|
خالد الكيلاني يكتب : القانون ومهنة المحاماة … وفستان رانيا يوسف !!!
خالد الكيلاني
الحوار المتمدن-العدد: 6070 - 2018 / 12 / 1 - 15:52
المحور:
المجتمع المدني
المحاماة هي مهنة سامية مهمتها في الأصل هي الدفاع عن المظلومين … ومع تطور الحياة البشرية نشأت الحاجة للقانون ، فلم تعد النوازع الأخلاقية والكوابح الدينية كافية بمفردها لضبط حياة البشر وتنظيمها ، ومنع الظلم بينهم … ولأن تطور وتقدم المجتمعات كان يستلزم أن تستغني تلك المجتمعات عن أن يقتص المظلوم لنفسه ، أو أن يأخذ حقه بيده مثلما كان يفعل الإنسان في العصور البدائية ، فقد ظهرت الحاجة لوجود محاكم على رأسها قضاة يحكمون بين الناس بالعدل ، لتتحول المجتمعات من قانون الغاب إلى عصر سيادة القانون . ومع تطور المجتمعات ، وتعقد حياة الناس وتشابك مصالحها ، زادت حاجتها لوجود القانون … وبدأ علم القانون يتطور مع تطور البشرية منذ عصر حمورابي ، وازدادت حاجة الناس لمزيد من علوم القانون . ولأن القانون أصبح علماً كبيراً وهاماً ، بدأت الحاجة لوجود متخصصين في القانون يحكمون بين الناس ( القضاء ) ، ومتخصصين آخرين يكون مهمتهم مساعدة القضاء في تبيان وإظهار حقوق الناس ، وتوجيه القضاء نحو الحكم بعدالة ونزاهة بين الناس ، وانتزاع الحق للمظلوم من براثن الظالم ، فظهرت الحاجة لمهنة المحاماة التي تضم متخصصين في القانون يقومون بتلك المهمة ، ولذلك أُطلق عليهم " القضاء الواقف " ، فقد توصلت المجتمعات إلى فكرة جلوس القضاة على منصات عالية حتى ترتفع عن المتقاضين ، وقضاة آخرين واقفون يمثلون المتقاضين ( المحامين ) ، وآخرون يمثلون المجتمع في النزاعات والجرائم التي تشكل جرائم تمس المجتمع وتؤثر عليه ( النيابة العامة أو الإدعاء ) . فقد أصبح من الصعب على الشخص العادي - في ظل تشابك المصالح وتعقدها وكثرة القوانين - أن يستطيع الحصول على حقه بنفسه دون مساعدة من شخص متخصص في القانون وهو المحامي . وعرفت أوروبا مهنة المحاماة مبكراً منذ بدايات عصر النهضة ، وتطور الأمر إلى الحاجة لوجود مدارس ومعاهد وكليات تقوم بتدريس علوم القانون ، ليتخرج منها من يعملون في مهنة القضاء أو مهنة النيابة العامة أو مهنة المحاماة . ثم انتقل الأمر إلى مصر تدريجياً منذ منتصف القرن ال 19 ، وقبل إنشاء مدرسة الحقوق في مصر ، كان الطلاب يذهبون لدراسة القانون في فرنسا ، ويعودون إلى مصر للعمل في مهنتي القضاء الجالس ( المحاكم ) ، والقضاء الواقف ( النيابة العامة والمحاماة ) ، وفي البداية كان يقوم بدور النيابة العامة أو الإدعاء محامون توكلهم الحكومة للقيام بهذا الدور ، مثل ما حدث عندما وكلت سلطات الإحتلال الإنجليزي المحامي الشهير " الهلباوي " ليقوم بدور الإدعاء ( النيابة العامة ) في قضية دنشواي الشهيرة عام 1906 . ثم مع تطور الأمور وبعد إنشاء مدرسة الحقوق في مصر عام 1868 ، التي تحولت إلى كلية الحقوق كواحدة من أولى كليات جامعة فؤاد الأول ( جامعة القاهرة حالياً ) عام 1925 مع كليتي الآداب والعلوم ، ظهرت