجنبية لا اثر لتعليم الدين الإسلامي فيها ، بل ربما يعلم فيها دينا أخراً ، فقد يسري إلى عقائدهم شيء من الضعف ، وقد تذهب عقائدهم بالمرة ، وتحتل مكانها عقائد أخرى تناقضها … إن هذه جناية من جنايات الجمود على أبناء المسلمين الذين يتعلمون في مدارس أجنبية ، يخرجهم من دينهم من حيث لا يشعرون ويا ليتهم يستبدلون بالدين رادعا أخر من الأدب والحكمة كما يرجوا بعض المغرورين الذين لا يعلمون طبائع هذه الأمم أو كما يروجه بعض من لا يريد الخير بها ولكنه ترك أفئدتهم هواء خالية من كل زاجرا ودافع ، اللهم ألا زاجرا عن خير أو دافعا عن شــر .
كما أكد على أن التربية يجب آن تخلق في نفوس الأفراد الشجاعة الأدبية لقول الحق وتجنب الباطل لان العقل البشري اتجه نحو التفريق بين ما هو صالح للبشر وما هو طالح لهم ، ذلك أن المسلم الحق الذي يراه عبده هو الذي يعتمد " العقل في تقويمه للأمور ، ويضع البراهين العقلية التي توصله إلى الحقائق " فهي تربية جديدة تعني بإطلاق سراح العقل وتحريره من قيوده بعد أن كان حبيس التقليد والجمود ، وان تنمي ملكة البرهان العقلي لكن اهتمامه بإطلاق سراح العقل وتحريره لا يعني انه لم يضع له قواعد وحدود لانه اعتنى كثيرا بصفاء اللغة لافتا الانتباه إلى أن العلماء في كل أمة اعتنوا بضبط اللسان وحفظه من الخطأ في الكلام ، ووضعوا لذلك علوما كثيرة ، مشيرا إلى انه ما كان للسان في هذا الشأن ألا لانه مجلى للفكر وترجمان له ، وآلة لإيصال معارفه من ذهن إلى أخر، فاجدر بهم أن تكون عنايتهم بضبط الفكر اعظم ، كما أن اللفظ مجلى الفكر هو غطاؤه أيضا أن الإنسان لا يقدر على إخفاء أفكاره ألا محجاب الكلام الكاذب ، حتى قال بعضهم أن اللفظ لم يوجد إلا ليخفي الفكر ، فقد رأى الشيخ عبده على " أن التربية هي تحرير الفكر من القيود التي تكبله ، وفي مقدمتها الخرافات والأوهام وتوجيه النفوس نحو العقائد الدينية بالأدلة والبراهين وتهذيب الأفراد وتأديبهم بآداب الإسلام الحنيف " ، ونبه إلى انه " لا ينبغي للإنسان أن يذل فكره لشيء سوى الحق ، والذليل للحق عزيز ، نعم يجب على كل طالب علم أن يسترشد بمن تقدمه سواء أكانوا أحياء أم أمواتا ، ولكن عليه أن يستعمل فكره فيما يؤثر عنهم ، فأن وجده صحيحا اخذ به ، وان وجده فاسدا تركه " .
وتساءل عما يعيق الأفكار من رقها ، وينزع عنها السلاسل والأغلال لتكون حرة مطلقة ، وعـد آن الشجاعة هي التي تخلص الأفكار من الرق والعبودية ، لان الشجاع هو الذي لا يخاف في الحق لومة لائم ، فمتى لاح له يصرح به ويجاهر بنصرته ، وان خالف في ذلك الأولين والآخرين ، ومن الناس من يلوح له نور الحق فيبقى متمسكا بما عليه الناس ، ويجتهد في إطفاء نور الفطرة ، ولكن ضميره لا يستريح فهو يوبخه إذا خلا بنفسه ولو في فراشه ، لا يرجع عن الحق أو يكتم الحق لأجل الناس ، ألا الذي لم يأخذ ألا بما قال الناس ، ولا يمكن آن يأتي هذا من موقف يعرف الحق معرفة صحيحة … آن الخوف من الظلال هو عين الظلال .

المصادر
- عبده ، محمـد / الإسـلام دين العلم والمدنية ، عرض وتحقيق طاهر الطناجي ، القاهرة ، د.ت ، ص95-96 .
- عليوي ، د.هادي حسن / الاتجاهات الوحدوية في الفكر القومي العربي المشرقي 1918-1952 ، بيروت ، 2000م ، ص26 .
- رضا ، محمد رشيد ، تاريخ الإمام ، ج2 ، ص469 .
- الباني ، محمد سعيد / تنوير البصائر ، دمشق ، 1960 ، ص24-25 .
- الإمام عبده ، محمد / الأعمال الكاملة ، ج3 ، ص157 .
- الإمام عبده ، محمد / رسالة التوحيد ، ص77 .
- الصعيدي ، عبدا لمتعال / المجد دون في الإسلام ، القاهرة ، د.ت ، ص490-491 .



#سعد_سوسه (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الفكر السياسي لمحمد عبده
- المنهج التجديدي لفكر محمد عبده
- العوامل المؤثرة في الفكر السياسي لمحمد عبده
- أراء الشيخ عبده في بعض المفاهيم والمصطلحات السياسية
- 3- التربية والأخلاق عند اخوان الصفا ج 2
- التربية والأخلاق عند اخوان الصفا ج 1
- التربية عند إخوان الصفاء
- الاسقاط قصة قصيرة
- سياسة العراق الخارجية مع دول الجوار غير العربية1958-1963
- اتجاهات العقلية العراقية في الحياة اليومية ج 2
- اتجاهات العقلية العراقية في الحياة اليومية ج 1
- اتجاهات العقلية العراقية في الحياة اليومية
- سياسة العراق الخارجية 1958-1963 ج .1
- سياسة العراق الخارجية 1958-1963
- سياسة العراق تجاه المنظمات الدولية1958-1963 ج 2
- سياسة العراق تجاه المنظمات الدولية1958-1963 ج 1
- سياسة العراق تجاه سورية 1961-1963م
- سياسة العراق الخارجية تجاه دول المغرب العربي1958-1963
- الأوضاع السياسية والاقتصادية والاجتماعية في العراق خلال العه ...
- الأوضاع السياسية والاقتصادية والاجتماعية في العراق خلال العه ...


المزيد.....




- سوريا.. إحترام حقوق الأقليات الدينية ما بين الوعود والواقع
- بابا الفاتيكان: الغارات الإسرائيلية على غزة ليست حربا بل وحش ...
- “ماما جابت بيبي” تردد قناة طيور الجنة الجديد 2024 على النايل ...
- وفاة زعيم تنظيم الإخوان الدولي يوسف ندا
- بالصور.. الزاوية الرفاعية في المسجد الأقصى
- جماعة -الإخوان المسلمون- تنعى الداعية يوسف ندا
- قائد الثورة الاسلامية: اثارة الشبهات من نشاطات الاعداء الاسا ...
- قائد الثورة الاسلامية يلتقي منشدي المنبر الحسيني وشعراء اهل ...
- هجوم ماغدبورغ: دوافع غامضة بين معاداة الإسلام والاستياء من س ...
- بابا الفاتيكان: الغارات الإسرائيلية على غزة وحشية


المزيد.....

- شهداء الحرف والكلمة في الإسلام / المستنير الحازمي
- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - سعد سوسه - اراء محمد عبدة حول بناء المجتمع العربي الإسلامي