الحاجة لتنظيم مهنة المحاماة ، فصدر قرار بإنشاء أول نقابة للمحامين في مصر على غرار نقابة المحامين بفرنسا عام 1912 ، كواحدة من أولى النقابات المهنية في مصر . وحدث تطور آخر بتأميم مهنة الإدعاء ( النيابة العامة ) وجعلها تابعة للحكومة ( السلطة التنفيذية ) ، قبل إلحاقها بالسلطة القضائية في آواخر خمسينيات القرن العشرين ، والفصل بينها وبين مهنة المحاماة . هذه المقدمة الطويلة كانت لازمة لبيان تطور ودور مهنة المحاماة التي هي في الأصل مهنة الدفاع عن المظلومين وإقتضاء حقوقهم بالقانون . ومع التراجع والتدهور المجتمعي الذي حدث في مصر طوال العقود الأربعة الماضية ، وإنهيار وتراجع معظم المهن ، وفقدانها للقيم الأصلية التي تحكمها ، تراجعت وانهارت مهنة المحاماة ، وحاول بعض المحامين العودة بمهنة المحاماة لأكثر من قرن من الزمان ، وتحولوا إلى وكلاء للنيابة العامة وممثلون للإدعاء ، ولكن دون أن يوكلهم المجتمع أو الحكومة في ذلك كما كان يتم في أواخر القرن ال 18 وأوائل القرن العشرين ، بل نصبوا من أنفسهم ممثلين للمجتمع ومدافعين عن القيم والأخلاق والقانون ، دون أن يطلب منهم أحد ذلك ، وبالخروج عن دورهم ومهمتهم الأصلية في الدفاع عن المظلومين ، ، بل وتحولوا هم أنفسهم إلى أداة للظلم ، ومطالبون بحبس الناس وتكميم أفواههم ، ساعدهم في ذلك تعقد وعدم وضوح القوانين وكثرتها وتناقضها . وانتشرت في مصر قضايا الحسبة ، ونصب البعض أنفسهم مدافعين عن الدين وعن الأخلاق ، وعن قيم المجتمع كما يتصورونها ، ومن هنا برز العديد من المحامين الذين يبتغون الشهرة والكسب السريع بحجة الدفاع عن الدين والقانون والأخلاق أمثال نبيه الوحش وسمير صبري وغيرهم . ولجهلهم وتغلب الهوى على أنفسهم المريضة ، فقد تصوروا أن الأخلاق أو النوازع الدينية يمكن أن تُفرض بسيف القانون وبحبس الناس ، ونسوا أن القيم الدينية والأخلاق تترسخ برفض المجتمع نفسه لأي خروج عليها ، ونبذ هؤلاء الخارجين مجتمعياً … لا بسيف القانون . فما هي علاقة محامي بفرض الأخلاق على فنانة ظهرت بملابس خليعة في حفل ختام مهرجان سينمائي ، وما هي علاقة محامي بباحث إجتهد في الدين إجتهاداً إعتبره البعض أو اعتبره هذا المحامي تجديفاً أو خروجاً عن ثوابت الدين ، وما هي علاقة محامي بكلام ورد على لسان ضيف أو ضيفة في أحد البرامج التليفزيونية ، واعتبره هذا المحامي خروجاً عن الدين أو عن الأخلاق . الأمر يحتاج إلى وقفة من أولي الأمر في هذا الوطن … وقفة تمنع تماماً قضايا الحسبة الدينية والأخلاقية ، وتمنع كل من تسول له نفسه تقديم بلاغات ضد الناس ، حيث لاصفة ولا مصلحة له في هذا ، والأمر يقتضي أيضاً تحديد دقيق ومحكم لفكرة الصفة والمصلحة في التقاضي وتقديم البلاغات ، وعدم الإفتئات على وظيفة النيابة العامة من بعض المحامين الباحثين عن الشهرة . #استقيموا_يرحمكم_الله
#خالد_الكيلاني (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
خالد الكيلاني يكتب : أسئلة الوقت ... نحو تفكيك الذهنية السلف
...
-
: ترتيب قطع البازل بجوار بعضها يؤدي للنتيجة المنطقية … جرد ا
...
-
بعد أن يهدأ غبار المعارك الكلامية …دولة القانون هي الحل
-
خالد الكيلاني يكتب : الميكروفون واللافتات والإسلام الجديد ..
...
-
خالد الكيلاني يكتب : محنة العقل الجمعي في مصر
-
خالد الكيلاني يكتب : هل كان السادات خائناً ؟
-
الإخوان كمان … نزل فيهم قرآن !!!
-
خالد الكيلاني يكتب : هل هناك حل ؟
-
خالد الكيلاني يكتب : ما بين مبارك والسيسي … دروس الماضي ، وإ
...
-
خالد الكيلاني يكتب : عفواً أستاذ مكرم … إنه إعلام المصطبة
-
خالد الكيلاني يكتب : عفواً فضيلة الإمام الأكبر شيخ الجامع ال
...
-
خالد الكيلاني يكتب : هوامش على دفتر الحوار …
-
خالد الكيلاني يكتب : صديقي وأنا وخالد علي وشارع شامبليون !!!
-
خالد الكيلاني يكتب : الرئيس السيسي وسياسة لعب الكبار
-
خالد الكيلاني يكتب : ولا أي إندهاشة !!!…
-
الفوضى الإعلامية … والخراب في العالم العربي !!!
-
موقفي من النقاب والحجاب ... ورأيي في الخمار والجلباب .
-
خالد الكيلاني يكتب : Master Seen الجماعة و- العسكر- !!!
-
إيه اللي حصل ... وإزاي حصل ؟!!! . الخطة ... 1
-
خالد الكيلاني يكتب : قصة مشادتي مع وزير خارجية قطر الأشهر
المزيد.....
-
الأونروا: الأوضاع الصحية بغزة متدهورة.. وأجساد المواطنين لم
...
-
اعتقال البطل المغربي بدر هاري في أمستردام
-
الجامعة العربية تبحث ملف الأونروا
-
بيان عربي جديد ضد قرارات إسرائيل بحق الأونروا وتهجير الفلسطي
...
-
الجزيرة نت تكشف مصير الأسرى الفلسطينيين المبعدين إلى الخارج
...
-
أوكرانيا تطالب بإنقاذ أسراها من عمليات الإعدام الروسية
-
مستوطنون يقتحمون مبنى الأونروا في حي الشيخ جراح بالقدس المحت
...
-
مستعمرون يقتحمون مبنى -الأونروا- في حي الشيخ جراح
-
الجامعة العربية: حظر الأونروا يقوض أسس حل الدولتين
-
غدا.. اجتماع اللجنة العربية الدائمة لحقوق الإنسان في دورتها
...
المزيد.....
-
أسئلة خيارات متعددة في الاستراتيجية
/ محمد عبد الكريم يوسف
-
أية رسالة للتنشيط السوسيوثقافي في تكوين شخصية المرء -الأطفال
...
/ موافق محمد
-
بيداغوجيا البُرْهانِ فِي فَضاءِ الثَوْرَةِ الرَقْمِيَّةِ
/ علي أسعد وطفة
-
مأزق الحريات الأكاديمية في الجامعات العربية: مقاربة نقدية
/ علي أسعد وطفة
-
العدوانية الإنسانية في سيكولوجيا فرويد
/ علي أسعد وطفة
-
الاتصالات الخاصة بالراديو البحري باللغتين العربية والانكليزي
...
/ محمد عبد الكريم يوسف
-
التونسيات واستفتاء 25 جويلية :2022 إلى المقاطعة لا مصلحة للن
...
/ حمه الهمامي
-
تحليل الاستغلال بين العمل الشاق والتطفل الضار
/ زهير الخويلدي
-
منظمات المجتمع المدني في سوريا بعد العام 2011 .. سياسة اللاس
...
/ رامي نصرالله
-
من أجل السلام الدائم، عمونيال كانط
/ زهير الخويلدي
المزيد.....
|